مباراة السد: حسنية أكادير يعود بالتعادل من خريبكة أمام رجاء بني ملال    كأس العالم للناشئين: المنتخب المغربي في المجموعة الثانية رفقة اليابان وكاليدونيا والبرتغال    مصرع سيدة بطنجة إثر سقوطها من طابق ثاني    اعتماد اللغة الإنجليزية في قطارات "البراق" استعداداً لمونديال 2030    الملك محمد السادس يُهنئ نهضة بركان على التتويج القاري الثالث    لقجع يهنئ نهضة بركان بعد تتويجها بلقب كأس الكونفدرالية    عمر هلال: الجزائر أصبحت نقطة انطلاق لزعزعة الاستقرار ودعم الانفصال والتطرف في المنطقة    نهضة بركان يتوج بلقب كأس الكونفيدرالية على حساب سيمبا التنزاني    الرباط.. صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم تترأس مراسم الاحتفال بالذكرى 30 لإحداث المرصد الوطني لحقوق الطفل    أمن أكادير يوقف مشتبها في تورطه في حادثة دهس بعد خلاف بمطعم (فيديو)    الملتقى الأول لرابطة كاتبات المغرب وإفريقيا والكاتبات الإسبانيات: نداء طنجة – المتوسط: اتفاقية الشراكة بين الجمعيتين ضرورة ثقافية وإنسانية    غرق سفينة حاويات تنقل "بضائع خطرة" قبالة سواحل الهند    السعودية تضبط أزيد من 13 ألف مخالف ضمن الاستعدادات لموسم الحج 1446 ه    المسرح المغربي في الحي المحمدي    برنامج طبخ صيني شهير يحول طنجة إلى قبلة للجماهير الآسيوية    نشرة إنذارية: موجة حر تتراوح بين 38 و 42 درجة في عدد من المناطق ابتداءا من الثلاثاء المقبل    الأميرة للامريم تترأس بالرباط مراسم الاحتفال بالذكرى الثلاثين لإحداث المرصد الوطني لحقوق الطفل    المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة يحتفي بالشرطيات والشرطيين الممارسين والمتقاعدين المنعم عليهم بأوسمة ملكية سامية    موجة حر تتراوح ما بين 38 و 42 من الثلاثاء إلى الجمعة المقبلين    مشروع قطار الضواحي يربط بين الرباط والدار البيضاء ومراكش بخط طوله 220 كيلومتراً    أولى حفلات ريم فكري تحقّق نجاحًا باهرًا في الدار البيضاء    بوشعيب الساوري أديبا وناقدا ومترجما موضوع ندوة بجامعة الحسن الأول سطات    ريال مدريد يعلن رسميا تعيين تشابي ألونسو مدربا جديدا للفريق    حماية المستهلك: التهافت لشراء اللحوم يرفع الأسعار ويخالف أهداف إلغاء النحر    إسرائيل تستعد لتكثيف هجمات غزة    الكويت تٌسقط الجنسية عن عشرات الآلاف من مواطنيها بدعوى أنهم لم يرثوها عن أجدادهم    الملك يهنئ عاهلي المملكة الأردنية    دراسة: ضبط عوامل الخطر لدى مرضى ضغط الدم يقلل خطر الوفاة    المغرب يحتضن النسخة الأولى من المعرض الدولي للموانئ ونظامها البيئي    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    نهضة بركان في موقعة الحسم أمام سيمبا التنزاني نحو اللقب القاري    الحكومة تطلق برنامجا لدعم مربي الماشية حتى 2026    حرارة مرتفعة.. هذه توقعات الأرصاد لهذا اليوم الأحد    سوريا تلتزم بالبحث عن أمريكيين    المخرج الإيراني المعارض جعفر بناهي يظفر ب"السعفة الذهبية" في مهرجان "كان"    حقوقيون ينشدون العفو عن النقيب زيان في عيد الأضحى    الجامعي: المغرب يعيش تراجعا حقوقيا تقوده عقلية إدارية مُمخزنة بائدة لا تستحق الثقة ولا الاحترام    ضبط عوامل الخطر لدى مرضى ضغط الدم يقلل خطر الوفاة    أوجار: جو الأمان يدعم الديمقراطية ببلادنا وإنجازات الحكومة تجعلها الأنجح في تاريخ المغرب    أسوشيتد برس: قادة في جيش إسرائيل يأمرون باستخدام فلسطينيين دروعا بشرية    وفاة طفل داخل سيارة نقل مدرسي بتاونات تستنفر النيابة العامة    فيضانات أستراليا تخلف خمسة قتلى وآلاف المنازل المتضررة    مدرب نهضة بركان يشدد على أهمية الحفاظ على التركيز أمام سيمبا التنزاني    الملك يستقبل الولاة والعمال الجدد بالقصر الملكي بالرباط    استمرار تأخر تعويضات تصحيح وحراسة الامتحانات يغضب رجال التعليم    المغاربة بعد الجزائريين أكثر المهاجرين في فرنسا    "ماطا" تبعث برسائل السلم والتآخي والتعايش بين الأديان    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولات الأسبوع على وقع الارتفاع    السغروشني: تموقع بلدنا غير بارز كفاية على مستوى الترتيب العالمي المرتبط بالذكاء الاصطناعي    المعهد الموريتاني يحذر: صيد الأخطبوط في هذه الفترة يهدد تجدد المخزون البيولوجي    حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    تتويج الفائزين بجائزة المغرب للشباب 2025    بلاغ جديد من وزارة الأوقاف للحجاج المغاربة    وزارة الأوقاف: حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    الله أمَر بالسّتْر ولم يأمُر ببيْع الماسْتَر !    دراسة: الولادة المبكرة قد تكون مفيدة في حالة الأجنة كبيرة الحجم    السعودية تجري أول عملية لزرع جهاز ذكي داخل الدماغ في الشرق الأوسط    البرازيل في ورطة صحية تدفع المغرب لتعليق واردات الدجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعليمُ الوطنية!
نشر في هسبريس يوم 31 - 01 - 2018


إلى وزير التعليم
وبعد،
سيادةُ الوزير على رأسِ قطاعٍ حيويّ أفْسَدهُ سابقُوك..
ومن الأساسياتِ المطلوبة: مَجّانيةُ التّعليم.. وهذه غيرُ قابلةٍ للتّراجُع.. وتطهيرُ الوزارة ومُؤسّساتِها وبعضِ الجامعات، هذا أيضًا غيرُ قابلٍ لأيّ تراجُع..
وحقوقُ وواجباتُ أُسرةِ التعليم، كذلك..
وكذلك مُكافحةُ العُنف المدرسي..
ثم نَدخُلُ برُفقةِ سيادتكَ إلى صُلبِ الموضوع: التّنشئة التّعليمية على المواطَنة..
المواطنةُ هي الأساس، لبناء مُواطنٍ مُتوازِن، من أجل وطنٍ سليم..
فكّرْ في هذا جيّدا..
الوطنيةُ عندنا بحاجةٍ إلى ترميمٍ دراسي.. فمِنْ تعليمِنا، خرجَت أدمغةُ التطرّف والإرهاب، وحكومةُ تُجّار الدين، وشبكاتٌ مُتعلّمةٌ فيها من يمارسون التهريب..
وبأبوابِ كثيرٍ من المدارس تُباعُ الممنُوعات..
وكفَى من الْتِفافاتِ وزارةِ التعليم، ومِن خلفِها الحكومةُ والبرلمان!
الحاجةُ إلى تعليمٍ عصري مُؤهلٍ لبناءِ إنسانٍ جديد في مستوى طمُوحاتِ المغرب الجديد..
ضرورةُ التفكير في إعادة ترميمِ الدّروسِ التّقليدية في المواطَنة..
المواطَنةُ ليست فقط مَضامينَ الدستور.. لا بُدَّ من دروسٍ تكميليةٍ قادرةٍ على جعلِ العقلِ المغربي الناشئ يَرْقَى إلى ما عليه المواطَنةُ في أقطارٍ ديمقراطيةٍ مُتطوّرة..
وأولُ الدروس: إعادةُ النظر في مادّةِ التاريخ.. نُريد تاريخَنا بكُلّ زواياه، لا فقط من زاويةٍ واحدة هي: تاريخُنا الرسمي..
وثاني الدروس: إعادةُ النظر في التأويلاتِ الدينية.. إنها مشحونةٌ بما يُعارِضُ العقل..
أفلا تَعقِلون؟ - قرآن.
المادةُ الدينية، والمادةُ التاريخية، لا تَسمحان للمدرسة بالالتحاقِ بالعصر، والقانون الدولي، وحوارِ الحضارات، والتكنولوجيا، والديمقراطية المتطوّرة...
ولنا في العالم نماذجُ لدُروس تكميليةٍ قادرة على جعل تعليمِنا في مصافِّ الدول الكبرى..
وعلينا نحنُ أيضا واجبُ إعدادِ استراتيجيةٍ تعليمية، لتكُونَ هي الأساس لبناء الوطَنيةِ المغربيةِ المتجدّدة..
المفهومُ التقليدي للوطَنية مؤهَّلٌ لأن يتغذّى بإضافات، لكي تكُون الوطَنيةُ عندنا هدفًا رئيسيًّا لمنظومتنا التعليمية..
ولا يكفي أن تكون عندنا استثماراتٌ وعماراتٌ وحتى عُلوم..الدولُ لا تُبنَى بهذه فقط، لا بد من عُمقٍ وطَني..
وعلى المدرسة، وعمودِها الفقري الذي هو المعلّم، يقعُ الرهانُ الأكبر، لتشكيل شخصيةِ المواطن.. وهذا يستوجبُ شُروطا وعزيمةً استراتيجية، لأننا إذا لم نُنشئ مواطنًا صالحا، فسيتولّدُ تلقائيا مواطنٌ مُنحرِف.. والمنحرفُ سيأتي على الأخضر واليابس، ويَسحقُ الكبيرَ والصغير..
ويجبُ أن نتدارك الموقف..
وليست المواطَنةُ فقط تعني قِيَمَ الولاء الوطني، يجبُ على النظام التعليمي أن يُعاضِده بالإنسان، أي تقدير قيمةِ الإنسان، وجعلِ هذا الإنسان، ومن خلاله الإنسانية، هدفًا على أساسه تكونُ الوطنيةُ السليمة، ويكونُ الوطنُ المتعافَى الأسْلَم..
على المواطن يرتكزُ الوطن، وتَكُونُ الوطنية..
وعلى المدرسة أن تُعلّم الناشئة أن أيَّ فردٍ هو مُهمّ، وضروري، وله حقوق، وعليه واجبات..
وأن تُعلّمه المدرسةُ معنَى الحقوقِ والواجبات، وتُقدّم له، وبالملمُوس، نماذجَ لكيفية احترام الذات، واحترامِ الغير، واحترام القانون، وقَبُولِ رأيِ الأغلبية...
هذا مسلكٌ إلى الخروج من التجربة الديمقراطية، والدخول في الفعلِ الديمقراطي، أي من الهواية إلى الاحتراف..
وتكونُ الديمقراطيةُ سلوكًا، وليس بيعًا وشراءًا للصّناديق..
ويتعلمُ التلاميذُ من تعليمِنا الأوّلي إلى الثانوي أبجدياتِ الديمقراطيةِ الحقّة، ومعنَى الرأي، والرأيِ الآخر..
ويَفهمُ تلاميذُنا معنَى الأغلبيةِ الحكومية..
ويُدركون بالملموس أن أغلبيةَ الأصوات لا تَمنحُ الحكومةَ بطاقةً بيضاء للاستعلاءِ على الأقليات.. وأن هذه الأقليات نفسَها إذا جمعناها، وَجدنا أنها هي في مجموعِها تُشكلُ الأغلبيةَ الحقيقية..
ويتعلمُ أطفالُنا أن من يصلُ إلى كراسي الحكومة هو مسؤولٌ أمام القانون، وأن الشططَ في استعمال السلطة سيَقوده إلى السجن..
التجاوُز يعني الوقوف في قفص الاتهام..
وأنَّ السجنَ مسألةُ حكم قضائي..
هذه الصور وغيرُها تُعلم أطفالنا منَي الانضباط.. وكيف يكُونون وطنيين، متشبّثين بالوطن، وحقوقِ وواجباتِ المواطن..
وهنا تكُون لتاريخنا مكانةٌ أكبر.. فالسابقون قد كافحوا من أجل الاستقلالِ الترابي للبلد، واللاحقون يبنُون المؤسسات، ويُشاركون في التنمية، ويُعلّمون غيرَهم ضرورية الالتزام بحقوقِ الإنسان...
هذه وغيرُها من الدروس الوطنية التي يتمُّ تدريسُها في دول ديمقراطية كبيرة مثل اليابان والولايات المتحدة الأمريكية والدنمارك وماليزيا وغيرِها...
الديمقراطيةُ ليست تراميًّا على الصناديق.. إنها سلوكُ احترام، وتعاون، وبناءٍ مشترك..
وفي مدارسنا، تكونُ أيضا لغاتُنا الوطنية، ولغاتٌ أخرى..
وثقافاتٌ أخرى معها نتفاعل، ومنها نتعلم، وبها نستفيد...
ونتواصلُ مع العالم..
ونتعمقُ في فهمِ هذا العالم..
وفهمِ المشاكلِ المطروحة، لكي نُساهم في ابتكارِ حلولٍ جديدة، ونكونَ بالفعل شريكا فاعلا في قضايا العالم..
هذه دروسٌ من المفروض أن يتعلَّمها أطفالُنا لكي ينشأوا على الوعي بالواقع العالمي، وبواقعِنا، بما فيه الصعوباتُ والإكراهات..
ويتدربُ أطفالُنا على لُعبة الحلول..ويتعلمُون معنى السلطة.. وأنواعَ السُّلَط.. والدبلوماسيةَ الرسمية.. والموازية..
والسياسة، والتعايُش، والسلام، والأمن، والأمان...
وكيف يُحافظون على كوكب الأرض.. وكيف تكونُ الحمايةُ للطبيعة..
وكلُّ هذه وغيرُها في منهجيةٍ دراسيةٍ متواصلةٍ من الابتدائي إلى الثانوي..
وعندما تأتي الانتخابات، يَعرفُون وهُم شباب، كيف يتتبّعون الحملاتِ الانتخابية، وعلى أيِّ أساسٍ يمكنُ التصويتُ لهذا المرشحِ أو ذاك..
وبهذا تكونُ المدرسةُ لا تقتصرُ على تعليم القراءة والكتابة، بل هي تَصنعُ الأساس الضروري لرجالاتِ الدولة، وللأطُر العُليا، وللبرلمان، والجماعات، والحكومة...
وستكونُ هذه نظرةً متطورةً للوطنية..
وترتبطُ الوطنية بسلوكٍ واضح، بعيدًا عن شُحنةِ مشاعر.. العقلُ سوف يكونُ محورَ الوطنية.. وبتعبيرٍ آخر: وطنيةً غيرَ صمّاء.. وغيرَ بكماء.. وغيرَ عمياء..
الوطنيةُ الجديدة ستكونُ عاقلة.. فاهمة.. مُبصرة.. مُتفاعلة مع الداخلِ والخارج..
وسيَبتكرُ النُّبغاءُ من شبابِنا لُعبًا إلكترونيةً على مَقاسنا، لكي يتدرّبَ أطفالُنا أكثر على أن الوطنَ ليس خيالا، بل هو واقع، وأن هذا الوطنَ هو نفسُه المواطن..
وينصهرُ الوطنُ في المواطن، والمواطنُ في الوطن، وتنتهي الشعارات، وتعودُ إلينا الوطنيةُ من ماضٍ قد انتهى، لتكُونَ وطنيتُنا الحديثة ضياءًا في طريق بلدنا..
وهذه هي الوطنيةُ التي نريد إنقاذَها من تُجّار الوطنية..
الوطنيةُ ليست بقرةً حَلُوبًا.. ولا ريعًا..
إننا نحنُ الوطن..
والمواطن..
والوطنية..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.