تعباتٌ محدودة كانتْ لقرار خفض سعر الدواء، الذِي اتخذتهُ وزارة الصحَّة في المغرب، على الوضعيَّة الماليَّة لنظام التأمين الإجبارِي على المرض لدى موظفِي الدولة. وفق ما رشحَ لدى انعقاد مجلس الإدارة للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، أمام شبح الازمة. ومن جملة الإشكالات التي غذَّتْ أزمة التأمين على المرض لدى الموظفين، اتساع دائرة العلاجات وتزايد الإنفاق عليها، دون ارتفاعٍ موازٍ لمساهمات المستفيدين المحصورة في سقف أربعمائة درهم، بغضِّ النظر عن الأجور التي يقبضها الموظفُون، في حين أنَّ العاملين بالقطاع الخاص يدفعُون نسبًا من أجُورهم. وسبقَ لل"كنُوبسْ" أنْ أخطرت وزارة الصحَّة بأنها تنتظرُ قرارا حاسمًا إزاء ما تجتازه، على اعتبار أنَّ كافة الأسباب متظافرة، للإفضاء إلى شفير الهاوية. الصندوق يشكو شراءهُ الأدوية الموجهة إلى بعض الأمراض الصعبة بأثمنة أعلى مما كان عيه سابقا، حتى صار الدواء يشكلُ 33 بالمائة من مصاريفه، عام 2014. فيما كان يتمكنُ سابقًا من إجراء تفاوض مع المصنعِين حول أثمنة الدواء بمستويات أقل. من جانبه، يقول حسن المرضي، الكاتب العام الوطني للنقابة الشعبيَّة للمأجورِين، في تصريح لهسبريس، إنَّ بدء سريان العجز التقني في الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، منْ 2015، لا يجب أنْ يختزل الإشكال في مساهمات المنخرطِين، والتفكير في الاغتراف منهم لحلِّ الأزمة، كما لوْ كانُوا السبب الوحِيد. المرضى أضاف في حديث لهسبريس أنَّ المسؤُولين عن أموال باهضة يجري استخلاصها من المساهمِين كان يفترضُ أنْ يحسنُوا تدبيرها، واستغلالها، حتى وإنْ كانت النفقات قدْ ارتفعتْ خلال السنوات الأخيرة، وذلك منْ المبدأ الدستورِي الذي يقرنُ المسؤوليَّة بالمحاسبة. ويرى المتحدث النقابِي أنَّه كان متوقعًا أنْ تؤُول الأمور إلى ما صارت عليه، على اعتبار أنَّ معدل الشيخوخة سائرٌ في ارتفاع بالمغرب، إضافة إلى تزايد حدَّة عددٍ من الأمراض بين المغاربة "كانت تلزمنا رؤية أكثر وضوحًا، ودقة في الاستشراف، لأنَّ المشكل ليس ولِيد اليوم". وينتقدُ المرضِي غياب رؤية موحدَة لدى الدولة في تأمين التغطية الصحيَّة لمواطنيها، وذلك من خلال تعاطٍ يختلف بين الصندوق الوطنِي للضمان الاجتماعِي، بالنسبة إلى مأجورِي الخواص، والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعِي بالنسبة إلى موظفِي الدَّولة. وشددَ النقابي على أنَّ الأزمة التي تلوح في "الكنُوبسْ" لا تشذُّ عن أزمات صناديق أخرى في المغرب تشهدُ عجزًا، بسبب ضعف في الحكامة على مستوى التدبير، "إذا ما دعت الضرورة فإنَّ المنخرطِين سيزيدُون المساهمة، من جانبهم، لكنْ فليتحقق التدبير الجيد، أوَّلًا".