قال ادريس الكريني، أستاذ القانون الدولي بجامعة القاضي عياض، ومنسق مجموعة البحث والدراسات الدولية حول تدبير النزاعات، إن قرار محكمة الاتحاد الأوروبي بشأن الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي يحمل خلفيات سياسية ويتنصل من مبادئ القانون الدولي. وأوضح الكريني، في تصريح صحفي، أن "هذا الحكم ينطوي على قدر كبير من الانحراف، لأن الكيان الوهمي البوليساريو لا يتوافر على مقومات الدولة، بما يؤهله لرفع مثل هذه الدعاوى أمام المحكمة الأوربية، التي ارتكبت خطأ بقبول البت في هذا الطلب أصلا"، مبرزا أن "حكما من هذا القبيل منزوع من كل شرعية أو أساس قانوني". واعتبر أن القرار يشكل تشويشا على جهود الأممالمتحدة باعتبارها المسؤولة الرئيسية عن ملف الصحراء لايجاد تسوية سياسية متفاوض بشأنها، مؤكدا أن محكمة الاتحاد الأوروبي اتخذت قرارا يمثل محاولة للالتفاف على صلاحياتها. وقال إن التعليل الذي أثاره قضاة المحكمة ويزعم أن "مجلس الاتحاد الأوروبي لم يبحث إذا ما كان استغلال الموارد الطبيعية للصحراء المغربية يتم لصالح ساكنة هذه المنطقة" يشكل تنكرا لواقع جلي بالأقاليم الجنوبية حيث تباشر المملكة سياسة تنموية شاملة وجهودا استثمارية وتعبئة إمكانيات ضخمة. وأشار الكريني إلى أن قرار محكمة الاتحاد الأوروبي، الذي يحمل خلفيات سياسية، يشكل مساسا بسيادة المغرب ويسيء للعلاقات المغربية التاريخية مع دول الاتحاد، مشددا على أن هذا الأخير سيتعاطى بعقلانية وعدم تسرع مع هذا القرار بحكمة وتبصر و"لن يجازف بعلاقاته الاستراتيجية مع المغرب" بالخصوص أن هناك فرصة لاستئنافه وتعزيزه بمعطيات واقعية وقانونية تدعم موقف المغرب. وأضاف أن المغرب اتجه في السنوات الأخيرة إلى تنويع شركائه على الصعيد الدولي، وهو ما يقلل من أهمية القرار، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي منح المغرب وضع الشريك المتميز في إطار علاقاته للجوار وهو ما يفرض على الطرف الأوربي الحرص على هذه العلاقات وعدم الانجرار وراء مناورات سياسية يمكن أن تخلف نتائج سيئة. وشدد على أن المغرب، منذ عقود، أولى اهتماما خاصا للبعد التنموي بالأقاليم الجنوبية وبذل جهودا حثيثة لتحسين أوضاع الساكنة، مضيفا أن هذا الخيار الاستراتيجي يندرج في إطار روح مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب كحل واقعي لقضية الصحراء. وقال أستاذ القانون إن هاجس التنمية في الأقاليم الصحراوية كان حاضرا بقوة في خطاب الملك محمد السادس في الذكرى ال40 للمسيرة الخضراء، وأن مبادرات الملك بهذا الشأن تدحض كل مزاعم خصوم الوحدة الترابية للمملكة بشأن وضع الصحراء المغربية. وذكر الكريني أن تنمية الأقاليم الجنوبية كان خيارا استراتيجيا للمغرب من اجل تعزيز وحدته الترابية، مؤكدا أن هذا الخيار يتطلب الترويج للمكتسبات التنموية التي تحققت في المنطقة كسبيل لدحض الادعاءات التي يروج لها أعداء المغرب.