تغير مفاجئ.. هكذا نشرت قناة "فرنسا 3" خريطة المغرب    فلقاء الخطاط مع وزير الدفاع البريطاني السابق.. قدم ليه شروحات على التنمية وفرص الاستثمار بالأقاليم الجنوبية والحكم الذاتي    مجلس المنافسة كيحقق فوجود اتفاق حول تحديد الأسعار بين عدد من الفاعلين الاقتصاديين فسوق توريد السردين    برنامج "فرصة".. عمور: 50 ألف حامل مشروع استفادوا من التكوينات وهاد البرنامج مكن بزاف ديال الشباب من تحويل الفكرة لمشروع    الغالبية الساحقة من المقاولات راضية عن استقرارها بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة    أول تعليق من الاتحاد الجزائري على رفض "الطاس" طعن اتحاد العاصمة    جنايات الحسيمة تدين "مشرمل" قاصر بخمس سنوات سجنا نافذا    خلال أسبوع.. 17 قتيلا و2894 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    نشرة إنذارية.. أمطار قوية أحيانا رعدية مرتقبة بتطوان    طابع تذكاري يحتفي بستينية السكك الحديدية    مقتل فتى يبلغ 14 عاماً في هجوم بسيف في لندن    الأمثال العامية بتطوان... (586)    المهمة الجديدة للمدرب رمزي مع هولندا تحبس أنفاس لقجع والركراكي!    نقابي: الزيادة في الأجور لن تحسن القدرة الشرائية للطبقة العاملة والمستضعفة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل مخيف    الدوحة.. المنتدى العربي مع دول آسيا الوسطى وأذربيجان يؤكد على ضرورة الالتزام باحترام سيادة الدول واستقلالها وضمان وحدتها    محطات الوقود تخفض سعر الكازوال ب40 سنتيما وتبقي على ثمن البنزين مستقرا    لأول مرة.. "أسترازينيكا" تعترف بآثار جانبية مميتة للقاح كورونا    هجرة/تغير مناخي.. رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يشيد بمستوى التعاون مع البرلمان المغربي    من يراقب محلات بيع المأكولات بالجديدة حتى لا تتكرر فاجعة مراكش    في عز التوتر.. المنتخب المغربي والجزائري وجها لوجه في تصفيات المونديال    ليفاندوفسكي: "مسألة الرحيل عن برشلونة غير واردة"    بلينكن يؤكد أن الاتفاقات الأمنية مع السعودية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل شبه مكتملة    مساء اليوم في البرنامج الأدبي "مدارات" : المفكر المغربي طه عبد الرحمان.. بين روح الدين وفلسفة الاخلاق    ستة قتلى في هجوم على مسجد في هرات بأفغانستان    وزارة الاقتصاد: عدد المشتركين في الهاتف يناهز 56 مليون سنة 2023    توقيف نائب رئيس جماعة تطوان بمطار الرباط في ملف "المال مقابل التوظيف"    دل بوسكي يشرف على الاتحاد الإسباني    مساعد الذكاء الاصطناعي (كوبيلوت) يدعم 16 لغة جديدة منها العربية    تعبئة متواصلة وشراكة فاعلة لتعزيز تلقيح الأطفال بعمالة طنجة أصيلة    الدورة ال17 من المهرجان الدولي مسرح وثقافات تحتفي بالكوميديا الموسيقية من 15 إلى 25 ماي بالدار البيضاء    مقاييس الأمطار بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    استهداف المنتوج المغربي يدفع مصدرين إلى التهديد بمقاطعة الاتحاد الأوروبي    توقيت واحد فماتشات البطولة هو لحل ديال العصبة لضمان تكافؤ الفرص فالدورات الأخيرة من البطولة    تم إنقاذهم فظروف مناخية خايبة بزاف.. البحرية الملكية قدمات المساعدة لأزيد من 80 حراك كانوا باغيين يمشيو لجزر الكناري    "الظاهرة" رونالدو باع الفريق ديالو الأم كروزيرو    الريال يخشى "الوحش الأسود" بايرن في ال"كلاسيكو الأوروبي"    "أفاذار".. قراءة في مسلسل أمازيغي    أفلام بنسعيدي تتلقى الإشادة في تطوان    الملك محمد السادس يهنئ عاهل السويد    ثمن الإنتاج يزيد في الصناعة التحويلية    صور تلسكوب "جيمس ويب" تقدم تفاصيل سديم رأس الحصان    دراسة علمية: الوجبات المتوازنة تحافظ على الأدمغة البشرية    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و535 شهيدا منذ بدء الحرب    التنسيق الوطني بقطاع الصحة يشل حركة المستشفيات ويتوعد الحكومة بانزال قوي بالرباط    فرنسا تعزز أمن مباني العبادة المسيحية    العثور على رفاة شخص بين أنقاض سوق المتلاشيات المحترق بإنزكان    عرض فيلم "الصيف الجميل" للمخرجة الإيطالية لورا لوتشيتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    فيلم من "عبدول إلى ليلى" للمخرجة ليلى البياتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    "النهج" ينتقد نتائج الحوار الاجتماعي ويعتبر أن الزيادات الهزيلة في الأجور ستتبخر مع ارتفاع الأسعار    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    تكريم الممثل التركي "ميرت أرتميسك" الشهير بكمال بمهرجان سينما المتوسط بتطوان    توقعات طقس اليوم الثلاثاء في المغرب    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقد "أحاديث" يأجوج ومأجوج: مقدمة صادمة
نشر في هسبريس يوم 10 - 03 - 2017

كان هناك محفل يهودي زمن النبوة والخلافة الراشدة وبعدها ، برنامجه هو التشويش على القرآن لتحريفه عن مواضعه بعد العجز عن تحريف نصّه .
بحث هذا المحفل عن كل موضع في القرآن يناسب لبثّ الأساطير المشوشة على ربانية الوحي ، المحرّفة لاحكامه نحو التشديد والعسر ، المفسدة لعقائده المحركة للقوة والوحدة الإسلامية .
وركّز المحفل على قصص القرآن .
لقد استغلوا وجود القصص وشهرتها بين المسلمين وحاجتهم لتفاصيلها وتفسيرها بالغرائب والعجائب لميل الناس إليها بسبب البداوة والثقافة الشعبية الساذجة .
ثم هاجر بعضهم إلى المدينة متظاهرا بالإسلام كما فعل " بولس " مع النصرانية حتى أفسدها وقوّضها وجعله نسخة محرّفة عن اليهودية .
استقروا في المدينة ومكة والشام ، واكتسبوا تصديق الناس بما أتقنوه من مظاهر التدين والتقوى والورع الشديد ، والتظاهر بالغيرة على الإسلام والدعوة إليه .
انطلت الحيلة على طيبي القلوب من صغار الصحابة ومتأخريهم إسلاما ، ثم على التابعين كبارا وصغارا .
وكانوا يتحينون فرصة مناقشة المسلمين للقصص القرآني فيبثّون الأساطير والدجل بينهم ، فيصدّق البسطاء الطيبون ، ثم ينشرون ويشيعون ، ثم تتحول الأسطورة إلى " حديث نبوي " ، إما نسيانا وتوهما ، أو قصدا وتعمدا .
وقد نبّه بعض العلماء والباحثين ، كالعلامة رشيد رضا في تفسير المنار ، إلى الشكّ في إسلام كعب الأحبار اليهودي اليمني الذي جاء المدينة زمن الفاروق " مسلما " .
وأنا على هذا الرأي .
فلم يفسد القصص القرآني ، ولم يزرع الأكاذيب المكشوفة مثل كعب الأحبار .
وفي حواره مع أبي هريرة في موضوع فضل يوم الجمعة المخرج في الموطأ والصحيح ، يظهر لك أنه كذاب مخادع متلاعب .
وقد كان معاوية بن أبي سفيان يتهمه بالكذب مع إعجابه بأساطيره .
إنني أكاد أجزم بأنه حاول تقمّص دور " بولس " ، وأنه كان مرتبطا بالمحفل اليهودي المتخصّص في التشويش على العقائد والأحكام الإسلامية .
ومما تفانى هؤلاء في فبركته : أسطورة بقاء يأجوج ومأجوج أحياء وخروجهم لطرد المسلمين إلى جبل الطور ومحاصرتهم هناك .
هدفها زرع الخوف والرعب في قلوب المسلمين ، وتهيئتهم للهزائم ، وتسهيل استسلامهم أمام القوى الغازية .
وقد حدث هذا زمن التتار والاستعمار .
ولا يزال عامة المسلمين ينتظرون متى يطردون إلى جبل الطور على يد يأجوج ومأجوج .
طبعا إلى جبل الطور حيث أقدس بقعة عند اليهود .
وبالمناسبة ، فحوار كعب الأحبار وأبي هريرة حول فضل يوم الجمعة ، كان بجبل الطور ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وذلك بعدما أشاع الأحبار حديثا في الترغيب المسلمين إلى زيارة جبل الطور .
إليكم القصة ، تأملوها جيدا واقرِؤوا ما وراء السطور :
جاء في الموطأ ح 16 والمسند ح10303 وسنن النسائي ح 1430 وصحيح ابن حبان 7/7 وتوحيد ابن منده 1/184 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: أَتَيْتُ الطُّورَ فَوَجَدْتُ ثَمَّ كَعْبًا، فَمَكَثْتُ أَنَا وَهُوَ يَوْمًا أُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيُحَدِّثُنِي عَنِ التَّوْرَاةِ، فَقُلْتُ لَهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُهْبِطَ، وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ تُصْبِحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُصِيخَةً، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ شَفَقًا مِنَ السَّاعَةِ إِلَّا ابْنَ آدَمَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا مُؤْمِنٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» فَقَالَ كَعْبٌ: ذَلِكَ يَوْمٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَقُلْتُ: بَلْ هِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ، فَقَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ. فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ بَصْرَةَ بْنَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيَّ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟ قُلْتُ: مِنَ الطُّورِ، قَالَ: لَوْ لَقِيتُكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَهُ لَمْ تَأْتِهِ، قُلْتُ لَهُ: وَلِمَ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ " فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ، فَقُلْتُ: لَوْ رَأَيْتَنِي خَرَجْتُ إِلَى الطُّورِ فَلَقِيتُ كَعْبًا فَمَكَثْتُ أَنَا وَهُوَ يَوْمًا أُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحَدِّثُنِي عَنِ التَّوْرَاةِ، فَقُلْتُ لَهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُهْبِطَ، وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ تُصْبِحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُصِيخَةً حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ شَفَقًا مِنَ السَّاعَةِ إِلَّا ابْنَ آدَمَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» قَالَ كَعْبٌ: ذَلِكَ يَوْمٌ فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبَ كَعْبٌ ثلاثا، قُلْتُ: ثُمَّ قَرَأَ كَعْبٌ، فَقَالَ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هُوَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ»، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَدَقَ كَعْبٌ، إِنِّي لَأَعْلَمُ تِلْكَ السَّاعَةَ، فَقُلْتُ: يَا أَخِي، حَدِّثْنِي بِهَا، قَالَ: «هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ» فَقُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا يُصَادِفُهَا مُؤْمِنٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ»، وَلَيْسَتْ تِلْكَ السَّاعَةَ صَلَاةٌ، قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ صَلَّى، وَجَلَسَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ لَمْ يَزَلْ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ الصَّلَاةُ الَّتِي تُلَاقِيهَا» قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَهُوَ كَذَلِكَ .
وقفات ضرورية :
أولا : انخدع أبو هريرة بكذبة الترغيب في زيارة جبل الطور فخرج إليه ، ثم ظلّ يوما كاملا يعرض معلوماته الإسلامية على توراة كعب .
وهذا خطأ جسيم ، لا عذر له فيه إلا الطيبوبة .
ولن يشفع له أنه عارضه مرّة في كون الجمعة كل أسبوع أو مرة في السنة .
ولن نضمن بعد هذا أن أبا هريرة لم تختلط عليه أخبار كعب وأساطيره بأحاديث رسول الله ، بل هذا الحديث نفسه مما وقع له فيه نسبة كلام كعب لرسول الله .
فالقدر الثابت مرفوعا ، هو ما رواه مالك في الموطأ ح 15 وصحيح البخاري ح 935 و6400 وصحيح مسلم ح 852 من طرق عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: «فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ»، وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، يُقَلِّلُهَا .
وباقي المذكورات مما أخذه أبو هريرة عن كعب كما أوضحت في مقال سابق .
ثانيا : كعب الأحبار كان متمكنا من التوراة قبل هذا الحوار ، فهو "كعب الأحبار" ، فلماذا زعم بداية أن ساعة الجمعة تكون مرة في السنة لا كل أسبوع ، ثم راجع التوراة ؟ وفي شهادة الصحابي الحبر سابقا عبد الله بن سلام على كعب بالكذب ، تدرك أنهما تناقشا سابقا ، ثم أصرّ كعب على القول بأنها مرة في السنة تشويشا على المسلمين قطعا .
ثالثا : إن كان كعب مسلما حقا ، فلماذا لم يذعن لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعدما راجع "التوراة" فوجد فيها أن ساعة الجمعة كل أسبوع ؟ ولماذا كانت معه "التوراة" أصلا وفرعا ؟ وما سبب ارتحاله بها حيثما رحل وهو لا شك يدري نهي رسول الله عن تصديقها أو تكذيبها ؟
شغّلوا طاقة العقل قليلا أيها الناس .
رابعا : لا عذر لأبي هريرة في سؤاله مسلمة أهل الكتاب عن تعيين ساعة الإجابة يوم الجمعة إذ هناك أمر بعدم تصديقهم أو تكذيبهم ، إلا الجهل بالنهي أو الفضول أو الاغترار بالقوم .
أبو هريرة يسأل كعبا ثم عبد الله بن سلام الذي كان يهوديا أيضا ، وكان يكفيه أن يسأل الصحابة الخالين من رواسب الإسرائيليات .
وفيما قاله عبد الله بن سلام عن تحديد الساعة ، دليل على أنه لم يتحرّر بالكلية من ثقافته اليهودية ، فوجب الاحتياط من أقواله .
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ» . (صحيح مسلم ح 853 ومسند الروياني ح 494 و ح498 وصحيح ابن خزيمة ح 1739 )
ويشهد له حديث عَوْف بْنِ مَالِكٍ موقوفا، قَالَ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ سَاعَةُ الْجُمُعَةِ فِي إِحْدَى السَّاعَاتِ الثَّلَاثِ، إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، وَإِذَا أَمَّ الْإِمَامُ الْمِنْبَرَ، وَعِنْدَ الْإِقَامَةِ» ( المعجم الكبير للطبراني (18/43) .
وكل حديث يؤيد ما قاله عبد الله بن سلام منكر استقراء .
لاحظ الفرق بين الصحابي القديم إسلاما ابن عمر رضي الله عنهما ، وبين الصحابي المتأخر إسلاما أبي هريرة رحمه الله .
عبد الله يسأل صحابيا ابن صحابي قديم ، وأبو هريرة يستفسر حبرين يهوديين سابقا مسلمين لاحقا ، مع الشك في حقيقة إسلام كعب حصرا .
أما ابن سلام فكان يجهل أن الرسول حدّد ساعة الجمعة ، فاعتمد على رواسبه اليهودية القديمة .
ثم اختلط الأمر على أبي هريرة رحمه الله ، فصار ينسب ما سمعه من كعب أو ابن سلام في تحديد ساعة الجمعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي، فَقَالَ: " خَلَقَ اللهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ فِيهَا يَوْمَ الْأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ فِيهَا يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ بَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرَ الْخَلْقِ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ، فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ " ( مسند أحمد ح 8341 وصحيح مسلم ح 2789 ) .
رجح الإمام البخاري وآخرون أنه عن كعب موقوفا ، وردّه بعضهم بعارضته للقرآن ، ونضيف أنه منقوض بالعلم أيضا .
وزعم بعضهم أن الخطأ من الرواة ، والحق أنه المخطئ الناسي هو أبو هريرة الذي قضى يوما في الطور وأياما في غيره يتتلمذ على كعب ، فلما شاخ نسي بعض محفوظاته ، فصار رحمه الله يحذف كعبا ويضع مكانه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
هل شتمنا أبا هريرة وكعبا وابن سلام ؟ كلا .
هل ظلمناهم ؟ كلا .
ناقشنا بشرا غير معصوم .
لكم واسع النظر ، ولنا الحقّ في التحذير من الخطر .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.