بوريطة: المغرب يثمن الإصلاحات في باراغواي.. وقنصلية الداخلة تعزيز للشراكة    حركة "جيل زد"... فرصة لإعادة المعنى للسياسة! (1)    تعيين محمد الطوزي عميدا لكلية العلوم الاجتماعية بالجامعة الدولية للرباط    وزارة الداخلية تطلق مشاورات جيل جديد من برامج التنمية الترابية في الأقاليم ال75 بالمغرب    التوقيع على ملحق اتفاقية استثمارية بين المملكة المغربية ومجموعة "رونو المغرب"    دعوات للنيابة العامة من أجل التحقيق في تصريحات التويزي حول "طحن الورق"    المنتخب المغربي يواجه منتخب الموزمبيق ودياً في أكادير استعداداً لكأس إفريقيا    المديرية العامة للأمن الوطني تعقد شراكة مع شركات التامين الفرنسية    إحباط تهريب 20 طنا من الحشيش في عملية أمنية اسبانية - مغربية مشتركة    جلسات ماراطونية لمحكامة جيل زيد بكل من طنجة والعرائش والقصر الكبير    الجيش الإسرائيلي يعلن استئناف تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    اتفاقية استثمارية بين المغرب ومجموعة "رونو" تُحدث 7.500 منصب شغل    السياحة المغربية تلامس أفق 18 مليون سائح... و124 مليار درهم من العملة الصعبة حصاد مرتقب    الرباط تحتصن مباريات الملحق الإفريقي    لامين يامال يشتري قصر بيكيه وشاكيرا    استطلاع: 68% من المغاربة لم يسافروا خلال صيف 2025    في المائة وتطور الموارد الجبائية في مقدمة الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية4.8تحسن االقتصاد بنسبة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    جرائم ‬بيئية ‬ترتكبها ‬معاصر ‬الزيتون ‬تهدد ‬الموارد ‬المائية ‬بالمغرب    "أكاديمية المملكة" تصدر موسوعة "مناظرة العلوم الإنسانية والاجتماعية" في 4 مجلدات    علماء يكتشفون حياة ميكروبية تحت جليد القطب الشمالي    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    الدار البيضاء تحتفي بالفلامنكو الأندلسي عبر عرض استثنائي لفرقة باليه الأندلس    مهرجان الدوحة السينمائي يعلن عن لجنة تحكيم المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    الساكنة الحقيقية لمخيمات تندوف... عندما تنكشف أكاذيب النظام الجزائري    شباب المحمدية يبسط سيطرته على صدارة القسم الثاني    "سباق التناوب الرمزي المسيرة الخضراء" يصل محطة طرفاية-العيون    غوارديولا يتطلع إلى عودة مرموش لكامل لياقته    إعصار "ميليسا" العنيف يضرب جامايكا ويسبب خسائر في الأرواح    صقور الصّهيونية    قيمة شركة "إنفيديا" تقترب من مستوى 5 تريليونات دولار القياسي    تسريب ضخم ل183 مليون حساب Gmail في أكبر خرق بيانات على الإطلاق    الأمن يوقف المتورط في قضية اغتصاب مساعدة محام بالبرنوصي    برشلونة تحتضن المؤتمر الثاني لشباب مغاربة إسبانيا    إسرائيل ترتكب مجازر مروعة في غزة    البرلاسين يفتح صفحة جديدة مع الرباط ويجدد دعمه لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء    التويزي يوضّح حقيقة عبارة "طحن الورق" ويؤكد: المقصود هو التلاعب في الفواتير لا خلط الدقيق    بنسعيد يترأس حفل تنصيب لجنة تحكيم الجائزة الكبرى للصحافة    شيخوخة اللسان!    إجراءات الحكومة تساعد على الحفاظ على استقرار أسعار السمك في مستويات معقولة    الجديدة.. تأجيل محاكمة شبكة 'السمسرة والتلاعب بالمزادات العقارية' إلى 4 نونبر المقبل    سقوط عشرات القتلى في قطاع غزة    آفاق واعدة تنتظر طلبة ماستر "المهن القانونية والقضائية والتحولات الاقتصادية والرقمية" بطنجة    "لبؤات U17" يغادرن مونديال الفتيات    لقاء أدبي بالرباط يحتفي برواية «أثر الطير» لثريا ماجدولين    مندوبية السجون تعلن الإغلاق النهائي لسجن عين برجة    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية:أضواء على صفحات منسية من تاريخ الحركة الأدبية بالمغرب، من خلال سيرة الشاعر أحمد الزعيمي وديوانه المحقق..    عبد الإله المجدوبي.. العرائشي الذي أعاد للذاكرة دفئها وللمكان روحه    ميسي يتطلع للمشاركة في كأس العالم 2026 رغم مخاوف العمر واللياقة    النمل يمارس التباعد الاجتماعي عند التعرض للأمراض والأوبئة    دراسة حديثة تحذر من مغبة القيادة في حالة الشعور بالإرهاق    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأملات.. جريمة إحداث عن قصد أضرار بأموال منقولة للغير
نشر في هسبريس يوم 28 - 10 - 2019

يعتبر فعل التسبب عمدا في الإضرار بمال منقول مملوك للغير في غير الحالات التي يشكل جريمة أشد مما أشير إليه في الفصول من 580 إلى 607 من القانون الجنائي، مثلما هو حال الفصل 595 من القانون الجنائي الذي يتحدث عن "تعييب أشياء مخصصة للزينة والمنفعة العامة" والمصنفة كجنحة تأديبية، خصص لها المشرع عقوبة حبسية إضافة إلى الغرامة المالية، مجرد مخالفة، وهو الفعل نفسه الذي جعله المشرع بمقتضى ظهير 30 غشت 2011 ضمن اختصاصات قضاء القرب: "إحداث عن قصد أضرار بأموال منقولة للغير"، وعاقب عليه بمجرد غرامة تتراوح ما بين 800 و1200 درهم بمقتضى المادة 18 منه.
دعونا نسرد أمثلة بسيطة لأفعال تكيف قانونا بمخالفة إلحاق بصفة عمدية خسائر مادية بمال منقول مملوك للغير:
1. شخص يمسك أداة بيده ويقوم بتكسير جميع نوافذ أحد المنازل وكذا الباب الخشبي والحديدي وجميع مصابيح البيت.
2. آخر يمسك قضيبا حديديا بيده ويقوم بلا تقدير العواقب بتكسير العشرات من السيارات المستوقفة بموقف السيارات ومن بينها سيارة من نوع نادر ومشهور قد تفوق قيمتها 700.000 ألف درهم مثلا.
3. ثالث يدخل محلا للأثاث الفاخر فيعرضه لخسائر مادية كبيرة تتمثل في تكسير صالونات وأرائك وخزانات خشبية مستوردة وأجهزة إلكترونية تقدر قيمتها بآلاف الدراهم.
وما زلت شخصيا كمواطن أتذكر أنني تركت سيارتي مستوقفة لدى الحارس الليلي لأفاجأ بكون أحد الأشخاص كان في حالة سكر وعربدة فقام بالركوب على سطحها وضغطه بقوة ملحقا بها خسائر كبيرة، كما قام ب "دكدكة" العديد من السيارات التي كانت في عهدة الحارس نفسه.
ملاحظات:
1. لو ضبط الفاعل في حالة سكر أو تخدير مثلا، لن يطرح الأمر إشكالا مادام المرسوم المعاقب على السكر العلني البين وكذا ظهير 21/05/1974 يسعف القاضي في تطبيق العقوبة الحبسية في حقه.
2. كما لا إشكال أيضا إذا اقترن فعل إلحاق الخسائر والتكسير بفعل الهجوم على مسكن الغير أو انتهاك حرمته طبقا للفصل 441 من القانون الجنائي أو بجنحة حيازة السلاح بدون مبرر مشروع طبقا للفصل 303 مكرر من القانون نفسه ما دامت العقوبة المخصصة للأفعال المرتبطة بالمخالفة سوف تسعف القاضي في الحكم بعقوبة مناسبة للجرائم الثابتة في حق المتهم بقصد تحقيق الردعين الخاص والعام معا.
3. أما ما عدا الحالتين المذكورتين أعلاه والحالات الأخرى التي يرتبط فيها فعل إلحاق خسائر مادية بملك منقول للغير بجرائم أكثر خطورة، فإن الفاعل يتم ضبطه وقد يعترف بالأفعال المنسوبة إليه أو تثبت في حقة إحدى وسائل الإثبات، كما يؤكد المشتكون الشكاية ويدلون بفواتير تثبت قيمة الخسائر المادية التي لحقت بممتلكاتهم المنقولة، ويعرض المحضر على النيابة العامة ويتابع الفاعل طبقا لظهير القرب ويحال على المحكمة للبت فيه طبقا للقانون وتكون العقوبة في حالة الحكم بالإدانة عبارة عن غرامة مالية فقط.
4. نتحدث عن تعديل مرتقب للقانون الجنائي، فهل يا ترى انتبه واضعو المسودة لخطورة الأفعال التي سردنا أمثلة لها أعلاه ومدى تأثيرها على نفسية الضحايا وجيوبهم وكذا على الأمن العام، إذ لا يعقل أن يسوى في العقاب شخص ألحق خسارة مادية بسيطة بكرسي بلاستيكي أو طاولة خشبية بسيطة أو هاتف نقال من الجيل السابق وكذا زجاجة عاكسة صغيرة لسيارة قديمة مثلا، وشخص ألحق خسائر فادحة بقيمة مالية كبيرة انصبت على سيارة فارهة أو أثاث قيم أو ملحقات محل للسكنى (عمارة، منزل أو فيلا) أو أي محل تجاري.
5. أرى أن على المشرع أن يأخذ بعين الاعتبار عند تسطيره للعقوبة المخصصة لهذا النوع من الأفعال الجرمية قيمة الأشياء التي لحقتها الخسارة وكذا موقعها وحرمة الأمكنة التي كانت تتواجد بها.
ولا بد هنا أيضا أن نشير إلى آراء هامة للمهتمين بهذا الموضوع، نجملها في ما يلي:
1. إن المشرع المغربي لم يعرف في القانون الجنائي مفهوم المنقول والعقار علاقة بالمخالفة أعلاه، وتساءل المهتمون بالتالي هل تعتبر ملحقات المنازل والمحلات التجارية عقارات بالتخصيص أم ننظر إليها كمنقولات منفصلة عن العقار الذي خصصت له؟
2. كيف يعقل للمشرع المغربي أن يعاقب على جنحة التهديد بارتكاب فعل من أفعال الاعتداء على الأشياء بالحبس والغرامة أو بإحدى العقوبتين ويقتصر في الفعل التام وهو إلحاق خسائر مادية بمال منقول مملوك للغير على مجرد عقوبة الغرامة.
3. وعلق البعض الآخر موضحا أن الفيصل في الانتقال من وصف الفعل من مخالفة إلى جناية أحيانا قد يكون هو الأداة المستعملة في ارتكاب الفعل، فإضرام النار مثلا في بعض الأشياء المنقولة يشكل جناية في نظر القانون في حين إن تكسيرها يبقى مجرد مخالفة، ولعل ما يبرر ذلك هو خطر انتقال النار من المنقول إلى ما جاوره من أشخاص ومنقولات أخرى أو عقارات.
4. إن التعويض الذي يمكن أن يحكم به القاضي في إطار اختصاص قضاء القرب بخصوص مخالفة إحداث عن قصد أضرار بمال منقول مملوك للغير لفائدة المطالب بالحق المدني عما أصابه من ضرر لا يمكن أن يفي لوحده بجبر الضرر، خاصة إذا كانت الخسائر المادية كبيرة، لأن المادة 19 من الظهير المتعلق بقضاء القرب أعطت للقاضي الحق في البت في المطالب المدنية الناجمة عن الأضرار، في نطاق الدعوى المدنية التابعة في حدود الاختصاص القيمي المشار إليه في المادة العاشرة من الظهير التي نصت على أن:
"قاضي القرب يختص في النظر في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف –5000-درهم" في حين إن قيمة الخسائر المادية لوحدها قد تفوق أحيانا هذا المبلغ بكثير، فما بالك بالتعويض المطالب به والمستحق؟
أعتقد أن الموضوع يستحق منا كقانونيين وحقوقيين أن نوليه الأهمية والاهتمام اللازمين ونقف عنده للتأمل.
*عضو نادي قضاة المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.