تدشن روسيا الجمعة مشروعها العملاق للغاز يامال في الجزء الواقع في القطب الشمالي من سيبيريا، الذي شيد في ظروف مناخية وجيولوجية قاسية، بمشاركة المجموعة الفرنسية "توتال" والصين. وقررت المجموعة الروسية الخاصة "نوفاتيك" التي تترأس كونسورسيوم دولي يقود المشروع، إرسال أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال من مرفأ سابيتا الجمعة، بعدما أعلنت هذا الأسبوع بدء إنتاج الغاز على الخط الأول للانتاج الذي تقدر استطاعته ب5,5 ملايين طن سنويا. ويهدف المشروع الذي تبلغ قيمته 27 مليار دولار ويعد من أوسع المشاريع في العالم وأكثرها طموحا، إلى بناء مصنع لتسييل الغاز يسمح بانتاج 16,5 مليون طن سنويا اعتبارا من 2019، على ثلاث مراحل. ويشكل اطلاق المشروع الذي تملكه "نوفاتيك" (50,1 بالمئة) والفرنسية "توتال" (20 بالمئة) والصينتيان -- شركة النفط الوطنية (20 بالمئة وصندوق طريق الحرير ("سيلك رود فاند" 20 بالمئة)، نجاحا كبيرا بعدما شهد تحديات تقنية ومالية. وتحوي شبه جزيرة يامال ثروات هائلة لكنها منطقة معزولة في شمال دائرة القطب الشمالي على بعد 2500 كيلومتر عن موسكو، ويمكن أن تنخفض درجة الحرارة فيها الى 50 تحت الصفر. وتطلب المشروع منذ بدايته في 2013 تشييد مطار ومرفأ وخزانات والمصنع ذاته على الرغم من الجليد الذي يستمر فترة طويلة من العام. وقال صموئيل لوساك الخبير في قطاع المحروقات الروسي في مكتب "وود ماكنزي" انه "على الرغم من الظروف الصعبة للاستثمار، تم تسليم "يامال للغاز المسال في الوقت المحدد مع احترام الميزانية". واضاف انه بعملية التدشين هذه "ستصبح نوفاتيك التي كانت مزودا محليا للغاز، فاعلا عالميا في قطاع الغاز المسال"، مشيرا الى أن المشروع سيسمح لتوتال أيضا بتعزيز موقعها في هذا القطاع الذي تحتل فيه المرتبة الثانية عالميا. وكان تمويل المشروع تأثر بالعقوبات الاميركية التي فرضت على "نوفاتيك" واصبح من المستحيل ان يتم من قبل المصارف الغربية. وتم تمويله في نهاية المطاف بفضل المساهمة الصينية. وتشكل هذه الخطوة مصدر ارتياح لروسيا التي ترى ان هذا المشروع يرتدي اهمية استراتيجية. وهي تريد من جهة اخرى ابراز قدرتها على استغلال مواردها الكبيرة في القطب الشمالي على الرغم من التحديات التقنية. كما ترغب روسيا في تعزيز وجودها في سوق الغاز الطبيعي المسال الذي يشهد منافسة حادة ويغذي مزيدا من الدول الآسيوية، بينما تقوم بالتصدير خصوصا الى اوروبا عبر انبيب للغاز.