يعد السوق المركزي الموجود بقلب مدينة فاس، والمعروف عند عامة الناس ب"مارشي سونطرال"، واحدا من الأماكن التي يؤمها محبو تربية طيور الزينة طوال العام؛ غير أن هذا المكان يصبح له سحره الخاص خلال شهر رمضان. الكثيرون يقصدونه ليس فقط لشراء الطيور؛ ولكن لتمضية وقت من يوم الصيام بالاستمتاع بألوان الطيور الجذابة وبأصواتها المغردة. رمضان ينعش تجارة طيور الزينة يسهم شهر رمضان في إنعاش تجارة الطيور المغردة وطيور الزينة بالسوق المركزي بفاس، حيث يزداد ولع الناس أكثر بهذه الهواية خلال شهر الصيام؛ وهو ما يؤكده محمد خلوق، أحد تجار طيور الزينة بهذا السوق، والذي أوضح لهسبريس أن الزبائن يقبلون إقبالا لافتا على محلات بيع هذه الطيور خلال رمضان. وأبرز التاجر ذاته أن الكثير من زوار السوق يصطحبون معهم، خلال هذا الشهر، أبناءهم من أجل قضاء بعض الوقت في مشاهدة واكتشاف عالم الطيور. وقد يجد الزائر، بحسبه، نفسه وقد اقتنى زوجا منها نزولا عند رغبته أو تلبية لطلب أبنائه. وكشف التاجر ذاته أن مهنة بيع طيور الزينة حرفة تفرض على صاحبها التوفر على خبرة كبيرة في المجال، نظرا لكونها تتطلب المعرفة والدراية بأصناف الطيور وجودتها؛ مبرزا أن اهتمامه بالطيور يعود إلى ما قبل 45 سنة حين كان طفلا لا يتجاوز عمره 10 سنوات، قبل أن يتحول للاتجار فيها، مؤكدا أن حرفته تشكل حاليا مصدر رزق له ولأحد الشباب الذي يساعده داخل محله التجاري. وأضاف خلوق، متحدثا لهسبريس، وقد طغت أصوات الطيور على صوته، أن تاجر طيور الزينة يجب أن يكون على معرفة بأصناف الطيور وحاجاتها من الأكل والضوء والتهوية، موضحا أن بعض الطيور يجب أن تتوفر لها ظروف بيئية معينة من حيث الهواء وأشعة الشمس. وكشف المتحدث ذاته أن السوق المركزي بفاس يوفر لمحبي ولهواة تربية طيور الزينة أصنافا متعددة من الطيور، موضحا أن للزبناء أذواقا مختلفة؛ فهناك منهم من يبحث عن الطيور التي تتمتع بصوت مغرد مثل الكناري والحسون، ومنهم من يفضّل تلك التي لها ألوان جميلة مثل طائر "البيروش". وعن مصدر الطيور التي يوفرها تجار السوق المركزي بفاس، ذكر خلوق أنهم يشترونها من هواة تربية الطيور، موضحا أن هذه الهواية أصبحت تشكل مصدر دخل لكثير من الناس، ومبرزا أنه لا يوفر في محله طائر الحسون؛ وذلك تجنبا لأية مساءلة من لدن مصالح الغابات، التي قال بأنها تمنع صيد هذا النوع من الطيور المهددة بالانقراض. زوار بالصدفة وآخرون عن قصد "جئت إلى هنا لأشتري زوجا من طائر الكناري"، هكذا رد رضوان المزكلدي على هسبريس حين سألته عن غايته من زيارة محل لبيع طيور الزينة، وهو الذي كان يتفحص بعناية أقفاص الطيور بأحد المحلات بالسوق المركزي بفاس، مضيفا أنه ينوي اقتناء زوج من الطيور من أجل وضعها "ديكورا" في منزله، مبرزا أن أحد أصدقائه نصحه بشراء صنف الكناري، نظرا لأصواتها وألوانها المميزة. من جانبه، قال عبد العالي المتوكل، الذي كان في زيارة لأحد المحلات التجارية رفقة ابن له وأحد أقاربه، أنه يزور سوق الطيور تلبية لطلب من ابنه، تسع سنوات، الذي يعشق الطيور المغردة. وكشف المتوكل أنه يزور السوق، كذلك، لقضاء بعض الوقت من يوم رمضان داخل هذا الفضاء، الذي وصفه بالممتع والمفيد. ولم يفوّت المتوكل الفرصة ليسأل صاحب المحل التجاري عن أنواع الحمام التي كانت داخل أقفاصها، والتي هي مختلفة الأحجام والألوان، بينما كان طفله يتأمل تلك الأقفاص وهو يجول فيها ببصره متعجبا. ولا تقتصر هذه المحلات على بيع طيور الزينة، بل توفر لمحبي هذه الهواية جميع مستلزمات تربية الطيور، من أقفاص ومأكل وأدوية. كما تعرض للبيع، كذلك، أسماك الزينة، وبعض الحيوانات الأخرى، مثل السلاحف والقطط وغيرها. "لم أكن أعلم بوجود سوق للطيور داخل السوق المركزي لفاس"، يقول أحد الأشخاص، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، موضحا أنه دخل إلى السوق من أجل اقتناء السمك، قبل أن يجد نفسه يتجول في المكان المخصص لبيع طيور الزينة، بعد أن جذبه صوتها، مبرزا لهسبريس أنه ارتأى أن يمضي بعض وقت صيامه بهذا الفضاء مستكشفا عالم الطيور وعجائبه، في انتظار اقتراب أذان المغرب.