ينطلق الدخول البرلماني الجديد بالمغرب بافتتاح الملك محمد السادس، اليوم الجمعة، الدورة الخريفية لهذه السنة طبقا للفصل 68 من الدستور، على إيقاع اجتماعي ساخن يتسم بارتفاع الاحتجاجات، وتصعيد النقابات العمالية في تعاطيها مع القرارات الحكومية، والخلافات التي لا حد لها بين الأغلبية والمعارضة. مجموعة من الملفات الثقيلة والهامة إذن تلك التي تنتظر نواب الأمة للخوض فيها خلال ظرف زمني قصير قد يحد من إيجابية المحصلة النهائية لعمل البرلمان بغرفتيه معا، فيما يتطلع الشارع المغربي إلى أداء برلماني بعيد عن الخطابات المتشنجة وإلقاء التهم على عواهنها من هذا الطرف أو ذاك. وتُعزى انتظارات المواطنين، كما مختلف الهيئات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني بمختلف أطيافه، إلى عدد من الملفات الحيوية التي تمس حياة المغاربة، والتي من المزمع أن يتناولها نواب الشعب في الدورة الجديدة، خاصة ملف إصلاح أنظمة التقاعد والإعداد للاستحقاقات الانتخابية المقبلة. مفيد: مشاريع هامة بالجملة الدكتور أحمد مفيد، أستاذ العلوم السياسية والدستورية بجامعة فاس، قال إن الدورة البرلمانية الحالية تعد من بين أهم الدورات العادية في إطار الولاية التشريعية التاسعة، لكونها ستعرف مناقشة مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالهندسة الترابية الجديدة، ومنها مشروع القانون التنظيمي للجهة، ومشروع القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات الترابية. وأفاد مفيد، في تصريحات لهسبريس، بأن هذه المشاريع تعتبر ذات أهمية كبرى، بالنظر لكونها ستشكل المنطلق الأساسي لإجراء انتخابات الجماعات الترابية وتجديد مجالسها، في أفق تجديد مجلس المستشارين طبقا لما هو منصوص عليه في مقتضيات دستور 2011، ويبقى الرهان الأساسي في هذا السياق ضمان نزاهة وشفافية العمليات الانتخابية". وتابع المحلل ذاته بأن "هذه الدورة البرلمانية ستتميز بالمصادقة على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بقانون المالية، وهو الآخر يعتبر في غاية الأهمية، باعتبار أنه يحدد شروط ومقومات ومقاربات إعداد قانون المالية السنوي". ومن بين أهم ما ستعرفه هذه الدورة أيضا، مناقشة مشاريع القوانين التنظيمية المتعلقة بالسلطة القضائية؛ وهي مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومشروع القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة". هذه المشاريع قال مفيد إنها "ستشكل أساس إصلاح السلطة القضائية، اعتمادا على ما تضمنه دستور 2011 من مقومات وضمانات تؤمن استقلال القضاء، وتجعل منه سلطة حقيقية مكلفة بحماية الحقوق والحريات، وبضمان الأمن القضائي". تنزيل مقتضيات الدستور وبالنظر لمجموع هذه المشاريع، أكد الأستاذ الجامعي أنه يمكن القول بأن دور البرلمان في هذه الدورة سيكون تأسيسيا بامتياز، حيث ستكون هذه الدورة مخصصة بشكل كبير لتنزيل مقتضيات الدستور، خصوصا وأن مدة ولاية البرلمان الحالي أصبحت ضيقة". وأوضح مفيد أن هذا الأمر يتطلب ضرورة تدبير الزمن التشريعي المتبقى بكل حكمة وحكامة جيدة، مع ضرورة تفادي الجدل السياسي الفارغ، وتحمل كل من الحكومة والأغلبية والمعارضة لمسؤولياتهم الدستورية". ولفت المتحدث إلى أن الهدف الرئيس من الرقي بمستوى كل من الأغلبية والمعارضة، وتحمل مسؤولياتهما كاملة، يتمثل في كسب رهانات دستور 2011 الذي يراهن عليه كل الفاعلين، بهدف تحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود، واستكمال لبنات بناء دولة القانون. ولم يفت مفيد الإشارة إلى أن هذه الدورة ستتميز بطبيعة الملفات الاجتماعية التي ستتم مناقشتها، وفي مقدمتها ملف التقاعد وملف المقاصة، وهي ملفات كبرى ورهاناتها أكبر، وينبغي فتح نقاشات عمومية موسعة بخصوصها مع احترام وتفعيل المقاربة التشاركية بهدف ضمان إنجاح مسار الإصلاح".