بورصة البيضاء تحقق حصيلة إيجابية    بولعجول: عقوبات صارمة تنتظر موزعي وبائعي الدراجات النارية المخالفين للقانون    بنسعيد يوقع مذكرة تفاهم مع مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية للحماية القانونية للتراث الثقافي المغربي    أخنوش: الحكومة تباشر تأهيل 1.400 مركز صحي من الجيل الجديد بغلاف مالي يبلغ 6.4 مليار درهم    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    مصرع فتى غرقا إثر سقوطه في حوض مائي غير محروس بالنواصر    البرتغال تسجل 284 وفاة إضافية خلال موجة الحر الأخيرة    محكمة الحسيمة تُدين شابًا وشقيقته في قضية تصفية شاب    جدول أعمال مجلس الحكومة الخميس    جهة سوس–ماسة تحتضن اللقاء الجهوي السابع حول الشباب والمشاركة المواطنة    الكرواتي إيفان راكيتيتش يعتزل بعمر السابعة والثلاثين    إقصائيات بطولة المغرب العسكرية للقفز على الحواجز 2025 (أسبوع الفرس).. النقيب بدر الدين حسي يفوز بجائزة القوات المسلحة الملكية    قرب الانتخابات يجدد نقاش جدوى المشاركة الأمازيغية في المشهد الحزبي    تكوين في التحري عن ادعاءات التعذيب    ترامب: خطة ماسك "حطام قطار"    483 لسعة عقرب بأزيلال في يونيو    رئيس إيران يتهم إسرائيل بمحاولة قتله    دراسة ألمانية تؤكد خطورة فيروس التهاب الكبد E لمهاجمته خلايا الكلى    رداً على ادعاءات مغلوطة.. إدارة سجن رأس الماء بفاس توضح حقيقة تعرض سجناء للابتزاز    أسعار النفط تتراجع                استثمار صيني جديد يعزز الزراعة الذكية في المغرب لمواجهة تحديات الماء والمناخ    منع الباحث أحمد ويحمان من دخول افتتاح المنتدى العالمي للسوسيولوجيا    الرباط: انطلاق أشغال المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا بمشاركة باحثين من أزيد من 100 بلد    رئيس جزر القمر يشيد بالشراكة الاستراتيجية مع المغرب    القوات المسلحة الملكية ستحول "برج دار البارود بطنجة" إلى فضاء ثقافي مفتوح أمام العموم                    اتفاقية لإدماج 110 من الأطفال والشباب في وضعية هشة بالدار البيضاء        أبرزهم أوناحي.. أولمبيك مارسيليا يُنزل 6 لاعبين إلى الفريق الرديف    محمد بهضوض... الفكرة التي ابتسمت في وجه العالم    طوفان الأقصى: عودة إلى نقطة الصفر    سلسلة بشرية في الدار البيضاء ترفع أعلام فلسطين وتندد ب"الإبادة" في غزة    التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    بالأرقام.. المغرب في طليعة الذكاء الاصطناعي: نحو ريادة عالمية برؤية شاملة وأخلاقيات راسخة    فيضانات تكساس.. ارتفاع حصيلة القتلى إلى 82    الأساتذة المبرزون يصعّدون احتجاجهم ضد وزارة التربية الوطنية ويدعون لاعتصام وطني بالرباط    افتتاح متحف للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في هونغ كونغ    تراجع الذهب نتيجة التقدم في تمديد مهلة الرسوم الجمركية    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    رئيس وزراء ماليزيا: "البريكس" أمل الجنوب العالمي لنظام دولي أكثر عدلاً    المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان يرفض مشروع قانون تنظيم المجلس الوطني للصحافة ويعتبره «نكسة دستورية»    "لبؤات الأطلس" يتدربن في المعمورة    اللاعب المغربي محمد أوناجم ينضم إلى نادي كهرباء الإسماعيلية    القهوة تكشف سرا جديدا.. "إكسير الشباب" يعزز صحة الأمعاء ببكتيريا نافعة    بومداسة يوقع "إثنوغرافيا الدرازة الوزانية"    الوعي الزائف:رسالة إلى امرأة تسكنها الأوهام!    غويركات يرثي محمد بهضوض.. "الفكرة التي ابتسمت في وجه العالم"    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البذل والتضحية وثقافة التطوع
نشر في هسبريس يوم 22 - 12 - 2012

البذل عطاء، والتضحية إيثار، وثقافة التطوع سلوك وصبغة لمن تعود على تجاوز الواجب والحد الأدنى من الالتزام إلى مستويات عليا من المنافسة في الخير والرقي في درجات الإحسان، فمن يفكر مليا في كل ما يملك من جهد ووقت ومال وحياة ينتهي إلى أن المالك الحقيقي لكل ذلك هو الله عز وجل، فهو سبحانه الرزاق وواهب الحياة وهو المعين ذو القوة المتين، وإذا كان من سبيله وإرشاده عباده الصالحين أن يبذلوا شيئا مما أتاهم أو يعطوا كل ذلك مقابل رضوانه ونيل جنانه، فرح العقلاء والمحبون بالبيع وكان ديدنهم السخاء.
فما يطلبونه أكبر بكثير مما يبذلونه، إنهم يريدون حياة طيبة وسعادة دنيوية، ولا تستقيم لهم بغير بذل ولا عطاء، ويريدون جزاء عريضا في جنات ونعيم لهم فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون، ومع ذلك وفوقه يريدون رضوانا من الله أكبر ونظرا في وجهه الكريم، يذكرون غمسة واحدة في نعيم الرحمن تنسيهم كدح الدنيا ومتاعبها فكيف بمن حاز الجوار الدائم والمقام الخالد.
يعشقون شرع ربهم وإقامة دينهم وإصلاح أحوال قومهم، ويودون انتشار دعوتهم في العالمين، ويتمنون زوال الشرور ومختلف أشكال الضلال والفساد والاستبداد، ولا يقوم شيء من ذلك من غير بذل ولا تضحية ولا تطوع بالجهود والأوقات والأموال وربما بالأرواح أيضا، يرون أمامهم ما يبذله أهل الباطل في باطلهم وأهل الفساد في يسلكون مسلك البذل والعطاء وطريق التطوع والتضحية لأنه طريق مضمون إلى معالي الأمور سلكه الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون وبلغوا ما بلغوه من الذكر الحسن ورضوان الله والانخراط في سلك المنعم عليهم، فقال نوح عليه السلام كما أخبرنا ربنا " فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72)يونس، وقال هود " يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (51)هود، وقال صالح " فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (144) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (145)الشعراء، وكذلك سلك الأنبياء من بعدهم بذلوا ما يملكون من جهد ووقت ومال وبعضهم بذل روحه، كل ذلك من أجل أن يقوم الدين ويصلح حال الناس.
وضرب الله مثلا في التضحية بإبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام فرفعا السقف عاليا في الاستعداد وهما بالفعل لولا أن تداركهم الديان " وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ (108) سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (109) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111)الصافات.
وجاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حق جهاده وبذل من وقته وجهده وماله وأوقف حياته كلها لله بعدما جاءه النذير، وضحى معه أبو بكر رضي الله عنه فجاء مرة بماله كله وجاء عمر بنصف ماله وجهز عثمان جيش العسرة وبذل ثلاثمائة بعير واشترى مرة بئر رومة للمسلمين بأربعين ألف درهم ونام علي في فراش النبي صلى الله عليه وسلم زمن مقدما روحه فداء لحبيبه وجاء من أعطى بستانا من ستمائة نخلة وهي من أطيب ماله، وتقدم من تطوع بسبعمائة بعير محملة بالطعام وجعلها في فقراء المسلمين، إنها نماذج ونماذج في التضحية والفداء والبذل تنادينا:هذا هو الطريق وذاك هو المنهج والسلوك لمن أراد خير الدنيا والآخرة.
فالدعوات والحركات الإسلامية لا يمكن أن تنهض فقط بالواجبات، ففي المال حق سوى الزكاة، وكذلك يمكن أن يقال في الجهد والوقت وكل ما يحتاج إليه في سبيل الله وفي نشر دينه وبث دعوته وتأطير الناس وتنزيل المشاريع والمخططات وتحقيق الطموحات، فإذا وقع أن تحسنت ميزانيات الحركات الإسلامية واستطاعت توفير بعض أجور موظفين متفرغين في مكاتبها ومقراتها، فلا يعفنا أبدا من ثقافة التطوع والبذل والعطاء سواء بفتح البيوت أو إطعام الطعام أو استقبال الضيوف أو توفير النقل والتطوع بالسيارة أو المساعدة في تخييم الطلبة والتلاميذ وطبع النشرات والمطويات ونحو ذلك مما يحتاجه العمل الدعوي والتربوي والتكويني والاجتماعي وغيرها، قال تعالى:" وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (20)المزمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.