الملك محمد السادس يصدر عفوا على 591 شخصا بمناسبة عيد الشباب    سفارة المملكة بإسبانيا ترفض منح سلطات كانتابريا بيانات قاصرين غير مصحوبين    المغرب يرسخ مكانته كأكبر مركز لصناعة السيارات في إفريقيا    المغرب يفتتح "مولاي عبد الله" بالنيجر    ترويج المخدرات يوقف شخصين بمكناس    وزير النقل يباشر إعداد مذكرة جديدة لتعليق مصادرة الدراجات النارية بالمغرب    عائلة شيخ الطريقة البودشيشية تلتمس من الملك دعم خلافة نجله منير القادري    هل تهدد مسطرة جديدة أكثر من مليون مغربي؟.. جدل برلماني بشأن مراقبة الدراجات النارية    وفاة القاضي الرحيم عن 88 عاما.. صوت العدالة الذي أنصف المهاجرين    الوداد يعلن موعد تسليم بطائق الاشتراك لجماهيره    الدوري التركي يترقب عودة حكيم زياش    قطعة نقدية تحتفي بعيد ميلاد الملك    زيلينسكي: لقاء بوتين يتطلب ضمانات    تفاصيل اجتماعات أمريكية–أممية لإعادة النظر في مستقبل بعثة "المينورسو"    بورنموث يضم عدلي ب29 مليون يورو    تدهور الحالة الصحية لوالد ناصر الزفزافي ونقله لقسم الانعاش    يوسف الحمداوي يرفض تمثيل بلجيكا    انطلاق فعاليات مهرجان الرمى والطلبة والخيالة بمركز صخور الرحامنة مبادرات راائدة في التضامن الترابي (صور)    ابتكار جهاز من الماس يرصد انتشار السرطان دون مواد مشعة    حرقة المعدة .. هذه علامات تستوجب زيارة الطبيب فورًا    سواريز يقود إنتر ميامي لنصف نهائي كأس الرابطتين في غياب ميسي    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    جامعة التخييم تدين هتك عرض طفل بمخيم رأس الماء وتؤكد أنه سلوك مشين لا يمت بصلة إلى الإدارة والأطر التربوية    المغرب يمد يد العون لإسبانيا والبرتغال في مواجهة الحرائق        الداخلية تأمر بصرف التعويض عن الأخطار للممرضين وتقنيي الصحة بالجماعات الترابية    العفو الدولية تتهم واشنطن بتوظيف الذكاء الاصطناعي لمراقبة المهاجرين والطلاب المؤيدين للفلسطينيين    مندوبية التخطيط تسجل انخفاضا طفيفا للرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    بدء توزيع المساعدات المغربية على سكان غزة    الحارس البرازيلي فابيو هو الأكثر خوضا للمباريات الرسمية    القبلية.. سرطان يفتك بالوطن    الصين: مدينة شنزن في الصدارة من حيث التجارة الخارجية    الصين تطلق أولمبياد الروبوتات الشبيهة بالبشر بمشاركة دولية واسعة    334 ألف شقة فارغة في شمال المغرب.. ومدينة طنجة في الواجهة    بلجيكا.. هجوم إلكتروني يستهدف بيانات 850 ألف زبون لشركة "أورانج"        سنة أولى بعد رحيل الدكتور عبد الفتاح فهدي    إسبانيا: زوجة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز متورطة في قضية جنائية جديدة    تقرير: المغرب يعتبر ثاني أكبر مصدر للهجرة اليهودية العالمية نحو فلسطين المحتلة    عفو ملكي على 591 شخصا بمناسبة "عيد الشباب"    الرابور مورو يحيي حفل ضخم بالبيضاء بشبابيك مغلقة    قمة "تيكاد 9".. المغرب يعزز موقعه الاستراتيجي والجزائر تواجه عزلة دبلوماسية متزايدة    سامويل ولُولي... حين قادهم الطريق إلى بيت الجار    حجز عجول بميناء طنجة .. ومستوردون يوقفون الاستيراد بسبب الرسوم    الملك يهنئ هنغاريا بالعيد الوطني    أوروبا تسجل رقماً قياسياً في إصابات الأمراض المنقولة عن طريق البعوض    دراسة: أجهزة السمع تقلل خطر الخرف لدى كبار السن بنسبة تفوق 60%            إطلاق فيديو كليب "رمشا الكحولي" بتوقيع المخرج علي رشاد    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفن المعاصر بمدينة ميدلت    حجز 14 طنا من البطاطس بتطوان قبل توجيهها للبيع لانعدام شروط النظافة والسلامة    المركز الفرنسي للسينما يكرّم المخرجة المغربية جنيني ضمن سلسلة "الرائدات"    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزهراوي: مغرب 2016 .. بوريطة شخصية "العقيدة الدبلوماسية"
نشر في هسبريس يوم 31 - 12 - 2016

عاش المغرب خلال سنة 2016 على ايقاع مجموعة من التحديات والوقائع تراوحت بين النجاحات والاخفاقات على مختلف المجالات، سواء الدبلوماسية أو السياسية أو الاقتصادية أو المؤسساتية. فعلى مستوى السياسات العمومية المتبعة، سجل خلال هذه السنه نوع من الضعف والارتجال وعدم قدرة الحكومة على مواكبة ومعالجة مطالب وهموم المواطنين، وعجزها كذلك عن ابتكار حلول عملية وبلورة سياسات جوابية، كما سجل من خلال المؤشرات الاستقرائية التي قدمها كل من والي بنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط، تفاقم وتردي بعض القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والخدمات، وظهرت الحكومة كذلك طوال هذه السنة كمجرد "حكومة تصريف أعمال"، باستثناء قطاعي الأمن والخارجية اللذين شهدا بعض التحولات الجوهرية التي مست طريقة اشتغالهما وأسلوب معالجتهما للملفات في اتجاه التحديث والتطوير.
وسوف يتم التركيز في هذه الورقة على الملف الدبلوماسي ومحاولة ملامسة بعض الجوانب المرتبطة بالرهانات الاستراتيجية التي يسعى المغرب إلى تحقيقها في إطار الصراع الذي يخوضه من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية، وتسليط الضوء على "الطاقم الدبلوماسي" الذي يسهر على تنزيل الخطط والسياسات المتعلقة "بالعقيدة الجديدة للدولة" على المستوى الدبلوماسي؛ بحيث عاشت الخارجية المغربية "سنة استثنائية" بكل المقاييس نتيجة تعقد الملفات وتسارع الأحداث والتحولات التي يشهدها العالم.
العودة إلى البيت الإفريقي
ويمكن إجمال التحديات الكبرى التي واجهت المغرب على المستوى الخارجي في خمسة محطات أساسية، ابتداء بالأزمة مع الأمين العام للأمم المتحدة وما تلاها من شد وجدب مع الأمم المتحدة، بعد إقدام المغرب على سحب المكون المدني من بعثة المينورسو، وتوتر العلاقات المغربية الأمريكية، واصطفاف دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب المغرب من خلال القمة التي عقدت بالرياض شهر أبريل، مرروا بتقديم المغرب طلب العودة إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، واستضافة "كوب 22"، ووصولا إلى اختراق المغرب لأهم المعاقل الموالية لجبهة البوليساريو بإفريقيا.
ويبقى الحدث الأبرز خلال هذه السنة هو قرار عودة المغرب إلى الحظيرة الإفريقية بعد مضي 32 سنة عن انسحابه من منظمة الاتحاد الإفريقي (الوحدة الإفريقية سابقا)؛ بحيث ترجم هذا القرار من خلال الرسالة التي بعث بها الملك إلى القمة 27 للاتحاد الإفريقي التي عقدت بالعاصمة الرواندية كيغالي.
وبغض النظر عن حيثيات هذا القرار، سواء حول توقيته أو مدى نجاعة استراتيجية تنزيله، فإنه دون شك يندرج في إطار التحولات التي باتت تمس "العقيدة السياسية" للمغرب على المستوى الدبلوماسي تجاه القارة الإفريقية؛ وذلك من خلال تكثيف وتنويع العلاقات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية والعسكرية والأمنية والدينية مع مختلف دول إفريقيا. هذا التحول الاستراتيجي في السياسة الخارجية ظهر بشكل جلي في الزيارات الملكية الأخيرة إلى دول شرق وغرب ووسط إفريقيا، مثل روندا وتنزانيا وأثيوبيا، التي تعتبر معاقل تقليدية لخصوم المغرب.
ومنذ الإعلان عن الرغبة في العودة إلى الأسرة الإفريقية المؤسسية، يخوض المغرب معركة دبلوماسية غير مسبوقة، تدور رحاها داخل أروقة منظمة الاتحاد الإفريقي، وتمتد في بعض الأحيان إلى خارجها، بعدما تبين أن الأطراف المعادية تحاول أن تنقل المعركة إلى جبهات أخرى، سواء إلى الجنوب المغربي من خلال السعي إلى استفزازه على الحدود مع موريتانيا (التوتر الحاصل في منطقة الكركرات)، أو إلى الرقعة الأوربية أو العربية.
ورغم أن الملك يشرف شخصيا على تحقيق هذا الرهان الاستراتيجي عبر التحركات والمبادرات الميدانية، فإن الدبلوماسية المغربية بدورها سنة 2016 أبانت، من خلال مجموعة من المحطات في هذه السنة، عن نضجها وحيويتها ونشاطها وتفاعلها بشكل لافت مع التحولات الجيو-ستراتيجية التي يعرفها العالم. وهذا الأمر ينم عن وجود طاقم دبلوماسي منسجم يقوده كل من صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية، وناصر بوريطة، باعتباره وزيرا منتدبا في الخارجية، الذي كان يعتبر سابقا من "جنود الخفاء" داخل الجهاز الدبلوماسي المغربي.
مزوار وبوريطة
بالنسبة لمزوار، فقد استطاع هذا الرجل خلال النصف الأخير من هذه السنة أن يغير الصورة التي ظلت لصيقة به منذ توليه حقيبة الخارجية؛ بحيث ظهر واثقا في تحركاته وأنشطته بشكل أكثر، وبدت شخصيته الدبلوماسية مختلفة ومنفتحة ورصينة بشكل ملفت، سواء بالتزامن مع التحركات الملكية بإفريقيا أو خلال "كوب 22"، لاسيما أنه راكم تجربة جعلته أكثر تفاعلا في مختلف المحافل مع القضايا ذات الطابع الاقليمي والدولي والقاري.
أما ناصر بوريطة فيمكن وصفه ب"الدينامو الجديد" للخارجية المغربية. فرغم أنه ليس سليل العائلات المخزنية التي كانت تحتكر المواقع الحساسة في العمل الدبلوماسي، وينحدر من الطبقات الشعبية، فإنه يعتبر من أبرز الشخصيات التي فرضت وجودها خلال سنة 2016؛ وذلك من خلال التحولات التي عرفتها الخارجية منذ تعيينه في مناصب متعددة بالخارجية. ومسار هذا الوزير داخل دواليب هذه الوزارة وطريقة اشتغاله تعيد إلى الاذهان الانجازات التي ارتبطت بمسار القيادي القوي بحزب الاستقلال أحمد بلافريج، الذي ينسب إليه أنه أول من وضع اللبنات الأساسية للخارجية المغربية التي تولى مسؤوليتها في الحكومة الثانية لمبارك البكاي.
ناصر بوريطة باعتباره مركز الثقل داخل الجهاز الدبلوماسي المغربي، وبحكم موقعه ودرايته بالملفات المتشابكة رغم تعدد المتدخلين (المستشارون الملكيون، المديرية العامة للدراسات والمستندات...)، فإن لمسته ومساهمته في بلورة وتنزيل التوجهات الملكية الجديدة بدت واضحة. ويمكن رصد التطور أو التحول الذي شمل الدبلوماسية المغربية في الآونة الأخيرة من خلال مجموعة من المؤشرات، بعضها يرتبط "بالعقيدة الدبلوماسية"، والبعض الآخر يتعلق بالتحولات النوعية التي عرفتها حركية التعيينات في صفوف السفراء والقناصل وتدبير مجموعة من المحطات خلال هذه السنة.
على المستوى الأول المرتبط ب "العقيدة الدبلوماسية"، يلاحظ أن الدبلوماسية المغربية تمر من مرحلة انتقالية دقيقة؛ حيث إن الطاقم الدبلوماسي الحالي يحاول أن يتجاوز مرحلة "المخاض العسير" الذي عاشته الخارجية المغربية منذ سنوات؛ وذلك من أجل الانتقال بالدبلوماسية المغربية من "دبلوماسية القمة" (Summit Diplomacy) و"دبلوماسية الأزمات" (Crisis Diplomacy)، إلى "دبلوماسية التحالفات" (Alliance Diplomacy).
تغير العقيدة السياسية
وتوجد أربعة نماذج مستقاة من الواقع تؤكد بداية هذا التحول؛ الأول، الشراكة الاستراتيجية مع مجلس التعاون الخليجي. الثاني، قرار العودة إلى الاتحاد الافريقي يعني الاقرار بنجاعة "دبلوماسية التحالفات الإقليمية والقارية". الثالث، مساهمة المغرب في إنجاح قمة الدول الفرنكوفونية بمدغشقر خلال شهر دجنبر لإحداث نوع من التوزان مع الدول الانكلوساكسونية بإفريقيا. الرابع، محاولة توظيف "التكتلات العربية-الإفريقية لتقوية موقعه داخل القارة السمراء وفي هذا الإطار يندرج إعلان كل من المغرب والسعودية والإمارات والبحرين وقطر والاردن، يوم الثلاثاء 22 نونبر من هذه السنة، انسحابها من القمة العربية الإفريقية بغينيا الاستوائية، لإصرار الاتحاد الإفريقي على مشاركة وفد "البوليساريو".
أما على المستوى الثاني، فمنذ إعلان المغرب في يوليوز الماضي نيته العودة إلى منظمة "الاتحاد الإفريقي"، تم تغيير 80 في المائة من المناصب الدبلوماسية بإفريقيا، وفتح خمس سفارات جديدة بتانزانيا ورواندا والموزمبيق وجزر موريس والبينين. هذا بالإضافة إلى أنه خلال القمة ال27 للاتحاد الإفريقي المنعقدة بالعاصمة الرواندية كيغالي، استطاع المغرب أن يحصل على توقيع 28 بلدا عضوا في هذه المنظمة ملتمسين طرد البوليساريو من الاتحاد وجميع أجهزته.
كما أن الشراكات الثنائية مع دول شرق وغرب أفريقيا، كأنبوب الغاز المتوقع أن يمتد بين المغرب ونيجيريا، وتزويد إثيوبيا بالفوسفاط لتطوير المجال الفلاحي، شكلت ضربات نوعية لخصوم المغرب، وهي بمثابة بوادر تؤسس لبداية تفكك وانحسار المحاور المعادية لوحدته الترابية.
وختاما، فرغم التطور الذي شمل الدبلوماسية المغربية خلال هذه السنة باعتبارها محطة مفصلية تؤسس لبداية مراجعة "العقيدة الدبلوماسية للدولة"، فإن هناك ملفين يبرزان عجز أو سوء تقدير الخارجية المغربية ومن يتقاسم معها تدبير بعض الملفات الحيوية والاستراتيجية.
الملف الأول يتعلق بالعلاقة مع موريتانيا التي على ما يبدو تتجه نحو الاسوأ، وطيلة هذه السنة بدت المملكة عاجزة عن احتواء الأزمة مع هذا الجار الذي أصبح نظامه خاضعا بشكل كلي للجزائر بعدما انخرط، بشكل غير مسبوق، في الأجندة العدائية وتهديد الأمن القومي المغربي من خلال السماح للقيادات التابعة للبوليساريو بالتغلغل في منطقة الكركرات.
أما الملف الثاني فيرتبط بالأزمة الليبية. فبعد أن كان المغرب يرعى اتفاق الاطراف الليبية (اتفاق الصخيرات) ويلعب أدورا طلائعية لتحقيق استقرار هذا البلد المرشح ليصبح مثل الصومال وأفغانستان بفعل اقتتال الفصائل الإسلامية وانتشار الحركات الجهادية، سجل أن هناك تراخيا وتراجعا غير مفهومين رغم ما يشكله هذا البلد من أهمية بالغة للأمن القومي المغربي ولمنطقة المغرب الكبير ككل.
* أستاذ العلوم السياسية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.