أخنوش من الرشيدية: ميثاق الاستثمار يحقق نتائج ملموسة ب250 مشروعا تتجاوز قيمتها 414 مليار درهم وتوفر 179 ألف فرصة شغل    لتعزيز جاذبية طنجة السياحية.. توقيع مذكرة تفاهم لتطوير مشروع "المدينة المتوسطية"    منح تأشيرات مجانية لمشجعي "كان 2025"    اقتراب منخفض جوي يجلب أمطارًا وثلوجًا إلى المغرب    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    هذه هي المنتخبات المتوقع مواجهتها للمغرب في الدور الثاني من مونديال قطر للناشئين    مجلس القضاء يستعرض حصيلة 2024    المغرب يطلق تكوين 15 ألف متطوع استعدادا ل"كان 2025″    "واتساب" يطلق ميزة جديدة تتيح للمستخدمين الوصول إلى جميع الوسائط الحديثة المشتركة    الحكم الذاتي في الصحراء.. هل يكون مدخلاً لإطلاق مشروع ديمقراطي يواكب التنمية الاقتصادية والتحديات التي يخوضها المغرب؟    تقرير: التغيرات المناخية والاستغلال المفرط يفاقمان أزمة الماء والجفاف عرى هشاشة بعض منظومات التزوّد    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تعرض تجربة الذكاء الاصطناعي في منصة "SNRTnews" بمعرض كتاب الطفل والشباب    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    منيب تتقدم بمقترح قانون للعفو العام    الصين تدعم التعاون الأمني مع المغرب    ملايين اللاجئين يواجهون شتاء قارسا بعد تراجع المساعدات الدولية    تفجير انتحاري يوقع 12 قتيلا بإسلام أباد    الجزائر ‬تجرب ‬جميع ‬أوراقها ‬في ‬مواجهة ‬الانتكاسات ‬الدبلوماسية ‬    تستر ‬عليها ‬منذ ‬سنوات‮ ‬.. ‬    خط جوي جديد بين البيضاء والسمارة    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    رصاص الأمن يشل حركة مروج مخدرات    انقلاب "بيكوب" يرسل 17 عاملا فلاحيا لمستعجلات تارودانت    التامك يغيب لأول مرة عن مناقشة ميزانية السجون في مجلس النواب.. ما علاقة ذلك ب"إهانته" قبل عام؟    "SNRTnews" تبرز تجربة الذكاء الاصطناعي في إنتاج الأخبار    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يكشف عن قائمة المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    المنتخب المغربي يخوض أول حصة تدريبية بالمعمورة تأهبا لمواجهتي الموزمبيق وأوغندا    350 يورو مقابل التقاط صورة ومقعد على مائدة والدة النجم يامال    الحسيمة: مرضى مستشفى أجدير ينتظرون منذ أيام تقارير السكانير... والجهات المسؤولة في صمت!    أتالانتا الإيطالي ينفصل عن مدربه يوريتش بعد سلسلة النتائج السلبية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يعزز سيادته المائية بإطلاق صناعة وطنية لتحلية المياه    مع تعثّر انتقال خطة ترامب للمرحلة التالية.. تقسيم قطاع غزة بات مرجحاً بحكم الأمر الواقع    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    تغير المناخ أدى لنزوح ملايين الأشخاص حول العالم وفقا لتقرير أممي    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشهبون يلامس آلام الغربة في مواضيع الأغنية المغربية
نشر في هسبريس يوم 04 - 07 - 2016

مازلت أتذكر، وكثيرون مثلي بلا شك، كيف كنا نتحلق ونحن صغار في منزل أحد المحظوظين ممن هاجروا إلى أوربا، حول ذلك الجهاز السحري: الفونوغراف، وهو يصدح بأغاني أم كلثوم وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ ورابح درياسة ونورة...إضافة طبعا إلى أغاني فنانين مغاربة مشهورين في تلك الفترة، أمثال: عبد الوهاب الدكالي، محمد اليونسي، أحمد ليو، عبد الحميد التمسماني، ميميونت نسروان... وغيرهم.
كان الفونوغراف يوضع في مكان لائق في الصالون وبجانبه مجموعة من الأسطوانات التي كانت تبهرنا بأغلفتها، بما تحمله من صور لهذا الفنان أو تلك الفنانة. وفي ذلك الزمن البريء كانت المجموعة لا تخلو من أسطوانة أو أكثر للمقرء الخالد الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.
إنني أتحدث هنا عن أواخر ستينيات القرن الماضي، إذ لم يكن التلفزيون قد دخل المنازل القروية بعد. كان وجود الفونغراف أو كما كان يطلق عليه محليا "ماشينا نطباسا" (آلة الأسطوانات) رمزا من رموز الثراء في ذلك الزمن. كان من جملة ما عاد به المهاجر "أليمان" من هدايا لدى عودته لأول مرة إلى قريته جهاز فونغراف، وجهاز "راديو"، وفي ما بعد جاء ب"المسجلة"؛ وهذه الأخيرة سيكون لنا حولها حديث مستقبلا بحول الله.
في الريف، كما في باقي جهات المغرب، لم تتخلف الأغنية المحلية عن متابعة أهم الأحداث التي كانت تمر بها المنطقة، فأشادت ببطولات المقاومة الريفية ضد الاستعمار الإسباني، تحت قيادة الشريف محمد أمزيان، ثم محمد بن عبد الكريم الخطابي من بعده.
ولعل قصيدة "أضهار أو باران" أبلغ مثال في هذا المجال. كما سيتم التغني بمشاركة الريفيين في الحرب الأهلية الإسبانية ما بين 1936 و1939، إلى جانب الجنرال فرانكو لدحر الجمهوريين، إذ تغنت النساء بفقدان أحبابهن في جبهات القتال، أو انتظار عودتهم منها.
كما لم يفت الأغنية الريفية التطرق إلى مآسي الهجرة وآلام الغربة مع انطلاق موجة الهجرة إلى الجزائر (أشارق) للعمل في ضيعات المعمرين الفرنسيين. وقد كان الفنان الحاج محمد نجيم، المعروف بالشيخ موذروس، أحد السباقين إلى التغني بالهجرة ووصف معاناتها بعد عودته هو نفسه من الجزائر التي كان قد هاجر إليها ليستقر نهائيا في وطنه المغرب:
فكار ثمورث أنش
أياوني إيوضان
إيوذان إحاورين
نثنى ربداأظهان
رالاَّ هاجغ ثمواث إنو
رالاّ أكيغ وجدة أتنبذات
تهاجر ثمورث انش
ما يتسما تدارذ
ما يوشاش أورنش
شك ربد تصبارذ...
(فكر في أرضك يا أيها الضائع. الناس الأحرار هم دائما معروفون.. سيدتي (للا) هاجرت بلدي، سيدتي وضعت وجدة منطلقا.. هاجرت بلدك، فهل تعتقد أنك من الأحياء؟ هل رضيت بذلك وأنت من تعودت على الصبر؟...)
ومنذ أواخر الخمسينيات أخذ الفنانون الريفيون وفنانو المنطقة الشرقية في التغني بالهجرة إلى أوربا، ومنهم من اكتسب شهرة كبيرة في هذا الميدان. فهذا عبد الحميد التمسماني يحاول في أغانيه استكشاف (الجانب المظلم) من الهجرة:
قا يني يفغن ثامواث انسن
كارن ذي رعذاب، تنوسن ذي رعذاب
أمشوما نلخارج إيظايع الشباب...
(الذين غادروا وطنهم يظلون في عذاب، يبيتون في عذاب، هذا الخارج اللعين ضيع الشباب...)
الشيخ محمد اليونسي
ويبقى المرحوم الشيخ محمد اليونسي البركاني أهم من تغنى بالهجرة وغنى للمهاجرين خلال سنوات الستينيات.. لقد كان أحد أعمدة الأغنية الشعبية على مدى أكثر من نصف قرن.. تغنى بمشاكل الناس وقضاياهم، إضافة إلى أغانيه الدينية. ولكن أغنيته "الباسبور الأخضر" تأتي في قمة أعماله، إذ نالت شهرة واسعة في شرق المغرب والريف وبالخصوص، لدى المهاجرين المنحدرين من مدن وجدة وبركان وتاوريرت وجرادة وغرب الجزائر والريف، من جيل الستينيات وما بعدها.
يكمن سر نجاح القصيدة التي غناها الشيخ لأول مرة سنة 1965 في كونها قامت بتقديم صورة حية لواقع الهجرة، معبرة عن معاناة المهاجرين وما كانوا يتعرضون له من قهر وغربة وعنصرية.
وتحكي القصيدة تفاصيل الهجرة إلى فرنسا والإقامة بها منذ الانطلاق من ميناء ما بالمغرب:
رفدت الباسبور لخضر وقلت أنا دي خيار الحياة
جبرت البابور يرجى في المرسى مسطرة بالرايات
نهار اللي مشيت خاطر ودعت أحبابي وقلبي مهموم
خليت أميمتي تنوح وتقول وليدي مشالي للروم
...
مشيت وسقسيت وحدة قلت ليها si vousplait a madame
هزت كتافها عليا ما هضرت ما جاوبتني بكلام،
قلتليها ماضموزيل excuse-moi قراي لي دالعنوان،
قالتليqu'est-cequ'il y a?، وقلت لهاmoi je suis marocain
قلتليها ماضموزيل excuse-moi قراي لي دالعنوان
قالتلي كاسكيليا وقلت لها moi je suis africain
قالت ليou tu vaa?، قلت لها moi je sais a rien
قلت ليها جوسوي مبردي قالت je m'en fousça fait rien
قلت ليها ماضموزيل جومام فو كاسكوسافودير؟
الله الله أخوتي والي ما عندو لسان واش يدير...
وتمضي القصيدة في وصف الأوضاع السكنية المزرية وقسوة الحياة في باريس وغياب الأكل الحلال وجو اللهو والمجون الذي كان ينغمس فيه بعض المهاجرين في عاصمة الأنوار. غنى المرحوم اليونسي قصيدته "الباسبور لخضر" الخالدة هذه بفرنسا وبالعديد من المهرجانات، ورددها العديد من الفنانين المغاربة والجزائريين بأصوات مختلفة ومتنوعة وبآلات عصرية في ما بعد.
ميمونت نسروان
إذا كانت هناك مغنية حظيت بالإقبال من طرف مهاجري الجيل الأول بعد أم كلثوم فلن تكون غير ميمونت نسروان. هذه الفنانة الريفية التي كانت من أوئل، إن لم نقل أول امرأة في منطقة الريف تكسر حاجز الخوف والتقاليد لتقوم بالغناء لجمهور أوسع، محدثة ضجة في نهاية الستينيات وخلال سبعينيات القرن الماضي، نظرا لموهبتها الفطرية في الغناء وصوتها الرومانسي الجميل الذي تغنى بالحب والمشاعر الإنسانية على إيقاع أرالابويا الشهير.. وهي في أغانيها لم تكن لتغفل جانب الهجرة، إذ نقلت مشاعر وأحاسيس المرأة الريفية في علاقتها بزوجها أو خطيبها أو فتى أحلامها في بلاد الغربة:
إيناي أذا مكيخ
مين واميكي بابام
إيناي أمكيخ التسريح
أتزويذ غا وليمان
(قال لي سأصنع لك شيئا لم يصنعه لك أبوك، سأهيء لك جوازا للسفر إلى أوربا).
الوليد ميمون
ونختم حديثنا هذا حول احتفاء الأغنية المغربية بظاهرة الهجرة بهرم الأغنية الريفية الملتزمة المعاصرة الوليد ميمون.
في سنة 1986 أصدر الوليد ميمون ألبومه الغنائي الثاني أمتلوع (المتشرد) الذي كان وراء شهرته، ليس في الريف فقط، بل وفي المغرب ولدى مغاربة العالم. وتعتبر أغنيته "هاجاخ ثامواث إينو" التي ضمها هذا الألبوم إيقونة أغانيه حول الهجرة..أغنية تفيض بمشاعر الألم والمعاناة والحنين إلى الوطن:
أوذارخ أذسوخ
ثوزغ خافي ثرا
مين أزريخ اتيفقاع
مين أزريخ ذتمارا
إيفقوسن ك أور
أرينانخ ذي حالا
هاجاغ ثامواث إينو
أتلعاخ غا بارا
ثامشونتا نرغروبيث
أكورينو ثغزا
أسنسيخ سذو رقنظاث
أكوذفير أذ ونزا
ياحسراه خبنادم
أساغينت إيتمنزا
قاغس مرمي آربي
أذجخ ثيمورا أنبارا
أذعقبخ غا ثمواث إينو
سييرنو ذزيرا
ماني ثيجا أثقوشت
ذو جنا ذزيزا
(انحنيت لأشرب جف عني المنبع. كم عانيت من مآس، كم عانيت من تعب.. القلب مليء بالألم، أسقم جسمي.. هاجرت بلدي ورحلت بعيدا...هذه الغربة الملعونة حفرت ندوبا في قلبي، بت ليال تحت الجسر، تحت الثلوج والأمطار. واحسرتاه على الإنسان صار يباع ويشترى، أدعو متى يا ربي أترك بلاد الغرباء؟ أعود إلى بلدي ورأسي مرفوع، حيث توجد الشمس، والسماء الزرقاء).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.