بعد مرور سنة على الهجوم على مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية المثيرة للجدل، بسبب رسومها الكاريكاتورية حول الرموز الدينية، بما فيها تلك المتعلقة بالمسلمين، أصدرت منظمة مراسلون بلا حدود تقريرا عن "الحرب" التي تقودها التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيم "داعش"، ضد الصحافيين، "والحقد الذي يحمله المنتسبون لهذه التنظيمات ضد المراسلين والصحافيين الذين ينقلون بشاعة ما يقترفه المتطرفون". وجاء في التقرير، الذي حمل عنوان "الجهاد ضد الصحافيين"، أن المقاتلين المنتمين لتنظيم "داعش" أو "القاعدة" أو "بوكو حرام" قاموا خلال العام الماضي بالعديد من الهجمات في حق الصحافيين، "وأظهروا مدى كرههم للصحافيين الذين يحاولون نقل المعلومة، وتكذيب الدعاية التي تقوم بها هذه التنظيمات المتطرفة من أجل التأثير على الناس". ويعود التقرير إلى سنة 2013 عندما قام تنظيم "القاعدة" بنشر "قائمة سوداء" تتضمن 11 اسما لصحافيين ورسامي كاريكاتير، من بينهم رئيس تحرير مجلة "شارلي إيبدو" الذي تم اغتياله بداية العام الماضي على يد مقاتلي تنظيم "داعش"، مؤكدا أن التنظيمات المتطرفة تلتقي في عدائها للصحافيين. تقرير المنظمة الدولية أكد أن المنظمات الإرهابية باتت تتقاسم مع الأنظمة الديكتاتورية مسألة "العداء لحرية الصحافة"، مردفا أنه بعد الهجوم على مجلة "شارلي إيبدو"، "دخلنا في عصر عولمة التهديد ونشر الخوف"، ذلك أن التنظيمات الإرهابية تريد أن توصل رسالة للمواطنين "مفادها أن الصحافيين ليسوا بمنأى عن هجماتنا، وبالتالي فكل المواطنين مهددين أيضا في حياتهم". ويقترح التقرير أن تكون هناك عملية تعبئة شاملة ضد إيديولوجيا التحريض والكراهية، "التي تكون أحيانا مساندة من طرف الدول"، "لأن الحرية واستقلالية الصحافة يعتبران من القضايا المهمة والرئيسية لمستقبل البشرية". التقرير استعرض "التوجيهات" ال11 التي وجهها تنظيم "داعش" للصحافيين في منطقة دير الزور السورية، والتي يجب عليهم إتباعها إن هم أرادوا ضمان سلامتهم، أولها إعلان البيعة للبغدادي، وثانيها عدم التعاون مع القنوات التلفزية التي "تشتغل ضد الدولة الإسلامية"، كما أنه منعهم من نشر أي مقال دون الحصول على ترخيص قسم الصحافة التابع لتنظيم البغدادي، وأي تجاوز لهذه "التوجيهات"، "فإن الصحافي سيتم معاقبته". وكشف التقرير أن تنظيم "داعش" يعتبر كل صحافي يكتب عنه عن بعد "هو جندي عدو للتنظيم"، وبالتالي فهو هدف للقتل من قبل مقاتلي التنظيم، وزاد التقرير أن سياسة التنظيمات الإرهابية تجاه الصحافيين يمكن أن تجد تفسيرا لها في كتاب "إدارة التوحش"، لأبي بكر الناجي، الذي يؤكد أن هذه التنظيمات دائما ما تأخذ بعين الاعتبار الصحافة وحريصة عليها، لكن من باب "الحرب الإعلامية". وتقوم سياسة "داعش" تجاه الإعلام على محورين؛ أولهما الدعاية و"البروباغندا"، عبر مقاطع الفيديو التي يتم إعدادها من طرف "الكتيبة الإعلامية لداعش"، المتوفرة على فريق عمل "جد متخصص ويتقاضى أعضاؤه أجورا مترفعة بسبع مرات مقارنة بالمقاتلين العاديين للتنظيم"، والمحور الثاني هو اختطاف الصحافيين واغتيالهم وسجنهم وتعذيبهم، حيث تعرض العديد منهم في سوريا والعراق للاعتقال على يد مقاتلي التنظيم، والهدف هو تخويف بقية الصحافيين.