قدّم المكتب التنفيذي للمركز الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب تقريره السنوي حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب، حيث اعتبر أن المملكة سجلت خلال العام الماضي تراجعا خطيرا في مجال الحريات العامة، مرجعا ذلك التراجع إلى عدم وجود إرادة سياسية حقيقية للدولة تعكس الاحترام الفعلي لهذه الحقوق. وسجلت المنظمة الحقوقية ذاتها أن الحكومة المغربية تواصل الإجهاز على القدرة الشرائية للمواطن عبر الزيادات في الأسعار، ورفع ثمن المحروقات بالرغم من انخفاضها في السوق العالمية وانكشاف ألعوبة نظام المقايسة؛ وهو ما يشكل تناقضا وضربا صارخا لالتزامات الدولة على إثر رفع يدها عن دعم معظم المواد الأساسية، فارتفع ثمن فواتير الماء والكهرباء في تلاعب مفضوح تستفيد منه الشركات والمؤسسات المدبرة لتوزيع هاتين المادتين الأساسيتين. وكشفت تقارير مؤسسات رسمية، على حد تعبير التقرير نفسه، حجم الفساد الذي ينخر قطاع تدبير الماء والكهرباء، من تهريب للعملة وتهرب ضريبي، وإخلال بدفاتر التحملات في غياب أي رقابة، بالرغم من أن تلك التقارير لم تكشف إلا جزءا من الحقيقة، مشيرا إلى أن الأجور ظلت راكدة غير مواكبه لهذه الزيادات، بل طالتها يد الدولة بالاقتطاعات، وانخفضت وتيرة التوظيف والتشغيل لتتفاقم البطالة في صفوف الشباب بلغت نسبتها حسب الإحصائيات الرسمية إلى مليون و200 ألف عاطل خلال سنة 2017، أي أن معدل البطالة انتقل من 9,9% إلى 10,2%، ومن 14,2% إلى 14,7% بالوسط الحضري. أما بخصوص حرية التجمع فقد رصد المركز استمرار الاعتقالات العشوائية التعسفية بمجموعة من المناطق، والتضييق على عمل المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، وحقهم في التنظيم، فضلا عن الاستعمال المفرط للقوات العمومية في حق عدد من الوقفات الاحتجاجية ذات المطالب الاجتماعية، والتظاهرات السلمية، حيث لما زالت الإرادة السياسية لدى الدولة المغربية مقيدة بشكل كبير، تحدها مقاربة النزعة التحكمية والتسلط في التعاطي مع الحريات والحقوق، مرجعا الأمر إلى عدم قدرة عدد من مؤسسات الدولة المغربية الالتزام بالمعاهدات الدولية والبروتوكولات الاختيارية. وكشف تقرير هذا المركز الحقوقي عن تفاقم ظاهرة الإفلات من العقاب بخصوص ناهبي المال العام، والمتورطين في الفساد المالي والإداري، وعجز القضاء والحكومة عن محاربة الفساد، مسجلا ضعف وتيرة تفعيل توصيات تقارير المجلس الأعلى للحسابات وإحالتها على القضاء في ما يخص الفساد ونهب المال العام. أما بخصوص التضييق على الناشطين والنقابيين والسياسيين والصحافيين المستقلين، فوصفه التقرير الذي توصلت بها هسبريس بالتضييق الممنهج، مستدلا "بحالات الاعتقالات والمحاكمات والمنع للعديد من الأنشطة، واستمرار التضييق في حق الأقلام الحرة و في حق المبلغين عن جرائم الرشوة". تزايد انتهاك الحق في الإضراب، والتضييق على الحريات النقابية بالمتابعات والاقتطاعات من الأجور، فضلا عن الإجهاز على مكتسبات المتقاعدين من خلال المشروع المقترح لإصلاح صناديق التقاعد التي تم نهبها من لدن لوبيات دون محاسبة، ملاحظات أخرى سجلها التقرير السابق ذكره.