"ندوة السلام".. بن عبد الله يدعو لتكثل عالمي يواجه إجرام إسرائيل ويحيي سكان طنجة    سوريا.. السلطات تعتبر القصف الإسرائيلي لمنطقة قريبة من القصر الرئاسي بدمشق "تصعيدا خطيرا"    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    اعتقال مروج مخدرات خطير بمراكش وبحوزته آلاف الأقراص المهلوسة    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية بجهة الداخلة    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    رغم القطيعة الدبلوماسية.. وفد برلماني مغربي يحل بالجزائر    مخاريق: لا يأتي من بنكيران سوى الشر.. وسينال "العقاب" في الانتخابات    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    الناظور ضمن خريطة أطول أنبوب غاز في العالم يربط إفريقيا بأوروبا    مواطنون إسبان يشيدون بالمساعدة المقدمة من المغرب إثر انقطاع الكهرباء    لبنان يحذر حماس من استخدام أراضيه للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي    في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الدولي الثالث للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والديمقراطيين .. الكاتب الأول إدريس لشكر: الجيل الجديد من البرلمانيين الشباب مطالب بحمل مشعل الحرية والكرامة والتضامن في عالم مضطرب    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    اللاعب المغربي إلياس أخوماش يشارك في جنازة جدته بتطوان    بعد 25 سنة.. شركة "FRS" تُعلن رسمياً توقف نشاطها البحري بين طنجة وطريفة    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    « بين التاريخ والرواية» كتاب جماعي يرصد مسارات أحمد التوفيق    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    «غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها»    حادثة سير مميتة تنهي حياة سبعيني بالفقيه بن صالح والسائق يفرّ هاربا    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    مقاطعة مديري مؤسسات الريادة للعمليات المصيرية يربك مشروع الوزارة في الإصلاح التربوي    للمرة الخامسة.. مهمة سير فضائية نسائية بالكامل خارج المحطة الدولية    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    العلاقات التجارية بين المغرب ومصر.. وفد اقتصادي مغربي يزور القاهرة    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    "الكورفاتشي" تستعد للتنقل إلى مدينة الدار البيضاء لحضور "الكلاسيكو" أمام الوداد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    تفاصيل إحداث قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء يوفر أزيد من 20 ألف منصب شغل    الصين تدرس دعوات أمريكية لاستئناف الحوار بشأن الرسوم الجمركية    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    احتراق شاحنة على الطريق السيار طنجة المتوسط    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    هل بدأت أمريكا تحفر "قبرها العلمي"؟.. مختبرات مغلقة وأبحاث مجمدة    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بطلة الخبز الحافي: أعشق الأدب العربي الحديث
نشر في هسبريس يوم 19 - 09 - 2007

الممثلة الايطالية بطلة فيلم الخبز الحافي مارسيا تيديشي في حوار ثقافي شيق مع جريدة الرأي المغربية
‹‹الحياة ليست دائما هي الكلمات الجميلة والرقيقة››...مارسيا تيديشي
ملصق فيلم الخبر الحافي
غالبا ما يصنع الفنانون من الرواية شيئا جميلا،أو يزيدونها جمالا على جمالها، لم تكن حصة رواية كاتبنا الشمالي، القادم من المغرب الأقصى أوفر حظا، بل أن الرواية ذاتها، الجريئة و الخطيرة في نفس الآن، و التي منعت لمدة تزيد عن ثلاثين سنة، كانت مبعدة و منبودة في صفوف التقلييدين و السلطة معا، ولم تصنها إلا أروقة الجامعات و رفوف الطلبة المغضوب عليهم، في فترة ما سمي في المغرب ب «سنوات الرصاص»، هكذا، حتى اختفت تماما من الأذهنة، قبل أن تنبعث من رمادها، بعد الانفتاح المحسوب الذي عرفته الساحة الثقافية المغربية، ليعود معها الوجود الاعتباري للكاتب العظيم محمد شكري من خلال روايته «الخبز الحافي»، و هي عبارة عن سيرة ذاتية للكاتب، تمنى أن يراها فيلما قبل أن يغيبه الثرى، و لكن سبق السيف العدل، قبل أن يخرج الفيلم إلى الوجود، وقبل أن يعرض في القاعات السينيمائة في إطار أيام المهرجان المتوسطي بطنجة، مدينة الكبار،عن هذا الفيلم كان لنا لقاء مع مجموعة من الفنانين من بينهم الفنانة الأنيقة التي صنعها الفيلم، و منحها حظا كبيرا لإبراز قدراتها الفنية، مارسيا تيديشي و أجرينا معها الحوار التالي، الذي كان كله عرفان للكاتب الكبير محمد شكري ،القادم من المغرب الاقصى و لروايته الجريئة «الخبز الحافي» التي ننصح من لم يقرأها بعد-أن يفعل.
-الفنانة الرائعة مارسيا تيديشي كيف يمكن أن نقدم مارسيا تيديشي كممثلة إلى القراء ؟
- أنا اسمي مارسيا تيديشي ،إيطالية،و ممثلة جادة، قامت بدراسات مهمة للتمكن من مهنتها الفنية، حصلت على الدكتوراه الأولى في الآداب والمسرح من جامعة «لاسبينوزا» بروما ودكتوراه ثانية «Laureat honoris causa» في علم التواصل من جامعة «جمهورية مالطا»، قمت بأنشطة فنية مكثفة عبر العالم، سمحت لي بالاستفادة من الانتشار الفني في الملتقيات والمهرجانات.
أحرزت على دبلوم التخرج بفضل الدراسة والبحث الذين أجريتهما، ولكن أيضا بفضل فيلم الخبز الحافي بأدائي لدور قوي جدا، وبالتمثيل والحضور الجريء في المهرجانات الدولية، عبر العالم بأكمله، أصر أن أكون ملتزمة ، جد ملتزمة في الفن، وفي الحياة الاجتماعية ممثلة تعتني بالحوار و التواصل بين مختلف الثقافات، كما درست واشتغلت كممثلة في انجلترا والولايات المتحدة الامريكية مما سمح لي بصقل موهبتي و أدائي و إغناء تجربتي الفنية التي هي بالتالي حياتي.
-و ماذا عنك كإنسانة ؟
-كإنسانة ،أنا امرأة بكل هشاشتها ووهنها،و اللذين هما في نفس الوقت سر قوتي، عادة، أحب أن أبقى وحيدة، لكي أفكر و لأركز في العمل الذي سأقوم به، غير أنني في جميع الأحوال أحب أصدقائي، كما أحب أن أبحث عن أصدقاء.
- إسمحي لي مارسيا أن أكون صريحا، نحن لا نعرف الشيئ الكثير عنك، كممثلة؟
-( تضحك)لست بعد مشهورة مثل أنجلينا جولي ...ليس بعد..
بعد فيلم « الخبز الحافي»، توصلت بمجموعة رائعة وجميلة من النقد والمقالات حول أدائي الفني، في الدول التي عرض فيها الفيلم ،وكنت قد مثلته في النقاش مع المثقفين و الصحافة، أستطيع أن أقول:إنني كممثلة تعودت على المسرح أو الأدوار التلفزيونية، وأن «الخبز الحافي»، كان فيلمي الأول في السينما و هو من أدخلني إلى العالمية، و من خلال أدائي لهذا الدور حصلت على ثلاثة جوائز كأحسن ممثلة، جائزة أحسن ممثلة في توبيرون الدولي لمهرجان الفيلم بسان فرانسيسكو/ الولايات المتحدة الامريكية، 2006 عن الفيلم «الخبز الحافي»، لمخرجه رشيد بلحاج، مع الممثل المغربي سعيد تغماوي. Best actress 2006 ، Italy- arsizioثم جائزة أحسن ممثلة في مهرجان الفيلم العربي بروردام بهولندا 2006، الأن لدي مشاريع جديدة مهمة، ولكن عادة أرفض السيناريوهات التي لا تروق لي .
- كيف توصلت إلى التوفيق بين حياتك الفنية والخاصة ؟
-فعلا إنها مسألة صعبة جدا، أن نوازن بينهما، ولكن مع مرور الوقت والممارسة نتوصل إلى توازن معين. عندما أشعر أنني مرهقة جدا بسبب عملي، أرتمي في أحضان أسرتي التي كانت وستبقى عشي الدافئ، حتى عندما أشتغل في الخارج، إذا وجدت زملاء متفتحين في الحوار، ومحبين للفن مثلي ،أحس أنني في حضن عائلتي ،عندما ألعب دورا ما وأجري بعدها، حورات صحفية أشعر بارتياح، وأفهم حينها أن مهنتي هي حياتي، كم هو مهم جدا بالنسبة لي أن أدافع عن حب عائلتي أسرتي .
-من دفعك إلى عيش هذه المغامرة الآتية من وسط ليس لك،و سط لا تنتمين اليه بالمرة؟
- لا أحد دفعني إلى حلمي، إنه حلمي، اخترت أن أكون ممثلة منذ أن كان عمري إحدى عشرة سنة، أتذكر بالضبط اللحظة بالذات، عندما كنت بصدد لعب عرض مسرحي للمدرسة بمناسبة نهاية السنة الدراسية، خلال لعبي لهذا العرض عشت تجربة كبيرة، واكتسبت حرفية هامة في التواصل والحوار، و تفاعلت وبجرأة مع الحضور، بينما كانت إحداهن تشجعني داخل القاعة ..لم تكن هذه المرأة إلا إلفيرا، Elvira ، هذه المشاعر قادتني ووجهتني طيلة حياتي الفنية، ماتت عندما كان عمري 8 سنوات. الفيرا ELVIRA كان اسمها، كانت بمثابة جدة بالنسبة لي، في هذا الوقت، بعدما أصبحت في الحادية عشرة قطعت عهدا على نفسي، بعدما اخترت حلمي، إذا حصلت يوما ما على جائزة كافضل ممثلة سوف أهديها إلى الفيرا ELVIRA، وفي السنة الماضية فزت بجائزتي الأولى في سان فرانسيسكو، تيبورون مهرجان الفيلم، واستطعت أن أفي بوعدي الذي قطعته على نفسي وأهديته إلى الفيرا .
-كيف ترين محمد شكري؟أريد أن أقول أسلوبه في كتابة حياته الخاصة ..؟
- في الجامعة الايطالية لا يدرس الاداب العربي القديم، ولا الحديث، لعبي لهذا الدور جعلني، أو سمح لي بمعرفة ثقافة مختلفة عني وعن ثقافتي الغربية الاوروبية،لم تكن هذه الثقافة المختلفة إلا الثقافة العربية، والتي في نفس الوقت جد قريبة إلى ثقافتي لأن كلتا الاثنتان تنتميان إلى البحر الابيض المتوسط ، تعرفي على محمد شكري وكتابه، جعلني أعشق و أغرم بالأدب العربي الحديث، الآن، أنا بصدد قراءة كل كتابات الطاهر بنجلون وكتاب عرب آخرين...أحببت جدا الطريقة الجافة والعنيفة التي استعملها شكري في كتابة و وصف حياته الخاصة و العالم المحيط بها، فالحياة ليست دائما هي الكلمات الجميلة والرقيقة، بالاضافة إلى ذلك، يمكن القول: إن محمد شكري أعطاني الإمكانية لأداء أول دور سينمائي، دور قوي جدا ،ولا ينسى، وأريد هنا أيضا أن أشكر رشيد بلحادج المخرج الجزائري الكبير لفيلم الخبز الحافي، وهو رجل رائع
لقطة من فيلم الخبز الحافي في الصورة الممثلة الإيطالية مارسيا تيديشي و الممثل المغربي سعيد تغماوي
- هل هو أمر طبيعي وعادي،أن تجد نفسك وحيدة وسط ممثلين مغاربيين ؟ و ماهي الصعوبات التي اعترضتكم كممثلة إيطالية و باقي الممثلين الجزائريين والمغاربة؟
- الفنانون، ليس هناك اختلافات كبيرة بينهم، الفنان ليس له أبدا في حياته جذر واحد، والانتماءات المختلفة لا تشكل عائقا، وبالعمل الجماعي تصبح هذه الانتماءات مصدر إغناء يجب استمرار تواجده ،ولهذا أظن أننا نستطيع أن ننجز عدة أفلام بإنتاج مشترك بين مجموعة من الدول ،بهدف التعارف الإبداع المشترك .
ألم تكون اللغة عائقا أمام تواصلكم ؟
اللغة المختلفة ليست-أبدا- عائقا، الاختلاف في العقليات ( الطرق المختلفة لفهم الحياة) هو المشكل.
أتذكر، خلال تصوير الفيلم، أنني سألعب باللغة الإيطالية ،و بعض الفقرات سيلعبها معي سعيد التغماوي وكلها باللغةالعربية، ويتكلم فقط العربية، ومع ذلك استطعت أن أفهم كل شي، فقط عبر الحوار، ولغة عيوننا، التي هي بحق تعبير الروح. ويمكن أن نتفاهم أيضا حتى بالحركات أو تبادل النظرات، وهذه أعتقد أنها لغة عالمية يمكن لكل فنانين العالم فهمها، والتعبير بها واستعمالها وإتقانها.
- كيف وجدت عاصمة البوغاز..مدينة طنجة ؟
-لدي صديق عزيز- و هو بالمناسبة مخرج- قبل إقلاعي في اتجاه مدينة طنجة، أسر لي، أنه مستحيل أن لا أسحر بهذه المدينة الغريبة، والمدهشة، والرائعة، لقد كان محقا، مدينة طنجة وجدتها بمثابة جدة بأحضان مفتوحة، و لكنها في نفس الوقت لا تكشف لك أبدا عن ماضيها، ولكنك تستطيع أن تستنشقه ،هذا الفضاء المحيط بها يطبق عليك ولا يريدك تغادره، حينها تفهم الخيار والإختيار الذي جعل العديد من الفنانين والمثقفين العالميين- مثل بول بولز - الذين استقروا بها ومكثوا للعيش فيها و منهم حتى من قضى فيها ، أتمنى أن أعود إلى طنجة قريبا جدا.
شكرا جزيلا على هذا الحوار.
أجرى الحوار بالفرنسية
وترجمه الى العربية :
أحمد برطيع
ملصق فيلم الخبر الحافي
غالبا ما يصنع الفنانون من الرواية شيئا جميلا،أو يزيدونها جمالا على جمالها، لم تكن حصة رواية كاتبنا الشمالي، القادم من المغرب الأقصى أوفر حظا، بل أن الرواية ذاتها، الجريئة و الخطيرة في نفس الآن، و التي منعت لمدة تزيد عن ثلاثين سنة، كانت مبعدة و منبودة في صفوف التقلييدين و السلطة معا، ولم تصنها إلا أروقة الجامعات و رفوف الطلبة المغضوب عليهم، في فترة ما سمي في المغرب ب «سنوات الرصاص»، هكذا، حتى اختفت تماما من الأذهنة، قبل أن تنبعث من رمادها، بعد الانفتاح المحسوب الذي عرفته الساحة الثقافية المغربية، ليعود معها الوجود الاعتباري للكاتب العظيم محمد شكري من خلال روايته «الخبز الحافي»، و هي عبارة عن سيرة ذاتية للكاتب، تمنى أن يراها فيلما قبل أن يغيبه الثرى، و لكن سبق السيف العدل، قبل أن يخرج الفيلم إلى الوجود، وقبل أن يعرض في القاعات السينيمائة في إطار أيام المهرجان المتوسطي بطنجة، مدينة الكبار،عن هذا الفيلم كان لنا لقاء مع مجموعة من الفنانين من بينهم الفنانة الأنيقة التي صنعها الفيلم، و منحها حظا كبيرا لإبراز قدراتها الفنية، مارسيا تيديشي و أجرينا معها الحوار التالي، الذي كان كله عرفان للكاتب الكبير محمد شكري ،القادم من المغرب الاقصى و لروايته الجريئة «الخبز الحافي» التي ننصح من لم يقرأها بعد-أن يفعل.
-الفنانة الرائعة مارسيا تيديشي كيف يمكن أن نقدم مارسيا تيديشي كممثلة إلى القراء ؟
- أنا اسمي مارسيا تيديشي ،إيطالية،و ممثلة جادة، قامت بدراسات مهمة للتمكن من مهنتها الفنية، حصلت على الدكتوراه الأولى في الآداب والمسرح من جامعة «لاسبينوزا» بروما ودكتوراه ثانية «Laureat honoris causa» في علم التواصل من جامعة «جمهورية مالطا»، قمت بأنشطة فنية مكثفة عبر العالم، سمحت لي بالاستفادة من الانتشار الفني في الملتقيات والمهرجانات.
أحرزت على دبلوم التخرج بفضل الدراسة والبحث الذين أجريتهما، ولكن أيضا بفضل فيلم الخبز الحافي بأدائي لدور قوي جدا، وبالتمثيل والحضور الجريء في المهرجانات الدولية، عبر العالم بأكمله، أصر أن أكون ملتزمة ، جد ملتزمة في الفن، وفي الحياة الاجتماعية ممثلة تعتني بالحوار و التواصل بين مختلف الثقافات، كما درست واشتغلت كممثلة في انجلترا والولايات المتحدة الامريكية مما سمح لي بصقل موهبتي و أدائي و إغناء تجربتي الفنية التي هي بالتالي حياتي.
-و ماذا عنك كإنسانة ؟
-كإنسانة ،أنا امرأة بكل هشاشتها ووهنها،و اللذين هما في نفس الوقت سر قوتي، عادة، أحب أن أبقى وحيدة، لكي أفكر و لأركز في العمل الذي سأقوم به، غير أنني في جميع الأحوال أحب أصدقائي، كما أحب أن أبحث عن أصدقاء.
- إسمحي لي مارسيا أن أكون صريحا، نحن لا نعرف الشيئ الكثير عنك، كممثلة؟
-( تضحك)لست بعد مشهورة مثل أنجلينا جولي ...ليس بعد..
بعد فيلم « الخبز الحافي»، توصلت بمجموعة رائعة وجميلة من النقد والمقالات حول أدائي الفني، في الدول التي عرض فيها الفيلم ،وكنت قد مثلته في النقاش مع المثقفين و الصحافة، أستطيع أن أقول:إنني كممثلة تعودت على المسرح أو الأدوار التلفزيونية، وأن «الخبز الحافي»، كان فيلمي الأول في السينما و هو من أدخلني إلى العالمية، و من خلال أدائي لهذا الدور حصلت على ثلاثة جوائز كأحسن ممثلة، جائزة أحسن ممثلة في توبيرون الدولي لمهرجان الفيلم بسان فرانسيسكو/ الولايات المتحدة الامريكية، 2006 عن الفيلم «الخبز الحافي»، لمخرجه رشيد بلحاج، مع الممثل المغربي سعيد تغماوي. Best actress 2006 ، Italy- arsizioثم جائزة أحسن ممثلة في مهرجان الفيلم العربي بروردام بهولندا 2006، الأن لدي مشاريع جديدة مهمة، ولكن عادة أرفض السيناريوهات التي لا تروق لي .
- كيف توصلت إلى التوفيق بين حياتك الفنية والخاصة ؟
-فعلا إنها مسألة صعبة جدا، أن نوازن بينهما، ولكن مع مرور الوقت والممارسة نتوصل إلى توازن معين. عندما أشعر أنني مرهقة جدا بسبب عملي، أرتمي في أحضان أسرتي التي كانت وستبقى عشي الدافئ، حتى عندما أشتغل في الخارج، إذا وجدت زملاء متفتحين في الحوار، ومحبين للفن مثلي ،أحس أنني في حضن عائلتي ،عندما ألعب دورا ما وأجري بعدها، حورات صحفية أشعر بارتياح، وأفهم حينها أن مهنتي هي حياتي، كم هو مهم جدا بالنسبة لي أن أدافع عن حب عائلتي أسرتي .
-من دفعك إلى عيش هذه المغامرة الآتية من وسط ليس لك،و سط لا تنتمين اليه بالمرة؟
- لا أحد دفعني إلى حلمي، إنه حلمي، اخترت أن أكون ممثلة منذ أن كان عمري إحدى عشرة سنة، أتذكر بالضبط اللحظة بالذات، عندما كنت بصدد لعب عرض مسرحي للمدرسة بمناسبة نهاية السنة الدراسية، خلال لعبي لهذا العرض عشت تجربة كبيرة، واكتسبت حرفية هامة في التواصل والحوار، و تفاعلت وبجرأة مع الحضور، بينما كانت إحداهن تشجعني داخل القاعة ..لم تكن هذه المرأة إلا إلفيرا، Elvira ، هذه المشاعر قادتني ووجهتني طيلة حياتي الفنية، ماتت عندما كان عمري 8 سنوات. الفيرا ELVIRA كان اسمها، كانت بمثابة جدة بالنسبة لي، في هذا الوقت، بعدما أصبحت في الحادية عشرة قطعت عهدا على نفسي، بعدما اخترت حلمي، إذا حصلت يوما ما على جائزة كافضل ممثلة سوف أهديها إلى الفيرا ELVIRA، وفي السنة الماضية فزت بجائزتي الأولى في سان فرانسيسكو، تيبورون مهرجان الفيلم، واستطعت أن أفي بوعدي الذي قطعته على نفسي وأهديته إلى الفيرا .
-كيف ترين محمد شكري؟أريد أن أقول أسلوبه في كتابة حياته الخاصة ..؟
- في الجامعة الايطالية لا يدرس الاداب العربي القديم، ولا الحديث، لعبي لهذا الدور جعلني، أو سمح لي بمعرفة ثقافة مختلفة عني وعن ثقافتي الغربية الاوروبية،لم تكن هذه الثقافة المختلفة إلا الثقافة العربية، والتي في نفس الوقت جد قريبة إلى ثقافتي لأن كلتا الاثنتان تنتميان إلى البحر الابيض المتوسط ، تعرفي على محمد شكري وكتابه، جعلني أعشق و أغرم بالأدب العربي الحديث، الآن، أنا بصدد قراءة كل كتابات الطاهر بنجلون وكتاب عرب آخرين...أحببت جدا الطريقة الجافة والعنيفة التي استعملها شكري في كتابة و وصف حياته الخاصة و العالم المحيط بها، فالحياة ليست دائما هي الكلمات الجميلة والرقيقة، بالاضافة إلى ذلك، يمكن القول: إن محمد شكري أعطاني الإمكانية لأداء أول دور سينمائي، دور قوي جدا ،ولا ينسى، وأريد هنا أيضا أن أشكر رشيد بلحادج المخرج الجزائري الكبير لفيلم الخبز الحافي، وهو رجل رائع
لقطة من فيلم الخبز الحافي في الصورة الممثلة الإيطالية مارسيا تيديشي و الممثل المغربي سعيد تغماوي
- هل هو أمر طبيعي وعادي،أن تجد نفسك وحيدة وسط ممثلين مغاربيين ؟ و ماهي الصعوبات التي اعترضتكم كممثلة إيطالية و باقي الممثلين الجزائريين والمغاربة؟
- الفنانون، ليس هناك اختلافات كبيرة بينهم، الفنان ليس له أبدا في حياته جذر واحد، والانتماءات المختلفة لا تشكل عائقا، وبالعمل الجماعي تصبح هذه الانتماءات مصدر إغناء يجب استمرار تواجده ،ولهذا أظن أننا نستطيع أن ننجز عدة أفلام بإنتاج مشترك بين مجموعة من الدول ،بهدف التعارف الإبداع المشترك .
ألم تكون اللغة عائقا أمام تواصلكم ؟
اللغة المختلفة ليست-أبدا- عائقا، الاختلاف في العقليات ( الطرق المختلفة لفهم الحياة) هو المشكل.
أتذكر، خلال تصوير الفيلم، أنني سألعب باللغة الإيطالية ،و بعض الفقرات سيلعبها معي سعيد التغماوي وكلها باللغةالعربية، ويتكلم فقط العربية، ومع ذلك استطعت أن أفهم كل شي، فقط عبر الحوار، ولغة عيوننا، التي هي بحق تعبير الروح. ويمكن أن نتفاهم أيضا حتى بالحركات أو تبادل النظرات، وهذه أعتقد أنها لغة عالمية يمكن لكل فنانين العالم فهمها، والتعبير بها واستعمالها وإتقانها.
- كيف وجدت عاصمة البوغاز..مدينة طنجة ؟
-لدي صديق عزيز- و هو بالمناسبة مخرج- قبل إقلاعي في اتجاه مدينة طنجة، أسر لي، أنه مستحيل أن لا أسحر بهذه المدينة الغريبة، والمدهشة، والرائعة، لقد كان محقا، مدينة طنجة وجدتها بمثابة جدة بأحضان مفتوحة، و لكنها في نفس الوقت لا تكشف لك أبدا عن ماضيها، ولكنك تستطيع أن تستنشقه ،هذا الفضاء المحيط بها يطبق عليك ولا يريدك تغادره، حينها تفهم الخيار والإختيار الذي جعل العديد من الفنانين والمثقفين العالميين- مثل بول بولز - الذين استقروا بها ومكثوا للعيش فيها و منهم حتى من قضى فيها ، أتمنى أن أعود إلى طنجة قريبا جدا.
شكرا جزيلا على هذا الحوار.
أجرى الحوار بالفرنسية
وترجمه الى العربية :
أحمد برطيع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.