النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بالرباط تأمر باعتقال ابتسام لشكر وإحالتها مباشرة على الجلسة للمحاكمة    المقاصة.. انخفاض النفقات الصادرة بنسبة 19,2 في المائة عند متم يوليوز الماضي    الجفاف يطال أكثر من نصف أوروبا وحوض البحر المتوسط منذ أبريل الماضي    المحلي يواصل التحضيرات للقاء زامبيا    "الكاف" يوجّه إنذارا لكينيا بسبب خروقات أمنية في بطولة "الشان"    توجيه الدعوة ل 26 لاعبا من المنتخب المغربي لكرة القدم لأقل من 20 سنة للمشاركة في وديتي مصر    نشرة إنذارية.. موجة حر مع الشركي من غدٍ الأربعاء إلى السبت المقبل بعدد من مناطق المملكة    اندلاع حرائق مهولة ضواحي شفشاون    اندلاع حريق بغابات "كرانخا" بشفشاون (صور وفيديو)    إسبانيا تُلغي قرار بلدية خوميا بحظر الاحتفالات الإسلامية في الأماكن العامة    "فيفا" تطلق أكبر برنامج تطوعي في تاريخ كأس العالم استعدادًا لنسخة 2026    مصرع سائق دراجة نارية في حادث مروع    تصديًا للهجرة غير الشرعية.. الدرك الملكي يعزز ترسانته بزورق حربي برأس الماء    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. الجناج الدولي غريليش ينتقل من سيتي إلى إيفرتون على سبيل الإعارة    افتتاح متجر يرفر 350 منصب شغل بمرتيل    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بارتفاع طفيف    اطلاق فعاليات الأبواب المفتوحة لفائدة الجالية المغربية بالخارج    ذروة "شهب البرشاويات" تزين سماء المغرب في منتصف غشت الجاري    الناشط أسيدون في وضع صحي حرج    سجن عراقي يقلق عائلات في المغرب    الجماهير تصوت على حكيمي وبونو    السياحة الجبلية تنعش الاقتصاد المحلي بإمليل    الحجابة الملكية تسلم هبة للأمغاريين        إنقاذ مهاجرين غير نظاميين في البرتغال وسط إجراءات ترحيل صارمة        صحفي هولندي يرجح انتقال زياش إلى أياكس أو تفينتي    المغرب ضيف شرف الدورة ال 21 لمعرض بنما الدولي للكتاب    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    رحيل الفنانة التشكيلية المغربية نجوى الهيتمي عن عمر يناهز 46 سنة    احتجاجات متواصلة في المدن المغربية تنديدا باستهداف الصحافيين في غزة وتجويع القطاع    رئيس كوريا الجنوبية والرئيس الأمريكي يعقدان قمة في 25 غشت    وَقاحةُ سياسي‮ ‬جزائري‮ ‬بالدعوة للتظاهر ضد النظام المغربي‮ تجد صداها عند‮ ‬أنصار‮ «‬التطرف الاسلامي» ‬وبقايا‮ ‬«القومجية»‮ ‬وفلول «البيجيدي‮» ‬المتنطعة باسم‮ ‬غزة‮!    توقيف عدائين سابقين بعد تعنيف قائد خلال وقفة احتجاجية أمام مقر جامعة ألعاب القوى بالرباط        مجلة "فوربس" تتوج رجل الأعمال المصري كامل أبو علي رائدا للاستثمار الفندقي في المغرب        "شين أنتر" تختتم احتفالية بالجالية    ارتفاع أسعار النفط بعد تمديد الولايات المتحدة والصين هدنة الرسوم الجمركية    الدوزي يلهب الحماس في "راب أفريكا"    الرباط تحتضن أولى نسخ "سهرة الجالية" احتفاءً بأبناء المهجر (صور)    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    الأحزاب والانتخابات: هل ستتحمل الهيآت السياسية مسؤوليتها في‮ ‬تطهير السياسة من المرشحين المشبوهين‮ ‬وتقديم الأطر النزيهة لمغرب المستقبل؟    مهرجان "راب أفريكا" يجمع بين المتعة والابتكار على ضفة أبي رقراق    حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    مالي وبوركينا فاسو والنيجر توحد جيوشها ضد الإرهاب    سيرغي كيرينكو .. "تقنوقراطي هادئ وبارع" يحرك آلة السلطة الروسية    دراسة: الأطعمة عالية المعالجة صديقة للسمنة    هل يمكن أن نأمل في حدوث تغيير سياسي حقيقي بعد استحقاقات 2026؟    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطبيع: واجب الحذر، والاحتياط من صناعة الوهم وضياع الحقائق
نشر في هسبريس يوم 24 - 07 - 2012

الحدث بين الصراحة الواجبة والشجاعة المطلوبة لكنها مفتقدة
- نأيت بنفسي لبعض الوقت عن الانخراط في السجال المغلوط والمتضخم الذي انقدح فجأة وبدون سابق مقدمات داخل الساحة العمومية ،حول ما سمي خطوة تطبيعية واختراق صهيوني ،من جراء حضور شخص حامل لجنسية مزدوجة فرنسية وإسرائيلية وذو أصول يهودية وحامل في نفس الآن لجواز فلسطيني، لفعاليات المؤتمر السابع لحزب العدالة والتنمية ،هذا الخبر أثار لغطا وردود أفعال متباينة من داخل الحزب ومن خارجه وفجر نقاشا واسعا أطر في دوائر متباينة،و من قبل أطراف عدة متناقضة المقاصد والخلفيات ،حول عدم شرعية الإستدعاء وصلت إلى حد التشكيك في صدقية نهج العدالة والتنمية ومواقفه المبدئية إزاء القضية الفلسطينية ،وانتظرت طويلا حتى كدت أصاب بالضجر والإختناق لأستبين الحق من الباطل ،والوقائع من الدسائس ،والحدث كما هو من تفاعلاته وتدخيمه ... قلت انتظرت طويلا لأستبين من جهة بعينها معلومة و مسئولة، عليمة وذات الإختصاص في الشأن الإعلامي من داخل الحزب أو من رئاسة اللجنة التحضيرية أو لجنة العلاقات الخارجية المتفرعة عن التحضيرية ، أن تتدخل بالبيان اللازم، والقول الحازم، والموقف الصلب ،والتوضيح القاطع والجازم، لكنني مع كل الأسى والأسف، وبعد إجراء اتصالات عدة على مختلف الصعد والمستويات لم أنل المراد، ولم أجد لسعي صدى ولا تجلي، فاضطررت لتدبيج ما عن لي من جراء تفاعلات الحدث ومحاولة تركيب صورته كما تجلت في وعيي ،وكما انبسطت على صفحات بعض الصحف السيارة، ومن خلال تصاريح بعض من الإخوة الأقربين ،من أصحاب الشأن والمتصدرين للمسؤولية على نطاق لجنة الخارجية تلك أساسا.
- وفي هذا المساق ،لم أفاجئ بالتوضيح الذي دبجه الناطق باسم حماس ،حول ما ادعته بعض الصحف السيارة المغربية من لقاء مفتعل ومفترض مع خالد مشعل ، بالمبادرة إلى إعلان الموقف وتوضيح الحقائق وبسط التوضيح اللازم وفي حينه، فداك ديدنهم في التعاطي مع الرأي العام وأقنية الإعلام ....
بل إن ما يسترعي الإنتباه في هدا الصدد هو تعاطي قادة المقاومة مع وسائل الإعلام ،باحترافية واقتدار ومسؤولية ،بعكس ما تعاملنا معها نحن بخفة وارتباك وتجاهل غير موفق. وتأرجح تعاطينا معها إما بادعاء تحيزه و تموقعه كطرف في المعادلة وجعله في حالة خصومة كيدية مستمرة، أو استغناءنا عنه بشكل يجعلنا في موقع الضحية ........ مع العلم أن الإعلام غدا سلطة.
وبناءا على كل ما سلف ذكره يمكن لي تسجيل بعض من الأفكار التي تراءت لي حول الحدث من جهة وتداعياته من جانب آخر.
السياق يخلق المعنى: منطق الإثارة والإغتيال المعنوي
استيقظ البعض وفجأة اكتشف أن التطبيع خيانة و بدون حتى إحالات مرجعية ،ولا سابق رصيد نضال شعبي وممانعة سياسية ومجتمعية ضد السياسات التطبيعية الإرادية التي كانت منتهجة ولا تزال في المغرب الرسمي ،تبغي كسر الحاجز النفسي مع العدو الصهيوني وتريد تبيئته وتفكيك ثقافة الممانعة الرابضة في كياننا كمجتمع ، وبدون مزيد تدقيق وتفصيل للمبادئ والمنطلقات ، ولا استغراق في الحيثيات المملة والممجوجة هذه الأيام في متن بعض من الصحف، لابد من الرجوع إلى دلالة الحدث الجوهري المركزي الكبير غير المسبوق في ساحتنا المغربية السياسية والعامة، والمتمثل في الحضور النوعي والقوي للقضية الفلسطينية ببعدها التحرري وأفقها المقاوم، والتحامها مع القضية الوطنية الوحدوية والقضية الديمقراطية على صعيد المؤتمر-الحدث الذي عقده حزب العدالة والتنمية منتصف الشهر الجاري، بل إن نوعية الحضور الفلسطيني المقاوم تجلى في وفد رفيع بقيادة الشهيد الحي القائد خالد مشعل وإخوانه وفي طليعتهم الدكتور موسى أبو مرزوق وزمرة من الغزيين ،وكذا الحضور الملفت لبعض من قادة حركة فتح يتقدمهم أحد كبرائهم عزام الأحمد.
هذا الحضور النوعي له دلالة ومعنى غير خافية على أحد، وأزعجت بالتأكيد كثيرا من المتصهينين والمطبعين الذين مانعوا من مقدمهم ذات زمان ليس بالبعيد، وتعرض الحزب في ذات الزمان لمحاسبة سياسية من قبل ذات السلطويين على الإنحياز المطلق لقضية المقاومة وخط الممانعة وتجلياتها التحريرية ،سواء في العراق أو لبنان وفلسطين وأدى الثمن على ذلك بالتأكيد.
هدا هو الحدث الأبرز وما دونه قد تكون زلة أو اختراق أو انزلاق أو سوء تقدير وقلة تدقيق ,
السقوط في الفخ وبؤس الخطاب الإعتذاري
يزداد حنق هذا البعض المتخفي حينا والسافر علنا، على انحياز الحزب لخط المقاومة والممانعة وتموقعه في طليعة القوى الوطنية المدافعة على الثوابت والحقوق الأبدية للأمة في فلسطين و عاصمتها القدس ، التصريحات القوية التي أطلقها القائد الرمز خالد مشعل من داخل ذات المؤتمر، والمتجهة صوب تجديد العزم على طي ملف الانقسام وتصليب عود المقاومة كنهج واستراتيجيا شاملة ،وذلك بتكريس موقف المصالحة ودعم موقع المقاومة ،وانجاز الوحدة السياسية والنضالية على أرضية استراتيجية شاملة للتحرر الوطني الفلسطيني ،يلتئم فيها البعد السياسي بالبعد الميداني المكافح ،لمقاومة العدو العقائدي والحضاري والتاريخي للأمة، وأن يكون المغرب الرسمي والشعبي شاهدا على هذا الإنحياز ومساهما فيه بجدارة ومحفزا لدينامية اللقاء ،وتوجيه البندقية لصدر العدو وتوحيد الخطى حتى تحرير فلسطين ،هكذا لهجت مهج الملايين من أمتنا وهي تنادي الشعب يريد تحرير فلسطين ،لهي خطوة كبيرة أنجزها المؤتمر.
+ إن ما يجري الآن من تركيز مكثف للإهتمام على الزلة- الخطيئة بمقياس الحس الوطني الديمقراطي المقاوم ،والتي اقترفها بعض القيمين على تدبير ملف العلاقات الدولية للحزب ،بمباركة بل وغفلة وخفة تقدير من قبل رئاسة المؤتمر وتحضيريته ومن قيادة الحزب ،هو محاولة البعض من تحالف السلطويين والضالعين في التطبيع اللاوطنيين والماسكين ببعض أجهزة التوجيه الفكري والجماهيري من صحف تخصصت في النيل من الوطنيين والديمقراطيين، محاولة هذا البعض القفز على الحدث الجلي الأكبر المشار إليه سلفا ،ومحاولة التشويش على مجمل رسائله ،ولكن هذه المرة باستعمال هفوة استدعاء غير مقصود لشخص مشتبه في ولائه وانتمائه وهويته وارتباطاته بالعدو الصهيوني ،لتشديد الضغط المعنوي على الحزب وقيادته ، قصد تمويه الهدف الحقيقي وتضليل الناس عن الحدث الأبرز وتزييف الوعي الجماعي لمناضلي الحزب وعاطفيه وكل محبيه من أسرة الوطنيين والمقاومين ،بأن هذا الأخير شرع في تغيير أجنداته وانحيازاته ومواقفه المبدئية في اتجاه تكتيكات وإجراءات مرتبطة بموقعه الجديد في إدارة دفة القرار العمومي،وذلك في حملة إعلامية منسقة ومحكمة التنظيم، وظفت فيها بعض تصريحات ومواقف بعض الطيبين الذين حاولوا تبرئة ساحتهم ،والنأي بأنفسهم وذواتهم عن دائرة المسؤولية عن هذا الحضور الممجوج والمقيت لشخص غير مرغوب فيه ،بفعل ارتباطه بكيان مجرم وكريه ،في معركة غير مدروسة أوقعت بعض هؤلاء المتصدرين للمسؤولية الحزبية في تصريحات مرتبكة وغير دقيقة ،تدفع عن أشخاصهم الإدعاء والتهمة وتصدرها للبعض الآخر وتحصرها في المربع القيادي الأول ،محملة إياه مسؤولية ما وقع من استقدام عنصر مشتبه ،تمكن من اختراق لائحة المدعوين للمؤتمر عبر لجنتي الخارجية والتحضيرية ،وفي غفلة منا جميعا وسوء تقدير للموقف ربما ،وعدم تدقيق ولا تحري ولا دراسة لسير الضيوف المدعويين رسميا للمؤتمر، فسقطوا في الارتباك و الاهتزاز والاضطراب بل والاشتباه على مستوى الأقاويل والتأويلات والتخريخات ، في حين كان من الأجدر واللائق أن يتريثوا ويتنادوا لالتئام الهيئات (الخارجية، والتحضيرية،رئاسة المؤتمر) وينسقوا الموقف ويدرسوا النازلة أولا بأول ويعلنوا بعدها مواقفهم في الملأ ،ويتحملوا كامل المسؤولية الجماعية والتضامنية عن هذه الخطيئة ويعلنوا للناس اعتذارهم عن الخطأ ،عوضا عن لوك الإعتذاريات المربكة والتعلات الفارغة أو ادعاء التطهر وإلقاء اللوم على الغير وادعاء الحكمة بأثر رجعي .
لقد كان حريا بهؤلاء الإعتذاريين ،استدعاء المواقف التاريخية للحزب المؤكدة على اصطفافه مع المقاومة كنهج وموقف وإستراتيجية ،في صوغ سلوكه على مستوى العلاقات الدولية وتحديد الحلفاء من الأعداء من الأصدقاء، ،وتدقيق المسؤوليات ومستويات ذلك ،ولهذا الحديث صعيد آخر.
جيناتنا المقاومة إلى أبد الآبدين ،والتطبيع خيانة وطنية ودينية وإنسانية
بعيدا عن منطق الخطاب الإعتذاري المرتبك والمتداعي-المشار إلى بعض متنه ومنطلقاته سلفا - والذي وجد رواجا ملفتا لبعض الوقت في زمن السياسة المغربي الراهن هذه الأيام ،فلابد من التذكير، وهنا ينطلق الموقف والحديث في اتجاهين، للداخل الحزبي والخارج المحيط ببيئتنا السياسية المغربية معا ،وينصرف القول هنا : للتأكيد على أن التكوين العقائدي للعدالة والتنمية قيادة ومناضلين، وتركيب خلاياه وأحلام مناضليه وأفكارهم وخطهم وسلوكهم السياسي وبنيان تنظيمهم مخلوط ومعجون بالقضية الفلسطينية وبوصلتها بيت المقدس ،فهي الرمز والعنوان مذ كنا وكانت، وأن اعتقادنا راسخ لا يضطرب من أن الصراع مع العدو وجودي إلى الأبد لا لين فيه ولا تردد، وأن أمننا في المغرب الأقصى عمقه فلسطين وأن الصهيوني عدونا الأبدي والوجودي معا وأن قانون الاستعمار الاستيطاني هو المقاومة، وأن التطبيع خيانة وطنية ودينية وحضارية أن من ثوابتنا العقائدية والسياسية والإديلوجية المواجهة الشاملة مع المشروع الصهيوني بكل أبعاده وامتداداته على أرضية :
- تعزيز وحدة وصمود الشعب الفلسطيني المكافح والمقاوم .
- إعلان إفلاس نهج التسوية وتقديم الدعم والإسناد للمقاومة ،وإعلان الانحياز التام لها مما يتطلبه الأمر من إسناد ودعم .
- التمسك بثوابت القضية ،عدم الاعتراف بشرعية الكيان الصهيوني وممثليه، والتمسك بمبدأ مقاطعته.
- رسم السياسة الخارجية للحزب اتجاه القوى والأنظمة السياسية على حد السواء ،بناء على موقفها من الحقوق الفلسطينية الثابتة وانحيازاتها إزاء الصراع مع العدو، وذلك من خلال نهج سلوك مقاومة الهيمنة بأشكالها المختلفة ،ويمكن الرجوع لخبرة الحزب وحلفائه من قوى الصف الوطني من حرب غزة وحصارها وحرب تموز وانتصارها .
لا أعتقد أن أحدا من القادة والمناضلين يستمرؤون ما يتم التلميح له من قبل البعض ،من أن مواقع السلطة التي تغيري قد تغرينا إلى الحد الذي تبدل جلدنا وتغير جيناتنا المقاومة والممانعة ،وأنها قد تزعزع مواقف الحزب من ثوابت القضية ذاتها ، وذلك بإشارتهم ولمزهم إلى تململ الحزب صوب اقتراف خسيسة التطبيع الخفي ،باعتبارها جريمة وطنية ، بئس الظن ذاك و خسئت الأمنية تلك ، ولا نامت أعين الجبناء.
حديثي السالف لا ينضح بالمؤامرة إقرارا ونفيا ،بل أنني أعلن شكوكي من أن جهات ضالعة في التطبيع ،هي ذاتها من يحرض ويحرك ويستعمل بعضا من منابر الإعلام وقادة الرأي ويوظف بشكل مغلوط ومغرض ،تلك الخطيئة للإيقاع بين الحزب ومناصريه والمتعاطفين معه ،والتشكيك في صدقيته والنيل من تطهريته ومبدئيته ،والإيقاع بينه وبين الأسرة الوطنية من الديمقراطيين المقاومين الذين قطع معهم الحزب مسارا مديدا ليس بالهين في مقاومة التطبيع والإنتصار للقضية الفلسطينية دعما وإسنادا وبذلا ،بل إن هذا المنطق يذهب بعيدا في المضي قصد تعزيز التناقض الداخلي بين مكونات الحزب في محاولة يائسة لإثارة النزاع داخل منطقة إجماعية بامتياز ،والعمل على استثمار بعض الهفوات -مهما كانت جسامتها فهي تتحيز في منطق التناقض الثانوي -لتقفز منها تلك الجهات وتستغلها لتهييج تناقض أكبر ،والدفع في اتجاه الإرباك وانتزاع الوهج الذي برز فيه الحزب وبرع ،ألا وهو الدمج والتوليف في ذات الخطاب والبرنامج والمسعى بين المطلب الديمقراطي للدولة والمجتمع ،والحضور الأقوى لقضية القدس وفلسطين جنبا إلى جنب مع قضية الوحدة الوطنية ، كل هذا ما أثار حفيظتي منذ أول يوم انفجر هذا الأمر، لكن ما أأكده للجميع حذاري من النيران الصديقة ،حذاري من فقدان البوصلة والاتجاه ،حذاري من التشكيك في الصدقية بعيدا من منطق المزايدة وتبرئة الذات النرجسية التي ينهجها ذاك البعض.
بعض عتاب و عود إلى الرشد:
والآن بعد كل الذي سلف خطه ورسمه ،فانه لدي بعض المؤاخدات:
- لا يجب أن تشخصن قضية المسؤولية، وجب مراجعة تشكيلات اللجان المركزية للحزب ، وإيلاؤها مزيدا من العناية الغائبة في سالف العهد، وذلك بتخليصها وتنقيتها من بعض الزوائد من ذوي التطلعات الحريصين على بناء وجاهتهم الذاتية وبروفيلاتهم إزاء الأغيار ،مما يجعلهم ينهارون وينجذبون ويستلبون بناء على منطق الإغراء بنسج العلاقات ،ويجعل حاستهم النقدية تخف وتجف إن لم أقل تعدم أمام بريق هذا المنطق المبني على السيفيات والبروفيلات التي قد تخلق الإبهار ،ولكنها حتما تسقط أصحابها في عمى الألوان وتجعلهم لا يلمحون الحدود والفروق والمحاذير ،وأين تكمن المبادئ وأين تقف التقديرات والإحتمالات ،أين يكون الذكاء ومتى يكون ومع من وفي أي اتجاه وما هي البوصلة والإتجاه والمنهج والثوابت الوطنية والقومية والدينية ،كل ذلك من مهام التنشئة الفكرية والإديلوجية والسياسية التي من الواجب للحزب أن يضمنها لأعضائه ومحازبيه ويوفرها لقياداته ،هذا يستدعي أدوار المؤسسة الحزبية في ضبط العلاقة بين التقنقراط والبيرقراط والإداريين والسياسيين ;;
- علاقات الحزب الخارجية -وهذه مناسبة الحديث -شأن عام سياسي ،وليست محض إجراءات ترتيب الدعوات وتوزيعها فذاك أسلوب ساعي البريد ، الحزب يختار ويحدد بدقة وذكاء مخطط ومفكر فيها علاقاته الخارجية ، تحمل من الدلالات والإشارات والرسائل أكثر من أسلوب الإثارة السطحي والتحشيد المغامر والعبثي ،إن البعض من هؤلاء المدبرين والذين يؤتتون بعض اللجان ،لا يهمهم من العمل العام والحزبي بشكل أخص، سوى التطلع للتصدي لمواقع المسؤولية وبناء العلاقات العامة ولو باشتباه التورط بسذاجة وغفلة ،قد تسقط الحزب برمته في مواقف مربكة وغير مخطط لها ،فيها من الإحراج الذي قد يصل إلى الخطأ الجسيم كما هو شأن هذه النازلة أكثر مما فيها من خدمة أجندة العمل العام الديمقراطي والوطني والقومي التحرري.
- لست أدري لحد الساعة ما معنى المسئولية وما وظيفة المسئولين ، إذا لم يتدخلوا في الوقت المناسب لتوضيح الأمر بما يلزم من حزم وجزم وإن تطلب الأمر الإعتذار بعد الإعتبار.
- أطلب علنا من رئاسة المؤتمر، واللجنة التحضيرية، ولجنة العلاقات الخارجية بالحزب ،التداعي للقاء والإجتماع العاجل ،والخروج العلني للناس بعد تدارس الموقف وإجراء النقد الذاتي الجماعي والتضامني و الإدلاء ببيان حقيقة، يجلي ما علق من زيف في النازلة والواقعة، ويرجع الأمور إلى نصابها، فذلك عين العقل وسبيل الرشد ،إن بسط البيانات اللازمة بدون حرج ولا تجني أو ضعف واضطراب أو هروب إلى الأمام ،ومواجهة الحقائق كما هي ووضع الأمور في نصابها ،لهو روح المنهج الذي أشربناه في صعيد الوطنية الصادقة والتنشئة الوفية لأرواح الشهداء وتطلعات الأمة في النهضة والحرية والاستقلال.
على سبيل الرجاء
- إنه بالرغم من تفاعلات الوضع، وتداعيات الموقف واضطراب التعاطي مع الحدث – الهامش- أقول وعلى الرغم من تلميحات البعض إلى إمكانية أن تنال منا مواقع السلطة وحتى تبدل جلدتنا وجيناتنا ومورثاتنا ،وبالرغم من وهن البعض الآخر واهتزازه نفسيا واضطرابه سلوكيا بعدم الثقة في النفس، وارتباكه فكريا وسياسيا وتيه الرؤية لديه وضياع الأولويات في وعيه عند هذا الإمتحان،بالرغم من كل ذلك فإن لنا حصانة تحتاج إلى مزيد حذر وفطنة ،آية ذلك تحفز كياننا الحزبي الجماعي وحساسيته المفرطة ضد كل أشكال الإختراق ،نخبه الشابة وقياداته جميعهم على حد السواء ،وإجماعهم عل قضية المقاومة وثباتية مواقفنا إزائها المنطلقة من موقعنا الذي هو صدى للمقاومة المدنية والسياسية، وصلابة قيمنا ومبادئنا الراسخة أبدا ،إن هذا الإنبعاث والتحفز ليعد علامة قلق سوي، ويقظة حازمة إزاء أي احتمال انزلاق أو ضعف .. أو حتى اختراق .
- إن كل ذلك وغيره لن يفت في عضدنا، أو يربك سيرنا القاصد لدعم القضايا العادلة لأمتنا و في قلبها فلسطين ،بنهج سلوك سياسي مبني على الثقة واليقين الذي لا يتزعزع أو يرتبك ،إن خير نصرة لفلسطين هو بناء نموذج ديمقراطي ونهضوي يدفع مستحقات بناء الوطن والأمة والمساهمة في الإندراج في التاريخ من جديد بشكل ناهض ومستقل ومتحفز.
- ما وقع يمتحن الصلابة الأخلاقية والفكرية والسياسية والنضالية للحزب ،اتجاه قضايا الإستقلال الوطني والتحرر القومي والنهوض الحضاري العام للأمة، فجزء من مقاصد الحملة الموجهة ،هو إدمان البعض من أولائك على نهج أسلوب وتكتيك إرباك الحزب والسعي لإبراز رخاوة نهجه في السياسة ،واضطرابه في القيم ،وازدواجية أدائه العام بين المعارضة والتدبير ،ومحاولة النيل من مصداقيته السياسية، وصلابته النضالية ومبادئه الحافزة على العطاء والبدل ولو بالدماء في سبيل القضية، قوة الحزب بالمقابل من ذلك يكمن في تواضعه ووضوح رؤاه وصفاء منطلقاته ومواقفه ،فلا يضير الحزب اكتشاف الخطأ أو انكشاف الزلل ،بل إن تواضعه يجعله ينحني إجلالا أمام عبق دماء الشهداء ،وصمود شعبه ونضال المقاومة وبسالتها على ثرى الأقصى وصعيد فلسطين .
- نعم لن تتغير جلودنا وملامحنا ،مواقفنا ستضل هي هي، مهما أدمن المطبعون والسلطويون والكامنون خلف مصالحهم يلهثون يزيفون يبدلون ويغيرون ، وخلف مرابضهم يتحينون الفرصة تلو الفرصة لا يصيبهم وهن ،ديدنهم التشويش على إيقاع المرحلة ونبضها بمحاولة النيل من رمز المصداقية في الزمن السياسي المغربي الراهن ،عبثا يحاولون.
- بالجملة ،يجب اعتبار ما حصل خطأ واشتباه وتسرب تم في غفلة وسوء تقدير وسهو في أسوأ تقدير، مع تسجيل ضعف إشراك الهيئات القيادية في دائرة الإستشارة ،ففي حدود علمي لم يتم إطلاع اللجنة التحضيرية على لائحة المدعوين كاملة ،كما يجب استحضار أن هذه النازلة لا تندرج باليقين في سياق التطبيع باعتبار أن هذا الصنيع الخياني يكون مطوقا بثبوتية الإرادة ومحكما بالقصدية في المسعى ،وبالقطع اليقيني أنه في هذه النازلة ينتفي القصد الجنائي ،باعتبار التطبيع -بحكم التعريف- جريمة إنسانية ووطنية ودينية ، بل يمكن اعتبارها تدخل في خانة الزلة أو الهفوة أو الخطيئة والخطأ الغير العمد.
امتلاك الجرأة على النقد الذاتي ،
ليس المطلوب إدمان الإدانة وإعلانها للعلن فقط ،و لا التحلل من المسؤولية الإخلاقية قبل التنظيمية وذلك بتعليق المشانق الرمزية وإعلان الويل والثبور أمام الملأ،والإمعان في الاغتيال المعنوي لبعض المسئولين في الساحة العمومية وللكيان الإعتباري الذي يجمعنا تحت سقفه الآمن، بل المطلوب أصلا هو نهج سياسة نقد ذاتي إرادية ،فردية وجماعية ،تصحح وتدقق ولا تشهر أو تتجنى أو ترتجف ،أو تنتقل للقفز إلى مستوى سلوك نهج خطاب تسويغي وتبريري مقيت وغير مبرر.
أخيرا تنبسط أمامنا بعض الأسئلة والإشكالات في سياق النقد الذاتي والنصح الواجب ،وجب التفكير في الإجابة عنها مليا في ما يستقبل من أيام :
- تضخم دور بعض من أبناء الجالية المرتبطين بالحزب وما سمي بمغاربة العالم وممثليها ، فوظيفتهم النضالية هو النهوض بمهام تأطير المواطنين في ديار المهجر،وإجراء التواصل بالمناضلين،لا مباشرة إجراءات وخطوات تدخل في صلب تدبير وإدارة العلاقات الدولية للحزب بوضوح لدوائر الإستهداف وبإرادية بعيدا عن المزاجية والعفوية.
- ما طرح يستدعي من جديد إعادة بحث وتدقيق أهداف السياسة الخارجية للحزب ،ومنظوره للعلاقات الدولية وتحديد دوائرها وانحيازاته داخلها، وضبط حلفائه وخصومه وأعدائه بشكل حاسم وحازم.
- تحديد وهندسة أدوار الأفراد وأدوار المؤسسات ،في صوغ السياسات والقرارات والاختيارات (مساحة المبادرة الحرة المنطلقة و دائرة المسؤولية الرسمية المشتركة)..
إن ما يسترعي الإنتباه والمراجعة العميقة في يوميات المؤتمر ،هو ذلك الإفراط الممل إلى حد المبالغة في القضية الأمنية ،وهو ما أثار حفيظة الكثير من المناضلين، غير أن العمق المفتقد والمفترض في القضية كشفته هذه النازلة، العمق يتطلب استحضار الأمن في بعده المرتبط بالحذر الشديد إزاء الإختراقات الحاصلة والتي قد تحصل حتى مع أرقى أنواع التحصينات الظاهرة، والتي قد تتم بغفلة أو حتى بادعاء ذكاء زائد.
وختاما
لا نريد الاندراج في ركب من يرنو إلى سرقة الأحلام منا بلحظة صنعناها وصنعت فينا مزيدا من الإرتباط بمشروعنا الإصلاحي الناهض والممتد عميقا فينا ،زمانا ومكانا تاريخا وجغرافيا ،لحظة بحق تحمل ملامح وثقل الأحداث التاريخية الكبرى ،تلك التي تساهم في إعادة صياغة الوجه المشرق لمغربنا المغادر لبؤس السلطوية المقيتة والمتطلع إلى انتقال ديمقراطي أمن وعميق وحقيقي ،هي لحظة البناء والعطاء و الأمل واللقاء ،حتما ستكون أكبر من طيف هوى أو لمح ينقشع ،لا نريد صناعة الأحداث على هامش التاريخ ،ستكون فقاعات مآلها البوار والزوال ،بل نريد أن نكون نبض التاريخ المتجه صوب المستقبل المنبعث من أعماق هذا الشعب ،لا نريد الإستثمار في العدم والأخطاء فهناك من يحاول ويتقمص ذلك الدور باقتدار سيفشل حتما وحكما ،لا نريد الإنصات إلى اللاشئ لنجعل منه أشياء كلها تظل على الأرصفة منزوية ويمضي التاريخ في المسير،سنظل كما نحن كما معدن هذه الأمة صامدين متوهجين صانعين للأمل والتاريخ معا ،وكما هي روح المقاومة والوطنية الساكنة فينا أبدا حتى نلقى الله لا مبدلين ولا مغيرين، آمين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.