مواصلة لنشر العديد من الفتاوى الرسمية التي أصدرتها الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء في شتى المجالات وشؤون الدين والحياة، تتوقف هسبريس اليوم عند فتوى المجلس العلمي الأعلى، الذي يرأسه وفق دستور 2011 الملك محمد السادس، بخصوص مسألة إخراج زكاة الفطر نقدا. وورد على الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى سؤال حول إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقودا، وما إذا كان ذلك يجوز أم لا، فأحالته على الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء قصد دراسته، وإبداء الرأي الفقهي بشأنه في ضوء النصوص الشرعية المتعلقة بالزكاة، والمقاصد الحكيمة المستفادة منه. وذهبت الفتوى إلى أن الأصل في إخراج زكاة الفطر أن يكون بمكيلة الصاع، أي أربعة أمداد أو أربعة حفنات، من أحد الأطعمة المقتاتة من حبوب الزرع أو الدقيق أو التمر، أو بما يعادل الصاع وزنا، وهو حوالي 2.5 كيلوغراما، مما يقتاته ويعيش به أغلب أهل البلد الذي يقطنه الصائم. واعتبرت الهيأة المكلفة بالإفتاء بالمغرب أن إخراج زكاة الفطر، التي تكون أفضل أوقاتها قبل أداء المسلمين لصلاة عيد الفطر السعيد، على هذا الأصل الذي شرعت عليه هو الواجب المطلوب والمتأكد أولا، والأفضل، والأولى والأكمل، في حق كل من أمكنه ذلك وتيسر له". وعرجت الفتوى إلى الرأي الذي يقول بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا، لمن رأى ذلك أسهل عليه وأيسر له في أدائها، وأفيد وأنفع للآخذ المنتفع بها من فقير ومسكين، فيجوز له حينئذ إخراجها بالقيمة نقدا، وذلك كحال من تعذر عليه إخراجها كما شرعت من حبوب الزرع والدقيق والتمر.. وأردفت الفتوى حالات أخرى لمن يجوز له إخراج زكاة الفطر نقدا، مثل من يوجد في بلد غير وطنه الأصلي، ولا يوجد من يستحقها من فقراء المسلمين وضعافهم، وأيضا في حالة ما إذا اقتضى نظر ولي أمر الأمة وإمامهم الأعظم إخراجه قيمتها نقدا لمصلحة وطنية، أو قضية تضامنية إسلامية. وتابع المفتون المغاربة "إضافة إلى هذا الرأي القائل بجواز إخراج زكاة الفطر نقدا، استنادا إلى حكمة مشروعيتها من إغناء الفقير والمسكين، واستنباطا من نصوص بعض الأحاديث الواردة في زكاة الأموال بصفة عامة، يدخل في باب الأخذ بمبدأ اليسر ورفع الحرج عن الناس في بعض الأمور". واستطرد المصدر ذاته بأن رفع الحرج عن الناس يعتبر أصلا متأصلا في دين الإسلام وشريعته السمحاء، مستدلا بقول الله تعالى "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"، وقوله تعالى "وما جعل لكم ف يالدين من حرج"، فضلا عن قول النبي عليه الصلاة والسلام "يسروا ولا تعسروا".