عرفت مدينة خريبكة، في السنوات الماضية، توسّعا عمرانيا متسارعا من خلال المشاريع السكنية التي يجري تشييدها من أجل تلبية حاجات المواطنين إلى السكن. وقد وصلت تلك المشاريع السكنية على إثر هذا التوسع العمراني إلى أحد التجمعات، التي كانت تُعدّ إلى عهد قريب أبعد نُقطة عن وسط المدينة والتي اختيرت في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي لإيواء أسر القوات المساعدة والقوات المسلحة الملكية؛ قبل أن يُحاط المكان ببنايات الأشطر الثلاثة لتجزئة الزيتونة، الواقعة بالجنوب الشرقي لعاصمة الفوسفاط. وفي جولة أجرتها جريدة هسبريس بالحي المذكور، المعروف على الصعيد المحلي والإقليمي ب"دْيُور لمْخازنية"، لوحظ تواجد خمسة عشر مسكنا مشيّدا بالألواح المفككة، حيث أحيطت المنازل بسُور يُخفي معالم التجمع السكاني الواقع وسط البنايات المشيدة حديثا؛ وهو ما يجعل منه حيّا عشوائيا يفرض على الجهات المسؤولة التدخل، من أجل إعادة تأهيله بما يتناسب وجمالة الأحياء المجاورة. محمد رامجى، رئيس جمعية الجوار للأعمال الاجتماعية وأحد قاطني "دْيُور لمخازنية"، قال إن الحي يأوي عددا من متقاعدي وأرامل القوات المساعدة والقوات المسلحة الملكية الذين استقروا هنا منذ أزيد من ثمانين سنة، حيث اضطروا إلى ربط مساكنهم بشبكات الصرف الصحي والكهرباء والماء الشروب على نفقتهم الخاصة، في انتظار تدخل الجهات المعنية لتحسين أوضاعهم وتأهيل حيهم السكني. وأضاف المتحدث، في تصريح لهسبريس، أن الجهات المعنية بملف "دْيور لمخازنية" سمحت، في إحدى المناسبات، ببناء سور حول مجموع المنازل، على أمل أن يشملهم مشروع إنشاء تجزئة سكنية جديدة تُدعى الزيتونة؛ غير أن الواقع يشير إلى إهمال تلك المساكن، وعدم استفادتها من التأهيل وإعادة الهيكلة، طيلة الفترة الفاصلة بين انطلاق أشغال التجزئة وبين نهايتها. وعن ردود فعل سكان "ديور لمخازنية"، أشار رامجى إلى أنهم أسسوا جمعية لمتابعة ملفهم، حيث قامت بمراسلة عدد كبير من الجهات المعنية بالموضوع؛ من بينها المجلس الإقليمي لخريبكة، والإدارة الجهوية لشركة التهيئة العمران ببني ملال، وإدارتها الإقليمية بخريبكة، والسلطات المحلية والإقليمية، ووزارة الإسكان، والمجلس البلدي بخريبكة، دون أن يتم التفاعل إيجابيا مع مطالب السكان. وشدّد المتحدث على أن الأرض التي يوجد فوقها الحيّ في ملكية المجلس الإقليمي؛ وهو ما دفع السكان إلى مراسلة رئيس المجلس، مطالبين إياه ب"التدخل لإعادة هيكلة الحي الذي لم يشمله إحصاء السكان المستفيدين من عملية الزيتونة المجاورة، حيث كان آخر اتصال بالمقاطعة الحضرية يعود سنة 2004، واستقر الرأي حينها على بقاء الساكنة حيث هي، مع المطالبة بالمساعدة التقنية في إعادة الهيكلة". وأوضح محمد رامجى أن السكان يعانون طوال السنة، وخاصة في فصل الشتاء، حين تتسرب مياه الأمطار إلى داخل المنازل عبر "الأسقف القزديرية"، في الوقت الذي تتحول فيه المساكن إلى ما يُشبه الحمامات أو الأفرنة خلال الفترات الصيفية، بالرغم من المحاولات التي أجراها بعض المتضررين للتخفيف من تلك المعاناة، بإضافة أسقف أخرى خشبية تحت اللوائح المعدنية الساخنة. وعن مطالب قاطني "ديور لمخازنية"، اختصرها رامجى في "المساعدة التقنية، وموافقة الإدارات المختصة على التصميم الذي هيّأه السكان، ومنحهم التراخيص لبناء مساكن تحفظ كرامة الأسرة العسكرية، وهم الذين قضوا أعمارهم في الدفاع عن الصحراء المغربية، وشاركوا في حرب أكتوبر 1973 بالجولان، وحرب الهند الصينية". وختم المتحدث تصريحه لهسبريس بالتأكيد على أن المتضررين اعتمدوا، طيلة السنوات الماضية، على لغة التشاور والتراسل الإداري والتعامل السلمي مع الملف، ولم يسبق لهم أن نظموا وقفات احتجاجية أمام إدارة عمومية ما، التزاما منهم بالقسم الذي طالما ردّدوه في التداريب العسكرية، واقتناعا منهم بإمكانية حل جميع المشاكل، مهما كانت مستعصية، بالحوار والتواصل الهادئ والفعّال.