احتفاء بحلول السنة الأمازيغية الجديدة 2969، عقد مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم، في إطار فعاليات الدورة السادسة من "ملتقى مكناس-إفران لحوار الهويات والثقافات"، أمس السبت بمدينة مكناس، ندوة موسعة شارك فيها نخبة من المفكرين المغاربة لتقديم قراءة في كتاب "أعمال ندوة حوار الثقافات وأسئلة الهوية"، وقراءة في "إعلان مكناس لحوار الثقافات"، أعقبها تنظيم سهرة فنية كبرى بساحة البريد. وأجمع المتدخلون في محاور ندوة هذا الملتقى، المنظم بشراكة مع جامعة الأخوين بإفران وجماعة مكناس ووزارة الثقافة والمجلس الإقليمي لإفران، الذي خصصت أشغاله ل"حوار الثقافات وسؤال الهوية"، (أجمعوا) على أن "إعلان مكناس"، الذي توج ندوة "حوار الثقافات وأسئلة الهوية" لدورة العام الماضي، يشكل وثيقة نوعية فيما يخص النقاش الوطني حول مسألة حوار الثقافات. وعبر المتدخلون في هذا اللقاء عن أملهم في إعمال وأجرأة "إعلان مكناس لحوار الثقافات" من خلال ندوة إفران المقبلة، مؤكدين أن مسألة حوار الثقافات أصبحت حاجة مجتمعية، ومطلبا حقوقيا، وضرورة حضارية للمجتمع الواحد وللمجتمعات المتقاطعة أو المختلفة ثقافيا. وقال عبد السلام بوطيب، رئيس مركز الذاكرة المشتركة للديمقراطية والسلم، إن هذا اللقاء "انتهى إلى مجموعة من الخلاصات التي تؤكد مضامين إعلان مكناس"، مبرزا، في تصريح لهسبريس، أن هذه الوثيقة لم تغيب التعاطي السياسي مع حوار الثقافات، بقدر ما تناولته من جوانب متعددة أخرى، ملفتا الانتباه إلى أن "الجانب السياسي في حوار الثقافات يبقى مهما". "نحن ذاهبون مباشرة إلى جامعة الأخوين بمدينة إفران أيام 13 و14 و15 أبريل القادم للبحث من خلال ندوة دولية في صيغ أجرأة بنود إعلان مكناس، برؤية أكثر وضوحا من السنة الماضية"، يقول بوطيب، الذي أضاف أن المداخلات المختلفة، من زوايا متعددة، رسمت تصورا مغربيا حول حوار الثقافات الذي سيشكل أرضية لندوة إفران التي سيحضرها المهتمون بحوار الثقافات، وحوار الحضارات، وحوار الأديان، من شمال إفريقيا والشرق الأوسط. وأورد متحدث هسبريس أن ندوة جامعة الأخوين يروم من خلالها مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم "التذكير بأنه لا مفر للإنسانية من الحوار الثقافي وصيانة مكتسباته في هذا المجال"، متطلعا إلى تحويل الحوار بين الثقافات إلى أهم الحقوق التي يتأسس عليها الجيل الخامس من حقوق الإنسان. من جانبه، قال عبد الحق الأبيض، رئيس المركز المغربي لحوار الثقافات وتنمية القيم، الذي أنيطت به مهمة تسيير جلسة الندوة المذكورة، إن "هذا اللقاء كان بمثابة قراءة نقدية لما جاء في إعلان مكناس، وذلك من خلال التركيز على مجموعة من النقط المتعلقة بتحديد مفهوم حوار الثقافات ومفهوم الهوية وتعلقاتهما بما هو محلي وما هو كوني". وأضاف الأبيض، وهو يتحدث لهسبريس، أن "لقاء مكناس كان أساسيا لوضع أسس يمكن استثمارها في قراءة ندوة إفران"، مشيرا إلى أن "مسألة حوار الثقافات مسألة أساسية اليوم، وليس أمرا ترفيا، وإلزاما حقوقيا أكثر منه مطلبا حقوقيا، كما أكدت على ذلك بعض المداخلات". وأبرز الأبيض أن "إعلان مكناس" أنزل النقاش حول حوار الثقافات من مستواه النظري إلى مستوى البحث في الأجرأة، معتبرا الإعلان المذكور "يشكل تحولا نوعيا في مسألة النقاش الوطني حول حوار الثقافات، وأنه إذا ما استثمر استثمارا فكريا، وترافعيا، سيؤدي، لا محالة، إلى حلحلة مجموعة من الموضوعات". في غضون ذلك، نظم مركز الذاكرة المشتركة للديمقراطية والسلم، احتفاء بحلول السنة الأمازيغية الجديدة، سهرة فنية كبرى بساحة البريد وسط مدينة مكناس، أحياها الفنان الدوزي والفنانة الأمازيغية الشريفة، إلى جانب مجموعة "آيت نهاية" من جزر الكناري. وتميزت هذه السهرة الفنية، التي لاقت حضورا واسعا لجمهور العاصمة الإسماعيلية، بنصب صورتي "لويزا" و"مارين"، ضحيتي جريمة شمهروش، أمام منصة العرض، حيث تم وضع الشموع والورود أمام صورتي الفقيدتين، قبل إطلاق الشهب الاصطناعية التي أضاءت سماء مدينة مكناس احتفاء بمقدم العام الأمازيغي الجديد. وكان الشاعر والحقوقي صلاح الوديع قد ألقى كلمة تأبينية في حق السائحتين الإسكندنافيتين خلال تنظيم أشغل ندوة ملتقى مكناس-إفران لحوار الثقافات. وقال الوديع في تصريح لهسبريس، إن هذه المناسبة "تشكل فرصة للتعبير عن ألمنا وعن أملنا في الحسم مع الدعوات التكفيرية والإرهابية التي تنتمي للجانب المظلم، للأسف، من تراثنا". وأضاف الوديع أنه "يجب علينا الحسم حضاريا مع هذه الدعوات حسما نهائيا، وبشكل واضح ونهائي، والتأكيد على الانتماء للوجه المشرق من حضارتنا، والتخلص من خطاب الكراهية والميز والضغينة".