المصادقة بالأغلبية على مشروع قانون تنظيم المجلس الوطني للصحافة    البرتغال تجدد التأكيد على رغبتها في تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع المملكة المغربية (إعلان مشترك)    بوريطة: المغرب يضطلع بدور محوري في استقرار إفريقيا والشرق الأوسط    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع قانون المسطرة الجنائية في إطار قراءة ثانية    في 50 سنة من الخدمة الإنسانية.. الفريق الطبي الصيني عالج 5.8 ملايين مغربي وأجرى أكثر من نصف مليون عملية جراحية    أسعار النفط تتراجع    بنغلاديش.. ارتفاع حصيلة ضحايا تحطم طائرة عسكرية إلى 27 شخصا    موقف يربك حسابات الجزائر..مقدونيا الشمالية تتبنى مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي لنزاع الصحراء المغربية    خريطة المغرب كاملة في مؤسسة حكومية صينية: إشارة دبلوماسية قوية تعزز الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وبكين    موقعة نارية مرتقبة.. لبؤات الأطلس يصطدمن اليوم بغانا في نصف نهائي أمم إفريقيا    تهريب الماريجوانا يسقط كنديين في مطار الدار البيضاء    ثلاث سنوات حبسا لشاب سرق قبعات مقلدة في طنجة    الاستقلال يدعو لإعادة النظر في مشروع تأهيل الشرفة الأطلسية عقب احتتجاجات ساكنة العرائش    مندوبية التخطيط: ارتفاع أسعار المواد الغذائية يرفع مؤشر التضخم في يونيو ب0,4%    السكيتيوي يربك البطولة الوطنية في فترة استعدادات الأندية        كينيدي لاعب باريس سان جيرمان السابق يبدأ عمله كسائق "أوبر"    مجلس النواب يصادق على قانون المسطرة الجنائية    غوتيريش: "آخر شرايين الحياة" لسكان قطاع غزة على شفا الانهيار    ترامب يهدد بتعطيل بناء ملعب فريق واشنطن        استئنافية طنجة تحسم ملف "مجموعة الخير" دون تعويض للضحايا        الدورة 11 من مهرجان الناظور المتوسطي تحتفي بالذكرى ال26 لعيد العرش    غزة تموت جوعا.. وفاة 15 فلسطينيا بسوء التغذية خلال 24 ساعة    المغرب ‬2030 ‬ فرص ‬ثمينة ‬بأعلى ‬سقف ‬ومسار ‬تنموي ‬بلا ‬حدود    مارسيليا يرفض عرضا "مهينا" من نادي إسباني لضم أوناحي    ‬مرسوم ‬تحديد ‬أسعار ‬الأدوية ‬يواصل ‬إثارة ‬ردود ‬الفعل ‬في ‬أوساط ‬المهنيين ‬والرأي ‬العام ‬    مرتيل.. انطلاق أيام القافلة الأولى للتعريف بمنطقة الأنشطة الاقتصادية بالفنيدق    وفق ‬تقرير ‬حديث.. ‬المغرب ‬منصة ‬إفريقية ‬واعدة ‬ووجهة ‬موثوقة ‬للمستثمرين ‬الإسبان ‬    رسميا.. الوداد يعلن عودة أبو الفتح بعقد يمتد لموسمين    الأمم المتحدة.. الجوع وسوء التغذية بلغا مستويات غير مسبوقة في غزة    بورصة البيضاء تستهل التداول بارتفاع        92 مؤسسة للرعاية الاجتماعية للمسنين في المغرب تستقبل 7900 نزيل    حجيرة يدعو الشركات المغربية إلى التوسع في الأسواق العالمية والاستفادة من الفرص التجارية    لجنة التعليم والثقافة والاتصال تصوت بالأغلبية على مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة        بطولة انجلترا: الكاميروني مبومو ينتقل لمانشستر يونايتد    منظمة الصحة العالمية تقول إن "هجوما" استهدف مقرها بوسط غزة        "اللبؤات" يختمن الإعداد لمواجهة غانا    وزير الصحة: التوصل إلى صيغة توافقية لمرسوم جديد سيسمح بخفض ملموس لأسعار الأدوية    ليلة العيطة تجمع نجوم التراث الشعبي على منصة واحدة بالعاصمة    "سوبر مان" يواصل تصدر شباك التذاكر في أمريكا الشمالية    ما حقيقة إصابة الفنانة أنغام بسرطان الثدي؟..بيان رسمي يوضّح    مجموعات تراثية في فن لوناسة تضيء سماء تارودانت    نبيل الأيوبي يتوَّج بلقب "نجم العيطة" في أولى محطات مهرجان العيطة المرساوية بالجديدة    "المهرجان السوسيو ثقافي لمقريصات في دورته التاسعة..منصة لإبراز تنوع وغنى الموروث الثقافي للمنطقة "        دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    لماذا تختلف القدرة على تحمل الألم من شخص لآخر؟    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لحسن آيت الفقيه .. "الأسلماد" الأمازيغي المهتم بسير الموتى
نشر في هسبريس يوم 30 - 09 - 2014

هو"أسلماد" ( تعني معلم بالأمازيغية ) وفقيه في اللغة والنحو والفلسفة مهتم بسير الموتى ومدافع عن حقوق الإنسان .. إنه لحسن آيت الفقيه مؤلف "الرموز الدفينة بين القبورية والمزارات الطبيعية"، واحد من الأمازيغ الذين نذروا أنفسهم للكشف عن كنوز تراث منطقة الأطلس الكبير الشرقي وثقافته.
في إحدى قرى زاوية سيدي بوكيل بالأطلس الكبير الشرقي الواقعة على بعد حوالي 90 كيلومترا شمال غرب مدينة الرشيدية، استطاع لحسن ، الذي رأى النور في أحد أيام سنة 1961 ، أن يكون واحدا من متعلمي هذه المنطقة الجبلية القلائل الذين حظوا بتلقي قسط من العلم والمعرفة ، وتمكنوا من تحويله إلى نبراس يضيئ به ظلمات الجهل ، والذي "لا أبتغي من ورائه مالا ولا شهرة وإنما حفظا للأمانة والواجب " ، كما يصر آيت الفقيه على تأكيد ذلك .
نشأ يتيما بزاوية سيدي بوكيل، حفظ ما تيسر من الذكر الحكيم، وانتقل لمتابعة دراسته مع قلة من أترابه في مدرسة القرية، ثم بمدن الريش وقصر السوق ( الرشيدية حاليا ) ومكناس، لينتهي به الأمر معلما بتخوم الأطلس الكبير الشرقي، وهو مشوار لم يكن مفروشا بالورود بل حافلا بالمصاعب بسبب الفقر والحرمان . " ومن بين الطرائف التي عشتها أيام التحصيل الدراسي التي تبقى من الذكريات الموشومة ، أنني كنت أقدم دروسا للدعم في مادة الفلسفة لتلميذات مستوى الباكالوريا مقابل كسرة خبر أسد بها رمقي" ، يقول لحسن بصدق واعتزاز .
يحكي آيت لحسن ، ببساطته وعفويته وتواضعه وسرعة بديهته ، في بوح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، أن أول ما قاده في رحلة الكشف عن تقاليد قبائل الأطلس الكبير الشرقي هو الرغبة في فتح مغالقها وتبيان أسرارها وخباياها ، وهو الأمازيغي اليتيم المنحدر من عائلة كلها فقهاء وعلماء ومتصوفة ترعرع في أحضان زاوية سيدي بوكيل (نسبة إلى أبي وكيل ميمون) بمنطقة الريش حيث تلقى دروس الفقه والنحو وعلوم الدين واللغة.
قام بتعليم القراءة والكتابة بلغة موليير للناشئة بالمستوى الابتدائي لعدة سنوات متنقلا بين جبال وشعاب وقرى منطقة الأطلس الكبير الشرقي قبل أن يصبح مسئولا تربويا بإحدى المدارس وفي نفس الوقت إماما .
لكن سرعان ما بدأت تظهر على سلوكه نزعات أخرى أقرب إلى التمرد والعصيان والثورة الهادئة، إذ سرعان ما وضع كل المسلمات قيد التشكيك والمساءلة، وهو ما قاده في البداية إلى دخول غمار النضال السياسي بحمأة الشباب وعنفوانه ليتفرغ بعدها للدفاع عن حقوق الإنسان بجديته ومثابرته وعمله الدؤوب، كما اشتغل لسنوات مراسلا لعدة جرائد وطنية .
شاءت الأقدار أن يلتقي آيت الفقيه بعض الباحثين الغربيين المهتمين بالانتروبولوجيا الثقافية واللغوية بمنطقة الأطلس الكبير الشرقي أمثال الأمريكي ليبكين موراي، والنمساوي فولفكانغ كروز، والاسباني خوان لاكومبا الذين أخذ عنهم أوليات البحث الأنتروبولوجي ، حيث تولدت لديه فكرة التنقيب وتدوين التراث الشفهي الأمازيغي من أجل الحفاظ على الصيغ الشفهية و التقاليد بالأطلس الكبير الشرقي ، وهو ما تحقق لاحقا في مؤلفيه " فصول من الرمز والقيمة في بيئة طيور الأطلس الكبير الشرقي " و"الرموز الدفينة بين القبورية والمزارات الطبيعية".
فكان أن اختار البحث العلمي الأنتروبولوجي طريقا لحفظ الهوية، بدأ الحفر والتنقيب في مواضيع التراث المرتبط بثقافة الدم والفحش المقدس والزواج العشائري والمرأة المقيدة وطقوس وتقاليد الأعراس والختان والأهازيج الشعبية ، وكل ما له علاقة بالتراث الشفهي والصوفية.
لم يتوقف طموح هذا المدرس، الذي يشتغل حاليا على إعداد دراسة حول "الملائمة الثقافية بجبال الأطلس الكبير الشرقي : الزاوية الوكيلية نموذجا" ، عند هذا الحد بل تعداه إلى الانكباب على دراسة صورة ووضعية المرأة الجبلية من منظور سوسيو- ثقافي، تجلى في مؤلفيه" إملشيل: جدلية الانغلاق والانفتاح " و"المرأة المقيدة: دراسة حول المرأة والأسرة بالأطلس الكبيرالشرقي".
وبالموازاة مع عمله على الجانب التراثي، كان هاجس ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان حاضرا أيضا بقوة ضمن اهتمامات آيت الفقيه، الإطار والعضو النشيط باللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالرشيدية-ورزازات والعضو باتحاد كتاب المغرب، فقد جالست، يقول آيت الفقيه، رجال سلطة وقانون وحقوقيين وفاعلين جمعويين واشتغلت معهم في ملفات همت بالخصوص انتهاكات ماضي حقوق الإنسان وجبر الضرر الجماعي.
تراه في مكتبة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان عاكفا على شرب الشاي وإعداد التقارير ودراسة الشكاوى التي ترد عليها غير عابئ بالزمن لأن "حقوق الناس طوق في عنقي "، يقول آيت الفقيه بنبرة لا تخلو من شفقة على نفسه.
خدوم، مستعد لتقديم كل معارفه ومعلوماته الحقوقية خاصة بلا تردد في كل التظاهرات والمنتديات والندوات والمحاضرات، رافعا شعار" أجب من دعاك" . فتراه متنقلا بين قرى ومدن وجبال الجنوب الشرقي متأبطا محفظته ليقتسم ثمرة ما جادت به قريحته .
" إنسان عجائبي بامتياز"، كما يقول عنه سعيد كريمي، رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بالرشيدية، يجمع بين شتى تلاوين المفارقات ..ففيه الفقيه المبجل، والمحب الولهان، والمناضل الشرس، والمربي الخلوق ، والمتمرد الثائر، والمسالم المهادن، والوجه البشوش، والباحث المتزن، والناقد المشاكس .
ورغم ذلك التفاني والتعايش مع سير الموتى وأضرحتهم وحقوق الإنسان ، لا يخلو لسان آيت الفقيه، من دعابات تسري بين زملائه ومعارفه فيتلقفونها . وعندما يلتقيك يداعبك بقوله " أنا المتخلف ولا أنتج سوى التخلف" . وهو ما حدا برئيس فرع اتحاد كتاب المغرب إلى وصفه ب"المتخلف الحداثي" كناية عن شدة بساطته وتواضعه وسعة معرفته التي امتدت من التاريخ والجغرافيا والآداب والفنون إلى حقوق الإنسان والتراث وعلوم اللغة والانتروبولوجيا.
*و.م.ع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.