علمت جريدة هسبريس الإلكترونية أن عملية "لمّ شتات اليسار الوطني" قبيل محطة الانتخابات التشريعية لسنة 2026 انطلقت بشكل فعلي الأسبوع الماضي، من خلال لقاءات ثنائية جمعت جمال العسري، الأمين العام لحزب الاشتراكي الموحد، وعبد السلام العزيز، الأمين العام لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، مع نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية. وأكدت مصادر مطلعة ومتطابقة أن هذه "المشاورات الأولية"، التي جمعت الأمينين العامين للاشتراكي الموحد والفيدرالية في لقاءات فردية مع نبيل بنعبد الله، قبل الوصول إلى مرحلة "الاجتماع الثلاثي الحاسم"، تروم إطلاق "حوار وطني يساري-يساري"، مشيرة إلى "ضرورة التفكير في حد أدنى من التوافق بين مكونات الفكر التقدمي المغربي، وطرح بديل ديمقراطي حقيقي قُبيل الاستحقاقات المقبلة التي سيعرفها البلد، والتي شهدت في السابق اختلالات كبيرة". كما أوردت المصادر ذاتها أن "هذه اللقاءات بعثت تباشير إيجابية، خصوصا وأنها ذات طبيعة أولية لا تتطلب الحسم حاليا، بقدر ما سيتم عرضها على المكاتب السياسية لكل حزب من الأحزاب الثلاثة"، مشددة على أن "التفكير في التحالفات القبلية بين أحزاب تتقاسم المرجعية نفسها يمكن أن يكون ذا أهمية من أجل تموقع أفضل لفكر اجتماعي حقيقي داخل السياسات العمومية الوطنية". وقال مصدر حزبي إن "اللقاءات طرحت إمكانية الترشح المشترك في بعض الدوائر"، إلا أن مصدرا حزبيا آخر أفاد بأن "اللقاءات الأولية لا تتحمّل الذهاب مباشرة إلى خلاصات نهائية من هذا النوع"، موضحا أن "اللقاء ركّز على طرح كيفيات التنسيق في نقاط نضالية عدة، من بينها الانتخابات، لا سيما وأن الشارع المغربي بحاجة إلى قوة اقتراحية يسارية قادرة على الوقوف في وجه التراجعات الخطيرة التي تعرفها البلاد على مستويات عدة". وبخصوص "إبعاد" حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عن هذا "التنسيق القبلي"، قال مسؤول حزبي إن "المبادرة ما زالت مفتوحة في وجه حزب 'الوردة' ليساير هذا الركب الجديد"، الذي يمكن أن يفضي إلى خلق جبهة تضمن توسيع خريطة ومجال التوافق، ومن ثمّ التضييق على المجالات التي تشكل نقاطا خلافية بين هذه المكونات اليسارية. ومنذ تصدّر تحالف اليسار الفرنسي، المؤتلف ضمن "الجبهة الشعبية الجديدة"، نتائج الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية الفرنسية المبكرة في يوليوز 2024، توجّهت الأنظار في المغرب إلى "فكرة الوحدة في صيغة التحالف"، لا سيما وأن الجبهة الفرنسية ظفرت حينها ب182 مقعدا في الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب). ويرى محللون أن "السياق المغربي الحالي وإغراق الساحة السياسية بالمال والفساد الانتخابي بحاجة إلى براديغم جديد يقوم على التحالف، خصوصا أمام ما يشهده المشهد السياسي الوطني من تراجع للفكر التقدمي وهيمنة لخطابات محافظة وشعبوية"، مع التأكيد على أن "التشرذم الحالي وسط القوى اليسارية ساهم في إضعاف حضورها داخل المؤسسات المنتخبة، كما قلّص من تأثيرها في النقاش العمومي". من هذا المنطلق، تتصور مصادر هسبريس أن "لمّ شتات اليسار المغربي لا يُعدّ فقط خطوة تنظيمية قبيل الانتخابات، بل ضرورة استراتيجية لإعادة بناء قطب ديمقراطي قادر على استعادة ثقة المواطنين، وطرح بدائل حقيقية تقطع مع الريع والفساد، وتُرسخ قيم المساواة والحرية والعدالة"، موردة أن "التحالفات اليوم لم تعد خيارا ظرفيّا، بل شرطا من شروط البقاء السياسي والتأثير المجتمعي".