قال المغربي أحمد رشيد خطابي، رئيس قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية، وأمينها العام المساعد، إن حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزةالفلسطينية قتلت وفق الإحصاءات الرسمية لوزارة الإعلام بفلسطين "256 شهيدا صحافيا، فقدوا الحياة التي هي أقدس عطايا الله، فضلا عن المصابين". المسؤول المغربي بجامعة الدول العربية، خلال مداخلته بالعاصمة الليبية خلال فعاليات "أيام طرابلس الإعلامية"، أضاف: "الحماية الموجودة الآن في النظام القانوني الدولي تهم المدنيين، وينبغي تقوية الضمانات التي تحمي الصحافيين من تهديدات الميدان، لأنهم ينقلون الحقائق بكل نكران ذات"، ويفقدون حياتهم بسبب جرائم ضدهم، مثل التي تقودها إسرائيل بغزةالفلسطينية. وتابع خطابي: "الحقيقة هي الضحية الأولى في الحروب، وما صار في 7 أكتوبر 2023 جعل جامعة الدول العربية في تعاون وثيق مع وزراء الإعلام بالمنطقة؛ لأنه كان لازما على الإعلام العربي التحرك الجاد والمسؤول لمسايرة كل التحركات الدبلوماسية والحقوقية والإنسانية، لتفنيد السردية الإسرائيلية ومبالغاتها، والمسايرة اليومية للوضع الكارثي في غزة، والسياسة المتبعة من سلطات الاحتلال الإسرائيلي من تهجير وخلق أسبابه، ورفضٍ للهدنة لفترات، والاتجاه إلى أساليب تتعارض مع أحكام القانون الدولي الإنساني؛ وللتأكيد على الثوابت الأساسية لهذه القضية المصيرية، وهي حل الدولتين، وإيجاد حل سياسي لقضية هذا الشعب الفلسطيني العربي الأصيل، الذي هو جزء أساسي من أرض فلسطين". وسطّر أحمد رشيد خطابي على أن "القضية الفلسطينية قضية عادلة وتحتاج محاميا ذكيا، متمكنا من الدفاع عليها"، وطرح في هذا الإطار توجه "الخطة التنفيذية للإعلام العربي في القضية الفلسطينية"، التي وضعتها جامعة الدول، في سبيل "تعبئة كل الإمكانيات المتاحة من أجل إنتاج خطاب إعلامي ذي مصداقية، ومقنع، ومؤثر عند الآخر، وهو الغرب بصفة خاصة". ويقدّر مسؤول قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية أن على الإعلام بالمنطقة "مواكبة التحول" الذي صار في السنوات الأخيرة، وخاصة بعد 7 أكتوبر؛ "وهو تحول يمس النظام الدولي كله، الذي يوجد في مخاض"، وزاد: "وتنبغي مواكبة التضامن القوي للنخب البرلمانية والجامعية والمفكرين، وخاصة في بعدها السياسي والإنساني والقانوني. كما أن السياسات المشتركة للمنطقة بشأن القضية الفلسطينية، كما خلصت إلى ذلك النقاشات مع وزراء الإعلام العرب، لا ينبغي أن تتعامل بمنظور عربي – عربي فقط، بل بمنظور دولي، ينطلق من الظلم التاريخي، والحرب الشنيعة الأخيرة التي ارتقى فيها سبعون ألفا من الشهداء". زهير بوعمامة، وزير الاتصال بالجزائر، قال في مداخلته في الموعد الليبي: "إن القضية الفلسطينية تمر بأدق وربما بأسوأ مراحلها في تاريخ الصراع العربي مع المحتل الصهيوني. والواقع يستدعي ألا نكتفي بتبادل التوصيفات والطمأنة، والمواقف المكرورة، بل علينا الاعتراف بأن الأحوال في فلسطين ليست بخير، والمواقف منها ليست كما يجب، لأنه توجد محاولات معلنة واضحة لتصفية القضية، وتكريس الاحتلال إلى الأبد، كما توجد تراجعات في مستويات عدة، وتغيير للأجندات، وترتيب الأوضاع في المنطقة بطريقة قد تؤدي إلى تهميش الحق الفلسطيني". وجوابا عن سؤال الدور العملي للإعلام أجاب المسؤول الجزائري: "حتى لا نجلد الإعلام، وحتى لا نحمل الإعلام الرسمي ما لا يطيق، ففي هذه المنطقة لا يمكن أبدا للإعلام أن يسبق الساسة، ولا يمكنه القفز على السقوف الرسمية؛ فهو ناقل ومبرر للموقف الرسمي، خاصة في الإعلام الرسمي. ويبقى الإعلام في نهاية المطاف واقعا تحت تأثير السياسيّ." ثم استدرك المتحدث: "لكن لمواجهة سردية المحتل، الذي يضع تحت قدمه القيم وسرديتها، ينبغي أن تبدأ المسؤولية من عندنا، أي أن نتفق على رسائل إعلامية واضحة، بمعجميّة تعبر عن الرؤية. أما الذهاب عند الآخر فهو مرحلة أخرى"، وتابع: "خلال الإبادة في السنوات الماضية نجد اختلافا في الإعلام الرسمي الخادم لأجندات كل بلد، ولذا من أكبر الأولويات الاتفاق في جامعة الدول العربية، وشبكات الإعلام والإعلاميين العرب، على رؤية منسقة موحدة؛ لأن الإعلام الجديد يتيح لنا إمكانات عديدة، ومخاطبة الآخر"، ثم زاد: "الشهداء مكنوا العالم من رؤية الحقيقة، وإماطة اللثام عن وجه المحتل القبيح، وحقنا عليهم أن نكفل أسرهم، ونسند صمودهم، فهم من نقلوا للعالم بشاعة ما يجري. أما الإعلام العربي فدوره تقديم رؤية، على الأقل، تلتزم بحد أدنى من رواية عربية تقول إن مقاومة الاحتلال فعل مشروع منسجم مع الشرعية الدولية، مع الابتعاد عن خطاب عدم وجود البديل". حمزة المصطفى، وزير الإعلام السوري، بدأ كلمته بقوله: "إن سوريا نفضت عنها غبار سنوات، ستة عقود من الاستبداد، ونحتفل بأول عام من سقوط النظام البائد، ونريدها دولة طبيعية تركز على التنمية، بعيدا عن التقاطب الأيديولوجي السابق، ولأول مرة تعيش بدون عقوبات دولية". ودعا وزير الإعلام السوري إلى الاهتمام بالقضية الفلسطينية خارج شعارات الأنظمة العربية التي استغلتها، لتبقى "قضية عاطفية وسياسية تخصنا كعرب ومسلمين، والآن صارت تخص العالم بأكمله؛ فلأول مرة تعاظم الرأي في مقاطعة إسرائيل، وهي مقاطعة بدأت في الجامعات وانتشرت، مثل بداية مقاطعة نظام الأبارتايد (الفصل العنصري) في جنوب إفريقيا". الوزير السوري انتقد الاستخدام الوظيفي الرسمي للشعارات لأهداف أخرى، "مثل ما قام به لعقود 'حزب البعث' السوري، لإضفاء شرعية خارجية على ظلمه وتفكيكه للمجتمع وقمعه الناس وتدميره الدولة، وهذه أكبر جريمة تجاه القضية الفلسطينية، فمثلا الفرع الأمني الذي كان يرسل الناس لسجن صيدنايا ويعذبهم ويختطفهم كان اسمه: فلسطين؛ وبالتالي هذا الاستخدام الأداتي يسيء للقضية، ويشوّش، ويدخل في مقارنات لا أخلاقية، وفهم مغلوط، ويدخل الناس في شوفينية الانتماء للبلد وقول إنه لا علاقة لهم بالجوار العربي، في اعتقاد خاطئ بأنه يواجه بذلك النظام الاستبدادي الذي كان يستخدم الشعارات". وفي ظلّ "التحولات العالمية المهمة في ما يخص القضية الفلسطينية" ينبغي أن تواكبها عربيا، وفق المسؤول السوري، "إستراتيجيات، وأدوات جديدة"، لأن المحتوى الرقمي الجديد، والجيل الجديد "زيد" يصله "المحتوى ذو البعد الأخلاقي عبر منصات جديدة، حتى لو عملت المنظومات الإعلامية على عدم وصول الواقع له"، مع الحاجة إلى "تحرير فلسطين والقضية الفلسطينية من استغلالها لصالح قضايا لا تخصها".