افتتح، ليلة أمس الجمعة بالفضاء التاريخي لباب الماكينة بفاس، عرض "زرياب أو الوتر الخامس" ضمن الدورة ال27 من مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، وهو الحفل الذي تابعته الأميرة للا حسناء بمناسبة ترؤسها افتتاح هذه النسخة من المهرجان الذي تنظمه مؤسسة روح فاس، تحت الرعاية السامية من الملك محمد السادس حول موضوع "شوقا لروح الأندلس". وجمع هذا العرض الغنائي والموسيقي والكوريغرافي المبهر، الذي تم تصميمه وإخراجه من قبل "آلان ويبر"، بين ثلة من الفنانين، قدموا من أوزبكستان وإيران وسوريا والهند وإسبانيا ومصر وإيطاليا وأرمينيا وفرنسا والمغرب. ورحل العمل الإبداعي "زرياب أو الوتر الخامس" بالجمهور نحو عوالم الموسيقى العربية الأندلسية، في لوحة شاعرية وموسيقية يطبعها التناغم والتناسق والتماهي بين جمال الطبيعة ونصوص الكتب المقدسة للتوراة والإنجيل والقرآن الكريم؛ تعبيرا عن قيم التعايش والتسامح التي سادت أرض الأندلس. ونجح هذا العرض في إبهار الجمهور بلوحاته الفنية التي جمعت، في لوحة كوريغرافية ومشاهد سينوغرافية، بين الألوان والكاليغرافيا والفسيفساء والإبداعات الضوئية التي تلألأت على الأسوار التاريخية لفضاء باب الماكينة، وذلك ضمن مزج صوتي وموسيقي أضفى الروح على هذا السفر عبر الزمن إلى أرض الأندلس. وشارك في هذا العرض الفنان ربيع القاطي، مرفقا بالمطربة سناء مرحاتي وفنان الموسيقى الصوفية سعيد بلقاضي، ولووب باروو، وخوان كارمونا، عازف القيثارة وملحن الفلامينكو، والمجموعة الصوتية النسوية الشعبية مادالينا، ومجموعة أحيدوس بولمان، وآخرين. وقال الفنان ربيع القاطي إنه نال شرف تأدية الشخصية المحورية للعرض، المتمثلة في شخصية زرياب الذي وصفه بالطائر الجميل والبلبل المغرد، مبرزا في تصريح لهسبريس أن "شخصية زرياب مركبة جدا؛ لأن هذا الفنان جاء سابقا لعهده". وأضاف المتحدث أن "زرياب عندما بدأ مساره الفني في بغداد في عهد الخلفية العباسي هارون الرشيد سطع نجمه في سمائها، لكن من عاصروه في المجال الفني كان لهم رأي آخر، فاضطر الرجل إلى أن يترك المدينة مرغما لا بطلا، فسافر طويلا في الزمان والمكان إلى أن استقر به المقام بالأندلس". وتابع الفنان القاطي، متحدثا للجريدة، بأن "زرياب أسس بمدينة قرطبة أول معهد موسيقي في تاريخ العالم، كما ساهم في تطوير كل مناحي الحياة بالأندلس، وهو من استحدث الوتر الخامس على العود"، وزاد: "يكيفنا فخرا أن هذا الرجل كان قيمة مضافة للتراث الثقافي اللامادي للمغرب من خلال تطويره آلة العود". يذكر أن فعاليات الدورة ال27 من مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، التي تحتفي بإسبانيا كضيفة شرف، تتواصل إلى غاية فاتح يونيو المقبل ببرمجة متنوعة ومنفتحة على مختلف ثقافات العالم، من خلال مشاركة نخبة من الموسيقيين والفنانين ذائعي الصيت، على غرار نجم الموسيقى الصوفية سامي يوسف وفنان الفلامينغو "بيتشينتي أميكو" الملقب بشيخ قرطبة. ويختتم المهرجان بتنظيم حفل بهيج، يوم السبت فاتح يونيو المقبل، لمجموعة الغوسبيل الفيلارموني "Gospel Philharmonic Experience"، والمجموعة الصوتية بقيادة الديفا الأمريكية "كيم بوريل"، ترافقها مجموعة الأوركسترا المعاصرة برئاسة "باسكال أوريكا". وبالموازاة مع السهرات الموسيقية والعروض الفنية، التي ستتوزع بين فضاء باب الماكينة وحديقة جنان السبيل، سيشهد المهرجان تنظيم "منتدى فاس"، الذي سيخصص، هذه الدورة، لمناقشة تيمة "النزعة الكونية والإنسانية في الروح الأندلسية"، وذلك بحضور نخبة من المثقفين من مختلف بقاع العالم، خصوصا من المغرب وإسبانيا.