عجز الميزانية المغربية يبلغ 50,5 مليار درهم حتى شتنبر 2025    طنجة.. توقيف مروج أقراص مخدّرة وضبط كمية مهمة داخل منزله    الوكالة الوطنية للموانئ تخطط لاستثمارات بقيمة 3.3 مليار درهم بين 2026 و2028 لتعزيز البنيات التحتية والرقمنة    سلسلة التمور بالمغرب تحقق رقم معاملات يقارب 2 مليار درهم وتوفر 3,6 مليون يوم عمل    الوقت انتهى... مجلس الأمن يصوت غدا على قرار يتبنى الحكم الذاتي كحل نهائي لنزاع الصحراء المغربية    جديد الكاتب والباحث رشيد عفيف: "كما يتنفس الكلِم".. سيرة أحمد شراك كما لم تُروَ من قبل    لا غالب ولا مغلوب في مباراة "ديربي الدار البيضاء" بين الوداد والرجاء    وزيرة خارجية إيسواتيني تجدد من العيون تأكيد دعمها لمخطط الحكم الذاتي وتشيد بالدينامية التنموية بالأقاليم الجنوبية    البطولة.. الديربي البيضاوي بين الوداد والرجاء ينتهي بلا غالب ولا مغلوب    رسميا.. رفع سن ولوج مهنة التدريس إلى 35 سنة بدل 30 سنة    المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني يتفقد جاهزية الترتيبات الأمنية لمباراة الديربي البيضاوي    الحسين الشعبي يوقع "لوزيعة" بمعرض الكتاب بالرباط    الحكومة تعلن تأجيل تسديد قروض "فرصة" لمدة سنة لفائدة حاملي المشاريع    تشكيلتا الوداد والرجاء للقاء "الديربي"    الدرك يفتح تحقيقا في وفاة شخص بعد تناوله مادة حارقة نواحي اقليم الحسيمة    عرض فني بالدارالبيضاء بمناسبة المؤتمر العالمي للفلامنكو    مؤشرات لفقدان التوازن داخل التحالف الثلاثي: رئيس البام يطلق اتهامات «طحن الورق» في خبز المغاربة    بعد غارات إسرائيلية ليلية دامية .. حزن وخشية من عودة الحرب في غزة    اللعبة انتهت: العالم يصطف خلف المغرب والجزائر تخسر آخر أوراقها في الأمم المتحدة    جلول صمصم : انطلاق المشاورات في الأقاليم ال 75 لاعداد جيل جديد من برامج التنمية الترابية    إنقاذ قارب للهجرة السرية على متنه 22 مغربياً أبحروا من سواحل الحسيمة    ملامح الحزن ومأزق الوجود في ديوان «أكثر من شجرة أقل من غابة» للشاعر علي أزحاف    بتنسيق مغربي إسباني.. تفكيك شبكتين دوليتين وحجز 20 طناً من الحشيش داخل شحنات فلفل    "منخفض جوي أطلسي" يجلب أمطارا وزخات متفرقة نحو الشمال المغربي    ملاعب الرباط تستعد: "الأمير مولاي الحسن" و"البريد" يحتضنان معارك الملحق الإفريقي للتأهل لمونديال 2026    تعيين محمد الطوزي عميدا لكلية العلوم الاجتماعية بالجامعة الدولية للرباط    حركة "جيل زد"... فرصة لإعادة المعنى للسياسة! (1)    التوقيع على ملحق اتفاقية استثمارية بين المملكة المغربية ومجموعة "رونو المغرب"    دعوات للنيابة العامة من أجل التحقيق في تصريحات التويزي حول "طحن الورق"    المديرية العامة للأمن الوطني تعقد شراكة مع شركات التامين الفرنسية    جلسات ماراطونية لمحكامة جيل زيد بكل من طنجة والعرائش والقصر الكبير    السياحة المغربية تلامس أفق 18 مليون سائح... و124 مليار درهم من العملة الصعبة حصاد مرتقب    لامين يامال يشتري قصر بيكيه وشاكيرا    جرائم ‬بيئية ‬ترتكبها ‬معاصر ‬الزيتون ‬تهدد ‬الموارد ‬المائية ‬بالمغرب    "أكاديمية المملكة" تصدر موسوعة "مناظرة العلوم الإنسانية والاجتماعية" في 4 مجلدات    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    مهرجان الدوحة السينمائي يعلن عن لجنة تحكيم المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    "سباق التناوب الرمزي المسيرة الخضراء" يصل محطة طرفاية-العيون    غوارديولا يتطلع إلى عودة مرموش لكامل لياقته    إعصار "ميليسا" العنيف يضرب جامايكا ويسبب خسائر في الأرواح    الساكنة الحقيقية لمخيمات تندوف... عندما تنكشف أكاذيب النظام الجزائري    صقور الصّهيونية    قيمة شركة "إنفيديا" تقترب من مستوى 5 تريليونات دولار القياسي    مقتل جندي إسرائيلي في قطاع غزة    شباب المحمدية يبسط سيطرته على صدارة القسم الثاني    بنسعيد يترأس حفل تنصيب لجنة تحكيم الجائزة الكبرى للصحافة    شيخوخة اللسان!    سقوط عشرات القتلى في قطاع غزة    مندوبية السجون تعلن الإغلاق النهائي لسجن عين برجة    النمل يمارس التباعد الاجتماعي عند التعرض للأمراض والأوبئة    دراسة حديثة تحذر من مغبة القيادة في حالة الشعور بالإرهاق    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوديي يستحضر زمن الماركسيين المغاربة .. "الثورة على الأبواب"
نشر في هسبريس يوم 12 - 04 - 2019

قال عبد العزيز الوديي، القيادي الطلابي نائب رئيس المؤتمر الخامس عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، إن "المناخ السياسي للمؤتمر اتسم بالثورية والفوران وبتصاعد النضالات المطلبية منها على وجه الخصوص- في الكثير من القطاعات الاجتماعية، مباشرة بعد الانقلاب العسكري الأول ضد الملك الحسن الثاني (10 يوليوز 1971)، بل وحتى قبله".
وأضاف الوديي، في الجزء الأول من حواره، أن "الماركسيين عاشوا في حركة إلى الأمام حالة من "الحماس الثوري"، وواكبوا فورة وثورة الشباب محليا وعالميا، وهي من العوامل التي حالت دون إدراكهم لواقع موازين القوى الفعلية داخل المجتمع. كانوا مقتنعين؛ بل كانوا يؤمنون إيمان العجائز، بأن الثورة على الأبواب، وكانوا يرددون على الدوام المقولة الشهيرة للزعيم ماو تسي تونغ "رُبَّ شرارة أحرقت سهلا".
إليكم نص الحوار:
بأية صفة وفي أي إطار شاركت في المؤتمر الخامس عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب؟
شاركت في هذا المؤتمر، بصفتي مُؤتمرا منتخبا عن كلية الآداب بالرباط. وكنت آنذاك مناضلا في تنظيم "أ"، الذي سيتحوَّل فيما بعد إلى منظمة "إلى الأمام". كما كنت أيضا عضوا مسؤولاً عن بعض خلايا "الجبهة المُوحَدة للطلبة التقدميين" (Front Uni des Etudiants Progressistes- FUEP)- ومنها خلية كلية الطب - التي كان من بين مناضليها محمد الناجي وعبد العالي بنشقرون. وهي "الجبهة" التي تأسست عشية انعقاد انتخابات المؤتمر الرابع عشر للاتحاد الوطني لطلبة المغرب. وكانت تنظيما سريا مشتركا بين تنظيمي "أ" (إلى الأمام لاحقا)، و"ب" (23 مارس لاحقا). وكان دورها يتمثل في "غربلة" المناضلين، حيثُ كان بعضُهم، من يُعتبرُ الأجدر نضالياً وأخلاقياً وسلوكياً في نظر مناضلي أحد الفصيلين، يُستقطب للانضمام إلى أحدهما. وقد شكّل هذان الفصيلان؛ بالإضافة إلى فصيل "ج"، المكوّن من بعض قدماء جيش التحرير اللاجئين بفرنسا (والذي انضم إلى تنظيم "ب"، قبل أن يُشكلا معا "منظمة العمل الديمقراطي الشعبي" فيما بعد)، وأيضاً تنظيم "لنخدم الشعب"، الذي انشق عن تنظيم "ب"؛ "الفصائل الأربعة" التي كوّنت الحركة الماركسية- اللينينية المغربية "الحملم"، أو ما يُسميه البعض اليسار المغربي الجديد.
قبل ذلك قضيت سنتين بداخلية ثانوية محمد الخامس بمراكش، حيث أُتيحت لي فرصة اللقاء ببعض المناضلين الاتحاديين والشيوعيين وكذلك بعض الأساتذة الذين كان لهم دور بالغ الأهمية في تكويني، أذكر منهم على الخصوص الأستاذ السي مبارك المتوكل الذي نقلنا من عصور امرئ القيس وعنترة بن شداد إلى عصر محمود درويش وسميح القاسم، وبذلك جعلنا نعشق اللغة العربية ونتشوق لدروسه. بعد ذلك انتقلت إلى ثانوية ابن الخطيب بطنجة، حيث حصلت على الباكالوريا، ثم التحقت بكلية الآداب بالرباط، وكنت عندئذ طالبا بالقسم الفرنسي من شعبة الفلسفة. وقد حظيت بالتلْمَذَة على يد أساتذة متميزين أذكر من بينهم عبد الكبير الخطيبي، رولان بارث، محمد جسوس، رشدي فكار، وجوزيف ڱابيل، وكذلك بول باسكون بمعهد السوسيولوجيا، قبل أن يتم إغلاقه من طرف النظام غداة مناظرة إفران.
كيف كانت الأجواء العامة والسياق السياسي في البلاد قبيل انعقاد المؤتمر الخامس عشر لأوطم؟
كان المناخ السياسي العام في البلاد يبدو لنا، آنذاك، مناخا ثوريا، إذ كان متسما بالفوران وبتصاعد النضالات - المطلبية منها على وجه الخصوص- في الكثير من القطاعات الاجتماعية، مباشرة بعد الانقلاب العسكري الأول ضد الملك الحسن الثاني (10 يوليوز 1971)، بل وحتى قبله. وتميّزت تلك الظرفية بتأسيس "الكتلة الوطنية" من طرف حزبي الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ورفضهما لمقترحات القصر، الذي حاول تمرير دستوره الجديد وتزكيّته من طرف الكتلة؛ غير أن هذه الأخيرة قررت "عدم المشاركة" في الاستفتاء، بينما كان شعار "الحملم" هو: "المقاطعة بوضوح للدستور الممنوح"!
كيف كانت الأوضاع وسط الحركة الطلابية آنذاك؟
كان القطاع الطلابي يعيش حالة مدّ جارف من النضالات، وكذلك الشأن بالنسبة إلى قطاع التلاميذ. وشهدت تلك المرحلة تأسيس "النقابة الوطنية للتلاميذ" (ن.و.ت)، بمبادرة أحادية الجانب من طرف التنظيم "أ"، بينما كان التنظيم "ب" يُعارض تأسيسها، إلا أن مناضلي "ب" التحقوا بالنقابة، فيما بعد، واضطلعوا فيها بدور أساسي. وكان حضورهم وازنا، أذكُر من بينهم محمد تِريدَا وعبد اللطيف زريكم ومحمد بلوط وغيرهم كُثر. وأشير إلى أن حركة التلاميذ كانت قد فرضت على النظام الاعتراف بحق التلاميذ في التنظيم في إطار الوداديات بعد أن سبق له منعها سنة 1964؛ وهو الاعتراف الرسمي الذي لم تكترث له منظمة "أ". ولذلك، لم تتمكّن حركتنا من استغلال فرصة تنقيب التلاميذ في الإطار الشرعي للوداديات.
لماذا كان التنظيم "ب" يعارض تأسيس (ن. و. ت)؟
كنت، شخصيا متحمسا، أسْوَة برفاقي في تنظيم "أ"، لفكرة تنقيب التلاميذ في إطار سري. وشاركت بمعية الشهيد عبد اللطيف زروال وبلعباس المشتري ومناضلين آخرين من الجبهة، أذكر منهم عبد الله العيواني ومناضلين من تيفلت، في توزيع منشور تأسيس "ن.و.ت". ويبدو لي، الآن، أن تقييم الرفاق في "ب" كان أكثر واقعية وسدادا آنذاك؛ ذلك أنه، إذ يتبيّن لي اليوم، أنه كان من اللامعقول الزجّ بيافعين وتعبئتهم في إطار تنظيم سري. وهو الأمر الذي استغله النظام لاعتقال مناضلين وهم في سن السادسة عشرة من عمرهم (جمال الشيشاوي والفقيد عبد العزيز الوديع...). ولئن كان الفصل السياسي والتنظيمي بين "ن.و.ت" وفصائل "الحملم" واضحا من الناحية النظرية، فإن التداخل بين الطرفين كان جليا من الناحية العملية. وكان التلامذة هم الذين يُكلَفون أحيانا بتوزيع جرائد الحركة (يروي جمال الشيشاوي بافتخار، أنه كان من بين التلاميذ الذين يوزعون جريدة "إلى الأمام" وهو مناضل في إطار "ن.و.ت").
الحقيقة هي أن "ن.و.ت" لم تكن لها أية استقلالية، وكانت هيمنة فصائل "الحملم" عليها مطلقة: إيديولوجيا وسياسيا وتنظيميا. وقد نعتبر اليوم أنها كانت، إلى حد ما، مجرد أداة لتصريف مواقف وتكتيكات فصائل "الحملم"، حسب الظرفية التي تجتازها هذه الأخيرة، كما كان شأن الاتحاد الوطني للقوات الشعبية مع "أوطم" قبل المؤتمر الخامس عشر. كانت حركتنا الفتية تُوَظِّف، صراحة، كلا من "ن.و.ت" و"أوطم" في محاولة لإخراجنا من عزلتنا القاتلة عن الجماهير الشعبية التي كنا نعتقد صادقين تمثيل مصلحتها في الثورة، وهي المصالح التي لم تكن تلك الجماهير لتدركها تلقائياً.
وفي اعتقادنا، كان دور الأداة الثورية يتمثل أولا في نشر الوعي الطبقي وغرسه في صفوف تلك الجماهير. كنّا نعيش في الحركة حالة من "الحماس الثوري"، وواكبنا فورة وثورة الشباب محليا وعالميا، وهو من العوامل التي حالت دون إدراكنا لواقع موازين القوى الفعلية داخل مجتمعنا. كنا مقتنعين؛ بل كنا نؤمن إيمان العجائز بأن الثورة على الأبواب، وكنا نُردِّد على الدوام المقولة الشهيرة للزعيم ماو تسي تونغ "رُبَّ شرارة أحرقت سهلا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.