تعتبر ذكرى عيد الاستقلال المجيد ملحمة وطنية تاريخية، تجسد لنا الكفاح الوطني بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي الوفي من أجل الحرية والاستقلال، دفاعاً عن وحدة وسيادة الوطن. فبتاريخ 18 نونبر 1956، أعلن الملك المجاهد جلالة المغفور له بإذن الله محمد الخامس طيب الله ثراه عن استقلال المغرب وقال قولته الشهيرة والعظيمة: "عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر". وقام جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسن الثاني نور الله ضريحه وخلد في الصالحات ذكره، موحد وباني المغرب الحديث، ببناء دولة المؤسسات وأعلن عن نظام دستوري ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان. فاسترجع سيدي إفني سنة 1969، وقام بمسيرة عبقرية سلمية سُميت "بالمسيرة الخضراء" سنة 1975 لاسترجاع الأقاليم الجنوبية. وفي سنة 1979، استرجع جلالته رحمه الله وأسكنه فسيح جناته إقليم وادي الذهب. سنحاول من خلال هذا التحليل التطرق لأهم المنجزات التي طبعت تاريخ المغرب الحديث، وأهمها في العهد الجديد، في ظل القيادة الرشيدة والحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وذلك من خلال ما يلي: المحور الأول: الدولة الاجتماعية في صلب أولويات السياسة العامة إن التوجه نحو تكريس الدولة الاجتماعية لا يعتبر وليد اللحظة، بل هو متأصل في جذور المملكة المغربية العلوية الشريفة. فمباشرة بعد حصول المغرب على الاستقلال، حافظ على "صندوق المقاصة" الذي أُحدث سنة 1941 لدعم القدرة الشرائية للأسر. كما دشن مجموعة من الأوراش؛ ففي عهد جلالة المغفور له بإذن الله الملك محمد الخامس قدس الله روحه، تم إحداث مؤسسة "التعاون الوطني" التي أصبحت الآن تحت وصاية "وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة". كما تم إحداث "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي" لهيكلة القطاع الخاص وضمان الحقوق للأجير، بالإضافة إلى إحداث صناديق التقاعد لضمان الحقوق والعيش الكريم للمتقاعدين. بل أكثر من ذلك، تم إطلاق مجموعة من المخططات منذ سنة 1958 لغاية سنة 2004 همت المجالين الاقتصادي والاجتماعي، دون أن ننسى مؤسسة محمد الخامس للتضامن التي تلعب دوراً محورياً وتُعد من ركائز الدولة الاجتماعية. وفي العهد الجديد، تم إطلاق سلسلة من الأوراش الكبرى: المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005، والتي أكد فيها جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره أنها ورش مفتوح باستمرار، وعرفت ثلاث مراحل من سنة 2005 إلى غاية 2023. صندوق التكافل العائلي. صندوق دعم الحماية الاجتماعية والتماسك الاجتماعي، الذي يقدم دعماً للنساء الأرامل الحاضنات للأطفال اليتامى، ويقدم دعماً أيضاً للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. برنامج "تيسير"، والمبادرة الملكية "مليون محفظة"، وإحداث المطاعم المدرسية والداخليات، بالإضافة إلى المنح الجامعية والسكن الجامعي. نظام التغطية الصحية سنة 2006، والذي تم استبداله الآن بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض (AMO). دستور 2011 الذي نص على مقتضيات مهمة تُكرس وتُقر بالحقوق الاجتماعية وتتماشى مع المواثيق الدولية، وأهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. خلال جائحة كورونا، برهن المغرب مجدداً للعالم بأنه دولة اجتماعية بامتياز، من خلال صرف الدعم المالي المباشر للمواطنات والمواطنين، وكذا توفير اللقاحات بالمجان للجميع، حتى للأجانب المقيمين بالمغرب. الإدماج الاجتماعي عبر التمكين الاقتصادي للشباب، كبرنامج "فرصة"، وبرنامج "أوراش"، وبرنامج "انطلاقة"، وبرنامج "جسر" التمكين والريادة الذي يهم النساء، وبرنامج "مدن المهن والكفاءات"... إلخ. إصلاح منظومة التربية والتكوين، بالإضافة إلى إصلاح القطاع الصحي تنفيذاً للتعليمات الملكية السامية، وذلك بموجب القانون الإطار 06.22. ورش تعميم الحماية الاجتماعية الذي جاء تجسيداً للإرادة الملكية السامية (خطاب العرش المجيد وخطاب افتتاح البرلمان سنة 2020)، تُرجم على أرض الواقع من خلال القانون الإطار 09.21 الذي جاء بأربعة مقتضيات أساسية: أولاً، تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض؛ ثانياً، تعميم التعويضات العائلية؛ ثالثاً، تعميم التقاعد؛ رابعاً، تعميم التعويض عن فقدان الشغل. ونحن في هذه السنة بصدد تفعيل المقتضى الثالث والرابع. كما تم إخراج قانونين مهمين للدعم الاجتماعي يهمان المقتضى الثاني، قانون 58.23 المتعلق بالدعم الاجتماعي المباشر، وقانون 59.23 المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للدعم الاجتماعي المباشر. ويعتبر هذا الورش الاجتماعي ثورة اجتماعية حقيقية، ثورة جديدة للملك والشعب، فورش تعميم الحماية الاجتماعية سيمكن من إدماج القطاع غير المهيكل في النسيج الاقتصادي والاجتماعي. في زلزال الحوز سنة 2023، قدمت الدولة برنامجاً استعجالياً بميزانية مهمة بلغت 12 مليار درهم، همَّ إيواء المتضررين وإعادة الإعمار، من خلال تقديم دعم مالي مباشر 2500 درهم شهرياً لمدة سنة، ثم تقديم دعم مالي آخر: يتعلق الأول بإعادة بناء المنازل التي دمرت بشكل نهائي، بمبلغ مالي قدره 140,000 درهم، أما الثاني فيهم المنازل التي دمرت بشكل جزئي، بمبلغ مالي 80,000 درهم. دون أن ننسى تخويل اليتامى ضحايا الزلزال صفة "مكفولي الأمة". كما همَّ هذا البرنامج تأهيل المناطق، وامتصاص العجز الاجتماعي، وإطلاق برامج التنمية الاجتماعية وتشجيع الأنشطة الاقتصادية. ودون أن ننسى أنه تم تقديم دعم للفلاحين من خلال دعم المواد الفلاحية من أعلاف... إلخ. وهذا بفضل العناية الملكية السامية، من خلال ثلاث جلسات عمل تم عقدها مباشرة بعد الزلزال. الدعم المباشر للسكن، من خلال دعم مالي للطبقة الفقيرة والمتوسطة لاقتناء السكن، استكمالاً لورش "مدن بدون صفيح". دعم المواد الأساسية للحفاظ على القدرة الشرائية للأسر، وهذا ما نلاحظه دائماً، بل حتى في جائحة كورونا وما بعد الجائحة. فرغم الأزمة العالمية وتداعيات الجائحة على الاقتصاد العالمي، استمرت الدولة في نهجها الاجتماعي من خلال تزويد الأسواق بالمواد الأساسية والزيادة في ميزانية صندوق المقاصة، إذ تم تخصيص أكثر من 32 مليار درهم حسب خطاب العرش المجيد سنة 2022. إعادة تشكيل القطيع الوطني حفاظاً على الثروة الحيوانية والأمن الغذائي. إطلاق جيل جديد من برامج التنمية الترابية تنفيذاً للتعليمات الملكية السامية الواردة في خطابي العرش وافتتاح البرلمان لهذه السنة، في إطار تكريس العدالة الاجتماعية والمجالية. المحور الثاني: اقتصاد قوي وتنافسي منذ الاستقلال، عملت الدولة على بناء اقتصاد قوي وتنافسي، يشجع الاستثمار والصادرات، ويُثمِّن المنتوج الوطني. فمنذ أواخر الخمسينات، تم تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفي أواخر تسعينيات القرن الماضي تم سن ميثاق الاستثمار. إحداث المراكز الجهوية للاستثمار سنة 2002 بمبادرة ملكية سامية، لتشجيع المقاولات الصغرى والصغيرة جداً والمتوسطة والعمل على مواكبتها، وتفعيل السياسة العامة للدولة في مجال تنمية وتحفيز الاستثمار، وتم إصلاحها بموجب القانون 47.18. ميثاق الاستثمار الجديد (القانون الإطار 03.22) الذي جاء لتنمية الاستثمار والتركيز على القطاعات الواعدة، وجعله حافزاً للتنمية، وتشجيع المقاولات المغربية ودفعها للعالمية، وتشجيع كذلك علامة "صُنع بالمغرب"، أي تشجيع المنتوج المحلي الوطني. أصبح المغرب رائداً في مجال صناعة السيارات بإختلاف أنواعها، بما فيها الكهربائية والصديقة للبيئة، بالإضافة إلى صناعة الطائرات، والأجهزة الكهربائية والإلكترونية، وصناعة النسيج، دون أن ننسى الصناعة العسكرية. بل أكثر من ذلك، أن المغرب دخل في مجال صناعة الأدوية واللقاحات، تحقيقاً للسيادة الصحية الطبية. بما أن الاقتصاد الوطني يقوم أيضاً على الفلاحة، فقد أطلق المغرب مخطط المغرب الأخضر، ثم "جيل أخضر" لتطوير سلاسل الإنتاج والتوزيع. دون أن ننسى أنه في ظل الجفاف، قام المغرب بوضع برنامج دعم المواد الفلاحية لدعم الفلاحين والحفاظ على الماشية. كما وضع البرنامج الوطني للماء 2020-2027، باعتبار أن الماء حيوي للقطاع الفلاحي وللتنمية ككل. تعزيز مكانة المغرب في الأسواق العالمية في مجال الهيدروجين الأخضر، من خلال إطلاق برنامج "عرض المغرب" الذي تحدث عنه جلالة الملك حفظه الله ورعاه في خطاب العرش المجيد 2023. المغرب قوة عالمية في مجال الطاقات المتجددة، من خلال العديد من البرامج، كمخطط الطاقة الشمسية "نور" بورزازات. جعل السياحة المغربية ذات إشعاع قاري وعالمي وذات قدرة تنافسية قوية، من خلال مجموعة من الاستراتيجيات، كمخطط "المغرب الأزرق". إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار لدعم وتمويل المشاريع الاستراتيجية. إحداث ميناء طنجة المتوسطي الذي يعتبر من الأفضل في العالم، وكذا ميناء الناظور وميناء الداخلة الأطلسي. كما تم إطلاق ورش "القطار فائق السرعة" (TGV) والخط فائق السرعة (LGV)، وتحديث شبكة المواصلات والمطارات والطرق... إلخ، كل هذا في خدمة التنمية. المحور الثالث: نظام سياسي: ديمقراطي، عادل، وحقوقي بامتياز منذ حصول المغرب على الاستقلال، قام بسن ظهير الحريات العامة سنة 1958. كما أنه بعد أربع سنوات على صدوره، تم تدشين أول تجربة دستورية ديمقراطية، من خلال إصدار دستور 1962، وأخيراً دستور 2011 الذي سُمي بدستور الحقوق والحريات. فالنظام السياسي المغربي يقوم على التعددية الحزبية ويضمن الحقوق للنقابات (نرى أن الدولة تلتزم بمقتضيات الحوار الاجتماعي وترفع من أجور الموظفين وكذا المستخدمين... إلخ)، ويقوم على تنظيم ترابي لامركزي قائم على الجهوية المتقدمة، بالإضافة إلى سياسة اللاتمركز الإداري التي تُعد ورشاً استراتيجياً داعماً للامركزية الإدارية، سواء الترابية أو المرفقية. الديمقراطية التشاركية من خلال السماح للمواطنات والمواطنين والمجتمع المدني بالمشاركة في العملية التنموية، بل وحتى في المبادرة التشريعية من خلال السماح لهم بالتقدم بملتمسات التشريع. الإقرار الدستوري بحق التجمهر والتظاهر السلمي. تأسيس المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان تماشياً مع مبادئ باريس. إبرام اتفاقيات حقوقية مع مختلف الإدارات العمومية؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر، هناك اتفاقية بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني، لتكريس ثقافة حقوق الإنسان في المرفق العام الأمني. جعل القضاء في خدمة المواطن وركيزة أساسية لحماية الحقوق والحريات، من خلال ضمان استقلاليته بموجب الوثيقة الدستورية الجديدة، وجعل النيابة العامة مستقلة عن السلطة التنفيذية بموجب القانون 33.17، وتخويل رئاستها للوكيل العام للملك بمحكمة النقض. بل أكثر من ذلك، أنه منذ تسعينيات القرن الماضي تم إحداث القضاء الإداري (المحاكم الإدارية "القانون 90.41" ومحاكم الاستئناف الإدارية "القانون 03.80")، ثم الأقسام المتخصصة في القضاء الإداري بموجب القانون 38.15 الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2023، بعدما كانت هناك فقط غرفة إدارية بمحكمة النقض سنة 1957. وهذا كله لتكريس دولة الحق والقانون. مصادقة المملكة المغربية العلوية الشريفة على جميع الاتفاقيات الحقوقية، سواء العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أو العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أو اتفاقية حقوق الطفل، أو اتفاقية مناهضة التعذيب، أو اتفاقية حماية المرأة (سيداو)، أو الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، أو الاتفاقية الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة... إلخ. مدونة الأسرة، لصيانة كرامة الرجل وحقوق المرأة والطفل. ونحن اليوم بصدد إعادة النظر فيها تنفيذاً للتعليمات الملكية السامية المتضمنة في الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى عيد العرش المجيد سنة 2022، وكذا الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة سنة 2023. وتم تشكيل لجنة مكلفة بهذه المهمة تعتمد في طريقة اشتغالها على المقاربة التشاركية. المحور الرابع: مرفق عمومي عصري في خدمة المواطن منذ الاستقلال، عملت الدولة على إحداث المرافق العمومية في إطار عصرنة الإدارة العمومية، من خلال سن نظام الوظيفة العمومية (الظهير الشريف لسنة 1958). كما تم القيام بمجموعة من الإصلاحات، همَّت الانتقال بالإدارة العمومية من التسيير (la gestion) إلى التدبير (le management)، من أجل تجويد الخدمات، عبر رقمنتها (القانون 55.19)، والتعامل مع المواطن ليس كمرتفق فحسب بل كزبون، من خلال التنصيص بموجب القانون 54.19 على أن الخدمات العمومية ينبغي أن تُراعَى فيها الجودة والاعتماد على مؤشر قياس رضا المرتفقين، بحيث أن الإدارات العمومية تشتغل بمنطق المقاولة التي تُراعي الجودة في منتوجاتها. وذلك تنفيذاً للتعليمات الملكية السامية المتضمنة في الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى عيد العرش المجيد سنة 2017، الذي دعا فيه جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره إلى تغيير العقليات والاشتغال بمنطق القطاع الخاص. المحور الخامس: المؤسسات الأمنية: مسؤولية كبيرة، فعالية ونجاعة في الاشتغال، جهد متواصل لخدمة الوطن لقد أصبح المغرب محطة تنويه دولي في المجال الأمني والاستخباراتي، بل أصبحت جل دول العالم تتسابق للتعاون معه، بفضل الحكامة الأمنية والسياسة الناجعة والمقاربة الاستباقية والفعالية والسرعة. ففي مجال محاربة الإرهاب والتطرف، أصبح المغرب نموذجاً يُحتذى به. ومقاربته في هذا المجال لم تقتصر على المجال الأمني فحسب، بل شملت المقاربة الدينية القائمة على التسامح والانفتاح والوسطية والاعتدال، ثم المقاربة التنموية والحقوقية، ولقد أعطت أُكْلَها وثمارها. فبرنامج "مصالحة" مثلاً، أو مؤسسة إعادة إدماج السجناء، تعطي للسجين الحق في حياة جديدة للاندماج مجدداً في المجتمع. وهذا تماشياً مع خطاب جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه وخلد في الصالحات ذكره: "إن الوطن غفور رحيم"، وكذلك تماشياً مع الدستور والمواثيق الدولية. المحور السادس: الوحدة الترابية: انتصارات متتالية للدبلوماسية الملكية الناعمة نلاحظ بأن المغرب، تحت القيادة الرشيدة والمتبصرة لجلالة الملك حفظه الله ورعاه، حقق إنجازات تنموية في الأقاليم الجنوبية المغربية، من خلال إطلاق أوراش تنموية، آخرها النموذج التنموي الجديد سنتي 2015 و2016، وإطلاق جيل جديد من المشاريع همَّت البنيات التحتية، وإحداث ميناء الداخلة الأطلسي، وبرنامج تحلية مياه البحر، والصيد البحري، والاهتمام بالسياحة الشاطئية والصحراوية. كل هذا جعل من هذه الأقاليم "جوهرة ولؤلؤة" وقطباً تنموياً تنافسياً عالمياً، ورابطة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي، وواجهة جذابة للاستثمار. تزايد عدد الدول المؤيدة لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، بالإضافة إلى فتح العديد من القنصليات في مدينتي الداخلة والعيون المغربيتين. دون أن ننسى كذلك الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء سنة 2020. كما أن جل الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن تدعم هذا المقترح. كل هذا بفضل الديبلوماسية المغربية الناعمة، ديبلوماسية العمل الجاد والفعالية والنجاعة. تزايد عدد الدول الموقعة على "نداء طنجة" لطرد مرتزقة "البوليساريو" الانفصالية والإرهابية من منظمة الاتحاد الإفريقي، حيث وصل العدد الآن إلى 23 دولة إفريقية. قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2797 بتاريخ 31 أكتوبر 2025، الذي أقر بسيادة المغرب على صحرائه واعتبر أن مبادرة الحكم الذاتي هي الإطار الوحيد والأمثل لحل النزاع المفتعل. وبموجب هذا القرار، تم إقرار عيد الوحدة بتاريخ 31 أكتوبر من كل سنة، تنفيذاً للتعليمات الملكية السامية. المحور السابع: التعاون الدولي في توجهه الرسمي، تقوم سياسة المغرب دائماً على الانفتاح والشراكات الاستراتيجية. فدبلوماسيته تقوم على تعدد الشركاء، وهذا ما نلاحظه منذ الاستقلال إلى اليوم. فالمغرب له شركاؤه التقليديون، كما له شركاء جدد. له شراكات مع دول أمريكا الجنوبية، ومع آسيا، ومع روسيا، ومع جل دول الاتحاد الأوروبي. عودة المغرب للاتحاد الإفريقي بتاريخ 31 يناير 2017، شكلت ضربة قاضية لخصوم وحدتنا الترابية. إذ يلعب المغرب دور الريادة الإفريقية ويريد أن تكون إفريقيا قوية بنفسها وبمواردها. ولعل الدعم الذي قدمه جلالة الملك أسماه الله وأعز أمره للعديد من الدول الإفريقية إبان أزمة كورونا خير مثال على ذلك. كما له شراكات اقتصادية، مثلاً أنبوب الغاز مع دولة نيجيريا. بالإضافة إلى أنه يلعب دوراً مهماً في نشر الأمن والاستقرار بإفريقيا، وكذا ضمان الأمن الغذائي. وإذا عدنا لخطاب المسيرة الخضراء سنتي 2023 و2024، نجد أن جلالة الملك حفظه الله ورعاه يريد التعاون مع 23 دولة إفريقية أطلسية، مع إمكانية ولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي. وهذا تفكير استراتيجي ذو أبعاد ودلالات قوية، وهذا يدل أيضاً على أن المغرب، في ظل القيادة الرشيدة للمؤسسة الملكية، يحتل مكانة الزعامة الإفريقية. وفي الختام، حاولنا من خلال هذا التحليل التطرق لأهم المنجزات التي حققها المغرب، بفضل الرؤية الملكية السديدة والمتبصرة. فإذا عدنا للخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح البرلمان سنة 2017، نجد أن جلالة الملك نصره الله وأيده أعلن عن فشل النموذج التنموي السابق. لكن ما يميز المؤسسة الملكية أنها تملك العزيمة والإرادة الصادقة والحب الكبير للمغرب، فقد استطاعت أن تحول التحديات إلى فرص. فمباشرة بعد الخطاب، تم التفكير في نموذج تنموي جديد وتكليف لجنة لإعداده. ونحن اليوم على مشارف نهاية سنة 2025، ونحن نشاهد الأوراش الكبرى التي تم إطلاقها، من قبيل ملاعب كبرى بمستويات ومعايير عالية الجودة، واحتضان كأس إفريقيا هذه السنة، واحتضان كأس العالم سنة 2030، وتعزيز جاذبية المغرب على المستويين القاري والدولي. وسنختم بمقتطف من الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى عيد العرش المجيد سنة 2018، إذ قال جلالته حفظه الله ورعاه: "فالمغرب هو وطننا، وهو بيتنا المشترك، ويجب علينا جميعاً أن نحافظ عليه، ونساهم في تنميته وتقدمه".