الخط : إستمع للمقال تداولت بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تصريحات للأسير الفلسطيني المحرر نائل البرغوثي مليئة بالضغينة والاحتقان، بسبب ما يسميه تطبيعا عربيا مع إسرائيل، ويزعم نفس المتحدث بأن إسرائيل تعتبر كلاً من "الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية مراكز للدعارة". وبعيدا عن ضعف هذه التصريحات وهشاشتها، وكونها لا تستند على أي أساس من الصحة، بل إنها تتعارض أفقيا وعموديا مع الحقيقة والواقع، فإن ما أثارته من استياء واسع لدى الرأي العام يؤكد أن هذا البرغوثي، وإن غادر السجن بأسواره وغرفه وقضبانه، فإنه لا يزال يقبع في سجن أكبر من ذلك بكثير، وهو سجن التفكير والعقيدة والتمييز. وعوض أن يتحلى أزلام الطابور المنافق في المغرب بالشجاعة والموضوعية، ويردوا على زيف المعطيات التي قدمها الأسير السابق، سارعت شرذمة من "الخوارج" عن جادة الصواب إلى مشاركة ونشر المقطع الذي وردت فيه تصريحات نائل البرغوثي، مهللين بها وفرحين بمضامينها المسيئة لكرامتهم بأنفسهم ولكرامة أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم وزوجاتهم، بل ومتضامنين مع العبارات المسيئة لصورة بلدهم والمشوهة لحقائق الأمور. وفي مقدمة أذيال النوق المهللين يأتي سليمان الريسوني، المدان بالسجن لسنوات في قضية هتك عرض شاب، حيث أظهر هذا الأخير من خلال نشره للمقطع موقفاً يساهم فيه بتمرير الأكاذيب وبصباغتها بالزيف والبهتان، خدمة لأجندات الأعداء الخارجيين الذي اعتاد هو ورفقاءه الأكل من بقايا طاولاتهم المتعفنة. والريسوني الذي نشر الفيديو بصفحته، يعرف جيدا كما يعرف غيره، أن عفة المجتمع المغربي وقوانينه وحرصهما على صون القيم ومحاربة الانحلال الأخلاقي، هما اللذان قاداه وأمثاله الى السجن بتهم الاعتداءات الجنسية وهتك عرض شاب، وإلا فإن الدعارة التي يهلل لها هؤلاء المصابون بالشذوذ الأخلاقي لا توجد إلا في محيطهم حيث ترعرعوا يحللون الحرام ويبيحون الانحلال حتى "طبعوا تطبيعا" مع هذه الممارسات القذرة وسعوا إلى تعميمها أو تحويلها لطقوس يومية، ولعمرنا، فهذا هو التطبيع الأخطر. إن جماعات السحت والمنكر وأكل الحرام كأحمد ويحمان وفؤاد عبد المومني وأبو بكر الجامعي وعزيز غالي وسليمان الريسوني وحسن بناجح وغيرهم ممن يسعى بأن يغطي الشمس بغربال واسع الثقوب، لم يراعوا ويقدروا جهود المغرب حين سارع عبر مسالك خاصة لإيصال المساعدات إلى المحاصرين والمجوعين في غزة، بل حتى شهادات أهل غزة أنفسهم لم تحظ باهتمام هذه الشرذمة العمياء، علما أن المدنيين الغزاويين باركوا للمغرب جهوده، وعبروا عن امتنانهم وعرفانهم بالسرعة التي أوصل بها هذه المساعدات إلى قلب غزة. وها هو الملك محمد السادس يعيد الكرّة ويأمر بإرسال مساعدات إضافية لأهل غزة، والكلاب تنبح والقافلة تمر... فلهؤلاء الحاقدين على وطنهم نقول أف لكم ثم أف إلى يوم الدين، ولعبد الإله بنكيران الذي يتنعم بخيرات كثيرة دون يبذل أي جهد يذكر أو ينتج أي عمل يلمس، ما عدا لسانه الذي لا يتوقف عن الدوران وكأنه مروحية للتهوية، فنقول له: "إن لم تستطع قول الحق فاخرس لأنك أنت العارف أن هفواتك وانزلاقاتك كثيرة جدا وأصبحت لا تطاق، والمغاربة لا يمكن أن ينخدعوا مرة أخرى بترهاتك وهلوساتك. إن يافطة النضال الكاذب الذي يستظل تحتها منافقو المرحلة الجديدة، لم تعد تستهوي أحدا غيرهم، لأن الواقعية أقوى من كل الشعارات الفضفاضة، ولقد قلناها في حينها، ساعات قليلة فقط بعد هجومات السابع من أكتوبر، قلنا في إذاعة "برلمان راديو" إن براقش حماس قد جنت على نفسها، وتوقعنا ثلاث ساعات بعد الهجوم بأن تدك إسرائيل غزة حتى تمحيها من فوق الأرض، وبأن تدوس قدماها كل أخضر ويابس في المنطقة، بما في ذلك لبنان، وبأن مصائر حركة حماس وحزب الله وحتى دولة إيران أصبحت بين أيادي إسرائيل التي لن ترحم القوي ولا الضعيف، وكذلك كان فعلا، وها هي حقيقة الأمر قد خلصت إلى ما خلصت إليه. إن شكوكا كبيرة ساورت العديد من المحللين الموثوقين في تشخيصاتهم في حينها، بأن عناصر تنتمي لحركة حماس قد تكون صنيعة لإسرائيل، أو تآمرت مع جهات صهيونية قصد تغليط بعض قادة حماس، والزج بهم في حرب غير متساوية في كفتيها، والمؤسف كل المؤسف أن أطفالا أبرياء ومدنيين عزل، راحوا بالآلاف ضحية لهذا الطيش والتهور، الذي يشبه كثيرا تهور الفئات المغرضة من أفراد العصابة التي ذكرنا أسماءهم. فهؤلاء وأولئك بمن فيهم هذا البرغوثي يعيشون على الوهم والضلال، ومنهم من يقتات بالبكتيريا التي تخلقها الصراعات والحروب كفئات بعض الضباع التي تعيش بيننا للأسف، فكلما استمر العنف والتقتيل والتجويع، انتعشوا وازداد نهمهم، وكأنهم يقتاتون من لحوم الموتى والشهداء، بل إن منهم من انتفخت جيوبه بالمال العفن، غير عابئ بصرخات وأنات الاطفال في غزة، إذ أن مصلحته في تخريبها أعلى وأرقى من وضعه أثناء مرحلة السلم، فاللعنة عليهم إلى يوم الدين. وإذا كان المغرب واثقا من خطواته، ومن تاريخ دفاعه عن القضية الفلسطينية، ومن أدواره الطلائعية في إدخال المساعدات كلما دعت الظروف لذلك، فإنه لن يعبأ أبدا بأصوات الصراصير من أي مكان أتت، وهو ليس مجبرا بالتذكير بمواقفه الحكيمة والمتوازنة، وبما يقوم به من أدوار دبلوماسية وإنسانية لفائدة السلم في المنطقة، أما ادعاءات نائل البرغوثي وضلالاته فهي بكل تأكيد من تداعيات وأضرار السنين التي قضاها وراء القضبان، والتي جعلته يتحول في رمشة عين من حركة فتح الى حركة حماس فاقدا لكل توازن، وها هو اليوم تائه بدون أي انتماء، وبدون أي بوصلة توصله إلى بر الحقيقة، وقد ضاقت عليه الأرض بما رحبت فكثرت رعشاته وهلوساته شافاه الله. الوسوم الطابور الخامس المغرب فلسطين نائل البرغوتي