شهد عام 2018 سلسلة من الأحداث الكروية الهامة، قد يكون على رأسها مونديال روسيا الذي كان مسرحا للتأكيد على موهبة استثنائية جديدة متمثلة في الشاب الفرنسي كيليان مبابي، الذي تألق في بطولة شهدت للمرة الأولى استخدام تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) وتحقيق منتخب كرواتيا لإنجاز تاريخي بوصوله إلى نهائي كأس العالم بقيادة لاعب وسط ريال مدريد لوكا مودريتش، الذي عاش هذا العام أفضل سنوات حياته بعد أن انتزع الكرة الذهبية من أيدي الأسطورتين ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، اللذين احتكراها خلال السنوات العشر الأخيرة. وفي ما يلي عشرة من أبرز الأحداث التي جرت في عالم كرة القدم على مدار عام 2018: 1- عام حكم الفيديو المساعد: إذا كان هناك نجم بلا منازع لعام 2018 فهو حكم الفيديو المساعد (VAR) الذي تأكد دوره كعنصر لا غنى عنه في اللعبة، لاسيما عقب اعتماد هذه التكنولوجيا في المسابقة الأعلى مكانة في كرة القدم، مونديال كأس العالم. وحتى الاتحاد الأوروبي للعبة (يويفا) الذي لم يرد في البداية تطبيقه في الموسم الحالي 2018/2019، تراجع في النهاية وقرر استخدامه بداية من دور ال16 في النسخة الحالية من دوري الأبطال الأوروبي. وبمرور الوقت، وعقب الكثير من الجدل واختلاف الآراء حول جدوى هذه التكنولوجيا الجديدة، تحولت صورة الحكام وهم يرفعون أياديهم نحو أذانهم أو حين يرسمون مربعا وهميا في الهواء، إلى مشهد معتاد كرويا، حتى إن المشجعين بدؤوا يقومون بهذه الإشارات لطلب اللجوء إلى(VAR) حين يكون هناك جدل بشأن لعبة ما. 2- ريال مدريد..وداع مزدوج في صيف واحد: "اللعب لصالح ريال مدريد كان أمرا رائعا"، بهذه الكلمات هز البرتغالي كريستيانو رونالدو الوسط الكروي بشكل قد يكون غطى حتى على الإنجاز التاريخي الذي حققه الملكي حين أصبح أول فريق يتوج بالتشامبيونزليغ في ثلاث نسخ متتالية، ليفتح "صاروخ ماديرا" الباب أمام رحيله عن قلعة سانتياغو برنابيو في اليوم نفسه الذي رفع فيه الفريق الكأس ذات الأذنين للمرة الرابعة في السنوات الخمس الأخيرة. وكان لهذه الكلمات وقع القنبلة عقب مباراة النهائي التي أقيمت بكارديف في 26 يونيو أمام ليفربول، في لقاء غلب عليه مشهد خروج مهاجم الفريق الإنجليزي، المصري محمد صلاح، من أرض الملعب باكيا إثر تعرضه لإصابة في الكتف عقب تدخل من سرخيو راموس، بالإضافة إلى أخطاء حارس "الريدز" لوريس كاريوس التي مهدت الطريق لفوز الريال (3-1). وبعدها بأسبوعين، أعلن كريستيانو انتقاله إلى يوفنتوس الإيطالي في صفقة بلغت قيمتها 105 ملايين أورو بعقد مدته أربع سنوات، لينهي بذلك حقبة امتدت لتسعة أعوام بين جدران سانتياغو برنابيو، توج خلالها ب16 لقبا (منها التشامبيونز ليغ أربع مرات ومونديال الأندية ثلاث مرات والليغا مرتين) فضلا عن 33 جائزة فردية (من أبرزها أفضل لاعب في العالم خمس مرات والحذاء الذهبي أربع مرات). وفي الصيف نفسه الذي ودع فيه الريال هدافه التاريخي، رحل أيضا نجم آخر كان هو المايسترو في هذه الفترة الذهبية التي عاشها الملكي خلال السنوات الأخيرة، ففي 31 مايو الماضي، أعلن الفرنسي زين الدين زيدان استقالته من الإدارة الفنية للملكي بعد أيام قليلة من تتويجه بثالث تشامبيونز ليغ على التوالي، مؤكدا أن "هذا قرار لصالح الجميع، لصالحي في المقام الأول وكذلك للفريق..التغيير ضروري لمواصلة الانتصارات". 3- قرار غريزمان: عقب أشهر من الشكوك حول مستقبله وما إذا كان سينتقل لبرشلونة أم لا، أعلن أنطوان غريزمان في 14 يونيو الماضي بطريقة غير مألوفة أنه قرر البقاء مع أتلتيكو مدريد. وفعل اللاعب الفرنسي ذلك من خلال فيديو مدته 32 دقيقة، تحدث خلاله عن شكوكه وكيف يمكن لأسرته وأصدقائه التعاطي مع انتقال محتمل للبلاوغرانا، ليقول في النهاية "قررت البقاء". وأثار هذا الفيديو جدلا واسعا، لكونه كان من إنتاج شركة (كوزموس ستوديوس) التي شارك في تأسيسها مدافع برشلونة جيرارد بيكيه. وحسم المهاجم الفرنسي قراره قبل انطلاقه مع منتخب بلاده إلى روسيا، حيث تلقى زيارة مفاجئة من مدربه الأرجنتيني دييجو سيميوني وزميله بالفريق، الأوروجوائي دييجو جودين. 4- المونديال يوقع شهادة ميلاد نجم جديد: لا شك أن أداء الفرنسي الشاب كيليان مبابي لم يمر مرور الكرام في روسيا التي كانت شاهدة هذا العام على بزوغ موهبة استثنائية في بطولة كأس العالم، إذ أثبت المهاجم الذي استكمل للتو 20 عاما أنه لاعب فريد والوحيد القادر على خلق توقعات هائلة في كل مرة تلمس فيها قدماه الكرة. وفي هذه السن الصغيرة، توج مبابي بطلا للعالم -مع منتخب لم يقدم أداء مبهرا أبعد من اللعب البدني والفعال- وبأربعة ألقاب مع فريقه باريس سان جيرمان وبجائزة "ريموند كوبا" كأفضل لاعب صاعد تحت 21 سنة، ليصبح واحدا من أبرز النجوم على الساحة الكروية حاليا. 5- نيمار...أوسكار أفضل سَقْطة: لم تهتز صورة لاعب خلال هذا المونديال أكثر من البرازيلي نيمار دا سيلفا الذي توجه إلى روسيا طامحا ليكون نجم البطولة، لكنه غادرها في النهاية من ربع النهائي، لتقتصر نجومية مهاجم باريس سان جيرمان في هذه النسخة على مشاهد سقوطه المتكرر ومبالغته في ردود فعله في المناورات الاحتكاكية مع منافسيه، ليصبح بلا منازع الهدف الأكبر لسخرية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. 6- إقالتي لوبيتيجي: ليعبر عن مشاعره في يوم تقديمه مدربا جديدا لريال مدريد بعد ساعات من إقالته كمدير فني لمنتخب إسبانيا بسبب إعلان تعاقده مع الملكي دون إخطار رئيس الاتحاد الإسباني لكرة القدم لويس روبياليس، عشية انطلاق صافرة المونديال، قال جولين لوبيتيجي: "أمس كان واحدا من أكثر الأيام حزنا في حياتي، واليوم هو الأسعد". لكن ذلك اليوم السعيد تحول لاحقا إلى كابوس في حياة لوبيتيجي، الذي كان أحيانا ضحية للحظ السيئ الذي وضع القوائم الثلاث في طريق استمراره مع الريال بعد أن فاز معه في نصف المباريات التي قادها وخسر سبعا وتعادل في اثنتين. وفي الفترة القصيرة التي تولى خلالها الإدارة الفنية للملكي، تلطخ سجل المدرب بخسارة لكأس السوبر الأوروبي أمام أتلتيكو مدريد (4-2) وبهزيمة مهينة في كلاسيكو الليغا أمام الخصم اللدود برشلونة (1-5)، ليواجه إقالته الثانية في 139 يوما. 7- دوري الأمم الأوروبية..ميلاد بطولة جديدة: شهد 2018 ميلاد بطولة جديدة للمنتخبات بانطلاق النسخة الأولى من دوري الأمم الأوروبية التي اقتحمت التقويم الكروي لتضفي تغييرات على اللعبة، فبعد أن جرت العادة على استغلال فترة توقف الدوريات المحلية لإقامة وديات أو مباريات تأهيلية لبطولات كبرى، الآن أصبحت هذه المباريات التي تفتقر للأهمية من الماضي، إذ تغزو البطولة الجديدة هذه المساحة لإضفاء تنافسية على المواجهات بين المنتخبات. ويشارك في البطولة 55 منتخبا من القارة العجوز، مقسمة على أربعة مستويات، يضم كل منها أربع مجموعات، مع نظام هبوط وصعود، بحيث يتسنى لأبطال المستوى الثاني والثالث والرابع التأهل للمستوى الأول، بدلا عن الهابطين. 8- الانهيار الألماني: في 16 يونيو الماضي، عشية انطلاق كأس العالم 2018، لم يشكك أحد في قوة حاملة اللقب التي تأهلت لروسيا من أوسع الأبواب وفي جعبتها كأس القارات لتكون المرشحة الأقرب للفوز. والآن بعد مرور أربعة أشهر، لا تسأل ألمانيا نفسها كيف تعرضت للإقصاء من دور المجموعات فحسب، بل تأسف أيضا على هبوطها للمستوى الثاني في دوري الأمم الأوروبية بعد أن عجزت عن الفوز على فرنسا وهولندا (هزيمتان وتعادلان) في انهيار بكل المقاييس لفريق يواكيم لوف. 9- لوكا مودريتش: بتتويجه بطلا للتشامبيونز ليغ ووصيفا للمونديال وأفضل لاعب في البطولة، بالإضافة إلى جائزتي الأفضل والكرة الذهبية، لمس اللاعب الكرواتي عنان السماء في 2018 التي كانت تكليلا لمسيرته كواحد من أفضل لاعبي الوسط في العالم، لاسيما بعد أن تمكن من كسر هيمنة البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي على الساحة الكروية خلال السنوات العشر الماضية بخمس كرات ذهبية لكل منهما في العقد الأخير. 10- نهائي استثنائي لكأس ليبرتادوريس: من بين كافة نسخها ال58 على مدار أكثر من نصف قرن، كانت تلك التي حُسمت في مدريد في ديسمبر الجاري هي الأكثر إثارة، فبعد أن كانت ستدخل التاريخ فقط لكونها الأخيرة التي تقام بنهائي من مباراتين، ولأنها جمعت لأول مرة في النهائي بين العملاقين الأرجنتينيين ريفر بليت وبوكا جونيورز، جاءت كل الأحداث التي أحاطت بالمرحلة الأخيرة من هذه النسخة لتجعلها غير قابلة للنسيان. وعقب انتهاء مباراة الذهاب بين الفريقين بالتعادل الإيجابي بهدفين لمثلهما على ملعب "لا بومبونيرا" معقل بوكا، كان من المقرر إقامة إياب النهائي في 24 نوفمبر الماضي على ملعب "المونومنتال"، معقل ريفر بليت. لكن حافلة بوكا تعرضت للاعتداء من قبل مشجعي الخصم أثناء توجهها إلى الملعب، ليتم تأجيل اللقاء مرتين وسط حالة من الجدل وسلسلة طويلة من ردود الفعل، قبل أن يتقرر في النهاية نقل اللقاء إلى سانتياغو برنابيو، معقل ريال مدريد بالعاصمة الإسبانية، ليصبح هذا النهائي الذي توج فيه ريفر بليت بطلا لنسخة هو الأعلى مشاهدة في تاريخ البطولة الجنوب أمريكية بعد أن تابعها نحو 350 مليون شخص. *إفي