كشفت دراسة أمريكية حديثة منشورة بمجلة أبحاث المراهقة بأن الآباء يلعبون دورا فعالا في تشجيع أبنائهم على تبني الأبناء لقيم محافظة إزاء المواقف الجنسية، فقد أشارت الدراسة إلى أن عددا مهما من الدراسات المنجزة في الولاياتالمتحدة أكدت على أن برامج التربية الجنسية التي تدمج الآباء هي الأكثر نجاحا في تكييف مواقف وقيم المراهقين، بل أكثر من هذا فإن الآباء يكونون ناجحين أكثر في التأثير على قيم ومواقف وسلوكات أبنائهم بخصوص جنسانيتهم، عندما يؤسسون لعلاقة قوية وإيجابية معهم. كما كشفت الدراسة أيضا أن التعاليم الدينية والمعتقدات الروحية تعتبر أحد العوامل المؤثرة أيضا في قدرة الآباء على التأثير في جنسانية أبنائهم، وبأن احد المفاتيح الفعالة لفهم تأثير الآباء على الأبناء، هو البحث عن ما يقوم به الآباء من أجل الرفع من القيم الشخصية وصياغة المواقف إزاء الجنسانية، وفي نفس السياق تعتبر الدراسة أن الأبحاث السابقة كشفت أن نقاش بين الأمهات وبناتهن هو أكثر عرضة للنقاش حول قضايا الجنس منه من الآباء والأبناء والأمهات والأبناء. منهجية الدراسة: من أجل استخلاص نتائج عميقة بخصوص تاثير الأمهات في تشكيل القيم والمواقف الخاصة بالقضايا المتعلقة بالجنس، تم استعمال منهجية سوسيولوجية تعتمد المقابلات الفردية المعمقة مع الأمهات بشكل فردي من جهة، ثم مع البنات بمفردهن أيضا من جهة اخرى، قصد المقارنة بين التأثير، وقد تمحورت عناصر الدراسة حول المعارف والمواقف والسلوكات الخاصة بالجنس، ومدى تأثير التدين على تجنب الممارسات الجنسية غير الشرعية قبل الزواج، ومدى التزام الفتيات بالنصائح الموجهة من طرف أمهاتهن، وذلك من خلال محاولة الإجابة على الأسئلة التالية: كيف تعلمت حول الجنس؟ ماذا قالت لك أمك حول هذا الموضوع؟ وماذا قلت أنت لأمك؟ تم انتقاء العينة من طرف الباحثة بشكل دقيق، بحيث أن حساسية الموضوع تطلب أن يتم اختيار الشخص المقابل قريبا من العينة المختارة حتى تضمن جودة ودقة المعطيات المجمعة، فالباحثة التي انجزت المقابلة ذات أصول قوقازية ومن الطبقة المتوسطة وهي عضو في جماعة معمدانية كبيرة، وقد بررت اختيارها للعينة المكونة من 14 أم-وبنت، ذات أصول قوقازية وتنتمي إلى نفس الجماعة الدينية التي تنتمي إليها الباحثة، بكون الموضوع حساسا، ولهذا كانت بحاجة إلى كسب ثقة المبحوثين في الموضوع. نتائج الدراسة بخصوص النتائج التي توصلت إليها الدراسة، فقد نتائج الدراسة إلى كون كل الأمهات اللواتي تم استجوابهن وصفن انفسهن على أنهن مسيحيات بالدرجة الأولى، ثم معمدانيات في الدرجة الثانية، واعتبرن بأنهن ترعرعن في بيت معمداني، وبأن التعاليم المسيحية تشكل جزءا أساسيا في نسق المعتدقات لديهن والطريق الذي يحيون عليه، ونفس المر ينطبق بالنسبة للبنات، فقد عبرن على كونهن مسيحيات في الأول، وبدرجة اقل معمدانيات. الموضوع الأول البارز بخصوص الجنسانية هو أن العلاقات الجنسية يجب أن "يحتفظ" بها للزواج، كما أن البناء المركزي التي توصلت إليها هذه الدراسة هي قيمة الإمتناع عن الممارسة الجنسية حتى الزواج، وهذه القيمة تم تشجيعها من طرف جميع الأمهات، وكل البنات فيما عدا إثنتين، فأغلبية الأمهات المستجوبات في هذا البحث كن واضحات بكونهن بأملن أن بناتهن يقمن ب " حفظ الجنس" حتى الزواج، ونفس التوقعات تتقاسمها البنات بخصوص هذا الموضوع، فقد عبرن عن اعتقادهن بأن العلاقات الجنسية يجب أن يتم تبقى محفوظة للزواج، وبخصوص الحديث عن الجنس، فقد انقسمت الأمهات إلى معسكرين، بشأن نهجها لمناقشة الجنس مع بناتهن، فقد ذكرت بعض النساء على أنهن كانوا وما زالوا صريحات للغاية للحديث في هذا الموضوع وما يتعلق به، في حين أعربت أخريات عن تحفظهن إلى التطرق إلى موضوع. كما أبرزت الدراسة أيضا أن هناك علاقة قضاء الأمهات مدة اكبر في التواصل والحوار والحضور availability له تأثير، فبالرغم من ان اغلب المستجوبات عبرن عن كون أنه كلما كبرت الفتيات كلما قل حضور الرقابة والحضور للأم مقابل حضور أكبر للمدرسة، ولكن يتم تعويض الحضور المباشر من خلال قضاء أوقات خارج البيت. حدود الدراسة: تبقى لهذه الدراسة حدود، والتي يمكن أن تبرز من خلال عاملين اثنين، الأول مرتبط بتجانس المجموعة المدروسة، بحيث أن العينة المنتقاة مكونة من مجموعة دينية واحدة متجانسة، وبالتالي تبقى إمكانية الوصول إلى تعميمات انطلاقا من هذه النتائج غير ممكنة، ثم ثانيا التحيز الحاصل على مستوى اختيار الباحثة التي أجرت الدراسة، بحيث أنها مرأة في سن 46 ذات أصول قوقازية، وبالتالي فهي اقرب إلى الأمهات وعقلياتهن، وتفاعلهن معها اكبر منه بالنسبة للفتيات المراهقات. مصدر الدراسة: A Qualitative Study of Southern Baptist Mothers and Their Daughters Attitudes Toward Sexuality Margaret E. Matyastik Baier and Karen S. Wampler Journal of Adolescent Research 2008 23: 31