حول "التنمية الترابية ورهانات تحقيق العدالة المجالية" التأم مجلس المستشارين في جلسة شهرية للسياسة العامة، أكد خلالها رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أن تحقيق "تقوية الاندماج الاجتماعي ورفع مؤشرات العدالة الاجتماعية" استدعى "رفعَنا مخصصات الاستثمار العمومي بحوالي 87% بين 2020 و2025". ونوه رئيس الحكومة، خلال الجلسة ذاتها مساء الثلاثاء، ب"بالتطور الملحوظ الذي شهدته مخصصات الاستثمار العمومي، بارتفاع يناهز 86,8% على مدى السنوات الخمس الأخيرة"؛ فيما "من المنتظر أن تبلغ حصته حوالي 380 مليار درهم السنة المقبلة". واستدلّ المتحدث أمام المستشارين على "تطور ومساهمة هذه المخصصات في تقوية الاندماج الاجتماعي والرفع من مؤشرات العدالة الاجتماعية" بقوله إنّ "معدل التمدرس ناهز %83 بالتعليم الأولي، و%100 بالتعليم الابتدائي، و%80 بالتعليم الثانوي الإعدادي؛ فضلا عن تغطية شبه كاملة لمعدل الكهربة الجهوية على الصعيد الوطني". تكاملية وخصوصية وتحيين رئيس الجهاز التنفيذي أفاد بأن "تنزيل خريطة الطريق الملكية يستوجب اعتماد مقاربة منهجية متكاملة، تؤسس لجيل جديد من التدخلات الترابية، قوامها الاستهداف الدقيق للحاجيات، والالتقائية الفعلية بين البرامج، والاعتماد على المعطيات الترابية المحيّنة كأداة لاتخاذ القرار". وبحسب أخنوش صار "من الضروري الانتقال من تدخلات مرحلية لمعالجة الخصاص إلى رؤية تحوّلية تهدف إلى خلق شروط تنمية دائمة، وتقوية قدرات المجالات الهشة، وتمكين المواطنين من فرص أفضل للعيش والارتقاء، بما يجعل العدالة المجالية مسارا بنيويا وليس مجرد معالجة ظرفية للاختلالات"، مبرزا "أهمية اعتماد قراءة أدق للخصوصيات الترابية، تسهم في توجيه التدخلات العمومية وفق ما يتطلبه كل مجال من حلول ملائمة". وبحكم أنها وردت في الخطاب الملكي لافتتاح آخر دورة تشريعية برلمانية من الولاية خصَّ أخنوش المناطق الجبلية والواحات والمجالات القروية ذات الهشاشة المرتفعة بحديثه، موردا: "لا يمكن التعامل معها بالنهج نفسه، بل تستدعي مقاربات تتماشى مع طبيعتها الجغرافية، وقدراتها الاقتصادية، وظروفها المناخية، وآفاقها الحقيقية للنمو"، وزاد: "المجال الساحلي بدوره أحدُ المحاور الأساسية لتحقيق العدالة المجالية التي دعا إليها الملك، اعتبارا لما يزخر به من فرص تنموية، وما يواجهه في الوقت نفسه من تحديات بيئية ومجالية متزايدة". ولم يفت المسؤول الحكومي ذاته استحضارُ أن "المرحلة الحالية تقتضي تعبئة منسقة لجهود مختلف الفاعلين، من سلطتَيْن تنفيذية وتشريعية، ومنتخبين ومؤسسات عمومية وقطاع خاص، لصياغة عرض ترابي مندمج قادر على تحويل المؤهلات المحلية إلى قيم مضافة، وإلى مزيد من الرفاه للمواطنين، بما يرسخ العدالة المجالية، ويضمن تقدما متناغما يشمل جميع المجالات"، بتعبيره. انعطافة ب"أفق إصلاحي" في سياق متصل لفت أخنوش انتباه أعضاء الغرفة الثانية إلى أن حكومته "أحدثت انعطافة قوية في العرض الصحي، من خلال تأهيل جيل جديد من مراكز الرعاية الصحية الأولية، يُرتقب أن تبلغ حصيلتها 1400 مركز مع نهاية السنة الحالية، موجَّهة في غالبيتها (3/2) إلى المناطق القروية والنائية"؛ بالإضافة إلى "تعزيز الشبكة الاستشفائية وتعميم المستشفيات الجامعية في مختلف جهات المملكة، مع إطلاق برنامج بناء 12 مركزا لتحاقن الدم"، دون إغفاله "التفعيل التدريجي للمجموعات الصحية الترابية". ولم يغب عن المتحدث سعيُ حكومته إلى "تحقيق الأفق الإصلاحي نفسِه في مجال التعليم، من أجل صناعة نموذج تربوي يقوم على تكريس الأثر المباشر على التلاميذ، وينهض بمستوى المدرسة العمومية، عبر: مواصلة التوزيع الجهوي المتوازن لبرامج التعليم الأولي، والرفع من برامج الدعم الاجتماعي التي استهدفت ما يناهز 217.000 مستفيد بالداخليات و80.245 مستفيداً بالمطاعم المدرسية، مع استهداف حوالي 3,2 مليون طفل بالدعم الاجتماعي المباشر خلال الموسم الدراسي الحالي"، حسب معطيات قدّمها. وعرج أخنوش على "المكتسبات المحققة من خلال تعميم مشروع 'مدارس الريادة'، بمواصلة تعميم هذا النموذج المرتكز على تنمية تعلمات ومهارات التلاميذ، الذي يشمل اليوم 4626 مؤسسة ابتدائية و786 إعدادية؛ بزيادة 2000 مؤسسة مقارنة بالموسم الدراسي السابق". اقتصاديا تحدث رئيس الحكومة عن "النشاط الاستثماري للجهات"، الذي يعرف "طفرة نوعية"، إذ تم اعتماد مقاربة ترابية لدعم المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، التي تمثل أزيد من 90% من النسيج المقاولاتي الوطني، بدعم مالي يصل إلى 30% من قيمة المشاريع المصادق عليها، ما سيشكل دفعة غير مسبوقة لمنظومة التشغيل، وتيسير سبل الارتقاء والاستقرار الاجتماعيين في وجه الشباب والنساء، مستحضراً "دورها في إنتاج شروط الكرامة والمواطنة الترابية الحقة"، حسبه. طرق وماء وكهربة في استعراضه منجزات "محور فك العزلة وتقوية المسالك والطرق" أورد أخنوش بالأرقام أنه "تم بناء وصيانة 26.509 كلم من الطرق والمسالك القروية، مع تشييد وإعادة بناء 223 منشأة فنية"، وأبرز "مساهمة البنية الطرقية القروية في ارتفاع عدد الجماعات ذات الولوجية الجيدة إلى الطرق والمسالك من 791 جماعة سنة 2016 إلى 1104 جماعات سنة 2023، بارتفاع 40%". وارتباطاً بمحور توسيع شبكة التزود بالماء الصالح للشرب فالمنجَزُ، بحسب المسؤول ذاته، هو إتمام "32.419 عملية للربط الفردي والمختلط والنافورات، و725 منظومة للماء الصالح للشرب، إضافة إلى توسيع الشبكة ب 1096 كلم"، وواصل: "هي منجزات مهمة، كان لها دورٌ مباشر في رفع عدد الجماعات التي تتمتع بالولوج الجيد إلى الماء الصالح للشرب، من 710 جماعات سنة 2016 إلى 859 جماعة سنة 2023، بارتفاع نسبتُه 20%". أما برنامج "توسيع شبكة الكهربة القروية" فحقق، بحسب المسؤول الحكومي الأول، "منجزات مهمة، عبر النجاح في كهربة 1135 دوّارًا، وتمديد الشبكة الكهربائية على طول 1137 كلم"، ما سمح ب"ارتفاع عدد الجماعات التي تتوفر على خدمة الكهرباء من 627 جماعة سنة 2016 إلى 831 جماعة سنة 2023، بارتفاع قدره 32%".