بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    أكثر من 790 مليون شخص في 12 دولة عانوا من درجات حرارة قصوى في يونيو 2025    الزيّ والرقص والإيقاع.. مهرجان مراكش للفنون الشعبية يروي حكاية الانتماء    المدافع المغربي محمد حمدون ينضم إلى ريال بيتيس إشبيلية    الصحراء المغربية.. توافق دولي لا رجعة فيه حول مغربية الصحراء ودعم ثابت للمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل سياسي وحيد لهذا النزاع الإقليمي            إسرائيل تنفذ عملية برية بجنوب لبنان    اليونان توقف طلبات اللجوء للأفارقة    ترامب يدفع بتطبيع موريتانيا وإسرائيل    بنسعيد: قانون "مجلس الصحافة" يحافظ على الاستقلالية ويعالج السلبيات    محكمة إسبانية تدين أنشيلوتي بالحبس    نتائج التشريح الطبي لجثة "طفل بومية"    21 قتيلا و2931 جريحا بحوادث السير    الحسيمة.. سقوط سيارة في منحدر بجماعة أجدير        المغرب يفتح باب المشاركة بالأوسكار    "مجرم حرب يدعم تاجر سلاح".. بوريل ينتقد ترشيح نتنياهو لترامب لجائزة نوبل    كان السيدات- المغرب 2024: لبؤات الأطلس في اختبار حاسم أمام الكونغو الديمقراطية    ورش التأمين الصحي الإجباري يدخل مرحلة الحسم بمصادقة تشريعية مفصلية    هذه توقعات أحوال الطقس بالريف واجهة الشرقية اليوم الأربعاء    نشرة إنذارية تحذر من زخات رعدية قوية بالجهة الشرقية اليوم الأربعاء    قادمة من فرنسا.. إفشال محاولة إدخال أقراص طبية مخدرة بميناء بني أنصار    الوكالات الجهوية للتعمير والإسكان: مقاربة قانونية لإصلاح المنظومة العمرانية في المغرب    الغرفة الثانية تصادق على مشروع قانون المسطرة المدنية        بنسعيد يقدم شروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة ويعلن رفع تمثيلية "الناشرين"    بنك المغرب: 58% من المغاربة يمتلكون حسابات بنكية بنهاية 2024    الحسابات الوطنية توضح المسيرة الإيجابية للاقتصاد الوطني    نسبة تقدم أشغال إنجاز سد الرتبة بإقليم تاونات تصل إلى حوالي 30 في المائة (وزير)    أصيلة تحتضن الدورة الخامسة للأكاديمية المتوسّطية للشباب من 11 إلى 19 يوليوز    الخلفي: "مشروع قانون تنظيم المجلس الوطني للصحافة نكسة دستورية وتراجع عن التنظيم الديمقراطي للمهنة"    مقررة أممية تطالب 3 دول أوروبية بتفسير توفيرها مجالا جويا آمنا لنتنياهو المطلوب بتهم جرائم حرب    المغرب يستقبل الجميع بحفاوة والجزائر ترد بالتجاهل والمراهقة الدبلوماسية في كان السيدات    الصين تعتزم توسيع شبكة السكك الحديدية فائقة السرعة لتصل إلى 50 ألف كيلومتر بنهاية 2025    تجدد الدعوات لمقاطعة المنتدى العالمي لعلم الاجتماع بالرباط بسبب مشاركة إسرائيل    أسعار النفط تتراجع وسط تقييم اقتصادي لتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة    سايس يعود إلى التداريب بعد غياب دام لأربعة أشهر بسبب الإصابة    رياض: "أبذل قصارى جهدي للعودة للميادين وهدفي هو المشاركة في "الكان"    عندما ينقلب "الحياد الأكسيولوجي" إلى سلسلة ثنائيات شاردة!    كاظم جهاد: جاك ديريدا والمسألة الفلسطينية    ظاهرة "طوطو" هل نُربي جيلاً لتمجيد الصعلكة!؟    أكثر من مليون متابع لفرقة تولّد موسيقاها بالذكاء الاصطناعي    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. تشلسي يحجز بطاقة النهائي بتغلبه على فلوميننسي (2-0)    الدوري الإنجليزي لكرة القدم.. سندرلاند يضم الظهير الأيسر رينيلدو ماندافا قادما من أتلتيكو مدريد الإسباني    من أين جاءت هذه الصور الجديدة؟ .. الجواب داخل واتساب    الشاعر حسن نجمي يفوز بجائزة ابن عربي الدولية للأدب العربي    تورونتو تحتفي بعبق السوق المغربي    الطالبة ماجدة بن علي تنال شهادة الدكتوراه في الكيمياء بميزة مشرف جدا    ممارسة الرياضة بانتظام تقلل الشعور بالاكتئاب والتوتر لدى الأطفال    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي    التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقاربة لظاهرة التطرف والإرهاب
نشر في هسبريس يوم 09 - 02 - 2016

من الظواهر المؤسفة حقا التي أبتليت بها أمتنا الإسلامية، وإن كانت ظاهرة عالمية لا ترتبط لا بدين ولا بعرق، وأصبحت إحدى كبريات المشاكل المعاصرة التي تمس بالأمن والطمأنينة داخل المجتمعات وتعوق التنمية والتقدم وبناء الحضارة هناك ظاهرة التطرف والإرهاب. فما هو مفهوم التطرف وما هو مفهوم الإرهاب ؟ وكيف تنشأ ظاهرة التطرف والإرهاب ؟ وما موقف ديننا الإسلامي الحنيف والقانون من هذه الظاهرة ؟ وهل من سبيل لمعالجة التطرف والإرهاب؟
أولا- مفهوم ونشأة التطرف والارهاب
ليس التطرف هو الإرهاب في حد ذاته. فلكل واحد منهما مفهوم مغاير. فالتطرف يقترن بالفكر، بمعنى كل فكر يكتنفه الغلو أو يتصف بالشذوذ والذي قد يحمل في طياته العنف والحقد والكراهية. أما الإرهاب فيقترن بالفعل، بمعنى تحويل الفكر المتطرف إلى ممارسة واقعية تهدف إلى إزهاق الأرواح البريئة وتخريب الممتلكات وزرع الخوف والرعب بين الناس.
والتطرف ليست بظاهرة حديثة، وإنما هي ظاهرة قديمة قدم الإنسان على الأرض. ولا يهمنا في هذا المقال سبر تاريخ التطرف على مر الأزمان والأمصار بقدر ما يهمنا تسليط الضوء على هذه الظاهرة بعد مجيء الإسلام داخل دار الإسلام.
بعد وفاة سيد المرسلين محمد (صلى الله عليه وسلم) قامت الخلافة الرشيدة بعد أن بايع المهاجرين والأنصار، ثم عامة المسلمين، أبو بكر الصديق رضي الله عنه كأول الخلفاء الراشدين للدولة الإسلامية المباركة (11ه-13ه). وبعد وفاة أبو بكر، تولى الخلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (13ه-23ه)، وبعده عثمان بن عفان (23ه-35ه) وعلي بن أبي طالب (35ه-40 ه) رضي الله عنهما.
وفي نهاية عهد الخليفة عثمان بن عفان وبداية عهد الخليفة علي بن أبي طالب نشأت فرقة الخوارج. والخوارج هم معارضة متطرفة تخرج عن الخليفة الراشد، الذي بايعه المسلمون، وتتصف بالتعصب المذهبي والفكري الشديد وبالغلو والتشدد الديني وبتفسير الدين بشكل مغلوط يؤدي إلى تكفير المسلمين واستباحة دمائهم؛ بل أن حتى علي بن أبي طالب رضي الله عنه(أحد المبشرين بالجنة ومن آل بيت الرسول (صلى الله عليه وسلم) والخليفة الراشد الرابع) لم يسلم من تهمة التكفير التي يلقيها هؤلاء على العباد. النتيجة أن الخوارج قد سفكوا دماء العديد من المسلمين والأنفس الطاهرة، ومن جملتهم عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب كرم الله وجههما.
في الوقت المعاصر، عرف التطرف تطورا ملحوظا بحيث تعددت الفرق وتنوعت، الأمر الذي تمخض عنه تحول بعض هذه الفرق المتطرفة إلى جماعات عدوانية تمارس الإجرام المنظم وتستبيح دماء الناس، مسلمين وغير مسلمين، بشكل يتنافى مع رسالة السلام والتسامح والخير التي أتى بها ديننا الإسلامي الحنيف وتشوه صورته وتعطي لأعداء الإسلام الذرائع للطعن فيه وفي مقدساته. وما يسترعي الباحثون في مختلف التخصصات العلمية التي تهتم بظاهرتي التطرف والإرهاب هي معرفة العوامل التي تقف وراء انجراف فرد من الأفراد أو جماعة من الجماعات نحو التطرف والجريمة؛ ومن ذلك نجد عدم تلقي التربية الدينية السليمة والجهل والفقر والتهميش الاجتماعي والسياسي. وقد ساعدت العولمة على نمو متسارع لظاهرة التطرف والارهاب (التنسيق وتبادل الأفكار المتطرفة عبر وسائل الاتصال العابرة للحدود كشبكات التواصل الاجتماعي، سرعة تنقل الأشخاص الطبيعيين والأموال(..إلخ.)).
بيد أنه يجب عدم الوقوع في فخ التضليل الذي تمارسه الأنظمة الظالمة، ومثال ذلك الكيان الصهيوني الذي يعتبر مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال والحيف إرهابا، والنظام المستبد في مصر وسوريا الذي يحاول الفاق تهم التطرف والارهاب على معارضيه الذين يحتجون سلميا ضد الانقلاب واللاشرعية (مصر) وضد الطغيان والظلم (سوريا). وفي الواقع، فإن الكيان الصهيوني وديكتاتوريات مصر وسوريا من يمارس الإرهاب، أو ما يعرف بإرهاب الدولة (مجازر، تجويع، اغتيالات، اغتصاب الأراضي، تشريد الأهالي، محاكمات غير عادلة، إلخ.)، بحيث أن هذه الصورة تعكس من الناحية السيكولوجية نوع من الإسقاط السياسي والمغالطة المفضوحة؛ ولكنها مسنودة – أو على الأقل مسكوت عنها – من لدن القوى الكبرى خدمة لأهدافهم – وأهداف حلفائهم – الاستراتيجية والجيوسياسية.
من جهة أخرى، دأبت العديد من وسائل الإعلام الغربية على إفشاء الحقائق المغلوطة على الاسلام والمسلمين واستغلال الإرهاب الذي تمارسه الجماعات المتطرفة باسم الدين، سواء في البلدان المسلمة أو في البلدان غير المسلمة، لمهاجمة الإسلام والمسلمين ووضع جميع الحركات الإسلامية سواء أكانت تعكس الاسلام الوسطي والسمح والصحيح أو تلك التي تتبنى الغلو والراديكالية في قائمة التطرف والإرهاب رغبة منها في تشويه صورة الاسلام والمسلمين لدى الرأي العام.
ثانيا- موقف الاسلام من التطرف والارهاب
الإسلام هو أعظم وأقوم دين أنزله البارئ عزوجل للإنسانية جمعاء لهدايتهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور ومن الظلم إلى العدل ومن براثن الجهل والشرك إلى نعمة الإيمان، يقول عز من قائل: "اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا"(1). ويقوم الإسلام على مكارم الأخلاق الطيبة التي تنسجم مع الفطرة السليمة للإنسان، والتي تهدف إلى سعادة وكرامة الإنسان المسلم في الحياة الدنيا وسعادته ونعيمه في الحياة الأخروية، يقول المصطفى الأمين(صلى الله عليه وسلم): "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"(2).
ومن بين الأخلاق التي أتى بها الإسلام هناك الاعتدال، والسلم، والرحمة، ونبذ الغلو والتطرف بمختلف أشكاله، والنهي عن العدوان والظلم وقتل الأنفس البريئة بدون وجه حق. وهناك العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تتطرق إلى ما يجب أن يكون عليه الإنسان المسلم في هذا الشأن، ومن ذلك قوله تعالى في محكم كتابه العزيز: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ"(3)، "وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ"(4)، "وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "(5)،"وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا"(6)، "مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا"(7). ويقول تعالى متوعدا قاتل الإنسان المؤمن – ومن باب أولى قتله داخل بيت الله–:" وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا"(8). ومن وصايا سيد الخلق وإمام المهتدين (صلى الله عليه وسلم) لأمراء جيش المسلمين في غزوة مؤتة: "لا تغدروا ولا تغلوا ولا تقتلوا وليداً ولا امرأة ولا كبيراً فانياً ولا منعزلاً بصومعة ولا تقربوا نخلاً ولا تقطعوا شجراً ولا تهدموا بناءً"، وقوله (صلى الله عليه وسلم) في كل نزال:"اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً"(9)، والتمثيل بالقتلى معناه قطع أعضاء المقتول (إلخ.)، وقوله عليه الصلاة والسلام:" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"(10). كما أوصى الإسلام بحسن معاملة الأسير ومن ذلك قوله تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا"(11) ونهى عن تعذيبه أو قتله أو الإساءة إليه.
ويتبين مما سبق، كما هو إجماع علماء الشريعة، أن الإسلام لا يجيز التطرف ويحرم الإرهاب. كما أنه أسمى بكثير من الشبهات والتهم الباطلة والمغرضة التي يحاول بكل جهد أعداء الإسلام والمسلمين إلصاقها به، بل أن بعضهم وراء تكوين عدد من الجماعات المتطرفة بهدف إضعاف المسلمين وتقوية شتاتهم.
ثالثا- موقف القانون من التطرف والارهاب
الإرهاب هو من أخطر أشكال الجريمة التي يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي، على غرار باقي القوانين الجنائية في العالم. وقد صادق البرلمان في هذا الشأن على القانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب (ماي 2003) (12)، الذي أضيف إلى الجزء الأول من الكتاب الثالث (الباب الأول مكرر) من مجموعة القانون الجنائي (13).
وبموجب الفصل 1-218 من القانون السالف الذكر فإنه تعتبر الجريمة فعلا إرهابيا، إذا كانت لها علاقة عمدا بمشروع فردي أو جماعي يهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف أو الترهيب أو العنف، ومثال ذلك ما يلي:
الاعتداء عمدا على حياة الأشخاص أو على سلامتهم أو على حرياتهم أو اختطافهم أو احتجازهم؛
التخريب أو التعييب أو الإتلاف ؛
تحويل الطائرات أو السفن أو أي وسيلة أخرى من وسائل النقل أو إتلافها أو إتلاف منشآت الملاحة الجوية أو البحرية أو البرية أو تعييب أو تخريب أو إتلاف وسائل الاتصال ؛
السرقة وانتزاع الأموال؛
صنع أو حيازة أو نقل أو ترويج أو استعمال الأسلحة أو المتفجرات أو الذخيرة خلافا لأحكام القانون؛
تكوين عصابة أو اتفاق لأجل إعداد أو ارتكاب فعل من أفعال الإرهاب.
واستنادا إلى مقتضيات الفصل 7-218 من القانون 03.03 فإنه يرفع الحد الأقصى للعقوبة عن الجرائم المنصوص عليها في الفصل 1-218، إذا كان الفعل المرتكب يكون جريمة إرهابية كما يلي:
الإعدام، إذا كانت العقوبة المقررة للفعل هي السجن المؤبد؛
السجن المؤبد، إذا كان الحد الأقصى للعقوبة المقررة للفعل يصل إلى 30 سنة؛
يرفع الحد الأقصى للعقوبات الأخرى السالبة للحرية إلى الضعف دون أن يتجاوز ثلاثين سنة إذا كانت العقوبة المقررة هي السجن أو الحبس؛
إذا كانت العقوبة المقررة للفعل غرامة فيضاعف الحد الأقصى للغرامة مائة مرة دون أن تقل عن 100.000 درهم.
وإذا كان الفاعل شخصا معنويا فإنه يحكم بحله والحكم بالتدبيرين الوقائيين المنصوص عليهما في الفصل 62 من القانون الجنائي وهما مصادرة الأشياء التي لها علاقة بالجريمة أو الأشياء الضارة أو الخطيرة أو المحظور امتلاكها وإغلاق المحل أو المؤسسة التي استغلت في ارتكاب الجريمة، مع عدم المساس بحقوق الغير.
ومن جانب آخر، فإنه كل من قام بأي وسيلة من الوسائل بإقناع الغير بارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الفصل 1-218 – السالف الذكر- أو دفعه إلى القيام بها أو حرضه على ذلك يعاقب بالعقوبات المقررة لتلك الجريمة (14). وبذلك يكون المشرع الجنائي المغربي قد ساوى بين الفكر أو الرأي المتطرف والإرهاب حالة ما إذا أفضى الأول إلى إحدى الجرائم الإرهابية – أو محاولة ذلك – وذلك سواء على مستوى المسؤولية الجنائية أو على مستوى العقوبة.
رابعا- علاج ظاهرة التطرف والارهاب
إن علاج ظاهرة التطرف والإرهاب لا يتم فقط بالإجراءات القانونية أو بالتدابير الأمنية أو بالزجر القضائي، بحيث أن العلاج الأمني أو القضائي لا يستأصل الداء وإنما يسكنه أو قد يرجأه إلى وقت آخر لا غير. فهذه الظاهرة تستلزم تظافر الجهود وتعبئة الجميع للخروج من هذا المشكل الضخم. إنها تستلزم نهضة حضارية شاملة. ولعل التطرف والإرهاب إحدى مظاهر الانحلال والتخلف الذي أصيبت بها أمتنا الإسلامية التي أرادها الله تعالى أن تكون أمة قائدة لا أمة مقودة.
وفي الواقع، إن تفاقم هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة لهو تعبير عن عدم قيام العديد من المؤسسات بدورها الكامل، إن لم يكن فشلها، في تنشئة الأجيال الصاعدة تنشئة سليمة قائمة على مبادئ الإسلام السمح وتربية النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي يجسد الأخلاق الطيبة في أحسن صورتها: " وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ "(15). فالكل قد يكون مسؤولا بشكل أو بآخر على بروز وتطور هذه الظاهرة: الأسرة، المدرسة، المجتمع، الإعلام، الدولة، رجال الدين، الثقافة السائدة، مؤامرات أعداء الإسلام والمسلمين، العولمة، وطبيعة العلاقات الدولية القائمة على مبدأ القوة والتي يكتنفها كثير من الظلم والجور.
إذن، أساس علاج ظاهرة التطرف والإرهاب يأتي من التربية السليمة والتعليم السليم، وهو دور الأسرة والمدرسة بالدرجة الأولى، وكذلك دور رجال الدين والإعلام والسلطات العمومية. والتربية السليمة هي التي تقوم على الإسلام الوسطي السمح الذي ينبثق من مدرسة المصطفى الأمين. وفي سبيل ذلك دعى بعض علماء العصر وأئمة المسلمين بما سموه ب "التصفية والتربية"(16)، بمعنى تصفية التراث الإسلامي مما علق به عبر القرون والأجيال من البدع والخرافات والفتاوى الخاطئة والأقوال العاطلة، وتربية الأبناء والشباب على الهدي النبوي المبارك وعلى هذا الإسلام المصفى.
دمقرطة الأنظمة السياسية هي أيضا إحدى الحلول لظاهرة التطرف والإرهاب. فممارسة الجور والظلم والاستبداد واحتكار السلطة من طرف الحاكم أو الأوليغارشية، كما هو حال أكثرية الأنظمة السياسية المتواجدة في البلاد الإسلامية يخلق الجو المناسب لبروز التطرف والفرق المسلحة التي يكون هدفها الاستحواذ على السلطة بالوسائل الراديكالية. وفي سبيل ذلك، لابد من تواجد ديمقراطيين لبناء الديمقراطية المنشودة؛ بحيث لا يمكن تواجد ديمقراطية بدون ديمقراطيين.
كما يجب خلق ظروف عيش كريمة للشباب، وخاصة عن طريق التكوين المهني وتوفير فرص عمل لهم وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والسياسية. فالفقر الناجم عن البطالة كما يعاني من ذلك شريحة واسعة من الشباب في البلاد المسلمة، وأيضا أبناء الجاليات المسلمة في أوربا الذين يعانون – إضافة إلى ذلك – من التمييز والتهميش لهي من العوامل الرئيسة التي تدفع عددا منهم إلى تبني الأفكار المتطرفة بل والوقوع فريسة الجماعات الإرهابية؛ خصوصا في غياب الآباء والتنشئة الدينية السليمة.
وتسترعي الإشارة، في الأخير، إلى أهمية خلق العدالة الكافية في العلاقات الدولية واحترام القانون الدولي وإصلاح مجلس الأمن الدولي غير العادل وغير الناجع بشكل يخدم السلم والأمن والمصلحة العامة للمجتمع الدولي، وليس فقط مصالح القوى العظمى ومصالح حلفائهم، وخاصة أهمية تسوية القضية الفلسطينية التي مازال يعاني شعبها من ويلات الاحتلال والاعتداءات المتكررة والحصار والتشريد على مرأى ومسمع من الجميع.
الهوامش:
1- المائدة،3؛
2- رواه أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنهما؛
3- النساء،171؛
4- البقرة،190؛
5- الأنفال، 61؛
6- الإسراء، 33؛
7- المائدة، 32؛
8- النساء، 93؛
9- أخرجه مسلم في صحيحه؛
10- صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛
11 - الإنسان،6؛
12- الظهير الشريف رقم 1.03.140 صادر في 26 من ربيع الأول 1424 (28 ماي 2003)؛
13 - الظهير الشريف رقم 1.59.413 بتاريخ 28 من جمادى الآخرة 1382 (26 نوفمبر 1962)؛
14- الفصل 5-218 من قانون 03.03 ؛
15- القلم،4؛
16- أنظر، د. أحمد فريد، التربية على منهج أهل السنة والجماعة، الطبعة الثالثة، 2006، ص 24.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.