فيما تبقت أسابيع معدودات على دخول قانون العقوبات البديلة حيز التنفيذ، أفاد أيوب أبو جعفر، رئيس قسم الشؤون الجنائية بوزارة العدل، أمس الخميس، بأن "عدد الذين يمكن أن يشملهم هذا النظام العقابي، بعد سريان تنفيذه، يصل إلى 35 ألف نزيل". ووضّح أبو جعفر، في مداخلة له ضمن مائدة مستديرة ناقشت "قانون العقوبات البديلة.. لحظة التنزيل" نظمها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أننا "بصدد الحديث عن الأشخاص المعتقلين بالمؤسسات السجنية، إما احتياطيين أو يقضون عقوبات سجنية"، كذلك "فئة المحكومين بعقوبات سالبة للحرية في حالة سراح، ويقدرون بحوالي 5 آلاف شخص". وذكر رئيس قسم الشؤون الجنائية بوزارة العدل أن القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة أقر تدابير تحفيزية عديدة تهم رد الاعتبار؛ مشيرا إلى أن التقرير السنوي لمؤسسة وسيط المملكة برسم سنة 2024، الصادر أخيرا، "نبه إلى هذه المسألة، خصوصا أن السجناء يجدون أنفسهم أمام معضلة السوابق القضائية التي تحرمهم من عدد من المرافق والخدمات في مقدمها الوظائف". ولذلك، "نادى الوسيط بإعادة النظر في منظومة رد الاعتبار". وفي هذا الصدد، أبرز أبو جعفر أن هذا النص القانوني خفض، انطلاقا من الاعتبارات السالفة، "مدة رد الاعتبار بالنسبة للمحكوم عليهم بالعقوبات البديلة". وقال إن "هذا ينضاف إلى مراجعة شاملة لنظام رد الاعتبار؛ فمشروع قانون المسطرة الجنائية هو الآخر تم فيه التخفيض، سواء فيما يتعلق (برد الاعتبار) القانوني أم القضائي". "لا تمييز ضد الفقراء" أنس سعدون، قاض ومكلف بمهمة لدى رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، استعرض التحديات التي يمكن أن "تعترض تنفيذ القانون". وأدرج ضمنها "مسألة التخوف من التمييز"، متسائلا: "هل، فعلا، سيؤدي اعتماد عقوبات بديلة لديها علاقة بالأثر المالي والوضعية المادية إلى غياب المساواة أمام القانون؟". في إجابته عن هذا السؤال، دحض سعدون في مداخلته التخوف المذكور، "لسبب بسيط هو أن المشرع لجأ إلى توسيع الخيارات الموجودة أمام المحكمة". "فعند ارتكاب شخص فعلا مخالفا للقانون، وكانت وضعيته المادية مزرية ولا يقدر على الغرامة المالي، فإن القاضي بقيامه بتفريد العقاب، وبعد وقوفه على ذلك، سوف يعمد إلى الخيار الثاني، أي العمل من أجل المنفعة العامة؛ فإذا بدا له عدم قدرة المعني على هذا الخيار أيضا سوف يلجأ إلى الخيار الثالث أي تقييد بعض الحقوق"، أضاف سعدون، الذي أشار إلى "الخيار الرابع، أي السوار الإلكتروني". ولفت إلى أن "مسألة تفريد العقاب، مبدئيا، تقوم بها المحاكم بشكل يومي"، إذ إن "المنظومة القانونية الحالية تخير القاضي بين الحكم بعقوبة سجنية أو الغرامة في كثير من الجرائم، أو الحكم بهما معا". وأشار القاضي ذاته إلى "التحدي القانوني والإجرائي"، أي أساسا الإجابة عن سؤال: "كيف يمكن تنزيل العقوبات البديلة في وسط كم هائل من القوانين، وضمن بيئة جنائية قديمة؛ حيث أصبح المنع والجزر هو الأصل". أدوار وتساؤلات فتيحة اشتاتو، المحامية بهيئة الرباط، عدت أن مرمى إقرار العقوبات البديلة يتجاوز "حل مشكل الاكتظاظ لأجل تدبير الأموال المترتبة عنه في بناء سجون أخرى"، حيث إن "الفكرة هي أن نساير تطور المجتمع الحداثي الذي توجه هذا الاتجاه، فأعطى أكله"، بتعبيرها. وبخصوص موقع وأدوار المحامي في هذا الورش، قالت اشتاتو، في مداخلتها، إن قانون العقوبات البديلة وسّع اختصاصه، مشيرة إلى دوره في مراقبة ساعات العمل في إطار الخدمة لأجل المنفعة العامة. كما شددت المحامية بهيئة الرباط، بمناسبة المائدة المستديرة، على ضرورة تحقيق مطلب مراجعة التقسيم الجنائي لمخالفات وجنايات وجنح. من جانبه، أكد عبد الله مقداد، عن المرصد المغربي للسجون، أن قانون العقوبات البديلة أتى على ذكر المجتمع المدني، مستدركا بأن اعتماد صيغة "التي تعمل للصالح العام" يدفع إلى التساؤل "هل المقصود بها امتلاك صفة المنفعة العامة، إذ إننا كلنا (كهيئات مدنية ومؤسسات) نشتغل للصالح العام"، بتعبيره. ونبه مقداد، في مداخلته، كذلك إلى "شرط توفر من له المصلحة في ذلك"، مطالبا "بتأويل إيجابي لهذه النقطة من أجل مشاركة فاعلة للمجتمع المدني في تنزيل مشروع قانون العقوبات البديلة". وقال أيضا إن "السؤال يطرح أيضا بخصوص المقصود بالمواكبة"، مردفا: "نحن في المرصد قمنا أساسا بمواكبة استباقية، من خلال لقاء في هذا الصدد مع القضاة والقاضيات في المحمدية، مبني على توقع قبول المجتمع كله للعقوبات بالبديلة، وبأنه سيتم تنفيذ قانونها"، بتعبيره.