الأمم المتحدة.. المغرب يشارك بنيويورك في مؤتمر دولي حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية    ماكرون يعلن أمام الأمم المتحدة اعتراف فرنسا بدولة فلسطين    ديمبيلي يحصد جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب                    لامين يامال يحصل على جائزة "كوبا"    أكرد يلحق الهزيمة بباريس سان جرمان    وفد دبلوماسي فرنسي يلتقي مسؤولي بعثة "المينورسو" في مدينة العيون    فاتح ربيع الثاني يوم الأربعاء بالمغرب    المغرب يقبض على مطلوب لأنتربول    مشاورات الأحزاب ووزارة الداخلية تتجاوز مطلب زيادة المقاعد البرلمانية        تطور إيجابي.. قاضي التحقيق يأمر يإخراج جثة الطفل الراعي "محمد إينو" من قبرها وإعادة تشريحها    الأمير مولاي هشام يقرر متابعة الطاوجني أمام القضاء        كريم زيدان يعزز التعاون الاقتصادي المغربي مع الصين على هامش المؤتمر العالمي للصناعة التحويلية 2025    السيسي يصدر عفوا عن الناشط السياسي علاء عبد الفتاح    هشام العلوي يرفع دعوى قضائية ضد يوتيوبر رضا الطاوجني    بورصة الدار البيضاء تغلق على ارتفاع    المغرب والهند يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون في المجالات الدفاعية والأمن السيبراني    سفينة مغربية ترسو بإيطاليا في انتظار استكمال الإبحار نحو قطاع غزة    الرباط.. وزير الدفاع الهندي يزور ضريح محمد الخامس    المثقف المغربي والوعي النقدي    الكتابة والمشاركة في زمن الرقمنة: تأملات حول المعنى والتلقي..!    من غرفة مغلقة بتيزنيت..."أفراك ⴰⴼⵔⴰⴳ" أو حينما يكشف العبث المسرحي عن قسوة السلطة ومصير الإنسان    موجة ‬اعترافات ‬تعيد ‬طرح ‬الدولة ‬الفلسطينية ‬إلى ‬الواجهة    هيئة نصرة قضايا الأمة تستنكر منع الوقفات التضامنية مع غزة        رسميا.. أشرف حكيمي يغيب عن حفل الكرة الذهبية بسبب مباراة الكلاسيكو الفرنسي    زعيم كوريا الشمالية يعلن حصوله على أسلحة سرية    معرض "كريماي 2025" .. المغرب يفوز بكأس إفريقيا والشرق الأوسط للطاهيات    مهرجان الدوحة للأفلام 2025 يفتتح فعالياته بفيلم "صوت هند رجب".. تحية مؤثرة للصمود وقوة السينما    التكريس التشريعي للمرصد الوطني للإجرام في قانون المسطرة الجنائية الجديد يضع المغرب ضمن الدول التي تتبنى أفضل الممارسات في مجال الحكامة الجنائية    توقيف مواطنين أجنبيين بمطار أكادير المسيرة متورطين في تهريب المخدرات    مندوبية التخطيط: تباطؤ معدل التضخم السنوي في المغرب إلى 0.3% في غشت    "فيدرالية اليسار" يدين منع وقمع المحتجين بمختلف المدن ويرفض تحويل الشارع إلى مسرح للترهيب    الذهب عند مستوى قياسي جديد مع توقعات بخفض الفائدة الأمريكية    وجدة تحتضن النسخة 14 للمهرجان الدولي المغاربي للفيلم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    استمرار الاضطرابات في مطارات أوروبية بعد هجوم إلكتروني    هزة أرضية بقوة 3.5 درجاتتضرب سواحل مدينة الحسيمة    المغرب ينهزم أمام الأرجنتين في نهائي الدوري الدولي للفوتسال    ترحيب عربي باعتراف المملكة المتحدة وكندا وأستراليا والبرتغال بدولة فلسطين    إدماج ‬الموارد ‬البحرية ‬في ‬دينامية ‬التنمية ‬الاقتصادية ‬الاجتماعية    مدينة يابانية توصي باستخدام الأجهزة الرقمية ساعتين فقط يوميا    ياوندي.. الخطوط الملكية المغربية تخلق جسورا لتنقل مواهب السينما الإفريقية (عدو)        مستخلص الكاكاو يقلل من خطر أمراض القلب عبر خفض الالتهابات    دراسة: الإفطار المتأخر قد يُقلل من متوسط العمر المتوقع    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    دراسة.. النحافة المفرطة أخطر على الصحة من السمنة    الرسالة الملكية في المولد النبوي        الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطرف العلماني.. ووسطية دور القرآن
نشر في هسبريس يوم 27 - 07 - 2012

مرَّت حتى الآن أربع سنوات على حادث إغلاق دور القرآن الكريم، تلك الدور التي كانت صرحا لنشر العلم والمعرفة، وتحفيظ القرآن الكريم، ونشر علومه بين الناس.
فدور القرآن الكريم وعلى الرغم من غياب دعم الدولة، وشح الواردات المالية استطاعت بفضل الله تعالى أولا؛ ثم بجهد القائمين عليها المتفانين في خدمتها أن تعدد أنشطتها وتوسع مجالات خَدَماتها، ليستفيد منها آلاف المغاربة على اختلاف مستوياتهم التعليمية والثقافية والاجتماعية، مُساهِمَة بذلك في خدمة وطنها وتنمية مجتمعها.
وقد تأكد جليا أن تلك الدور عملت طيلة مدة نشاطها على ترسيخ العقيدة الصحيحة، واللُّحمة الوطنية والدينية، وتنشئة الشباب وفق مبادئ كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وتوجيههم التوجيه الصحيح حتى لا يلجوا بحر الشهوات العاصفة والشبهات الخاطفة، ويبتعدوا كل البعد عن فكر التطرف والإرهاب.
وتجسد منهج الجمعيات القرآنية الدعوي في واقعها العملي أكثر بعد حادث إغلاق دور القرآن الكريم، حيث نأى مسيرو ورواد تلك الجمعيات عن سلوك أي طريق غير الطريق السلمي، ولجؤوا إلى وسائل التعبير التي يخولها لهم القانون.
وإذا كان المنصفون قد شهدوا بفضل دور القرآن والمجهودات الجبارة التي كانت تقوم بها والخدمات التي كانت تسديها وثمراتها الطيبة التي تمثلت في تخريج العديد من القراء البارزين الذي يؤمون الناس في العديد من مساجد المملكة، فإن فئة من المغرضين المتربصين، كان يحزنهم ويسوؤهم رؤية الشباب وهم مستديرون حول موائد القرآن لينهلوا من إرث سيد ولد عدنان -صلى الله عليه وسلم-، فشنوا حملة شعواء، وتحاملوا بالباطل والبهتان على أهل القرآن، وادعوا أن تلك الدور "تشكل خطرا عظيما على المجتمع والدولة والنظام"، وطالبوا بإغلاق المزيد منها، وركبوا على تفسير الشيخ الدكتور محمد المغراوي لآية من كتاب الله تعالى وشنعوا عليه بالباطل، وطاروا ببهتانهم كل مطار.
ويعجب العاقل من تناقض مواقف زعماء محاكم التفتيش العلماني، كيف يرون الردة والزنا واللواط والسحاق والعري.. حرية فردية، والتعبير عن رأي فقهي متفق عليه بين علماء المذاهب الإسلامية المعتبرة تطرفا وتهديدا للنظام العام؟اللهم إلا الكيل بمكيالين، والتعبير بالجوارح عما تجيش به الصدور؟!
لقد ساهمت الحرب العلمانية على دور القرآن في التأثير بصورة بارزة على مواقف بعض المسؤولين، وتجلى ذلك بوضوح في تصريحاتهم ومواقفهم ومواصلتهم إغلاق المزيد من تلك الدور ليصل عدد الجمعيات المغلقة إلى سبع وستين (67) جمعية.
إن مواقف العلمانيين العدائية اتجاه دور القرآن الكريم وكل مؤسسة دينية فاعلة يندرج في إطار الحرب الغربية على الإسلام، فعُملاء الغرب -العلمانيون- يسهرون دائما وأبدا من خلال برامجهم على تنفيذ خطط أسيادهم، فإذا أفاد التقرير الأمريكي الذي نشرته مجلة "يو إس نيوز آند وورلد ريبورت" بعنوان "قلوب وعقول ودولارات" أن "أحد أهم مصادر الأصولية الإسلامية والتشدد الإسلامي هي: المدارس الإسلامية التقليدية.."، امتثلت الأذناب وتكفلت بمحاربة المدارس الإسلامية بالوكالة، وطالبت بإغلاقها، ووسمتها بأقذع الأوصاف والسمات.
وإذا أوصى تقرير راند ب"تشويه صورة الإسلام الأصولي -المنطلق من الأصلين القرآن والسنة- ودحض إيمان المسلمين بتفوق دينهم وقدرته، وإظهار تخلف المسلمين وهشاشة قدرتهم في الحكم، وأنهم جبناء ومخبولون وقتلة ومجرمون.."، انطلقت حناجر مارينز الإعلام العلماني مرددة صدى مراكز الدراسات الغربية، واصفة الإسلام بأنه دين ماضوي متخلف ولى زمانه، وأن أحكامه دموية ووحشية، وأنه لا يوجد نظام سياسي قائم في الإسلام.. وهلم جرا.
وإذا كان الغرب العلماني يرى في المدارس التقليدية لتحفيظ القرآن الكريم مَعَامِل تُفرخ التطرف والإرهاب، فإننا في المقابل نجد يده مرفوعة تماما عن مدارس دينية أخرى تفرخ بحق العنصرية والتطرف والإرهاب، وتدعو صراحة إلى الحقد والكراهية وسفك دماء حتى الأطفال الرضع، ونرى جمعياته الحقوقية لا تأبه بما تنشره تلك المدارس من تطرف وإرهاب، وما تزرعه من ثقافة حقد وكراهية، وفكر استئصالي.
فنسبة المنتسبين إلى التعليم الديني الحكومي في الكيان الصهيوني في المرحلة الابتدائية تبلغ 21,6%، كما تبلغ نسبة المنتسبين إلى المدارس التابعة للأحزاب الدينية الأرثوذكسية 9,9%، أي أن مجموع المتعلمين في المدارس الدينية في المرحلة الابتدائية يبلغ 31%، وهو ما يقارب ثلث عدد الطلاب. ولا يوجد في العالم الإسلامي برمته دولة تبلغ فيها نسبة الملتحقين بالتعليم الشرعي هذا الرقم.
وما يمرر إلى طلبة التلمود في المدارس والجمعيات التلمودية اليهودية والصهيونية، هو عين ما أفتى به مدير مدرسة "يوسف حي" الدينية، الحاخام "إسحاق شابيرا" بقتل الأطفال الفلسطينيين الرضع بسبب خطرهم المستقبلي، لأن هؤلاء الأطفال -حسب تطرفه- سيتحولون إلى أشرار مثل آبائهم في حال كبروا في العمر.
وأصدر هذا الحاخام بالشراكة مع الحاخام "يوسي أليتسور" كتابا سمياه (نظرية الملك) من 230 صفحة يدعو المجتمع الصهيوني إلى إباحة قتل كل "الجوييم" و"بقتل كل من يشكل خطرا على شعب "إسرائيل" سواء أكان ولدا أم طفلا"، وأنه "لا حاجة لقرار من أجل السماح بسفك دماء الأشرار، وأن الأفراد يستطيعون القيام بذلك، كما يُسمح بقتل الأطفال إذا كان من الواضح أنهم قد يسببون أضرارا لشعب إسرائيل عندما يكبرون".
أما التيار الإنجيلي والذي يضم في أمريكا وحدها أكثر من 70 مليون إنجيليا، ويحظى بتواجد قوي في أمريكا الجنوبية وأوروبا وغيرها من الدول، فقد تضاعفت عدد مدارسه الدينية ما بين سنة 1954م إلى 1980م من 123 مدرسة تؤطر 13.000 تلميذ، إلى 18.000 مدرسة تؤطر أكثر من مليوني تلميذ، وقد تضاعف عددها بعد ذلك كثيرا، خاصة في ولايتي الرئيس البائد جورج بوش الذي كان ينتمي للكنيسة نفسها.
وقد عملت هذه الكنيسة التي عرفت بتطرفها ومساندتها الدائمة للصهاينة وزرع ثقافة الحقد والكراهية اتجاه العرب والمسلمين، ونيلها من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أحكام الإسلام، عملت على إرسال رهبانها وطلبة وخريجي معاهدها الدينية إلى بلاد المسلمين ليمارسوا ضغوطا مادية ومعنوية على الشباب الساخط على الأوضاع المزرية التي يتخبط فيها صباح مساء، من فقر وبطالة.. فيُسْدُوا إليهم الخدمات، ويقدموا لهم المساعدات، ليوقعوا بهم بعد ذلك في شباك الإنجيلية الأمريكية الإمبريالية.
والهدف المبيت وراء تطرف الكنائس والمعاهد الإنجيلية هو تمزيق الوحدة الدينية للبلدان الإسلامية، وتحويل الدول التي تنعم بوحدة العقيدة إلى طوائف متناحرة متقاتلة، يستلزم فعلها هذا تدخل المجتمع الدولي لإيقاف بحر الدم، وحماية حقوق الأقليات في هذه البلدان، ومن تم نهب ثروات ومقدرات تلك البلدان، وتحويلها إلى مجرد مجتمعات استهلاكية لمنتجات الغرب والكيان الصهيوني.
تلك كانت نظرة موجزة عن التعليم الديني في الكيان الصهيوني وفي أمريكا، وكيف أن تلك الدول العلمانية تعمل على التمكين لهذا النوع من المدارس الدينية التي تعتبر بمثابة الحاضن الأول والحامي للهوية الدينية، في الوقت نفسه الذي تسعى فيه هذه الدول بمساندة مطلقة من التيار العلماني؛إلى التضييق على المدارس الدينية الإسلامية وتسعى إلى محاربتها دوليا؛ تحت شعار تجفيف منابع الإرهاب، أي الإسلام.
إننا نعلم بل نوقن أن المغرب فيه رجال عقلاء، يعلمون من يريد فعلا خدمة بلده ممن يسعى إلى تنفيذ أجندة أجنبية مدروسة تصبو إلى الإطاحة بمؤسسات البلد، وتسليم مقدراته وخيراته إلى محتل الأمس، ونعلم أن الإكراهات والتدخلات تلعب دورا رئيسا في ملف دور القرآن، وتحول دون الحسم في هذا الملف الهام.
لكن إلى متى ستبقى دور القرآن مهضومة الحقوق، ومغيبة عن الساحة الاجتماعية والدعوية بحجج وهمية واهية؟
وإلى متى ستبقى يد الدولة مرفوعة عن المنابر الإعلامية والجمعيات الحقوقية العلمانية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.