في خضم تزايد مخاطر التغيرات المناخية وتهديدها لمصادر عيش الإنسان ولوجوده، وفي إطار مساهمة المجتمع المدني في الحد من تداعياته، أطلقت جمعية "صوت المرأة الأمازيغية" مشروعا يتوخى جعل شجرة أرگان في قلْب مكافحة التغيرات المناخية". ويهدف مشروع "مكافحة التغير المناخي وتعزيز صمود الأمازيغ والأمازيغيات من خلال الحفاظ على شجرة أرگان"، الذي أطلقته جمعية "صوت المرأة الأمازيغية" بشراكة مع صندوق PAWANKA، وقُدم أمس السبت بالرباط، إلى تثمين الأدوار المهمة لشجرة أرگان في الاقتصاد المحلي ورفع الوعي البيئي بأهمية الحفاظ عليها بين الشعوب الأصلية. وتكمن أهمية المشروع، حسب ما جاء ورقته التقديمية، في قدرته على الاستفادة من الطلب المتزايد على زيت أرگان كإستراتيجية لمكافحة تغير المناخ من خلال تعزيز الحفظ والاستخدام المستدام وزيادة غابات شجرة أرگان، لا سيما أنها تتحمل الجفاف الشديد وتمنع تآكل التربة بفضل جذورها العميقة. وعلاوة على الجانب المتعلق بمكافحة التغيرات المناخية، تهدف جمعية "صوت المرأة الأمازيغية"، من خلال مشروعها الذي يستهدف جهات سوس ماسة ودرعة-تافيلالت وطنجة-تطوان-الحسيمة، إلى تعزيز التمكين الاقتصادي للمجتمع الأمازيغي في المغرب، خاصة النساء. وتقول الجمعية إن تحول شجرة أرگان إلى مورد مهدد بالانقراض بسبب جملة من العوامل، مثل زيادة الطلب على زيته الذي يُستخدم بكثافة في صناعة مستحضرات التجميل على الصعيد العالمي والرعي الجائر، "يهدد سبُل عيش الأمازيغ"، مشيرة إلى أن شجرة أرگان تعد مصدرا أساسيا للدخل والاكتفاء الذاتي للنساء الأمازيغيات، باعتبارهن العاملات الرئيسيات في منتجات هذه الشجرة. في هذا الإطار، قالت حياة مشنان، رئيسة جمعية "صوت المرأة الأمازيغية"، إن المشروع المذكور يأتي في إطار البحث عن حلول للإشكالات التي تواجهها النساء اللواتي يشتغلن في التعاونيات المصنعة للمنتجات المستخرجة من زيت أرگان، سواء ما يتعلق بصعوبات تسويق المنتجات أو ندرة المياه الناجمة عن توالي سنوات الجفاف. وأضافت المتحدثة أن مشكل شح المياه يتفاقم بشكل متسارع؛ فعلاوة على قلة التساقطات المطرية، ظهرت طرق جديدة لاستغلال الماء ليست في صالح السكان الأصليين؛ ما يدفعهم إلى الهجرة نحو المدن، ما يترتب عن ذلك من تعرض النساء والفتيات للاستغلال، سواء بتشغيلهن في البيوت أو استغلالهن جنسيا. واعتبرت مشنان أن مناطق كثيرة في جنوب المملكة وشمالها تعاني من مشكل ندرة المياه، مضيفة: "حين يكون مصدر الماء مهددا، فإن الحق في العيش أيضا يصير مهددا، فيضطر السكان إلى الهجرة بحثا عن مصدر آخر للعيش، مع ما يترتب عن ذلك من استغلال متنوع للنساء والفتيات وهضم حقوقهن، فقط لأن هناك مشاكل لم يتم حلها". ويأتي مشروع "مكافحة التغير المناخي وتعزيز صمود الأمازيغ والأمازيغيات من خلال الحفاظ على شجرة أرگان" من منطلق التفكير في الاستدامة، حسب حادة خيراوي، منسقة المشروع، مضيفة أن شجرة أرگان "ترتبط بثقافة عريقة نحاول ما أمكن تمريرها إلى الأجيال المقبلة بهدف صيانتها". وأضافت المتحدثة ذاتها: "نراهن على توظيف الممارسات الصديقة للبيئة لكي نترك للأجيال المقبلة وثائق موثقة من طرف أخصائيين في الميدان عبارة عن دليل نوثق فيه هذه الممارسات، وخلق حوار بين الأجيال لمقاربة تثمين هذا الموروث الغني". وأفادت خيراوي بأن من بين الإكراهات والتحديات التي ينبغي الاشتغال عليها، فضلا عن حماية شجرة أرگان من التهديدات المحيقة بها، جعل المنتوج الوطني من هذه الشجرة قويا، لا سيَما أن المنافسة في هذا المجال أصبحت قوية، بحيث لم يعد المغرب وحده المنتج لمنتجات أرگان، في إشارة إلى المنافسة الإسرائيلية. وأردفت منسقة مشروع "مكافحة التغير المناخي وتعزيز صمود الأمازيغ والأمازيغيات من خلال الحفاظ على شجرة أرگان" أن هذا المشروع يرمي أيضا إلى تحريك عجلة الاقتصاد "بصيغة المؤنث"، حيث القاعدة الواسعة من العاملين تتشكل من النساء اللواتي، وهن الحلقة الأضعف في مسار سلسلة الإنتاج، معتبرة أنهن "يخضعن لاستعباد بشع؛ لأن المستفيد الأكبر هو الشركات الكبرى والوسطاء، على الرغم من أن النساء يبذلن جهدا كبيرا لتمكين أسرهن من العيش الكريم".