إسبانيا تنفي إنزال علمها من جزيرتي الحسيمة    بنكيران: نتائج انتخابات 2021 فاجأت حتى من أعدّوها.. ولا نسعى للانتقام لكن لن نصمت على العبث        انخفاض أسعار النفط بعد اتفاق "أوبك+" على زيادة الإنتاج    فنادق أوروبا تلاحق "بوكينغ" قضائياً        دعوات لاحتجاجات أمام ميناء الدار البيضاء رفضا لاستقبال "سفن الإبادة"            شقيق مروان المقدم يدخل في اعتصام وإضراب عن الطعام أمام عمالة الحسيمة    البحرية الملكية تنقذ 50 مهاجرا غير نظامي بعد تعطل قاربهم قبالة سواحل الداخلة    "الجايمة"..أشهر مطعم مغربي في ألميريا يُغلق أبوابه نهائيًا    وزير ‬الداخلية ‬يفتح ‬ورش ‬الانتخابات ‬التشريعية ‬بالمشاورات ‬مع ‬الأمناء ‬العامين ‬للأحزاب ‬السياسية ‬الوطنية ‬    مفتي القدس: الملك محمد السادس ثابت في نصرة القضية الفلسطينية وداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة    كأس أمم إفريقيا للاعبين للمحليين 2024.. المغرب مرشح قوي تترقبه أعين كل المنافسين على اللقب    إنتر ميامي يعلن غياب ميسي لأجل غير مسمى    دونالد ‬ترامب ‬يقطع ‬دابر ‬التشويش ‬والمؤامرات ‬المتربصة ‬بالسيادة ‬المغربية ‬ويعلنها ‬صراحة :‬    الفيدرالية المغربية لناشري الصحف تُصعد لهجتها ضد قانون مجلس الصحافة وتدعو لتعبئة مهنية موحدة دفاعا عن حرية الإعلام والتنظيم الذاتي    ‬تجديد ‬الاستعداد ‬لحوار ‬صريح ‬و ‬مسؤول ‬مع ‬الأشقاء ‬في ‬الجزائر ‬ما ‬دلالته ‬؟    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    مصرع سيدة في حادثة سير مروعة بطنجة    مقاومة الأداء الإلكتروني بالمغرب تعرقل جهود الدولة نحو الشمول المالي    لا أنُوء بغزّة ومِنْهَا النُّشُوء    أوروبا تشدد الرقابة.. نظام إلكتروني جديد يرصد تحركات المسافرين المغاربة بدقة    مسؤولون أمنيون إسرائيليون سابقون يطلبون مساعدة ترامب لوقف الحرب في غزة    بسبب جوازه المنتهي.. والدان مغربيان يتركان طفلهما في المطار ويسافران    وفد من مجلس المستشارين يتباحث مع الرئيسة الجديدة للبرلمان الأنديني في أول لقاء رسمي لها    الدخول المكثف للجالية يدفع الدرهم المغربي للارتفاع أمام الأورو    قافلة "التعمير والإسكان" تجوب 10 مدن مغربية لخدمة مغاربة العالم    ارتفاع في أعداد المهاجرين غير النظاميين الوافدين إلى سبتة ومليلية المحتلتين خلال 2025    ريال مدريد يحصن نجمه المغربي إبراهيم دياز بعقد جديد    وليد الركراكي يحضر لمفاجآت جديدة في معسكر شتنبر بضم لاعبين من أوتريخت وروما    أستراليا تتهم مواطنة صينية بالتجسس        عاكف تتوج ببطولة "فريستايل إفريقيا"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    ترتيب شباك التذاكر في سينما أميركا الشمالية    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب        بطولة انجلترا: تشلسي يتعاقد مع الظهير الأيسر الهولندي هاتو    فرنسا ترحل طالبة فلسطينية إلى قطر بعد اتهامها بكتابة منشورات "معادية للسامية"    حماس تقول إنها لن تسمح للصليب الأحمر بالوصول إلى الرهائن إلا إذا تم فتح ممرات إنسانية    حين يغيب تكافؤ الفرص… تضيع شفافية الانتخابات    وفاة الممثلة الأميركية لوني أندرسون عن عمر ناهز 79 عاما    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    نازهي يسائل وزير الثقافة حول اختلالات مسرح محمد عفيفي بمدينة الجديدة    النجمة أصالة تغني شارة "القيصر" دراما جريئة من قلب المعتقلات    المركز السوسيوثقافي أبي القناديل يحتظن حفلا مميزا تخايدا لذكرى 26 لعيد العرش المجيد    "عرش المحبة حين يغني المغرب في قلب تونس"    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا حل لقضية جبل طارق دون رجوع سبتة ومليلية إلى المغرب
نشر في هسبريس يوم 30 - 09 - 2012

بينما كنت أتصفح بعض الجرائد على شبكة الانترنت، يوم الخميس المنصرم، أدهشتني تعليقات بعض المغاربة الذين عبروا عن امتعاضهم من أن رئيس الحكومة الاسبانية حثَّ المملكة المتحدة على فتح حوار بشأن مسألة جبل طارق، في الوقت الذي لا زالت فيه اسبانيا تحتل مدينتي سبتة ومليلية المغربيتين؛ حيث إنه خلال خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي، دعا ماريانو راخوي، رئيس وزراء إسبانيا، السلطات البريطانية للتفاوض على الوضع المستقبلي لجبل طارق.
ليس من الغريب أن نرى المغاربة يعبرون عن إحباطهم لرؤية اسبانيا تطبق سياسة الكيل بمكيالين، سيما أنها تدعو لإنهاء الاستعمار في جبل طارق، في الوقت الذي تتمسك بسيادتها في سبتة ومليلة والجزر الصغيرة المجاورة لهما. كمغاربة لدينا كل الحق، بل ومن واجبنا العمل على استرجاع سيادة بلادنا على سبتة ومليلية، كما لإسبانيا كل الحق في المطالبة باسترجاع سيادتها على المستعمرة البريطانية. غير أنه، وحتى نتمكن من الدفاع عن مواقفنا وقضيتنا بشكل فعال وإيجابي، ينبغي علينا أن نكون مسلحين بمعرفة عميقة ودقيقة بخبايا وحيثيات الموضوع.
الموقف الإسباني أقوى
وفي هذا الصدد، يجب علينا ألا ننسى أنه من الناحية القانونية، فالموقف الإسباني بشأن موضوع جبل طارق أقوى من الموقف المغربي بشأن سبتة ومليلية، إذ يعتبر جبل طارق "إقليم غير متمتع بالحكم الذاتي" من قبل الأمم المتحدة، وبالتالي فإن يخضع لإنهاء الاستعمار، في حين لا تعتبر سبتة ومليلية أقاليم غير متمتعة بالحكم الذاتي، وبالتالي فهي غير موجودة في قائمة الأمم المتحدة المعنية بالأراضي غير المتمتعة بالحكم الذاتي.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تحث فيها الحكومة الاسبانية نظيرتها البريطانية على فتح حوار حول هذا النزاع الترابي، إذ أن وزارة الخارجية الإسبانية دأبت على مطالبة نظيرتها البريطانية بإعادة النظر في معاهدة أوترخت لعام 1813، والتي بموجبها تنازلت إسبانيا عن سيادتها في جبل طارق، وإنهاء التواجد البريطاني هناك. ولكن على عكس حكومة رئيس الوزراء السابق، رودريغيز ثاباتيرو، فإن رئيس الوزراء الحالي، ماريانو راخوي يعتزم فتح حوار مع المملكة المتحدة من دون إشراك سكان الصخرة في هذه المحادثات.
ولكي نعرف لماذا لم يتم تضمين مدينتي سبتة ومليلية في قائمة الأمم المتحدة للأراضي غير المتمتعة بالحكم الذاتي، يجب الرجوع إلى بدايات ستينيات القرن الماضي، وتحديداً إلى ما يسمى ب "اتفاق باراخاس". ففي 6 يوليو 1963، التقى المغفور له الحسن الثاني مع نظيره الإسباني فرانسيسكو فرانكو في مطار باراخاس بالعاصمة الإسبانية مدريد لمعالجة النزاعات الترابية القائمة بين البلدين، ويطلق على الاتفاق الذي تمخض عن هذا الاجتماع "اتفاق باراخاس".
وبموجب هذا الاتفاق، وافق المغرب على فصل قضية سبتة ومليلية عن القضايا الترابية الأخرى المتنازع عليها بين البلدين في لجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار، والمعروفة باسم اللجنة 4.
وقد أدى استغلال هذه الاستراتيجية بذكاء من قبل القادة الإسبانيين، بالإضافة إلى عدم وجود إرادة قوية من المغرب لإدراج هذا النزاع في أجندة الأمم المتحدة في وقت كانت فيه مسألة جبل طارق محط نقاش في اللجنة الرابعة، إلى حرمان المغرب من فرصة تاريخية لتسجيل سبتة ومليلية على نفس لائحة جبل طارق، وهي لائحة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، والتي كان على القوى الاستعمارية أن تقوم بإنهاء تواجدها الاستعماري فيها. وبالإضافة إلى ذلك، فقد امتنع المغرب منذ ذلك الحين عن إثارة هذا النزاع مع الجارة الشمالية حتى عام 1974.
سوء تقدير؟
وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أنه في بداية الستينات وطوال السبعينات، كل جهود الدبلوماسية المغربية كانت تركز على استعادة الأراضي المغربية الجنوبية، بما في ذلك سيدي إفني، التي أعيدت إلى سيادة المغرب بموجب اتفاقية فاس المؤرخة في 4 يناير 1969 والصحراء المغربية، التي تم استرجاعها بعد المسيرة الخضراء والاتفاق الثلاثي الموقع بين المغرب وموريتانيا وإسبانيا يوم 14 نوفمبر من نفس السنة.
وبذلك استفادت إسبانيا من سوء تقدير الدبلوماسية المغربية، ونجحت بذلك في الحيلولة دون تضمين سبتة ومليلية في جدول أعمال اللجنة الرابعة للأمم المتحدة. ففي الوقت الحاضر، بينما تتم مناقشة مسألة جبل طارق خلال مداولات اللجنة الرابعة التي تعقد في شهر أكتوبر من كل عام، تبقى سبتة ومليلية قضية ثنائية بحثة بين المغرب وإسبانيا.
ومع ذلك، فقد عمل المغرب على استغلال ورقة التشابه بين قضيتي سبتة ومليلية وجبل طارق، إذ منذ منتصف الثمانينيات ما فتئت الدبلوماسية المغربية تؤكد على أنه ليس بإمكان إسبانيا أن تعمل على استرجاع سيادتها على جبل طارق، في الوقت الذي ترفض الحق المشروع للمغرب في استعادة سيادته على مدينتي سبتة ومليلية.
وفي عام 1987، بعد لقاء أجراه الملك الراحل الحسن الثاني مع وزير الداخلية الإسباني José Barrionuevo، سلم هذا الأخير رسالة موجهة إلى العاهل الإسباني خوان كارلوس الإسبانية. وفي الرسالة، اقترح فيها الحسن الثاني على نظيره الإسباني إنشاء خلية تفكير لمعالجة الوضع المستقبلي لسبتة ومليلية. غير أن الحكومة الإسبانية لم تتوان في رفض الاقتراح المغربي. ففي 24 يناير 1987، أصدرت الحكومة الإسبانية بيانا أكدت فيه أن "سبتة ومليلية مدينتان إسبانيتان، وستظلان كذلك، وأنه ليس هناك أي مبرر لإنشاء خلية تفكير من هذا النوع".
ومنذ ذلك اليوم، وعلى الرغم من المحاولات المغربية لمطالبة السلطات الإسبانية بفتح حوار حول مستقبل المدينتين المحتلتين، دأبت مدريد على رفض المطالب المغربية معتبرة أنه ليس لها أي سند قانوني. بل الأكثر من ذلك أن السلطات الإسبانية تستمر في نفي وجود أي نزاع بين البلدين حول المدينتين.
حجج المغرب
لكن على الرغم من رفض السلطات الإسبانية التشكيك في إسبانية سبتة ومليلية وفتح حوار مع الرباط، وقبول فكرة وجود تشابه بينهما وجبل طارق، فللمغرب الكثير من الحجج لتقوية موقفه وإظهار أن أي حل لقضية جبل طارق يفضي حتماً إلى حل للنزاع الترابي حول سبتة ومليلية.
ومن بين الحجج التي يمكن من خلالها للمغرب إثبات التشابه بين قضية سبتة ومليلية وجبل طارق هناك: حقيقة أن المدينتين المغربيتين على غرار جبل طارق كانتا في المقام الأول قواعد عسكرية وسجون مفتوحة، والمعاهدات غير العادلة التي فرضتها سلطات الاحتلال في كلتا الحالتين، وغياب تعلق قوى الاحتلال (إسبانيا وبريطانيا) لمدة طويلة بمستعمراتها. فوفقاً للدبلوماسيين الاسبانيين السابقين، ماكسيمو كاجال وألفونسو دي لا سيرنا، فإن المعاهدات التي تعتمد عليها السلطات الإسبانية لتبرير سيادتها على سبتة ومليلية ليسا لها أية قيمة قانونية أو أخلاقية، إذ وقعت تحت الإكراه وفي وقت كان المغرب في موقف ضعف.
وبالإضافة إلى ذلك، ففي كلتا الحالتين (سبتة ومليلة وجبل طارق)، فإن المستعمرات توجد في الحدود الطبيعية لدولة أجنبية. وبالتالي، فهي تشكل عائقا أمام الوحدة الترابية للبلد التي تقع فيها، ناهيك عن أن الأقاليم الثلاثة تعتمد اقتصاديا على المناطق المتاخمة لها.
وعلاوة على ذلك، يرى العديدون أنه لا يمكن لإسبانيا الاستمرار في تطبيق سياسة الكيل بمكيالين، إذ بغض النظر عن الوضع القانوني لسبتة ومليلية وجبل طارق، فمن غير المقبول سياسياً ولا أخلاقياً أن تطالب إسبانيا باسترجاع سيادتها على جبل طارق، في الوقت التي تستمر في احتلال المدينتين المغربيتين والجزر المجاورة لها.
• مستشار سياسي في إحدى البعثات المعتمدة لدى الأمم المتحدة
• خبير في العلاقات بين المغرب واسبانيا وقضايا الصحراء
• رئيس تحرير موقع http://www.moroccoworldnews.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.