في ظل ارتفاع مؤشرات التطرّف والإرهاب بأفريقيا، يعمل المغرب على تقوية الأمن الروحي بالقارة السمراء، من أجل محاربة هذه الظاهرة المعولمة التي باتت تستغل الوسائل التقليدية والحديثة.. فبعد أقل من 5 أشهر على تأسيس "معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات" أعلن إطلاق مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بغرض قطع الفرصة على الجماعات المتطرفة لربح مساحات أخرى في استقطابها للشباب في القارة الأفريقية، خاصة وأن التهميش والفقر والبطالة يشكلون فضاء خصباً للتطرف. وفي الوقت الذي تعتبر دول غربية المغرب نموذجاً بشمال أفريقيا في محافظته على الاستقرار، يأتي إحداث هذه المؤسسة، التي تعتمد المقاربة الدينية وتسويق النموذج المعتدل، وعدم الاقتصار على المقاربة الأمنية.. فيما يرى باحثون مغاربة أن إعلان الرباط عن تأسيس مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة يهدف إلى محاربة التطرف والإرهاب بأفريقيا، وتأطير الشأن الديني بالقارة، خصوصاً في ظل ارتفاع هذه الظاهرة في عدد من الدول الأفريقية، واستقطاب الجماعات المتطرفة للشباب بالقارة. وقال خالد الشكراوي، الخبير في الشؤون الأفريقية والعربية، إن الهدف من المؤسسة هو تأطير الأئمة، وقطع المجال على الجماعات المتطرفة لاستقطاب الشباب، وعدم تركهم عرضة لأجندة خارجية مجهولة.. وأضاف: "هناك جزء من مهام مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، وهو محاربة الإرهاب، لكن الأساس هو تأطير المجال الديني في عدد من دول القارة". ورأى الشكراوي أن "ضعف حضور المؤسسات الدينية بمجموعة من الدول الأفريقية، ترك فراغاً بها، ما أدى إلى سيطرة بعض الجماعات المتطرفة، حيث إن الإعلان عن هذه المؤسسة سيعزز المؤسسات الدينية بالبلاد التي لها حضور قديم يمتد لقرون، مثل جامعة القرويين بمدينة فاس".. ووفقاً لهذا الخبير فإن "المسألة الدينية تأخذ جزءًا مهماً في العلاقات الأفريقية، على اعتبار أهمية المكون الديني في عدد من الدول ذات الأغلبية المسلمة". من جهته، قال عبد الحكيم أبو اللوز، الباحث في الشأن الديني والجامعات الإسلامية، أن إنشاء هذه المؤسسة يهدف لمحاربة الإرهاب.. وزاد: "هدف تأسيس البلاد لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة هو محاربة الإرهاب، خصوصاً في ظل وجود عدد من الجماعات المتطرفة بالقارة، مثل بوكو حرام وداعش والقاعدة ، بالإضافة إلى أن هدف محاربة هذه الظاهرة، مُعَبّرٌ عنه في الورقة التأسيسية للمؤسسة".. وأوضح أن الاهتمام بالبعد الديني يمكن أن يكون "لبنة من لبنات محاربة الإرهاب". ويأتي الاعلان عن هذه المؤسسة، بحسب أبو اللوز، نظرًا إلى البعد الجديد للسياسية الدينية بالبلاد، خصوصاً أن الدبلوماسية الدينية أصبح لها تأثير مهم.. وأضاف قائلاً: "المغرب يلعب ورقة الجانب الديني لكي يكسب ود بعض الدول الأفريقية، خصوصاً الشمال، ودول الساحل، بالإضافة إلى استثمار ورقة الدبلوماسية الدينية، لربح ملفات أخرى على رأسها ملف الصحراء". ويعمل المغرب، منذ سنوات، على تأهيل أئمة من مالي وغينيا كوناكري وتونس ونيجيريا ، حيث طلبت هذه البلدان من الرباط تأهيل أئمة مساجدها في سياق الاستفادة من تجربة المملكة في تدبير الحقل الديني، وتصديره لنموذج "التدين المغربي" إلى بعض بلدان غرب وشمال القارة السمراء، بحسب وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية المغربية. وتوجد في إفريقيا عدة جماعات متطرفة، مثل "بوكو حرام" النيجيرية التي تعني بلغة قبائل "الهوسا" المنتشرة في شمالي البلاد "التعليم الغربي حرام"، وهي جماعة تأسست في يناير 2002 على يد محمد يوسف، وتقول إنها تطالب ب"تطبيق الشريعة الإسلامية في جميع ولايات نيجيريا، ومد نفوذها إلى دول مجاورة مثل مالي والنيجر والكاميرون".. ومن بين تلك الجماعات أيضاً تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الذي تم الإعلان عنه عام 2006 بانضمام الجماعة السلفية الجزائرية إلى القاعدة، إلى جانب أنصار الشريعة في ليبيا، وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا. * وكالة أنباء الأناضول