يوم عاشوراء هو اليوم الذي يصادف أحداثا عديدة لها رمزيتها بالنسبة إلى الدول الإسلامية؛ فقد نجا في مثل هذا اليوم نبي الله موسى من بطش فرعون بعد أن قهر كبار السحرة بحكمته الربانية. وطبعا، لا يمكن الحديث عن هذا اليوم دون الحديث عن "معركة كربلاء" ويوم "تاسوعاء"، وما تمثله هذه الأحداث في شق الصف الإسلامي بين "الشيعة" و"السنة"؛ فهذا اليوم هو يوم "الظلم الكبير" بالنسبة إلى الشيعة، حيث قتل فيه الحسين بن علي حفيد النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يمكن استحضار رمزية هذا اليوم في التاريخ دون الحديث عن استمرار "الفتنة الكبرى"، والحسابات الصغيرة والكبيرة التي لا يمكن أن تخدم بأي حال من الأحوال مكانة المسلمين في العالم؛ لكن هناك شريحة من المواطنين والمواطنات مع الأسف لا يهمهم تاريخ هذا اليوم، ولا يهمهم ردم الهوة بين طائفتين مختلفتين حد التناقض، ويستغلونه في أشياء أخرى. صدق أو لا تصدق، على الرغم من الجائحة والضائقة والإفلاس المبين في شتى القطاعات، فإنه لا يزال هناك في بلدان عربية وإسلامية عديدة من يخصص هذا اليوم للشعوذة، حيث يتم تحريك "المجمر" بحثا عن الحظ في بعض الحالات وبحثا عن الإساءة إلى الغير في حالات أخرى؛ بل يصل الأمر أحيانا إلى حد ارتكاب "جرائم" نتيجة تصديق العديد من "الخزعبلات"... فهذا المجال أيضا له سماسرته وتجارته وأباطرته الذين يشتغلون بعيدا عن أية وازع ديني، ولا فرق عندهم بين الانتماء إلى الشيعة أو السنة أو أية ديانة أخرى. ما فائدة الدراسة والتحصيل العلمي والمناهج التربوية إذا كان المجتمع سينجب في بعض الحالات امرأة تؤمن بأن الحفاظ على علاقتها مع زوجها، الحالي أو المستقبلي، تمر حتما عبر "الطلاسم" والوصفات التي يحضرها فقيه أو "راق" مختص؟ يكفي قراءة مئات المقالات والتحقيقات الصادرة في مختلف أنحاء العالم العربي ليعرف المرء أننا أمام فئة أخرى من المواطنين، الذين لم يندمجوا وانتهوا إلى الإيمان بمعتقدات مسيئة إلى الحضارة دون حاجة إلى فرعون. ما معنى أن يكون بيننا رجال يؤمنون بوجود قوى غيبية تحسم نتائج الانتخابات، وتعطي الأفضلية في التحصيل المالي، وتنشط التجارة؛ بينما الواقع يؤكد أن الأمم حسمت معاركها بالعلم والتنافس الحضاري، وما زالت المعارك مستمرة وسيحسمها العلماء بالتأكيد، والبداية من معركة "كوفيد 19". حفظ الله مواطني هذا البلد الكريم وغيره من البلدان في مواجهة هذه الفئة الشاردة، التي لا تعترف بالحدود أو بسبب الوجود... والأكيد أن المعركة ضد الجهل ما زالت مستمرة، وهو ما يعني ضرورة اتخاذ المزيد من الإجراءات والتدابير الوقائية، ليس لفعالية الوصفات "المجمرية" ولكن تفاديا للاصطدام مع الجهل.. كما أن الحديث عن هذه الظاهرة لا يعني أنها مرتبطة ببلد بعينه دون باقي البلدان؛ بل إن أعمال "الشعوذة" والسحر موجودة في كل البلدان، على الرغم من أن "الدعاية السوداء" تحاول إلصاق التهمة بهذا البلد أو ذاك، في ظل انتشار "الجهل".