قال إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، خلال مناقشة الجزء الأول من مشروع قانون المالية برسم سنة 2026، إن ما تسميه الحكومة ب"الحكومة الاجتماعية" لا يترجم على أرض الواقع، لأنها ختارت التركيز على الاحتكار وتغذية تضارب المصالح وتشجيع اللوبيات، بدل الانصراف إلى قضايا المواطنين الحقيقية وتحسين أوضاعهم المعيشية. أوضح السنتيسي، اليوم الخميس، أن الحكومة كانت الأكثر حظا من سابقاتها، إذ استفادت من موارد مالية استثنائية ومشاريع ضخمة وضعت منذ أكثر من عشرين سنة، لكنها قدمت صورة غير صحيحة عن الواقع ولم تف ببرنامجها الحكومي، مشيرا إلى أن محدودية الأثر الاجتماعي للسياسات الحكومية تجلت في تعدد الاحتجاجات التي شهدتها فئات مختلفة، من أساتذة وأطباء ومحامين، وفي مناطق متعددة مثل أكادير وآيت بوكماز. وتسائل السنتيسي "هل يجب أن تندلع الاحتجاجات حتى تتحرك الحكومة لإصلاح المستشفيات وتجهيزها؟ وهل تحتاج إلى غضب اجتماعي كي تبدأ الحوار؟". بخصوص القطاع الصحي، شدد السنتيسي على أن الزيادات المتكررة في ميزانية الصحة لم تنعكس على أرض الواقع، معتبرا أنه لا يمكن القبول ببقاء المستشفيات العمومية مجرد بنايات إسمنتية خاوية من المعدات والخدمات، داعيا إلى حكامة جديدة في التدبير وقطع مع مظاهر الاختلال. وانتقد السنتيسي ما اعتبره فجوة واسعة بين الخطاب الحكومي والشعارات المرفوعة وبين واقع المواطنين، مشيرا إلى أن الأسعار المرتفعة للمواد الأساسية، كاللحوم والطماطم والمحروقات، واستمرار تدهور القدرة الشرائية، أفرغا كل الوعود من مضمونها، مضيفا أن البطالة تثقل كاهل الأسر المغربية، وأن أي سياسة لا تخلق فرص عمل حقيقية هي سياسة فاشلة. كما انتقد برامج التشغيل الحكومية، "أوراش" و"فرصة"، مؤكدا أنها ولدت أملا أوليا لكنها فشلت في تحقيق نتائج ملموسة، مضيفا أن الفترة القصيرة المتبقية قبل الانتخابات المقبلة لن تكفي لتدارك الإخفاقات، وأن الأمل معقود على حكومة جديدة قادرة على إعادة الثقة للمواطنين. كما رأى رئيس الفريق الحركي أن الحكومة فشلت في إرساء عدالة اجتماعية حقيقية، إذ ما تزال الفوارق المجالية والخدماتية قائمة، بينما تقلصت قيمة برامج الدعم الاجتماعي مثل "مليون محفظة" و"تيسير"، إلى مبالغ "هزيلة لا تفي بالغرض"، وشدد على أن الحكومة التي تستحق وصف الاجتماعية هي التي تضع المواطن في صلب أولوياتها، وتحارب الاحتكار، وتدعم الطلبة والنساء والشباب في المناطق الهشة. وأضاف السنتيسي أن المناطق القروية والجبلية ما زالت تعاني التهميش، رغم المقترحات التشريعية التي تقدم بها الفريق الحركي لتحسين أوضاعها، مؤكدا أن المغرب الصاعد لا يمكن أن يبنى على فوارق مجالية واجتماعية، داعيا إلى تفعيل الميثاق الوطني للاتمركز الإداري لتسريع التنمية المتوازنة. واعتبر السنتيسي حصيلة الحكومية، "ضعيفة ومخيبة للآمال"، سواء في التشغيل أو التعليم أو تقليص الفوارق الاجتماعية، لافتا إلى أن الزيادة المعلنة ب2500 درهم لنساء ورجال التعليم ما زالت "حبرا على ورق"، كما دعا إلى تمكين النساء اقتصاديا، ودعم الأمهات العاملات، وتفعيل برامج الحماية الاجتماعية لمواجهة قضايا حساسة مثل الطلاق وزواج القاصرات والعنف والإجهاض السري. ودعا السنتيسي مداخلته بالتشديد على ضرورة مراجعة التعرفة المرجعية الصحية، وتفعيل الرقمنة الحقيقية للمساطر، وضمان الشفافية في الاستثمارات والتمويلات، وتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية.