بالمرور عبر شارع الحسن الثاني وعند تجاوز مفترق الطرق بمدارة الحصان التي تتوسط مدينة سطات، تثير انتباهك ساحة شاسعة مقابلة لمقر البلدية، وفي الجهة الأخرى ساحة مماثلة معروفة لدى السطاتيين بساحة محمد الخامس أو "ساحة القيساريات"، حيث يفصل بينهما شارع محمد الخامس تعتبران من أهم المتنفسات لسكان سطات. الساحتان اليوم سيتم إدماجهما في ساحة واحدة بعد الإجهاز على شارع محمد الخامس، في إطار تهيئة المساحات الخضراء بالمدينة، حيث تعتبر الساحتان المذكورتان أهم المتنفسات لسكان مدينة سطات، فهما مكانا لتجمّع بعض المسنين والمتقاعدين الذين يعملون على تزجية أوقات الفراغ بلعب "الضامة والكارطة"، صباح مساء، وكذا محجّا للعب الأطفال، ومكانا يقدم فيه رواد الحلقة عروضهم، ويبسط فيها الباعة الجائلون سلعهم، في حين يتخذ منها الحرفيون المياومون "موقفا" لانتظار زبناء يحتاجون بعض الخدمات. دمج الساحتين والإجهاز على شارع محمد الخامس أثارا جدلا كبيرا وسط الشارع السطاتي، بين من اعتبره طمسا لرمز تاريخي بالمدينة، وبين من اعتبر من سكان الإقامات المجاورة أن الخطوة ستؤدي إلى اختناق حركة المرور أكثر مما هي عليه اليوم، وستعيق وصولهم إلى منازلهم عبر سياراتهم الخاصة. في المقابل، يرى التجار ورواد الحلقة أن ذلك سيتسبب في كساد تجارتهم، "نتخوف من الإجهاز على الساحة وطرد الحلايقية وتشريد أسرهم.. هاذ الساحة كيترزّقو منها عدد كبير من الدراوش.." يقول أحد رواد الحلقة في حديثه لهسبريس. جمعويون: نقص المال يكبح الإبداع حسن بلاط، عن جمعية التراث الشعبي ورواد فن الحلقة في ساحة محمد الخامس بسطات، قال، في تصريح لهسبريس، إن رواد الحلقة تخلوا عن تنظيم المهرجان السنوي لفن الحلقة منذ وفاة رئيس الجمعية، عبد القادر بلاط، الذي كان ينظم المهرجان كل سنة بمناسبة عيد العرش، نظرا إلى غياب الدعم. كما أن الجمعية تعيش عجزا بسبب تراكمات مصاريف المهرجانات السابقة، حيث لا يزال المكتب يؤدي ذلك من عرق جبين أعضائه. وأضاف حسن بلاط أن الشبان من رواد فن الحلقة ما زالوا يقدمون عروضهم في الساحة باعتبارها متنفسا لسكان سطات، زيادة على أن الحلقة تعدّ مصدر رزق عدد من الأسر التي يعيلها الفنانون الذين يأتون من مختلف مناطق المغرب، مطالبا في الوقت نفسه المسؤولين بعدم الإجهاز على الساحة ما دام أن هذه الخطوة ستهدد مصدر عيش أبناء رواد الحلقة. واستعرض عضو جمعية التراث الشعبي ورواد فن الحلقة في ساحة محمد الخامس بسطات عددا من العروض التي يقدمها "لحلايقية"، المتمثلة في الألعاب البهلوانية والسحرية وترويض الأفاعي وفن الحكاية والأهازيج الشعبية وغيرها، حيث يختار المتفرج ما يعجبه للتسلية على طول السنة خاصة قبيل الإفطار وبعده خلال رمضان الكريم، مؤكدا على الحفاظ على الساحة "بغيناها تبقى باش نوكّل منها ولداتنا ويعيشوا منها الدراويش". المجلس الإقليمي يطمئن هشام عمري، نائب رئيس المجلس الإقليمي بسطات، قال، في تصريح لهسبريس، إن المجلس يقوم بتهيئة الساحة المركزية، التي ستصبح ساحة واحدة إثر دمجها مع ساحة محمد الخامس، بعد إزالة الشارع الفاصل بينهما، بمواصفات جيدة تليق بالمدينة من حيث الإنارة العمومية والمساحات الخضراء، كشطر أول في حين ستتم تهيئة ساحة محمد الخامس "ساحة زنقية الذهيبية" في شطر ثان. وأوضح نائب رئيس المجلس الإقليمي أن ذلك يدخل في إطار مشروع متكامل، بعد قيام مكتب الدراسات بمهمته بالإضافة إلى عقد اجتماعات مع السلطة الإقليمية ترأسها العامل، بحضور رئيس و عضاء المجلس البلدي ورئيس المجلس الإقليمي، حيث جرى الاتفاق على الصيغة المناسبة لتهيئة الساحة التي شرع في إنجاز شطرها الأول. وطمأن هشام عمري المواطنين على بقاء الساحة وعدم إزالتها؛ بل إنها ستعرف أشغال تهيئة لا غير، معتبرا أن استفادة رواد الحلقة من عدمه بتقديم عروضهم داخل الساحة يعود القرار فيه إلى المجلس البلدي لكون الساحة تدخل في إطار تدبير المرافق العامة. وأوضح المتحدث أن تهيئة الساحة لا يمكن أن تؤثر على مردودية تجار القيساريات المجاورة، معللا ذلك بنجاح مشروع ساحة القصبة الإسماعيلية، مشيرا إلى أنه سيتمّ إنشاء مواقف كافية للسيارات جانب الساحة مقابل البلدية ليستغلها الزبناء في ركن سياراتهم، داعيا التجار إلى عدم الحكم المسبق على المشروع قبل خروجه إلى حيز الوجود معتبرا التخوف حقّا مشروعا من لدن الساكنة.