طائرة استخبارات متطورة تعزز قدرات القوات الجوية المغربية: شراكة استراتيجية مع كبرى شركات الدفاع العالمية    طقس الخميس: أجواء حارة مع هبوب رياح قوية    المنتخب النسوي يستعد لكأس إفريقيا في تجمع بسلا من 11 إلى 19 يونيو    اجتماع طارئ .. هل بدأ لقجع يشكك في اختيارات الركراكي؟    بنسعيد يقرب جمعيات بفاس من الصناعة الثقافية و"جواز الشباب"        الاتحاد الأوروبي يدرج الجزائر ودولاً أخرى على قائمة "الدول عالية المخاطر" في مجال مكافحة غسل الأموال    ارتفاع ملحوظ في مفرغات الصيد الساحلي بميناء الجبهة.. وارتفاع القيمة التجارية ب30%    مبعوث خاص للرئيس الفرنسي: المغرب يحمل رؤية لقارة بأكملها بفضل مبادرات الملك محمد السادس    ترامب يرحّب باعتذار ماسك: "تصرف لطيف" بعد جدل التغريدات    ضمنهم شاطئ واحد بإقليم الناظور.. اللواء الأزرق يرفرف على 28 شاطئاً فقط بالمغرب    إسرائيل تقتل 80 فلسطينيا بغزة في يوم واحد معظمهم باحثون عن طعام    الصين تعزز شراكتها مع إفريقيا: الرئيس الصيني يؤكد دعم بكين لتسريع التنمية الاقتصادية وفتح الأسواق    شركة Tinci الصينية تعلن استثمارًا بقيمة 280 مليون دولار لبناء مصنع إلكتروليتات بطاريات الليثيوم في المغرب    مصر ترحّل مغاربة قبل "مسيرة غزة العالمية" وتتمسّك ب"الطلب الرسمي"    الصبار يخلف الجامعي والي فاس    غياب أدوية اضطراب فرط الحركة يشعل الغضب بالمغرب والأسر المهددة تطالب بتدخل عاجل    قمة مرتقبة بين الملك محمد السادس والرئيس الأمريكي دونالد ترامب: مشاريع استراتيجية واتفاقيات صناعية في الأفق    الجنرال لانغلي يدعم نقل مقر "أفريكوم" إلى إفريقيا ويقترح المغرب كخيار استراتيجي    الأمم المتحدة/الصحراء: المغرب يدين تعنت الجزائر التي ترهن العملية السياسية على حساب الاستقرار الإقليمي    لبؤات الأطلس يدخلن معسكرا إعداديا استعدادا لكأس إفريقيا    توقيف زوجين بالدار البيضاء متورطين في التزوير وانتحال الهوية    حملية تطهيرية للدرك تقود لحجز سيارات وضبط حشيش وكوكايين نواحي اقليم الحسيمة    ميناء آسفي.. ارتفاع الكميات المفرغة من منتوجات الصيد البحري ب10 بالمائة عند متم ماي 2025    العلمي يجري مباحثات مع أعضاء من منظمة الأجهزة العليا للرقابة المالية    وزارة العدل تنفي تسريبات إلكترونية وتؤكد سلامة أنظمتها المعلوماتية    إعالميداوي: هيكلة البحث العلمي مسألة استراتيجية لمواكبة التحولات المتسارعة في مجالات الابتكار والاستثمار التكنولوجي    35 منتخبة و7 فرق سياسية مكونة لمجلس جماعة طنجة تتضامن مع البرلمانية الدمناتي    دكاترة التعليم يحتجون بالرباط للمطالبة بالترقية والاعتراف الأكاديمي    العالميّة المغرورة.. بقامتها الأقصر من قارورة !    وزارة العدل تنفي تسريب معطياتها وتؤكد سلامة أنظمتها المعلوماتية    الضمانات النووية: المغرب يحصل للمرة الأولى على أعلى مستوى من الضمان من لدن الوكالة الدولية للطاقة الذرية    خدمات التجارة غير المالية تثير التفاؤل    الرجاء الرياضي يعلن موعد جمعه العام ويمهد لتغيير في قيادته    "نوردو" يسعد بالغناء في "موازين"    مهرجان حب الملوك 2025: احتفال على إيقاع الاحتجاجات واستياء من «إقصاء» الفعاليات المحلية    أسس ومرتكزات الإصلاح الديني    ما الذي تبقى من مشروع الثقافة الوطنية؟    أكاذيب جزائرية    القضاء يدين "فيديو الطاسة" في طنجة    تطوير بنكرياس اصطناعي ذكي لتحسين إدارة السكري من النوع الأول    13 منتخبا حجز مقعدا له في نهائيات كأس العالم 2026 لحد الآن مع نهاية التوقف الدولي    النظام السوري الجديد يفرض على النساء ارتداء البوركيني ويمنع على الرجال الظهور عراة الصدور في الشواطئ العامة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    صيادلة يبرزون الاستخدام الصحيح لجهاز الاستنشاق    الحرس الملكي ينظم المباراة الرسمية للقفز على الحواجز ثلاث نجوم أيام 20 ، 21، و22 يونيو الجاري بالرباط    مصدر مسؤول ل"الأول": الجامعة مستاءة من أداء "الأسود".. ولقجع يدعو الركراكي إلى اجتماع عاجل    بيان عاجل حول انقطاع أدويةاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من الصيدليات وتأثير ذلك على المصابين وأسرهم    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    طاهرة تعود بقوة إلى الساحة الفنية بأغنية جديدة بعد غياب طويل    تتويجا ‬لجهود ‬المملكة ‬في ‬الاستثمار ‬الاستراتيجي ‬والرؤية ‬الواضحة ‬لتعزيز ‬قدرة ‬البلاد ‬التنافسية ‬واللوجستية..‬ ميناء ‬طنجة ‬المتوسط ‬يواصل ‬مشوار ‬التألق ‬و ‬الريادة    مزور: لدينا إمكاناتٌ فريدةٌ في مجال الهيدروجين الأخضر تؤهّلنا للعب دورٍ محوريٍّ في السوق الأوروبية    متحور ‬كورونا ‬الجديد ‬"NB.1.8.‬شديد ‬العدوى ‬والصحة ‬العالمية ‬تحذر    مانشستر سيتي يعلن تعاقده مع اللاعب الهولندي تيجاني رايندرس    السعودية تحظر العمل تحت الشمس لمدة 3 أشهر    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    كأنك تراه    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    









ذكرى الاستقلال ودينامية المقاومة المغربية
نشر في هسبريس يوم 23 - 11 - 2020


مقولات خطاب المقاومة السياسية:
باستثمار جهود السيميائيين داخل الحياة الاجتماعية، وفق محمولات -علامات- دلالية ضمن الثقافة المغربية أفرادا وجماعات، وبين مختلف المؤسسات الشرعية المُؤَسِسَة لكل ما هو جماعي سياسي باعتبار أن السيميائيات علما للثقافة، كذلك هي أيضا علما للسياسة، تقول تيربان بياتريس Turpin Béatrice: (أي السياسي باعتباره يُؤَسِس ويحقق ما هو جماعي داخل المجتمع).
إن فعل الاستقلال يحيلُ على بلاغة المقاومة في تحقيق فعل السرور والاحتفال بآثار حقيقة الوطن والوطنية، وعليه فسؤال مقولات خطاب المقاومة يمكننا ترهينه كالآتي:
خطاب الملك محمد الخامس:
نتوخى من هذا، تحليل آليات خطاب المقاومة، من خلال نموذج، خطاب المؤسسة الملكية، الملك محمد الخامس، الذي قدمه من باريس، بعد عودته من المنفى، سنة 1955. سنركز على الجانب السياسي للمقاومة العادِلة المنبثقة عن الهيأة الشرعية، باعتباره خطابا، رسالة:
مُرسِل مُرسَل إليه (متلقي، ذات جماعية، شعب)
من خلال قنوات تواصلية، حاملة الخطاب: جهاز التلفزيون، الراديو... إلخ، وفق آلية سيميائية "التقطيع" باعتباره إجراءً علمياً وخطوة أولى للتحليل.
تقطيع الخطاب
إن الوقوف على تمظهرات المقاومة، التي يُشيدها خطاب الملك المغفور محمد الخامس، الذي يتمظهر في مقولات الألم / السعادة، أي الانتقال من حالة اللا- سرور إلى حالة السرور، باعتبار أنه خطاب يحمل قيم الحب، الحوار، الاستقلال، الحرية، البناء.
إنه استدعاء إلى بناء الوطن، بعد مرحلة الصعوبات التي شهدها، والآلام التي عاشها، وظروف تحقق نجاح فعل المقاومة، نحن، إذاً، أمام خطاب سردي بالمعنى البلاغي للكلمة، (تجميع كل الأنساق السيميائية، كيفما كانت مكونات وأبعاد الخطاب). هذا الخطاب يُشيَّدُ وفق مقولات: النواة، المحفزات والمؤشرات:
النواة: وهي مُحكمة بالمنطق الزمني، وتسمح لباقي المقولات - المُكونات أن تملأها، ويتحقق الانسجام الخطابي؛ إنها زمنية التطلع إلى التحرر/ الاستقلال.
المحفزات: وهي تتواجد حيثما كان المعنى، وهي توقِظُ وبدون توقف سيميائية الخطاب، مواضيع قيمة.
المؤشرات: تستخدم للتعريف، ولتحديد الزمان والمكان، والعودة إلى ميزة أو مشاعر، ودائما تكون لها دلالات ضمنية.
هذا البناء الخطابي رغبة في تحقيق الاستقلال، نجده أيضا يُشيَّد وفق مقولات: الرغبة-الحب، التواصل، المشاركة.
ونمثل له بالأقوال الآتية:
الرغبة- الحب: بالمعنى اللوتماني، انجذاب الطرفين: الملك والشعب، "شعبنا الوفي، النبيل، نوجه لك نداءنا".
التواصل: الاستهلال بضمير (نا) الدالة على الجماعة، (النداء)، (نُعَبِّر لك).
المشاركة: (كُنَّا وإياك في المِحنة سواء طيلة هذه الغربة)، (نشاطرك)، (نقاسمك)، (ولنا في تأييدك والتفافك حولنا)، (جميعا)، (نتعاون على بناء).
من المعلوم، أن فعل المقاومة، لتحقيق الاستقلال، والتطلع إلى الحرية، ليس بالسهل، وليست طريق هذه المقاومة مفروشة بالورد، إنها سلوك وتضحية وإيثار وكفاح: دماء شهداء، فدائيين، قتل، اعتقالات، تعذيب ونفي... إلخ. إنها أيضا، صمود ضد عوامل معاكسة داخلية (خيانة) وأخرى خارجية (حلفاء المُستعمِر).
هذه المقولات الخطابية التواصلية لها مقصدية بناء العهد الجديد وفق الخطاطة السيميائية التواصلية:
المُرسل: الملك / المُرسل إليه: ذات جماعية: الشعب المغربي، والأقليات الدينية والعرقية/ الموضوع: الاستقلال، المشاركة في البناء، قيم التسامح والثقة والحرية واحترام الديانات والجنسيات/ المُساعد: عوامل داخلية (الذات الجماعية في كليتها وانسجامها)، عوامل خارجية (ديبلوماسية مناصرة للمقاومة المغربية)/ الذات: جماعية، ملِكا وشعباً./ المُعاكِس: عوامل داخلية وخارجية مضادة.
هذه الخطاطة التواصلية منذ الاستهلال تحيل على آلية الإدماج والمشاركة في بناء العهد الجديد: المؤسسة الملكية الشعب المغربي.
يتحدد الاستهلال، بإدماج (نا) الدالة على الجماعة، ونمثل له:
انصهار ذات الملك في ذات الجماعة = الشعب: (وقد كنا وإياك في المحنة سواء طيلة هذه الغربة).
دينامية خطاب المقاومة، نمثل له بالأفعال الآتية:
(استخلصنا)، (سنسير)، (نتأهب): على سيرورة زمنية، وفق قانون الاستمرارية، دينامية المقاومة رغبة في تحقيق حالة السرور، ومن تمَّ حركية البناء.
(إن شاء الله ونحن على ما تعهدنا من إيمان قوي وثابت على المبدأ). هذه الاستمرارية نمثل لها ب: الماضي: المقاومة / الحاضر: زمنية الخطاب / المستقبل: البناء، السرور، السعادة.
إن عناصر الخطاب، تُحيل على تأكيد فعل التأييد والالتفاف، لتحقيق موضوع قيمة: البناء، فبتدرج الخطاب، تستبين الدلالة: (ترفرف رايات التسامح)، (تركن البلاد في ثوب الحرية والاستقلال)، إنها أفعال تدل زمنيا على الاستمرارية الإيجابية، وهي تحولات زمنية كبرى:
الماضي: الألم، المقاومة.
المستقبل: الأمل، الاطمئنان، البناء، السرور.
إنه تحول يرتبط بالقدرة والاستطاعة والثقة، ونمثل له بالوحدات المعجمية الدالة:
سنعود أيها الشعب النبيل؛
انقشعت السُّحب؛
قَوِيَت الآمال.
هذا التحول، يقترِنُ، بالذات الجماعية – الشعب-، ووعيها القومي، ومدى درجتها في الحفاظ على النظام العام: (وسيتم سرورنا إن أنتم حافظتم يوم استقبالنا، على النظام، وسلكتم سبيل الرزانة والهدوء)
إن الوحدات المعجمية الدّالة: حافظتم، سلكتم، الرزانة والهدوء؛ تُحيل إلى ذات جماعية قادرة على تحقيق موضوعها، في المقابل نجد أن عدم تحقيق رغبة السرور، يرتبط بمقومات مضادة: اللا- نظام، اللا- رزانة، اللا- هدوء، وأيضا، اللا- ثقة الأجانب الفرنسيين.
إذن، سيميائيا، إن مقولات الخطاب السياسي، يُحقق تواصلا كليا ومشاركة شمولية، من خلال مقومات زمنية دالة على الاستمرارية، وربط المقاومة بالبناء وفق مكونات القيم الإنسانية الكونية: التسامح، الحرية والاستقلال.
خطاب الملك محمد السادس
هذه المقاومة العادِلة، السياسية، المنبثقة عن مؤسسات الدولة الشرعية في سيرورتها نجدها ارتبطت بأحداث تاريخية، أي "آثار حقيقة"، المسيرة الخضراء، حيث جاء في خطاب الملك في السابع نونبر 2020: (المسيرة الخضراء ليست مجرد حدث وطني بارز في مسار استكمال وحدتنا الترابية، إنها مسيرة متجددة ومتواصلة). هذه الدينامية السياسية المُقاوماتية ترتبط أيضا ودينامية اقتصادية واجتماعية.
نختم بما استهلنا به ورقتنا: إن سيميائيات المقاومة السياسية تتحقق وشرط الدينامية باعتبارها تُؤَسِس وتُحقق ما هو جماعي داخل المجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.