نعيمة بن يحيى تترأس المجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بالعرائش    فضيحة تدفع مسؤولا بالأمن القومي في السويد للاستقالة بعد ساعات من تعيينه    "كان الشباب".. الناخب الوطني: طموح أشبال الأطلس "الذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة"    نفق إسبانيا – المغرب يعود للواجهة: مدريد ترصد ميزانية جديدة لدراسة الجدوى    هذه هي حقيقة توقف مجازر الدار البيضاء في عيد الأضحى    الجيش الملكي يتأهل لعصبة الأبطال الإفريقية    حماس ستفرج عن الرهينة الإسرائيلي-الأميركي الإثنين بعد اتصالات مع واشنطن    توقعات احوال الطقس اليوم الاثنين    كيوسك الاثنين | 86 ألف تاجر متجول استفادوا من برنامج إدماج التجارة الجائلة    شركة الدار البيضاء للخدمات: المجازر الحضرية ستواصل عملها بشكل عادي خلال عيد الأضحى    مصرع سائق دراجة من امزورن في حادثة سير بجماعة تروكوت    بلجيكا.. 12 سنة سجنا لمغربي هرب 3 أطنان من الكوكايين عبر ميناء أنتويربن    بطولة فرنسا.. ديمبيليه يفوز بجائزة أفضل لاعب في الدوري    أشرف حكيمي يفوز بجائزة أفضل لاعب أفريقي بالدوري الفرنسي    الآلاف يتظاهرون في باريس للتنديد بتصاعد الإسلاموفوبيا في البلاد    آلاف المتظاهرين في طنجة يطالبون بوقف حصار غزة وفتح المعابر للمساعدات الإنسانية    المتسلقون يتوافدون على "إيفرست" قبل الزيادة في الرسوم    الهند تعلن عن ليلة هادئة في كشمير    مجلس وزاري يحول مساءلة أخنوش إلى مساءلة كتاب الدولة    حزب العمال الكردستاني يلقي السلاح    تكوين جمعيات في مجال تعزيز قدرات الفاعلين المدنيين في للترافع حول قضايا الشباب    ندوة علمية بالحسيمة تسلط الضوء على التراث الثقافي بإبقوين ورهانات التنمية السياحية    "ريمالد" تنشر لعثماني عن الحكومة    المغرب والصين: تعاون استراتيجي يثمر في التصنيع والطاقة الخضراء    واشنطن تشير إلى إحراز "تقدم جوهري" في المحادثات التجارية مع الصين    بهذا السيناريو ودعت المغرب التطواني البطولة الاحترافية بعد هزيمة قاسية أمام شباب السوالم … !    (ملخص).. برشلونة يقترب من لقب الدوري الإسباني بتغلبه على ريال مدريد في الكلاسيكو    رسمياً.. المغرب التطواني إلى القسم الوطني الثاني    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بالحسيمة(فيديو)    الدرك يُطيح بمروجَين للمخدرات الصلبة بضواحي العرائش    بوصوف: رؤية الملك محمد السادس للسياسة الإفريقية تنشد التكامل والتنمية    "منتخب U20" يجهز للقاء سيراليون    موانئ المغرب تحظى بإشادة إسبانية    تاراغونا- كتالونيا مهرجان المغرب جسر لتعزيز الروابط الثقافية بين المملكتين بحضور السفيرة السيدة كريمة بنيعيش    الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو في الأقاليم الجنوبية    الوساطة السعودية تنجح في وقف التصعيد الباكستاني الهندي    خطأ غامض يُفعّل زلاجات طائرة لارام.. وتكلفة إعادتها لوضعها الطبيعي قد تتجاوز 30 مليون سنتيم    مراكش تحتضن أول مؤتمر وطني للحوامض بالمغرب من 13 إلى 15 ماي 2025    نجم هوليوود غاري دوردان يقع في حب المغرب خلال تصوير فيلمه الجديد    شراكات استراتيجية مغربية صينية لتعزيز التعاون الصناعي والمالي    سعر الدرهم يرتفع أمام الأورو والدولار.. واحتياطيات المغرب تقفز إلى أزيد من 400 مليار درهم    الصحراء المغربية تلهم مصممي "أسبوع القفطان 2025" في نسخته الفضية    "سكرات" تتوّج بالجائزة الكبرى في المهرجان الوطني لجائزة محمد الجم لمسرح الشباب    مزور: الكفاءات المغربية عماد السيادة الصناعية ومستقبل واعد للصناعة الوطنية    الصحراء المغربية.. الوكالة الفرنسية للتنمية تعتزم تمويل استثمارات بقيمة 150 مليون أورو    سلا تحتضن الدورة الأولى من مهرجان فن الشارع " حيطان"    في بهاء الوطن… الأمن يزهر    موريتانيا ترغب في الاستفادة من تجربة المغرب في التكوين المهني (وزير)    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"السياسة الجنائية بالمغرب بين ممكنات الإصلاح وتطلعات الفاعلين" محور يوم دراسي بالدار البيضاء
نشر في بيان اليوم يوم 31 - 08 - 2021

نظم "مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية، (مدى)"، مؤخرا، يوما دراسيا حول "السياسة الجنائية بالمغرب بين ممكنات الإصلاح وتطلعات الفاعلين".
استهلت أشغال اللقاء بكلمات افتتاحية، ركزت على السياق العام لتنظيمه تزامنا مع ورش إصلاح منظومة القانون الجنائي والجهود الرامية إلى الحد من التجريم والعقاب والبحث عن صيغ لعقوبات بديلة تحد من التأثيرات المختلفة لتجريم الجنح البسيطة، سواء ما يتعلق منها باكتظاظ السجون أوما ينتج عنها من آثار اجتماعية للأشخاص المعتقلين على خلفية هذا التجريم.
وقد الدكتور المختار بنعبدلاوي خلاصات دراسة أنجزها مركز "مدى" حول "الجريمة والعقاب في التشريع الجنائي المغربي… توجهات السياسة الجنائية نحو الحد من التجريم والعقاب"، مذكرا بالسياق الإقليمي، حيث أصدرت اللجنة الإفريقية لحقوق الانسان والشعوب في دورتها الواحدة والستين مبادئ وقواعد تستهدف حل المشاكل القانونية المتعلقة بحقوق الانسان والشعوب والحريات الأساسية لكي تكون منطلقا لسن النصوص التشريعية من قبل الحكومات الافريقية، ومن ضمن المبادئ المذكورة "إلغاء تجريم المخالفات البسيطة"، حيث تنص هذه المبادئ على المعايير التي يمكن أن تقيم على أساسها المخالفات البسيطة التي ينص عليها القانون، وتشجع الدول على اتخاذ التدابير الممكنة لضمان عدم استهاف هذه القوانين لأشخاص على أساس أصلهم أو مركزهم الاجتماعي أو ثروتهم وذلك بتجريم الأنشطة الضرورية للحياة.
من جهته، قال الدكتور أنس سعدون عضو نادي قضاة المغرب، إن السياسة العقابية ينبغي أن نعالجها اليوم من منطلق الاضطراب الاجتماعي الذي تحدثه مجموعة من الأفعال التي يجرمها القانون الجنائي، سواء تعلق الأمر بالقسم الخاص منه أو القوانين الجنائية الخاصة، مذكرا بالمخرجات التي كشف عنها ميثاق اصلاح منظومة العدالة بشأن مجموعة اختلالات تعاني منها منظومة العدالة الجنائية بالمغرب، تتمثل في ظاهرة التضخم التشريعي، وضعف اعتبار مقاربة النوع، وغياب وضع قانوني متكامل للضحايا في منظومة السياسة الجنائية، وسعة هامش السلطة التقديرية الممنوحة للقاضي الجنائي نتيجة اتساع الفرق بين الحدين الأقصى والأدنى للعقوبة، وضعف آليات تتبع حالة العود الجنائي وتنفيذ العقوبة، وكثرة اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي وعدم التفعيل الأمثل لمبدأ ملاءمة المتابعة، واللجوء المحدود لإعمال الآليات البديلة للاعتقال، فضلا عن ضعف إشاعة ثقافة حقوق الإنسان بين مهنيي منظومة العدالة رغم الجهود المبذولة في إطار التكوين والتكوين المستمر وتعزيز قدرات الفاعلين في المجال.
وأكد الدكتور أنس سعدون، أن أي مراجعة ناجعة للمنظومة الجنائية المغربية ينبغي أن تستحضر عدة مبادئ على رأسها احترام مبدأ الشرعية الجنائية وهو ما يفرض وضوح القاعدة القانونية واحترام مبدأ التوقعية، ومراعاة مقاربة النوع الاجتماعي، والأخذ بعين الاعتبار لمبدأ الالتقائية بين النص الجنائي والنصوص القانونية الأخرى، فضلا عن ضرورة مراعاة مبدأ ملاءمة هذه النصوص مع الالتزامات الدولية للمملكة، مؤكدا في هذا السياق وجود عدة أفعال ما تزال مجرمة في النص الجنائي رغم أنها لم تعد تحدث اضطرابا اجتماعيا على مستوى الممارسة، نظرا للتحولات الاجتماعية والثقافية والتطورات التي يشهدها العالم، من قبيل الأفعال المتعلقة بحيازة واستهلاك المخدرات والأفعال المتعلقة بالحريات الفردية، داعيا الى ضرورة استحضار مقاربات أخرى غير المقاربة الزجرية في طريقة معالجة بعض الأفعال كالجرائم المتعلقة بالغش في الامتحانات والمباريات، أو شغب الملاعب، والأخذ بعين الاعتبارلظاهرة التضخم التشريعي وانعكاساتها على أداء مرفق العدالة في ظل النقص القائم على مستوى الموارد البشرية والمالية.
وقدمت المحامية بهيئة الرباط خديجة الروكاني قراءة في العقوبات البديلة على ضوء مشروع القانون رقم 16/10 قالت فيه، إن المشرع لجأ مرة أخرى الى الحل الترقيعي من خلال الاكتفاء بإضافة باب يتعلق بالعقوبات البديلة الى القانون الجنائي الصادر سنة 1962، في وقت كانت فيه الحركة الحقوقية تنتظر القيام بإصلاح جذري وشامل لهذا القانون يسمح بإعادة النظر في بنيته العامة و فلسفته.
وأضافت أن المشروع وضع أحكاما عامة للعقوبات البديلة باعتبارها بديلا للعقوبات السالبة للحرية، كما وضع شروطا عامة وأخرى خاصة لتطبيقها، من بينها أن تطبق على الجنح، وألا تتجاوز العقوبة المحكوم بها سنتين، وضرورة تنفيذ المحكوم عليه للالتزامات المقررة، كما وضع المشروع عدة استثناءات بحيث لا يجوز الحكم بالعقوبات البديلة في حالة العود، أو في حالة ارتكاب جرائم الرشوة واستغلال النفوذ والاثراء غير المشروع والاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية والأعضاء البشرية وتهريب المهاجرين والاستغلال الجنسي للأطفال، كما جعل الحكم بالعقوبات البديلة يتم إما بشكل تلقائي من طرف المحكمة أو بناء على طلب المتهم المحكوم عليه أو بناء على طلب النيابة العامة، معتبرة أن المشروع قام بتغييب رأي الضحية، حيث لم يتم النص على ضرورة موافقتها أو تقييد أعمال تطبيق العقوبة البديلة بضرورة دفع المحكوم عليه للتعويض المحكوم به، رغم أن العدالة الجنائية تروم أيضا العمل على جبر ضرر الضحايا.
ولاحظت المحامية خديجة الروكاني عدم وجود انسجام في الباب المتعلق بالعقوبات البديلة الواردة في مشروع القانون الجنائي، حيث سمح بتطبيق العمل من أجل المنفعة العامة على الأحداث في سن 15 سنة في الوقت الذي تحدد فيه قوانين أخرى سن الرشد في 18 سنة كمدونة الأسرة، أو سن التشغيل في 16 سنة كمدونة الشغل، علما بأن مدة العمل من أجل المنفعة العامة قد تصل إلى 180 ساعة وهي مدة مرهقة بالنسبة للأحداث بشكل يطرح فعلا سؤالا حول مدى وجود تصور لدى المشرع لفلسفة العقاب وأهداف العقوبة وغاياتها، مستنتجة في نهاية مداخلتها غياب سياسة جنائية واضحة ومنسجمة مما ينعكس على فلسفة العقاب وعلى هذا المستجد المتعلق بالعقوبات البديلة الواردة في المشروع.
في نفس السياق، تطرقت الدكتورة نجاة حفيظي في مداخلتها لموضوع "السياسة الجنائية والعقوبات البديلة"، معتبرة أن القانون الحالي يوفر بدوره عدة بدائل للعقوبات السجنية مثل وقف العقوبة أو الصلح أو الغرامات المالية، إلا أن تطبيقها مرتبط بشروط هدفها الحفاظ على خاصية الإلزام التي تميز القاعدة القانونية، واعترفت بصعوبة تحديد مفهوم الجرائم البسيطة للمطالبة برفع التجريم عنها، معتبرة أن الحل يبقى في إعمال السلطة التقديرية للقضاة، سواء عند تفريد العقاب أو عند إعادة تكييف الفعل، كما دعت المتدخلة إلى ضرورة الاهتمام بالتربية كمسؤولية يتقاسمها الأفراد والمجتمعات ومنظمات المجتمع المدني ومختلف آليات التنشئة الاجتماعية معترفة بأننا نعيش أزمة أخلاق.
من جهته، قدم الدكتور المختار اعمارة عرضا حول السياسة الجنائية المغربية بين المحلية والكونية، أكد فيه على أن خصوصية القانون الجنائي تكمن في ارتباطه بحرية الأفراد، وبأن له طابع إنساني لا يقتصر فقط على شخص المجرم، وإنما يمتد ليشمل كل التقاطعات المتعلقة بتطبيق هذا القانون، فالقضاة والمحامون والضحايا وعائلات الضحايا والمتهمون هم أيضا بشر، وهذا هو المبرر وراء المطالب المتعلقة بضرورة استحضار المرجعية الكونية في أي إصلاح للقانون الجنائي، مضيفا بأن تطبيق القاعدة القانونية الجنائية ينبغي أن يستحضر بالإضافة الى الطابع الكوني الخصوصيات المحلية، فالواقع يفرز أنواعا من الجرائم تنتشر داخل أوساط معينة، حيث تكثر مثلا جرائم الشيكات وجرائم النصب في المدن الكبرى، والجرائم المتعلقة بالاعتداءات على الملكية العقارية أو سرقة أو إتلاف المحاصيل في القرى، وفي مجتمعات معينة لا توجد جرائم الاغتصاب نظرا للطابع المحافظ، بينما تنتشر جرائم أخرى في أوساط أخرى وهو ما يبرز ضرورة مراعاة أي تعديل مرتقب للقانون الجنائي للخصوصيات المحلية.
المشاركات والمشاركون في أشغال هذا اليوم الدراسي أكدوا على أهمية استمرار التشبيك في الترافع من أجل رفع التجريم عن الجرائم البسيطة في أفق إعمال أوسع للعقوبات البديلة، والانفتاح على التجارب الدولية المقارنة والاستفادة من نتائج الدراسات والأبحاث الوطنية سواء في المجال القانوني أو في العلوم الأخرى، والتعجيل بضرورة إخراج المرصد الوطني للإجرام، وضرورة مراجعة الإطار المفاهيمي لعدد من الجرائم لملاءمته مع المعايير الدولية، والاهتمام بتعزيز قدرات القضاة والمحامين ومهنيي العدالة في استعمال الآليات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، والاهتمام بنشر الأحكام القضائية، وتوفير سبل المساعدة القانونية والقضائية للفئات الهشة، واستحضار التوازن بين مكافحة جميع أشكال الافلات من العقاب وعدم المغالاة في العقوبة الحبسية، وتوسيع تصور التأهيل المتوخى من العقوبة ليشمل التأهيل الاجتماعي والاقتصادي والحقوقي، وتخصيص جزء من القانون الجنائي لجرائم النوع، والاهتمام بمراقبة تنفيذ السياسة الجنائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.