المندوبية السامية للتخطيط تتوقع نموا قدره 4,7 في المائة خلال الفصل الرابع من عام 2025    المغرب يتجه لدخول نادي منتجي اليورانيوم في العالم    تصفيات مونديال 2026.. المنتخب المغربي يواجه الكونغو وعينه على الانفراد بعدد الانتصارات المتتالية    شرطة فاس تستخدم سلاحها الوظيفي لإيقاف جانحين بعد تعرض عناصرها لهجوم بسكاكين    أكادير.. اعتقال شخص متلبس بالتحضير لعملية الهجرة غير الشرعية لفائدة 45 مرشحاً    غيات من الأحرار: "كيفاش" سيدنا دشن أمس مصنعا لمحركات الطائرات ولدينا قسم يدرس فيه 70 تلميذا!    فتح باب الترشيح للاستفادة من دعم الموسيقى والأغنية والفنون الاستعراضية والكوريغرافية برسم الدورة الثانية من سنة 2025    التحول الحاسم في مسار النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية و نهاية الأطروحة الإنفصالية.    "فيفا" يكشف التميمة الرسمية لمونديال السيدات لأقل من 17 سنة    نسخة كربونية من مونديال قطر تتجدد بمونديال الشيلي للشباب    الزابيري.. من شبل إلى أسد يقود المغرب لنصف نهائي المونديال    "تاس" تؤيد استبعاد الرياضيين الاسرائيليين من بطولة العالم للجمباز الفني    ماذا يريد الجيل الجديد؟ الشباب المغربي يرفع صوته في لقاء وطني بالرباط    إسبانيا ‬تتموقع ‬إلى ‬جانب ‬المغرب.. ‬نحو ‬شراكة ‬بحرية ‬جديدة ‬تعيد ‬رسم ‬موازين ‬المتوسط    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    قادة أربع دول يوقعون وثيقة شاملة بشأن اتفاق إنهاء الحرب في غزة    مهرجان بن جرير يكرم رشيد الوالي ويحتفي بذكرى محمد الشوبي    سانشيز: المسؤولون عن "الإبادة الجماعية" في غزة يجب أن يُحاسَبوا قضائيا    غوغل تعتزم بناء مركز ضخم للذكاء الاصطناعي واستثمار 15 مليار دولار في الهند    بايتاس: نسبة تفاعل الحكومة مع الأسئلة الكتابية للبرلمان بلغت 70 في المائة    الذهب يلامس ذروة قياسية جديدة وسط إقبال على الملاذ الآمن    جيل "Z" تعلن استئناف احتجاجاتها يوم 18 أكتوبر وتواصل نقاشاتها الرقمية حول أوضاع البلاد    المغرب: الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في صلب مشروع تعميم الحماية الاجتماعية    فيديو.. المنتخب المغربي يخوض آخر حصة تدريبية على أرضية ملعب الأمير مولاي عبد الله قبل مواجهة الكونغو    الديربي البيضاوي يوم 29 أكتوبر بالمركب الرياضي محمد الخامس ضمن الجولة الخامسة من البطولة الاحترافية    كريم الأحمدي ل"سبورتنيوس": حكيم زياش مكانه الطبيعي في نخبة الدوري الهولندي    نقابيو التعمير يستنكرون انتهاك حقوق الموظفين ويطالبون بتحسين أوضاعهم الاجتماعية    الحكومة الفرنسية الجديدة الهشة تعرض مشروع الميزانية    قصف يقتل 3 فلسطينيين شرق غزة    طقس الثلاثاء: أجواء حارة بعدد من الجهات    حقوقيون يدقون ناقوس الخطر حول قسم يهدد حياة التلاميذ بمدرسة ابن الأثير بمراكش    كيوسك الثلاثاء | المغرب يسرع وتيرة تحوله في أفق 2035    كوبا تقبل إطلاق سراح معارض بطلب أمريكي    الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب يحذر من تفاقم الأوضاع الاجتماعية ويدعو إلى احترام الحق في الاحتجاج السلمي    انفجار يقتل 3 عناصر من الدرك شمال إيطاليا    نحو ألفي قتيل و30 ألف جريح إسرائيلي منذ أكتوبر 2023.. تقرير يرصد امتداد الخسائر إلى خمس جبهات    سائقو الطاكسيات الصغيرة بالجديدة يحسمون الموقف: ''لا أمين للحرفة.. والعداد لن يشتغل حالياً!    سابقة.. مؤسسة خاصة للمهن شبه الطبية بالجديدة تعلن عن إطلاق سنتها الدراسية الأولى بالمجان    بميناء طنجة المتوسط: إحباط محاولة تهريب أدوية مخدّرة وحجز 9 آلاف قرص من "ريفوتريل"    تأخر التساقطات يقلق المزارعين ومربي الماشية من موسم فلاحي صعب    "جيتكس غلوبال" يبرز مستجدات الحلول الذكية ومستقبل الأصول الرقمية    بورصة الدار البيضاء تغلق على ارتفاع    فوز 3 علماء بجائزة نوبل في الاقتصاد    لافونتين المغربي والخطاب السياسي..    معايير منح جائزة نوبل بين التشريف السياسي والاستحقاق الأكاديمي    دراسة يابانية: الشاي الأخضر يقي من مرض الكبد الدهني    منظمة الصحة تحذر: البكتيريا المقاومة للمضادات تهدد الأرواح    علماء كنديون يكتشفون طريقة بسيطة عن طريق تحليل عينات من أظفار القدم للكشف المبكر عن سرطان الرئة    جائزة نوبل للأدب بيان ضدّ الشعبوية الأوروبية    «بين حبيبات الرذاذ، خلسة صفاء» .. ما بين المبتدأ وشبه الجملة، ينهمر شعر مينة الأزهر    إدغار موران: فيلسوف العصر العاشق للحمراء    المغاربة متوجسون من تداعيات انتشار الأنفلونزا الموسمية خلال فصل الخريف    العِبرة من مِحن خير أمة..    الإصابة بضعف المعصم .. الأسباب وسبل العلاج    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حامي الدين: في الحاجة إلى إصلاح وزارة الداخلية
نشر في هسبريس يوم 28 - 06 - 2011

وزارة الداخلية تجري هذه الأيام مشاورات مكثفة مع رؤساء الأحزاب السياسية حول الاستحقاقات الانتخابية القادمة...
وبغض النظر عن الدلالات التي تحملها مثل هذه اللقاءات مع وزارة الداخلية، وما تختزله من دلالات سلبية: النقاش في الكواليس وضعف التواصل والشفافية مع المواطن العادي، تجاوز مؤسسة الوزير الأول، غياب النقاش العمومي، التعامل مع الأحزاب السياسية بعيدا عن روح دستور 2011... فإن الظرفية السياسية الخاصة التي تمر بها بلادنا في أعقاب الاستفتاء الدستوري وما تبعه من تقييم لايخلو من ملاحظات أساسية تتعلق بالدور السلبي الذي قامت به الإدارة في هذا الاستحقاق، تفرض نقاشا آخر يتفاعل مع تطلعات الشعب في الديموقراطية الحقيقية والحرية والكرامة.
تاريخ الانتخابات في المغرب هو تاريخ حضور وزارة الداخلية في تفاصيل العملية الانتخابية، فبعد عقود من التدخل المباشر لتزوير إرادة الناخبين، لم تتغير استراتيجية الدولة من الناحية العملية فلا زالت تمثل طرفا أساسيا في العملية الانتخابية، لكنها أضحت تتدخل بأسلوب مختلف عن طريق استراتيجية التحكم عن بعد وذلك لتتجنب قانون المفاجأة الذي يحكم المنافسة الانتخابية في جميع الأنظمة الديموقراطية، والحيلولة دون تبلور مؤسسات قوية تعكس تمثيلية شعبية حقيقية، وتستطيع اتخاذ قرارات فعلية مسنودة بالشرعية الديموقراطية.....
إن الصورة المترسخة لدى العديد من المراقبين للحالة السياسية المغربية هي أن الانتخابات المغربية تحمل "مفاجآت غريبة" خارج التوقعات المنطقية التي تؤكدها الحقيقة الميدانية...
ويبدو بالفعل أن وزارة الداخلية في المغرب اكتسبت خبرة كبيرة في رسم استراتيجية التحكم القبلي في نتائج الانتخابات وفي نفس الوقت الظهور بمظهر الفاعل المحايد "الذي لا يمكن استئمان غيره للسهر على حماية نزاهة الانتخابات"!..
في السابق لم تكن الانتخابات التشريعية مرتبطة برهانات سياسية حقيقية وإنما كانت الطبقة السياسية تتنافس فيما بينها لخدمة مشروع الدولة الجاهز، ولذلك كان من الطبيعي أن تسهر الإدارة على التحيز لفائدة الأحزاب الموالية للدولة..
اليوم تغيرت الأمور نظريا وأصبح الدستور الجديد يمنح السلطة لمن أفرزته الإرادة الشعبية عن طريق صناديق الاقتراع، وهذا المعطى الأساسي هو الذي سيضفي أهمية خاصة على العملية الانتخابية القادمة لأنها أضحت مرتبطة بوجود رهانات سياسية حقيقية...
في شتنبر 2007 تجاوزت نسبة من قاطعوا الانتخابات ثلثي المواطنين، ويبدو بأن غالبيتهم كانوا يدركون بأن صوتهم الانتخابي لا قيمة له من الناحية السياسية، لكن بصمات الإدارة كانت حاضرة وراء تخفيض نسبة المشاركة لأغراض تحكمية وذلك بواسطة آليات تحكمية يتقنها بشكل جيد مهندسو الانتخابات في جميع وزارات الداخلية التابعة للأنظمة التسلطية التي تنظم انتخابات بدون ديموقراطية...
الانتخابات تجرى في ظل لوائح انتخابية مطعون في مصداقيتها، ويتم التصويت ببطاقة الناخب التي تشكل مدخلا للتلاعب بأصوات المواطنين، وتفرض الإدارة تقطيعا انتخابيا لا يستجيب لأبسط المعايير المتعارف عليها، كما أن التعسف في تنزيل نمط الاقتراع باللائحة وتحويله إلى نمط اقتراع فردي "موسع" يعني فسح المجال أمام مفسدي الانتخابات لاستثمار مساوئ النظام الفردي وعلى رأسها سهولة استعمال المال للتأثير في أصوات الناخبين، وسهولة توظيف المعطى القبلي والعشائري في العملية الانتخابية ....
وفي الوقت الذي يشتكي فيه الجميع من كثرة الأحزاب التي لا تعكس في جوهرها تعددية حقيقية، تحرص الدولة على رفض كل المقترحات الرامية إلى اعتماد عتبة تمثيل محترمة تسمح بفرز قوى سياسية كبرى وتشجع الأحزاب الصغيرة على التكتل في أقطاب سياسية واضحة على غرار الأنظمة الانتخابية الديموقراطية (عتبة التمثيل في بريطانيا و تركيا وغيرها10% )، وتكتفي بعتبة محدودة على المستوى المحلي وهي عتبة ليست كافية لتجميع أصوات الناخبين في مشاريع سياسية قوية، خصوصا إذا علمنا أن العديد من الأحزاب السياسية أضحت مرتهنة لنظام الأعيان المحليين الذين يفتقرون إلى امتداد سياسي وطني، ولا يعبرون عن مشروع سياسي حقيقي بقدر ما يعبرون عن مصالح فردية أو فئوية ضيقة...ويبقى العطب الأكبر هو احتكار وزارة الداخلية لسلطة الإشراف والتنظيم الشامل للعملية الانتخابية، وغني عن البيان أن هذه الوزارة تتوفر على تراكم ثقيل من السلطوية والضبط منذ زمن أوفقير وإدريس البصري، كما ضخت فيها دماء جديدة في العهد الجديد مع المرور الحاسم لفؤاد عالي الهمة داخل هذه الوزارة، وهو ما يعني استحالة تنظيم انتخابات حرة ونزيهة تحت الإشراف المنفرد لهذه الوزارة الثقيلة..
إن أعطاب النظام الانتخابي الحالي ستجعلنا بالضرورة أمام انتخابات بدون حماس شعبي نحن في أمس الحاجة إليه لزرع بذور الأمل لدى المواطن خصوصا بعد نكسة 2007 و2009 وبعد المتغير الأساسي الذي جعل من دينامية 20 فبراير سلطة رقابة ميدانية مضادة ترفض بإصرار جميع مظاهر الفساد والاستبداد..
ولذلك فإن هناك حاجة ماسة لإطلاق نقاش عمومي واسع حول المسألة الانتخابية قادر على إثارة اهتمام الرأي العام وتحسيسه بأهمية اللحظة السياسية التي تعيشها بلادنا..نقاش عمومي يساهم فيه الجميع دون إقصاء أو تمييز بسبب الموقف السياسي، وتنخرط فيه وسائل الإعلام العمومية بكل جرأة ومسؤولية قبل إعداد القوانين الانتخابية المطلوبة، وبالموازاة مع ذلك استكمال إجراءات الثقة وخاصة منه ما يتعلق بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، وهو ما يتطلب بالضرورة زمنا سياسيا معتبرا.
أما الإسراع بتنظيم الانتخابات وفرض الأمر الواقع على المواطن فهو قرار محفوف بالكثير من المخاطر..
إن إرادة القطيعة مع نموذج الديموقراطية المهندسة يتطلب إصلاحات عميقة تهم إلى جانب ربط المسؤولية العمومية بإرادة الناخب وربط السلطة بالمحاسبة، إجراء انتخابات حرة ونزيهة قادرة على إفراز مؤسسات قوية وإبراز نخب سياسية جديدة تعمل على تغيير الصورة المنحطة لمؤسساتنا التمثيلية.
لقد سئم المغاربة من انتخابات بدون ديموقراطية، ولذلك فإنني لا أرى شخصيا أي فائدة من المشاركة في انتخابات قادمة غير مسبوقة بنقاش عمومي عميق وبإبداع أسلوب جديد في الإشراف والتنظيم الانتخابي يرفع احتكار وزارة الداخلية على هذا الورش الهام...
هذه الوزارة التي يتحتم عليها أن تخضع لإصلاح عميق يؤهلها للانخراط في روح الدستور الجديد ويرجعها إلى حجمها الطبيعي المتعارف عليه في الأنظمة الديموقراطية..آنذاك يمكن أن نسلم لهذه الوزارة بالإشراف المنفرد على الانتخابات...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.