حين يضع مسعد بولس النقاط على حروف قضية الصحراء المغربية في عقر قصر المرادية.    بنما تعلن من جديد: الصحراء مغربية... ومبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هي الحل النهائي    اختلالات في أنظمة التقاعد الأساسية    تداولات إيجابية لبورصة الدار البيضاء    سفير إسرائيل السابق في فرنسا يناشد ماكرون: إذا لم تفرض عقوبات فورية على إسرائيل فسوف تتحول غزة إلى بمقبرة    رئيس أمريكا يشيد ب"هدية" استثمارية    السودان تتعادل مع الكونغو ب"الشان"    ميناء "طنجة المدينة" يسجل زيادة في نشاط المسافرين بنسبة 10 بالمائة    مسؤول أممي يحذر من "تداعيات كارثية" لتوسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة    المغرب ينتخب نائبا لرئيس مؤتمر الأمم المتحدة للبلدان النامية غير الساحلية    ثلاث مؤسسات تسيطر على القطاع البنكي بنسبة تفوق 60%    38 قتيلا و2848 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    سقوط مميت ينهي حياة شخص بحي إيبيريا بطنجة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    الفنيدق: وضع خيمة تقليدية بكورنيش الفنيدق يثير زوبعة من الإنتقادات الحاطة والمسيئة لتقاليدنا العريقة من طنجة إلى الكويرة    سقوط "قايد" و"مقدم" متلبسين بتلقي رشوة من صاحب مقهى    وفاة المدافع الدولي البرتغالي السابق جورجي كوستا عن سن 53 عاما    الأوقاف ترد على الجدل حول إعفاء رئيس المجلس العلمي لفيكيك: "بعض المنتقدين مغرضون وآخرون متسرعون"    الشرطة القضائية بإمزورن توقف مروجاً للمخدرات وتضبط بحوزته كوكايين و"شيرا"            مستشار الرئيس الأمريكي يؤكد للجزائر عبر حوار مع صحيفة جزائرية .. الصحراء مغربية والحل الوحيد هو الحكم الذاتي    برقية تهنئة إلى جلالة الملك من رئيس جمهورية السلفادور بمناسبة عيد العرش            اليد الممدودة والمغرب الكبير وقضية الحدود!    كونية الرؤية في ديوان «أجراس متوسطية» للشاعر عاطف معاوية    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    نظام تأشيرات جديد: 15 مليون للحصول على ڤيزا أمريكا    تركمنستان.. انتخاب المغرب نائبا لرئيس مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للبلدان النامية غير الساحلية    "مستوطنة على أرض أمازيغية مغربية".. كتاب يصور مليلية مثالا لاستمرار الاستعمار وتأثيره العميق على الناظور    احتياجات الخزينة ستتجاوز 12 مليار درهم خلال غشت    لطيفة رأفت تعلن تأجيل حفلها بأكادير وتعد بلقاء قريب    موجة حرارة تصل إلى 47 درجة من الثلاثاء إلى الجمعة في هاته المناطق    سائقو الطاكسي الصغير يحتجون بطنجة ضد التسعيرة وأوضاع النقل بمطار ابن بطوطة    أمريكا تسلح أوكرانيا بمال اسكندينافيا    زيادة إنتاج نفط "أوبك+" تنعش آمال المغرب في تخفيف فاتورة الطاقة    "ألكسو" تحتفي بتراث القدس وفاس    الإفراج بكفالة مشروطة عن توماس بارتي لاعب أرسنال السابق    "منتخب U20" يستعد لكأس العالم    رضا سليم يعود للجيش الملكى على سبيل الإعارة    المغرب ‬يسير ‬نحو ‬جيل ‬جديد ‬من ‬برامج ‬التنمية ‬المجالية.. ‬نهاية ‬زمن ‬الفوارق ‬وتفاوت ‬السرعات    خواطر تسر الخاطر    الموهبة الكبيرة وزان يوقع عقدًا جديدًا مع أياكس بعد رفض ريال مدريد التعاقد معه    "سورف إكسبو" لركوب الأمواج في دورته الرابعة أكتوبر المقبل    تارودانت… 14 مليون درهم لتأهيل المواقع السياحية بأسكاون وتيسليت    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    علي الصامد يشعل مهرجان الشواطئ بحضور جماهيري غير مسبوق    الرباط تحتضن النسخة الأولى من "سهرة الجالية" احتفاءً بالمغاربة المقيمين بالخارج    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل المخزن وراء حركة العشرين فبراير؟
نشر في هسبريس يوم 28 - 08 - 2011

من يريد الإضرار بهذا البلد الآمن ،القادر على تصحيح مساره؛ لا يستحق أن يكون لا في صف المخزن، ولا في صف الحركة الشبابية :
أية حركة هذه؟ و في أي رحم نمت؟
قبل أن نصل إلى هنا دعونا نحاول فهم المخزن ؛عسانا نوفق في بلورة مشاريع إجابات.
مجرد مشاريع لأن الظاهرة معقدة ؛ خلافا لما توحي به لأول وهلة. وهي لا تقبل العطف على شبيهاتها إلا في بعض العموميات والشكليات. لا توحد بين هذه الحركات إلا قناة الجزيرة؛ وهي – كما يبدو- تبث من خارج الزمن المغربي.
ما معنى المخزن؟
تترك كل التفسيرات المتداولة – الموضوعية والذاتية- متسعا للقول بأن هذه الكلمة ،التي استأثر بها في المغرب الحقل السياسي- أو يختزنها-، دون سواه تقريبا ؛حتى ارتقت إلى الدلالة على أسلوب مغربي، خاص ومتكامل، في الحكم( إن لم أقل نظرية) ؛لا تستعيد معناها اللغوي كاملا إلا حينما تجمع: " مخازن".
كلمة " مخزن" - المفردة- ظلت تستدعي الرهبة في المغرب ؛أما جمعها فيخرجك من الحقل السياسي كلية إلى المدلول اللغوي المعروف و البريء .
هذه الرهبة تمتح- في مدلولها المتأخر- من الثنائية التي عبرت عنها الكتابات الكلونيالية ب: بلاد المخزن وبلاد السيبة.
وفي الحقيقة كلاهما كان يرهب .بل إرهاب بلاد السيبة ربما كان أعتى :
كان المخزن يرهب المتحللين من عقد البيعة؛كما يرهب الخارجين عن مقتضى الشرع،الأعراف،والقانون.
وكانت " بلاد السيبة" تخيف التجار ،عابري السبيل، والأجانب .
الحمولة السياسية لمصطلح " المخزن" لم تدرس ،وطنيا، بعد، بما فيه الكفاية ، لانعدام شرط الموضوعية الكاملة ؛ولم توفها الدراسات الأجنبية حقها،لانعدام شرط الذاتية.
إذا درست الكلمة وأنت ترهبها ،أو تعاديها، أو تتملقها فلن تنصفها .
كانت للسيد وزير الأوقاف وقفة عند الكلمة؛في درسه الرمضاني الافتتاحي لهذا العام ،الذي أنهاه وهو يغالب دموعه ؛أو كما بدا لي.
لقد أورد معاني ايجابية،تاريخية أحيانا، لمدلول المخزن ،لا نجادله فيها،كما ذكر بوجود كتابات عن المخزن غير منصفة.
لكنه لم يهتم بالوجه الشرس والمستبد الذي يظهر به المخزن حينما يكون الجالس على العرش بهذا الوصف ؛أو يكون ضعيفا فتستبد بطانته. وفي تاريخ المغرب، القديم والحديث ،أمثلة على الحالتين:
كان الحسن الثاني ،رحمه الله، بالغ الدلالة في قوله: وهل تريد أن تتصارع معي أنا؟ مجيبا الأستاذ أمحمد بوستة ،ذات سعي ملكي لإشراك المعارضة في الحكم ؛ حينما أدلى الرجل بصراعات محتملة للحكومة مع وزير الداخلية المستبد إدريس البصري .
أنهى الملك الحوار،والمشروع السياسي كلية،دون أن يسمح لأي كان بأن يرتفع إلى مستوى الصراع مع المخزن ،وجها لوجه.
أما محمد الخامس رحمه الله فقد"شعبن" المخزن ،حتى أحله في النفوس محل الأبوة العطوفة ؛وهذا من الأسباب الرئيسية لتحقق أهداف ثورة الملك والشعب.
وعلى هذا النهج يسير المشروع الإصلاحي الكبير لجلالة الملك محمد السادس؛ساعيا الى تحقيق مفهوم جديد للسلطة يؤطر شعار "الملكية المواطنة".
بعد هذا يمكن أن أجيب بأن المخزن ،في المغرب، مؤسسة حكم ،رأسها الجالس على العرش،الذي يطبعها بطابعه ؛ وقد رسخ في أذهان المغاربة ،منذ قرون ، أن الملك يسود ،ويحكم.
إن القول بملك يسود فقط، لا يستند إلى التاريخ المغربي بل إلى الأعراف الديمقراطية ؛كما استوت في الملكيات العريقة المعروفة.
لا يعني هذا أن الملكية، في المغرب، لا يمكن أن تكون إلا كما هي عليه منذ قرون ،وصولا إلى دستوريتها الحالية ؛فهذه الدستورية في حد ذاتها دليل على إمكانية التطور صوب البرلمانية .
بل يعني أن الأمر لا يحصل هكذا بقرار سريع، يتخذه الملك استجابة لمطلب ،أو مسايرة لظرف.
إن الواقعية السياسية ، كما أسسها ارث ملكي مخزني عريق ،وطبيعة المجتمع المغربي ،ومستواه الحضاري ،وكما يحددها النضال المغربي المستمر،الرسمي والشعبي، من أجل صيانة الوحدة الترابية.
و في نفس الوقت تثبيت الجهوية المتقدمة ؛ كلها أمور تفرض تأجيل الفصل بين السيادة والحكم.
سيكون على شرط الديمقراطية- كما هو متعارف عليه عالميا ،وكما هو متحقق في الملكيات الغربية العريقة- أن ينتظر .
إننا نعيش فجر الملكية الدستورية الحقيقية ،وسنرتقي في السلم ،رويدا رويدا .
لا تتعجبوا ،فلن يثقل هذا على أحد منا ما دام أغلبنا يكره أن يوقفه شرطي المرور ،حينما يخالف المدونة؛وهي مدونة حوربت وكأنها استعمار أجنبي؛ ونكره الوقوف في الصف، لدى سعينا لقضاء مصالحنا الإدارية ،وقد يفضل بعضنا الأسلوب ألاستعجالي الرشوي ؛ويعتبر الكثيرون منا أن من الفروسية التملص من الواجب الضريبي .
أما في أسرنا فنزمجر جميعا ،وقد نصفع الأبناء ، صباح مساء،و وقد نضرب نساءنا " كما تضرب الإبل".
هذا في حواضرنا ؛أما بوادينا فهي جغرافية أخرى بزمن آخر..
يعرف ساستنا هذا كله لكن خطابهم عن الديمقراطية- لاستمالة الأتباع ،وليس استعجالا للديمقراطية- لا يستند إلا إلى مرتكزات هذا النظام ،ومثالياته النظرية؛مجردة عن واقع ينظرون إليه صباح مساء.
هل ولدت حركة الشباب من رحم المخزن؟
نعم هناك خلفية لهذه الحركة ،تصطبغ بألوان الحراك العربي ؛لكن في القول بها ،رحما،للحركة المغربية،تبسيط لا يقبله عقل ؛وكأنك تقول: ما نضج التين في هذا البستان الا لكونه نضج في بساتين أخرى.
تبسيط يلغي التاريخ ،وحركية المجتمعات ،وتدافع القيم لارتقاء أعلى السلم.
ان الحراك عربي عام – وقد يصبح عالميا أو"عولميا"- لكن لكل دولة خصوصياتها ،كما لكل شجرة تين كيمياؤها التي أنضجت تينها.
الحركة تواجه المخزن ،فكيف توحي بأنها بنت المخزن؟
سؤال وجيه لكنه يقف عند ظاهر الأمر: لولا وجود نية خبيثة، مبيتة ،لدى الاستعمار لما تحققت ثورة الملك والشعب. يمكن القول بأن هذه الثورة من رحم المستعمر ،ومن جذوة الوطنية الرافضة له.
ولولا وجود فساد مستشر لما التأم شمل لمحاربته. وخير دليل قاطع على وجود هذا الفساد مايرد في خطب جلالة الملك من تعليمات وتوجيهات تقر بهذه الظاهرة ،وتحرض على محاربتها.حصل هذا منذ سنين ولافضل فيه للحراك العربي.بل حصل منذ توجس الملك الراحل من سكتة قلبية تصيب الوطن.
لا يكتفي المخزن بالاعتراف ،وإنما يضع إستراتيجية للثورة الحقيقية على الفساد ؛لكن من داخل المؤسسات ،التي ستسير بوقود الدستور الجديد؛باعتباره استجابة مخزنية شعبية لأغلب مطالب الإصلاح.
الاستثناء المغربي يتجلى في كون المخزن الحالي – مخزن الوقت- قاطرة للإصلاح ،بل محرضا عليه ،وهو يستحضر- بدون شك - أن تحريضه من الممكن أن يحشد الناس في الشوارع،بل يجب أن يتحقق هذا الحشد ،لجلال هذا المطلب ؛ومن الممكن أن تواجه هذه الحشود من طرف أعوان المخزن نفسه.
وبالفعل فلطالما جمع العشرينيون بين الشعارات المناصرة للملك وبين السهام اللفظية الموجهة للفساد ،مع شخصنته أحيانا. وطالما ووجهت الحشود بقمع عنيف؛ اما لعدم فهم الأعوان الصغار لحقيقة ما يجري ، واما تحصينا للحشود من دخلاء لهم أجندتهم الخاصة.
إذا نظرنا إلى الأمر من هذه الزاوية فان القول بأن حركة العشرين ولدت من رحم المخزن قول صادق.
إذا استثنينا بعض الشعارات المنفلتة ،أو الانتهازية، فان كل شعارات حركة العشرين ،الشبابية،تقع في دائرة المشروع الملكي الإصلاحي ؛ منذ تبشير الملك بمفهوم جديد للسلطة.
الاتفاق:
لا نعدم الأمثلة ،الوطنية والأجنبية، على أن نجاح المشاريع الإصلاحية الكبرى ،ونضالات الشعوب ضد الاستعمار الخارجي والاستبداد الداخلي ،رهينان بحشد السند الشعبي ألحراكي ،وصولا إلى مسيرات عارمة قاصمة لظهر الاستعمار: ثورة الملك والشعب ، المسيرة الخضراء.
يترتب عن هذا – طبعا- أن الفشل سيكون مصير كل حركة إصلاحية لا سند شعبيا صادقا لها. ولقد سبق للدكتور محمد عابد الجابري أن أكد على هذا ،مقارنا بين حالتي عبد الرحمن اليوسفي ،الذي افتقد السند الشعبي و بين ما يتأتى لساسة ايران. ولنا اليوم مثال حي في حالة رجب طيب أردوغان.
أما حالة القذافي فستظل- وقد انتهت الى ما انتهت اليه- مثالا للحاكم المستبد ،حينما يوهم نفسه ، و العالم بأن له سند جماهيري.
يقود الملك محمد السادس اليوم مشروعا إصلاحيا ،كما تقدم ، وهو في الحقيقة مسيرة دستورية ،قطعت في أمور عديدة مع التجارب الدستورية السابقة.
هل يستقيم أن نتصور أن هذه المسيرة يمكن أن تتم دون شعب ؛دون شباب؟ هل يمكن أن تحل التعليمات والأوامر الملكية محل قوة الحشود؟لقد ورد الجواب صريحا في خطاب الملك :" الشباب يوجد في قلب ثورة الملك والشعب"
ما يثير التساؤل ،وسيظل عصيا على الفهم،هو لم تأخر الدعم الشعبي للملك إلى أن بدأ حراك الشباب العربي؟
اننا نظلم الملك حينما نقول بأن الدستور الجديد جاء استجابة- فقط- لمطالب الحركة الشبابية ؛وكل المستندات تؤكد خلاف هذا ؛ونظلم الشباب حينما نعتبرهم مقلدين ،فقط ، لغيرهم من شباب العرب.
ان تيننا وزيتوننا ينضجان وفق كيمياء تربتنا ،وحرارتنا، وليس تربة تونس و حرارتها.
لعل الأحزاب السياسية – وهي أحزاب اختارت أن تلزم منذ البداية الصمت إزاء المشروع الملكي الإصلاحي،وأن تجلس على كراسي الغياب- تتحمل مسؤولية كبيرة في هذا الالتباس.
وقد يتحمل حزب الأصالة والمعاصرة مسؤولية أكبر لأنه أوهم- أو توهم الخاصة والعامة من أنفسهم- أنه الوحيد القريب من الملك، والحامل لمشروعه الإصلاحي؛ خصوصا وقد عاش المغاربة تجربة جبهة كديرة ،لحماية المؤسسات الدستورية ،فالتبس عليهم الأمر ،وبدا لهم أن التاريخ يعيد نفسه ،وأن العداد يضبط من جديد على الأصفار.
لو كان من الممكن العودة إلى الوراء والتصحيح ،لحولت حركة الهمة إلى حركة شعبية لدعم المشروع الملكي: حركة "قاعدية " شعبية بدل حركة مغرية للانتهازيين من كل الأحزاب القائمة.
الآن هناك اتفاق بين مؤسسة المخزن ،وحركة العشرين ؛كما بدأت حركة مباركة لا مجال فيها للتطاول الصوفي على المؤسسة الملكية ،ولا علم يرفع فيها للكونغرس الأمازيغي ،في وجود علم وطني دستوري ؛ ولا تطاول فيها على أركان الإسلام ،وأخلاقه الحميدة.
ستظل النواة الصلبة لهذه الحركة سائرة ،جنبا إلى جنب،مع مراحل الإصلاح ،وخارطة الطريق المحددة.
الانضباط مطلوب ، و الذهنية الشبابية المتحمسة ،وذات العنفوان ،مطلوبة كذلك ؛لأنها من سنن الكون.
لقد قلد الرسول صلى الله عليه وسلم،في آخر شهور حياته ، أسامة بن زيد رئاسة جيش فاتح،متوجه إلى أرض الروم ،في وجود كبار الصحابة،ومنهم أبو بكر الذي خرج- وهو خليفة للمسلمين، في ركاب أسامة ،ولما استحيى أسامة وهم بالترجل ألزمه أبو بكر بألا يفعل،وبألا يحرمه من أجر خطواته بين يدي قائد مجاهد قلده الرئاسة رسول الله .
في فترة احتضاره صلى الله عليه وسلم ظل يردد:" أرسلوا بعث أسامة"،بعد أن لاحظ تثاقلا في الخروج ،نتيجة مرض موته.
كأنها رسالة إلى كبار الصحابة والى المسلمين عامة ،في كل زمان ومكان ،مفادها أن مستقبل هذا الدين بيد شبابه أيضا.
الاختلاف:
يقرأ من خلال ما يشبه كرة ثلج لغوية ،يكبر حجمها عقب كل مسيرة احتجاجية ؛ فيها الأصيل الانتماء إلى قاموس الوطن ،وفيها المستورد من المحيط العربي.
وتلعب الصور التي تنقلها الشاشات ،والمواقع الرقمية،من هذه الدولة أو تلك ،دور المرجعية ليس لشباب المغرب فقط بل لشباب دول أخرى غير عربية ، بما فيها اسرائيل.
يجب أن نحسن فهم هذا، ولا نحمل شبابنا وزرا أكثر من وزر التقليد الشكلي البريء؛كما تقلد الأفلام،والصر عات الغنائية ، وأحيانا العقائدية، في الكثير من سلوك الشباب.
رغم كل ما يروج – ابتداءا أو تقليدا- ستظل عبارة " ما مفاكينش" ،مغربية وبالغة الدلالة.
تعني " ما مفاكينش" الشبابية أنه :
يجب القضاء على الفساد ،والآن .
الإصلاحات الدستورية غير كافية.
لا رهبة من العنف الذي يحتكره المخزن.
لا تعريف ولا تحديد للفساد؛ولا مطالب تفصيلية ،مصاغة بدقة ، يتفاوض بخصوصها؛رغم أن المخزن يدفع في هذا الاتجاه المنطقي.
هناك اعتراض على تشكيلة اللجنة الدستورية ،وبالتالي اعتراض على منتوجها الدستوري ؛كلا أو بعضا ،حسب تلوينات الحركة.
يكفي هذا للتدليل على أن نواة الحركة ،التي كانت في يوم ما صلبة ،تشتغل من أجل مطالب إصلاحية ،تحقق بعضها ؛والبعض الآخر لا يمكن أن يتحقق إلا باشتغال دولة المؤسسات في طبعتها الجديدة ؛ هذه النواة وجد من يخترقها ،ويسير على أقدامها ،ويستقوي بوهجها ،في الداخل والخارج، ليحقق أجندته الخاصة.
من ينظر إلى جماعة العدل والإحسان ،ويتمعن في خطابها ، ويستجلي حقيقة العلاقة التي تجمع بين شيخها ومريديه ويدرك بأن لها أجندة خاصة ليست هي ما يطمح اليه الجالس على العرش وأغلب المغاربة.هم لا يقبلون بإمارة المؤمنين ،ولا بالملك العضوض أو العاض .
لهذا تبدو الحركة وكأنها تسير إلى الخلف ،الى أزمنة تعاقب الأسر الحاكمة للمغرب ؛فتقدم لمريديها مشروعا قوميا " من القومة" وكأنها تستعيد حركات المرابطين ،الموحدين والمرينيين... وصولا إلى حقبة جديدة يكون فيها الحكم للياسينيين .
يسير الشباب إلى الأمام :الى الدولة المدنية ،الى الملكية الدستورية ،ثم البرلمانية ؛ لكن في غفلة منهم تجذب نواصيهم الى الوراء.
أما اليسار الراديكالي ،وباعتبار ظروف ولادته من يسار طمر أداة حربه ،كما يفعل الهنود الحمر بعد استتباب السلم ؛وكما تعامل معه المخزن ،المستقوي عليه بشيوخ اليسار ،فقد واتته الفرصة ، وحالفه السعد – من حيث لا يدري- ليقتص من شيوخ خانعين ،ومن مخزن مرتاح الى حلفائه.
هذا ما جعل اللحية الشيوعية القديمة، الصفراء بالتبغ الأصفر،والسيكار، تصطبغ بنفس ألوان اللحية الصوفية ؛في زواج سريالي يرسمه قضاة شباب العشرين؛ دون مستندات ولا وثائق .
هل ستحل الانتخابات السابقة لأوانها هذه الإشكالية المعقدة ؛من خلال حزم مخزني مواكب ،ونخبة مفرزة، تكون موضع ثقة الشباب ؟
يمكن شريطة اشراك هذا الشباب في الانتخابات ؛وهذا الإشراك لا يتأتى بأوامر فوقية بل باستقطاب الأحزاب المنخرطة في المشرع المخزني .
غرابة أمر هذه الأحزاب ،غير بعيد عن جوانب الغرابة ،في حركة العشرين ؛فهي بعد أن ارتخت عضلاتها ،لقربها من مخزن طالما توجس منها ،وكاد لها ؛التفتت الى أبنائها فأكلتهم ،كما تفعل القطط.
لقد أحلت قاعدة المتر شح المربح ،انتخابيا، محل المناضل القاعدي ؛هكذا جففت عيونها تدريجيا ،ودفعت شبابها إلى العزوف كلية عن السياسة ؛ما دامت سياسة سياسية احترافية.
زيادية جديدة ،لكن هذه المرة لا تحرق المراكب والسفن من أجل الاستماتة في المعركة ،إلى النصر أو الموت ؛بل من أجل راحة البال ،بعيدا عن شبيبة وقحة لا تعرف أصول الركون إلى المخزن.
لولا شعبية الملك محمد السادس ،واستعداد المغاربة للوقوف الى جانبه ،في كل إصلاحاته ،ومعاركه المقبلة ضد لوبيات الفساد ،لحلت بنا الكارثة ،لا قدر الله ،ولصدقت نبوءة الحسن الثاني بخصوص السكتة القلبية.
في ظل هذا الوضع يجب ألا تحرق ورقة الدستور الجديد ،والانتخابات ؛ولا يتأتى هذا الا من خلال دوي سياسي يعلو على شعارات الشباب ،ويجعلهم يصيخون السمع ،ليقتنعوا بأن شيئا ما ،جديدا يحصل.
قلة من الشباب تقرأ الدستور ،وتستمع الى نشرات الأخبار الوطنية ؛ونسبة كبيرة منهم لا تقدر اللوائح الانتخابية ،والانتخابات ، حق قدرها ؛لكنها حينما تستيقظ ليتناهى الى علمها أن ساعة من تسميهم ،وتنسبهم للفساد حلت ،فانهاا تفهم الحدث لأنه سيكون مطبقا ،وبليغا .
لا بد من حدث سياسي بارز يستند الى الخطاب الملكي الأخير ،قبل الانتخابات .
لا أعتقد أن الحكومة الحالية قادرة على أن تكون طرفا في هذا الحدث لأن الدستور الجديد أحرقها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.