التأم مجموعة من الباحثين بكلية العلوم الشرعية بمدينة السمارة، على مدى يومي السبت والأحد، في ندوة وطنية بخصوص "الأبناك التشاركية وتطوير المالية الإسلامية..التجربة المغربية أنموذجا"، احتضنها المركب الثقافي أحمد الركيبي. وتأتي هذه الندوة، حسب المنظمين، كثمرة تعاون مع وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للأقاليم الجنوبية، وعمالة إقليمالسمارة، والمجلس الإقليمي، وهي الأولى من نوعها التي تجمع ثلة من الخبراء والعلماء ورجال القانون والاقتصاد بعد صدور قانون مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، والذي يفرد قسمه الثالث للبنوك التشاركية، وأول ندوة علمية وطنية تنظمها كلية العلوم الشرعية بالسمارة منذ تأسيسها سنة 2013. وتطرق خبراء ومتخصصون مغاربة على مدى يومين لموضوع الأبناك التشاركية، من أجل توضيح القيمة العلمية والاجتهادية للرؤية المغربية حيال هذه الأبناك، وتأصيل الرؤى التنظيرية لها، وربطها بأصول وضوابط الاجتهاد الفقهي، مع ضبط مجالات التنزيل والتطبيق، مع مراعاة الثوابت والمتغيرات. واعتبر محمد الزوين، عميد كلية العلوم الشرعية بالسمارة، أن الأبناك التشاركية تنبني على تشارك وتقاسم الربح والخسارة بين المؤسسة البنكية وزبنائها أو شركائها في الاستثمار وجلب الأرباح، في إطار الضوابط الشرعية المعتبرة، مضيفا أن الاجتهادات المغربية في التأصيل والاختيارات وتراكم الخبرات والمعارف في هذا المجال تعد نوعية؛ "وذلك احتكاما إلى الواقع العلمي والمعرفي المقارب للواقع العملي التطبيقي، على أساس تسوية الغالب بالمحقق"، حسب تعبيره. في هذا السياق أكد منير جابري، الأستاذ الباحث بجامعة ابن زهر، أن "المأمول من هذه البنوك التشاركية لا يتمثل فقط في مطابقة منتجاتها وخدماتها للضوابط الشرعية، بل في العمل على تطوير وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، عبر اعتماد معاملات ذات صبغة استثمارية، وعدم الاقتصار على الدور التجاري الصرف". وأشار الباحث ذاته إلى "ضرورة توحيد الرؤى الفقهية بين اللجنة الشرعية المكلفة بمطابقة المعاملات المصرفية التشاركية لمقتضيات الشريعة والخبراء الماليين، من أجل صياغة فقه تجديدي يواكب متطلبات العصر ويراعي الخصوصية المغربية". من جهته، اعتبر عثمان كاير، الأستاذ الباحث بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن البنوك التشاركية من المرتقب أن "تلعب دورا مهما في تمويل المشاريع التنموية بالمغرب إذا ما استطاعت أن تجد لها موطئ قدم بالسوق المغربية، وتمكنت من تعبئة رساميل مهمة عبر ارتباطها ببنوك إسلامية عربية ودولية، وساهمت في رفع نسبة الاستبناك عبر ولوج فئات جديدة للخدمات البنكية". وهذا ما يطرح أمام هذه البنوك، يضيف كاير، "تحديات كبرى تهم على وجه خاص تطوير وإبداع خدمات جديدة، قادرة على مسايرة تطور السوق البنكي المغربي وانتظارات المتعاملين".