فقد المغرب، منذ يناير الماضي إلى حدود يوليوز الجاري، سبعة عسكريين يعملون ضمن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جمهورية إفريقيا الوسطى، مينوسكا؛ وهو البلد الذي دخل، منذ 2013، في دوامة من العنف الطائفي. وبالإضافة إلى الضحايا الشهداء، أصيب العشرات من الجنود المغاربة بجروح، إلى جانب عسكريين من جنسيات مختلفة، خلال الأشهر الماضية، بسبب الهجومات المسلحة التي تكون البعثة الأممية هدفاً لها من لدن جماعات مسلحة مجهولة. ويسهم عدد من العسكريين المغاربة في حفظ السلام وتأمين المنشآت وتوزيع المساعدات الإنسانية إلى جانب 12 ألف جنديّ من دول عدة، لتحقيق الاستقرار في هذا البلد الغني بثروته المعدنية. وتعتبر مساهمة المغرب قيمة في قوات حفظ السلام في مختلف المناطق المتوترة، ويصل عددهم إلى 1601 عسكري مغربي بقبعات زرق أممية، إضافة إلى ستة خبراء عسكريين، وفق إحصائيات الأممالمتحدة إلى حدود 30 يونيو الماضي. ويعمل العسكريون المغاربة، إلى جانب أفراد الشرطة والموظفين المدنيين، على حماية الأفراد والممتلكات والتعاون مع الكيانات العسكرية الأخرى في منطقة البعثة، والعمل على تعزيز الاستقرار والأمن. فيما لا تسهم مثلاً الجزائر بأي عسكري في قوات حفظ السلام الأممية، ما عدا خمسة خبراء عسكريين. أما تونس، فتسهم ب154 عنصراً من الشرطة و21 خبيراً عسكرياً، ويحتل المغرب المرتبة ال15 عالمياً من المساهمة، والثاني عربياً بعد مصر. وفي تعليق لهسبريس على هذا الموضوع، قال خالد الشكرواي، الباحث في الشؤون الإفريقية والعلاقات الدولية، إن مشاركة المغرب قيمة وتعود إلى سنة 1961، مشيراً إلى أن "الأممالمتحدة في حاجة ماسة إلى مثل القوات المغربية؛ لأن العدد الإجمالي بدأ يتضاءل مقارنة مع حجم التحديات ومسارح الأحداث". وأوضح الشكراوي أن عدداً من الدول تعزف عن المشاركة في قوات حفظ السلام عبر العالم، إضافة إلى انسحاب عدد من القوات الفرنسية والأمريكية أخيراً من إفريقيا في إطار عمليات خاصة ما جعل الأممالمتحدة أما تحديات كبيرة. الباحث في الشؤون الإفريقية والعلاقات الدولية أوضح، في تصريح لهسبريس، أن "الدستور الجزائري يمنع خروج الجيش من التراب الوطني. أما تونس، فتتوفر على 35 ألف جندي؛ وهو رقم غير كافٍ. كما أنها تفتقد لخبرة عسكرية أو حربية، في حين تتوفر على شرطة جد متطورة". وأشار المتحدث إلى أن مشاركة في المغرب في قوات حفظ السلام يوازيه حضور دبلوماسي قوي للمملكة، وزاد قائلاً: "للأسف الشديد، أصيب الجيش المغربي في الأشهر الماضية في دمه ولحمه؛ لكن القضايا الوطنية والأمن الدولي والسلم والسياسة الإفريقية بالمغرب مهمة، وهؤلاء الضحايا المغاربة يعتبرون شهداء". ويرى الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية والعلاقات الدولية أن مشاركة 1600 مغربي ضمن قوات القبعات الزرق "مهمة جداً خصوصاً أنها حاضرة في مسارح أحداث خطيرة للغاية"، وأضاف أن العسكريين المغاربة أداؤهم كان دائماً متميزاً وفاعلاً في الميدان. وقال الشكراوي: "هؤلاء المغاربة يقومون أيضاً بدور إنساني في إفريقيا الوسطى، عبر حماية المدنيين وإيصال المساعدات الغذائية لهم وحماية منشآت وقوافل الأممالمتحدة، لذلك يصابون بكثرة". وسبق للمغرب أن شارك في عدة دول، منها كوسوفو وكمبودبيا وهايتي؛ لكن باتت مشاركته اليوم مركزة على إفريقيا، لأنها أصبحت أكبر مسرح للأحداث، ويوجد فيها أكبر عدد من قوات حفظ السلام. وكان شكيب الرايس، الكولونيل في القوات المسلحة الملكية، قد كشف، في لقاء نظم في الرباط في يونيو الماضي، أن 33 جندياً مغربياً قتل وجُرح 220 من الجنود الآخرين، في إطار عمليات حفظ السلام التي تشارك فيها المملكة بالقارة السمراء منذ ستينيات العام الماضي. وبلغ عدد الجنود المغاربة، منذ تلك الفترة، حوالي 60 ألف جندياً أسهموا في ثماني عمليات من أصل 71 عملية أممية لحفظ السلام في مختلف قارات العالم، منذ سنة 1961. وحسب أرقام الأممالمتحدة، يبلغ عدد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في العالم أكثر 95000 فرد باللباس الرسمي من أكثر من 110 بلدان، ينحدرون من بلدان كبيرة وصغيرة، غنية وفقيرة، يحملون تجارب لكنهم متحدون على تعزيز السلام. وتأتي إثيوبيا على رأس الدول الأكثر مساهمة في قوات حفظ السلام ب8221 عسكرياً، تليها الهند ب7676 عسكرياً، ثم باكستان ب7123، وفي المرتبة الرابعة تأتي بنغلاديش ب7013 عسكرياً، وتغيب الدول الكبرى عن المراتب العشر الأولى في القائمة.