بغرض "بناء منظومة معرفية عربية، تفتح أبواب التعاون بين الجامعات والمراكز البحثية والمؤسسات التنموية وتمنح الأجيال المقبلة أفقا أوسع للإبداع"، أطلقت سفارة دولة الإمارات العربية المتحدةبالرباط كتاب "عقول رقمية وهوية متجددة.. دراسات إماراتية مغربية في الذكاء الاصطناعي والابتكار"، أعدّته بالتعاون مع الأمانة العامة لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي التابعة لمؤسسة إرث زايد الإنساني، بديوان الرئاسة بدولة الإمارات. وجرى إطلاق الكتاب الذي ساهم فيه خبراء عديدون من المغرب والإمارات، صباح الاثنين بمقر السفارة، بحضور شخصيات وأكاديمية. وتعتبرُ البعثة الديبلوماسية للدولة الخليجية أن "عقول رقمية وهوية متجددة" هو "ليس مجرد عنوان لكتاب؛ بل هو إعلان لموقف فكري عربي طموح يسعى إلى التفاعل الإيجابي مع التحولات العالمية الجارية في ميدان الذكاء الاصطناعي، لا بمنطق الاستهلاك أو التبعية، وإنما من موقع الفاعلية والخصوصية والإبداع". "تحديات متواترة" قال ثاني الرميثي، رئيس قسم الشؤون السياسية والإعلامية والدبلوماسية العامة بسفارة الإمارات العربية المتحدةبالرباط، إن "هذا الكتاب جسر معرفي وثقافي يربط بين البلدين، ويجسد الإرادة المشتركة في أن يكون العقل العربي" فاعلا في صياغة القرار العالمي الذي يتشكّل حول الذكاء الاصطناعي، معتبرا أنه في وقتٍ أصبح فيه الذكاء الاصطناعي جزءا للسياسات سياسات العالم وسائر المجالات الحيوية يظل سؤال القيم والهوية الإنسانية حاضرا وملحّا أكثر من أي وقتٍ مضى. وأضاف الرميثي، في كلمة ألقاها ممثلا للسفير العصري سعيد الظاهري، أن "هذا العمل العلمي، بما يحمله من رؤى متنوعة وأقلام رصينة من بلدينا الشقيقين، يؤكد أن منطقتنا قادرة على الانفتاح الواعي على ثورة الذكاء الاصطناعي، لا من منطلق الاستهلاك أو التبعية؛ بل من منطلق المشاركة والابتكار والإسهام في تشكيل مستقبل أكثر توازنا وإنسانية". وفي مقدمة الكتاب، سجل السفير سعيد الظاهري أن هذا المؤلف "يمثل في جوهره نداء للانفتاح الواعي، نستلهم من خلاله دروس التاريخ وتجارب الأمم، دون أن نفقد بوصلتنا القيمية، أو خصوصيتنا الحضارية". وتابع سفير دولة الإمارات في الرباط: "العقل العربي، الذي أنتج الفلسفة والطب والرياضيات في عصور الإشراق، قادر اليوم على أن يواكب التحول الرقمي بوعي نقدي وإبداع معرفي إذا ما توفرت له أدوات الإنتاج، وساحات التعاون ومناخ الثقة". وأبرز الدبلوماسي أن "تقنيات الذكاء الاصطناعي، بكل ما تتيحه من فرص وما تطرحه من تحديات، أصبحت محورا مركزيا في رسم السياسات المستقبلية للدول، ومحددا رئيسيا في مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"، موردا أن "ما يجعل هذا التحول معقدا، بل وربما مقلقا أحيانا، هو أنه لا يطال فقط الآلات؛ بل يمتد ليعيد تشكيل القيم والأنظمة المعرفية، ونمط الحياة، بل حتى معنى الإنسان ذاته". "ابتكارات واعدة" أفاد عبد الوهاب البخاري زائد، الأمين العام لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي بمؤسسة إرث زايد الإنساني التابعة لديوان الرئاسة، بأن "الكتاب يجسّد إرادة مشتركة لصياغة خطاب معرفي جديد حول التقنيات الرقمية، ويقدّم الذكاء الاصطناعي كجسرٍ للتكامل بين البلدين الشقيقين". وسجل البخاري زائد، في كلمته، أن الأمانة العامة ساندت هذه المبادرة العلمية، "انطلاقا من إيمانها بأن المعرفة المستدامة والابتكار هما حجر الأساس في بناء الإنسان وصناعة المستقبل". وتابع الأمين العام لجائزة خليفة الدولية لنخيل التمر والابتكار الزراعي: "ننظر إلى الذكاء الاصطناعي كامتدادٍ للعقل البشري، يستمد روحه من القيم والأخلاق والهوية الثقافية؛ لافتا إلى أن "التحول الرقمي الذي نعيشه اليوم، من الزراعة الذكية إلى التعريف المستقبلي، يربطنا بالأمن السيبراني وبحماية التراث ويستدعي وضع الإنسان في قلب كل تقنية، وأن نحافظ على وقيمنا ونحن ننطلق نحو المستقبل". وذكر المتحدث في متن الكتاب أن المؤلف "يوثق لحظة فكرية فارقة تعيد تأمل الذكاء الاصطناعي ليس بوصفه تقنية باردة، بل كأداة إنسانية ذات بعد أخلاقي، ثقافي، وتربوي"، موردا أن المشروع "حرص على الجمع بين الخبرات المغربية والإماراتية، في مقاربة تكاملية تسبر أغوار التحولات الرقمية من زوايا متعددة من الزراعة الذكية، والتعليم المستقبلي، إلى حماية التراث الثقافي، والأمن السيبراني، والأبعاد الأخلاقية التقنيات الذكاء الاصطناعي وهو بذلك لا يكتفي بطرح الأسئلة النظرية؛ بل يسهم عمليا في رسم ملامح مستقبل عربي رقمي يُزاوج بين الحداثة والجذور". وأبرز عبد الوهاب البخاري زائد: "إننا نعيش، اليوم، في عصر الذكاء الاصطناعي، حيث تتسارع الأدوات وتتغير المفاهيم وتتداخل التقنية مع مختلف أوجه الحياة اليومية والاقتصادية والثقافية؛ لكن وسط هذا التغير الجذري، يبرز سؤال مركزي: كيف تطوّع الذكاء الاصطناعي ليخدم الإنسان دون أن يلغيه؟ وكيف نُبقي على جذور هويتنا في بيئة رقمية تتغير باستمرار؟".