طنجة: وفاة الأربعيني الذي أضرم النار في جسده بشارع أهلا متأثرا بحروقه البليغة    بنك المغرب: ارتفاع الديون المتعثرة ب4,5 في المائة    700 مليون درهم لدعم مربي الماشية وإعادة تكوين القطيع الوطني    وزارة الصحة الإيرانية تعلن مقتل 627 شخصا في الهجمات الإسرائيلية    أولمبيك الدشيرة يحرز لقب أول نسخة من كأس التميز    تفاصيل الحكم بالسجن على بطل الكيك بوكسينغ جمال بن صديق في بلجيكا    موجة حر غير مسبوقة تضرب المغرب لستة أيام متتالية.. الأرصاد الجوية تحذر وتعلن مستوى يقظة برتقالي    أسبوع دموي على الطرقات.. 23 قتيلاً ومئات الجرحى في أزيد من 2000 حادثة سير بالمغرب    مأساة.. أربعيني يُضرم النار في جسده ويفارق الحياة بعد 24 ساعة من المعاناة    الداخلية تشرع في إعداد لوائح المجندين الجدد تنفيذا للتعليمات الملكية    موازين.. الفناير تراهن على التراث والتجديد لمواجهة ضغوط السوشيال ميديا    كأس العالم للأندية.. مبابي يستأنف تدريباته الجماعية مع ريال مدريد    مونديال الأندية.. دورتموند يقهر أولسان وفلومينينسي يفلت من كمين صنداونز    عكس باقي مدن الشمال .. حملات محتشمة بإقليم الحسيمة لتحرير الشواطئ    إعلام فرنسي: أشرف حكيمي قدم موسما استثنائيا ويستحق الكرة الذهبية    نزاع حول حقوق هولوغرام عبد الحليم حافظ يشعل مواجهة قانونية بين XtendVision ومهرجان موازين    ولد الرشيد يجري مباحثات مع نائب رئيس جمهورية السلفادور حول سبل تعزيز التعاون الثنائي    توقعات طقس الأربعاء في المغرب    لجنة مركزية من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تحل بشفشاون لمواكبة التلقيح ضد الحصبة    أول مصنع من نوعه خارج القارة الآسيوية .. المغرب يدخل عصر البطاريات الخضراء باستثمار 20 مليار درهم    انقلاب شاحنة على الطريق الوطنية رقم 2 باقليم الحسيمة يخلف اصابات    بعد وفاة مؤسسه بنعيسى... موسم أصيلة الثقافي الدولي يواصل مسيرته بصيغة صيفية حافلة بالفنون    ابتلاع كيس يحتوي على مخدرات يودي بحياة موقوف بطنجة خلال تدخل أمني    السياحة المغربية تحقق أداء قويا في 2025 بارتفاع العائدات وعدد السياح    انطلاق أول عملية توريق للديون المتعثرة وأخرى قيد الإعداد    اجتماع بوزارة الداخلية لتحديد معايير استخراج أسماء المدعوين لأداء الخدمة العسكرية برسم الفوج المقبل للمجندين    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 56 ألفا و156 منذ بدء الحرب    إيران تؤكد أن منشآتها النووية "تضررت بشدة" جراء الهجمات الأميركية    الملك محمد السادس يهنئ أمير قطر بذكرى توليه الحكم    مبادرة مدنية ترفض حرمان الجمعيات من التبليغ عن الفساد وتعتبره دوسا على الدستور والالتزامات الدولية للمغرب    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة            كأس العالم للأندية.. طاقم تحكيم كندي بقيادة درو فيشر يدير مباراة العين الإماراتي والوداد الرياضي    المنتخب المغربي النسوي يبدأ تحضيراته استعدادا لكأس أمم إفريقيا    بنكراد: معظم المحتجين في 20 فبراير بمجرد ما عرضت عليهم المناصب ذهبوا لها وانفضوا    بكين.. مؤتمر يستكشف أوجه التعاون الصيني – المغربي في قطاع السياحة    مع استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران جيش الاحتلال يواصل استهداف غزة واتصالات لوقف الحرب وسط وعود جديدة لترامب        طنجة.. كلب يهاجم فتاة وسائق يدهس شابا ويلوذ بالفرار    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    مقتل 6 من جنود اسرائيليين في قطاع غزة    أكاديمية المملكة تنظم تظاهرة دولية    مجلس النواب الأميركي يرفض مبادرة لعزل ترامب    الجواهري: الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي بسبب تصاعد حالة اللايقين العالمية    ترامب يؤكد مجددا أن المواقع النووية في إيران "دمرت بالكامل"    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلامنجو البرازيلي يتعادل مع لوس أنجلوس الأمريكي (1-1)    أموال الناظور تمول مدنا أخرى.. أين الأبناك من تنمية المنطقة ودعم الرياضة والثقافة كما أرادها جلالة الملك؟    مجموعة بريكس تدعو إلى "كسر حلقة العنف" في الشرق الأوسط    والي بنك المغرب يدعو الحكومة إلى إنجاح برامج تمويل المقاولات الصغرى    مؤسسة أحمد الوكيلي تطمح إلى إخراج "الآلة" من النخبوية الموسيقية    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح القيمي كمدخل للنموذج التنموي الجديد
نشر في هسبريس يوم 07 - 10 - 2019


(2)
تتمة لما تطرقنا إليه في مقال سابق حول أهمية القيم كركن أساس في بناء صرح المجتمعات، وكمضمون أوحد يكفل توجيه سلوك الأفراد والأسر والجماعات نحو إنتاج السلوكيات والأفعال البناءة والإيجابية بالمفهوم الحضاري للمجتمعات، نهتم في هذا الكتاب بقيمة أساسية أخرى، وهي قيمة أداء الواجبات قبل طلب الحقوق.
ونعني بهذه القيمة أن يترسخ في قلب الأفراد ومعتقداتهم وأفعالهم الإيمان بأداء الواجبات على أحسن وجه وإتيان المطلوبات منهم على أفضل صورة، وذلك قبل التفكير منهم في الاستفادة من حقوقهم المكفولة أو حظوظهم المضمونة بالطبيعة أو بالاصطلاح.
إن أهمية هذه القيمية عظيمة وكبيرة وبانية ولا يمكن تجاوزها أبدا، بل هي سابقة ومؤسسة لما بعدها، ذلك أنه ما لم يقم كل فرد بأداء واجباته، التي هي بالضرورة حقوق للأخرين، أي للمجتمع، فإن الحصيلة الجماعية تكون كارثية، حيث لا تجد شيئا قائما أو منجزا، فلا تجد نظافة ولا تطبيبا ولا تدريسا ولا عدلا ولا خدمات... لا تجد شيئا في مستوى انتظارات أصحاب هذه الحقوق المشروعة ما دام من يقوم عليهم أدائها أخلوا بواجبهم إزائها.
نعم، إن عددا من المظاهر التي نعيشها يوميا إنما نجد دائما ورائها أفرادا ضيعوا واجباتهم وأخلوا بفرائضهم. فالحامل التي تضع مولودها على باب المستشفى عوض قاعة الولادة ضاع حقها على ذمة أفراد لم يقوموا بواجبهم في القيام بخدمات هذه المؤسسة، وغياب النظافة في أزقتنا تقع ذمتها على أشخاص يرمون القمامة على قارعة الطريق أو أخرون يحرقون حاوياتها أو أخرون لا يجمعونها وينظفون أطرافها كما يجب، والحماية من المنتجات الغير الصحية التي تتسرب إلى بيوتنا وأجسادنا حق ضاع على ذمة أشخاص لم يقوموا بالمراقبة اللازمة أو أخذوا ثمنا بخسا مقابل الترخص الغير المشروع لها، والأمثلة لا تنتهي ...
وعليه، يظهر أن القيمة الحضارية لهذه القاعدة لا تقدر بثمن، حيث يُمكِن العمل بها من القطع نهائيا مع أي مظهر من مظاهر التقصير في الأعمال والأشغال والأفعال والواجبات. فماذا لو استطعنا أن نغرس في نفس كل فرد ومجموعة ومؤسسة عقيدة وسلوك أداء الواجب؟ إن الأثر من وراء ذلك سيكون من الجمال والإتقان ما يشبه الكمال، حيث سيتأتى تلقائيا لكل واحد حقه ونصيبه ومطلوبه من الحق العام، الذي هو تلقائيا مجموع ما يؤديه أفراد أي مجتمع من واجبات متبادلة بينهم.
إن هذه القيمة هي ما سيدفع كل فرد إلى طرح السؤال الاتي أولا : ما المطلوب مني القيام به وكيف أقوم به على الوجه الأكمل؟ قبل أن يتساءل عن حقوقه ويبحث عن إشباع أنانيته. وفي هذا الصدد نتذكر قولة الرئيس الأمريكي كينيدي الشهيرة وهو يعمل على شحذ همم الأمريكيين على العمل والجهاد والعطاء حينما خطب فيهم "لا تسل عما يمكن لبلادك أن تقدم لك، بل عما يمكنك أن تقدم لبلادك."
ومن تبعات هذه القاعدة، قيمة الصدق في الموقف، "قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ" في إقامة الميزان في علاقة الفرد بحقوق الغير القائمة عليه. فكل فرد يجب أن يسائل الحقوق والعائدات التي يستفيد منها في ميزان أدائه لواجباته وعطائه للأخرين؛ هل فعلا أدى واجباته والتزاماته وما تُعهِد عليه على أحسن وجه، قبل أن يسمح لنفسه بالاستفادة والانتفاع بما يعود إليه من متوفرات، البعض منها أصبح من النعم المنسية، على الرغم من عظم دورها في ميزان الحقوق والرفاه والمتاع من شبيه توفر الماء والكهرباء والأمن ...
وهنا لا بد من التوضيح أن تربية الأفراد على أداء الواجبات لا يعني دعوتهم إلى التنازل عن حقوقهم أو نصيبهم فيما يجب أن يعود لهم طبيعة أو اجتماعا، فنكون قد صنعنا مجتمعا خانعا ذليلا، وإنما نتوخى من وراء التأكيد على هذه الأولوية والتراتبية في عقل وقلب الأفراد بتقديم أداء الواجب على طلب الحق التحسيس والإقناع بأهمية هذه القاعدة كمفتاح جماعي ناجع في إشاعة العمل المتقن والأداء الأمثل للأعمال والواجبات، وكركن مؤسس لأي معمار أو حضارة، يوفران الرفاه والعيش الرغيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.