رئيس الجزائر يواصل استعداء المغرب بخطوة جديدة    الملك محمد السادس يهنئ بيتر بيليجريني بمناسبة انتخابه رئيسا لجمهورية سلوفاكيا    الوزير الأول البلجيكي يغادر المغرب في ختام زيارته للمملكة    ترقيم حوالي مليوني رأس من الأغنام استعدادا لعيد الأضحى    الدورة ال38 لماراطون الرمال .. المغربي محمد المرابطي يكرس تألقه وينهي المرحلة الثالثة في الصدارة    السطو على محل لبيع الذهب فكازا متبوع بالعنف: ها كيفاش تم الاستيلاء على كميات كبيرة ديال الحلي والمجوهرات والديستي دخلات على الخط (صور)    صواريخ صدام ومسيرات إيران: ما الفرق بين هجمات 1991 و2024 ضد إسرائيل؟    مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا يقدم استقالته    اختتام أشغال يوم دراسي بالرباط حول مقاربة النوع الاجتماعي في المنظومة التربوية    4 دول خليجية تواجه أمطارا غزيرة    بسبب الجفاف.. المساحة المزروعة بالحبوب تتراجع ب31 في المائة بالمغرب    ماتش سفيان رحيمي وياسين بونو فشومبيونزليگ دارو له وقت جديد    عروض سعودية مغرية تستقطب سفيان أمرابط بعد مغادرته مانشستر يونايتد    صرف الزيادة في الأجور لأسرة التعليم بأثر رجعي ابتداء من شهر يناير    صندوق النقد الدولي يتوقع نمو الاقتصاد المغربي 3.1% خلال 2024 و3.3% في 2025    خلال أسبوع.. 26 قتيلا و2725 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية    الناظور .. وزير الصحة يعطي انطلاقة خدمات 43 مركزاً صحّيا حضرياً وقرويا    حافلة للنقل العمومي تفقد السيطرة وتتسبب في إصابات وخسائر مادية جسيمة    بنسعيد: حماية التراث المغربي مسؤولية مشتركة .. ودعم صناعة السينما يزدهر    معرض مغاربي للكتاب بوجدة.. تعرفوا على أهداف هذه الدورة    الأمثال العامية بتطوان... (574)    علماء أمريكيون يحذرون من تأثير مادة "الباراسيتامول" على صحة القلب    بلاغ جديد وهام من الصندوق المغربي للتقاعد    صراع "الوردة" و"السنبلة" على رئاسة "لجنة العدل" يدخل البرلمان في "بلوكاج" غير مسبوق    كلفت أكثر من ربع مليار درهم.. تدشين المجازر الجهوية للرباط سلا الصخيرات تمارة    الوكيل العام يتمسك بملتمس إعدام "ولد الفشوش" ويعتبر شهود اللائحة "غير قانوني"    سانشيز: كأس العالم 2030 "سيكون ناجحا"    شركة ميتا تكشف عن سعيها لإحداث ثورة في التعليم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    نجم برشلونة الإسباني: لا إحساس يضاهي حمل قميص المنتخب المغربي    ابن كيران: رفضنا المشاركة في ملتمس الرقابة بسبب إدريس لشكر(فيديو)    دونالد ترامب في مواجهة قضية جنائية غير مسبوقة لرئيس أمريكي سابق    مساء اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : لمحات من سيرة وشعر الأمير الشاعر المعتمد بن عباد دفين أغمات    بحالو بحال قيوح: القاديري البرلماني الاستقلالي كيموت على المناصب وداير حملة وحرب باش يبقا فمكتب مجلس النواب ومكفاتوش تعدد المسؤوليات وبغا ريع الامتيازات وطوموبيل البرلمان باش يتفطح    تأجيل جلسة البرلمان المخصصة لعرض الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة إلى وقت لاحق    الدكيك: ملي كنقول على شي ماتش صعيب راه ما كنزيدش فيه والدومي فينال مهم حيث مؤهل للمونديال.. وحنا فال الخير على المنتخبات المغربية    هذه مستجدات إلغاء ذبح أضحية عيد الأضحى لهذا العام    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    كمية الصيد المتوسطي تتقلص بالمغرب    الأمين بوخبزة في ذمة الله .. خسارة للحركة الإسلامية والعمل التطوعي بالمغرب    الحصيلة الإجمالية للقتلى ترتفع في غزة    إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024 من مدينة أولمبيا اليونانية    دراسة: الشعور بالوحدة قد يؤدي إلى مشاكل صحية مزمنة    كيف يمكن أن تساعد القهوة في إنقاص الوزن؟: نصائح لشرب القهوة المُساعدة على إنقاص الوزن    هجوم شرس على فنان ظهر بالملابس الداخلية    عبد الإله رشيد يدخل على خط إدانة "مومو" بالحبس النافذ    الجزائر تغالط العالم بصورة قفطان مغربي .. والرباط تدخل على خط اللصوصية    مؤسسة منتدى أصيلة تنظم "ربيعيات أصيلة " من 15 إلى 30 أبريل الجاري    دراسة تحذر من خطورة أعراض صباحية عند المرأة الحبلى    المدرسة العليا للأساتذة بمراكش تحتفي بالناقد والباحث الأكاديمي الدكتور محمد الداهي    أشرف حكيمي: "يتعين علينا تقديم كل شيء لتحقيق الانتصار في برشلونة والعودة بالفوز إلى باريس"    مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان يدعو إلى انهاء الحرب في السودان    العنصرية ضد المسلمين بألمانيا تتزايد.. 1464 جريمة خلال عام وجهاز الأمن تحت المجهر    هذه طرق بسيطة للاستيقاظ مبكرا وبدء اليوم بنشاط    الأمثال العامية بتطوان... (572)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    مدونة الأسرة.. الإرث بين دعوات "الحفاظ على شرع الله" و"إعادة النظر في تفاصيل التعصيب"    "الأسرة ومراعاة حقوق الطفل الروحية عند الزواج"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هكذا يمكن التوفيق بين الدين والعلم في قضية سلالات الإنسان
نشر في هوية بريس يوم 15 - 01 - 2020

عندما طرح التطوريون (داروين ومن جاء بعده) نظرية التطور والانتخاب الطبيعي كان ذلك نتيجة اكتشافات عديدة ومتتالية لبقايا عظام إنسية وجدت في جميع بقاع العالم لا يمكن تجاهلها أو إنكارها بحال (موثقة في الساحة العلمية وعلى رأسها عندنا هنا في المغرب)، هياكل عظمية لمخلوقات عاقلة (بدليل وجود بعض الأدوات المصقولة يدويا بجانبها وكذا بعض الرسومات الجدارية) تشبه الإنسان الحالي (بني آدم) لكنها تختلف عنه بشكل جذري في الخلقة والتقويم (إختلاف في الجمجمة والشكل وفي شكل المفاصل والأضلع والأصابع..) مما يدل على أنها تتبع لسلالات إنسية أخرى ليست بالقطع واليقين من سلالة بني آدم.
هذه الهياكل العظمية هي بنفسها تختلف فيما بينها حسب الزمان والمكان المنتمية إليه، فمنها ما وجد عمره قبل 3 مليون سنة أو أكثر وهي في الغالب مكتشفة بإفريقيا ومنها ما وجد عمره بين 3 و1 مليون سنة وأكثرها وجد في إفريقيا والشرق الأوسط، وآخرها وهي العائدة لإنسان (نيندرتال) ومعه إنسان (دنيسوفا) وأغلبها وجد بأوروبا وغرب آسيا، طبعا فطريقة التأريخ المعتمدة هي طريقة النظائر المشعة من خلال حساب نسبة اضمحلال الإشعاع، ومن تلك النظائر الكاربون 14 أو البيريليوم10 أو البوتاسيوم أرغون وغيره.
وبالطبع فقبل الخوض في المسألة علينا أن نضع نصب أعيننا ثلاث مسائل أساسية في هذا البحث:
أولا .. هذه الهياكل العظمية المكتشفة أصبحت حقيقة علمية ومسلمة من مسلمات العلم لا يمكن إنكار وجودها بحال لأنها تواترت بالأدلة المادية القطعية وهي موجودة في جميع متاحف العالم بما في ذلك متاحف الدول العربية والإسلامية.
ثانيا .. هذه الهياكل العظمية تعود لمخلوقات عاقلة بدليل وجود أدلة كثيرة وكثيرة جدا على ذلك ولعل أبرزها الرسومات الجدارية والأدوات الحجرية المصقولة باليد.
ثالثا .. هذه الهياكل العظمية هي إنسية بالمفهوم التكويني للإنسان (صلصال من حمأ مسنون) وليست من سلالة الجان الذي خلقه ربه من مارج من نار.
وبعد هذا يبدأ السؤال الأهم بطرح نفسه.. إن كانت هذه المخلوقات عاقلة وليست من سلالة بني البشر أو بني آدم.. فلمن تعود؟؟
وما جواب أهل العلم على هذا السؤال المحير؟
طبعا فأغلبهم وأمام قوة الاكتشافات وتواترها وتعارضها الظاهر مع نصوص الشرع لم يجدوا من حل سوى الطعن في هذه الاكتشافات من الأصل والطعن في مضامينها بل وإنكار الإكتشافات نفسها، وآخرون زعموا أنها تعود للجن الذين عمروا الأرض قبل الإنسان، وهذا بدوره جواب لا يمكن قبوله لأن الجن إنما خلقوا من نار السموم وليس من التراب الذي نلمسه ونحس به.
والجواب على هذا السؤال المحير هو كالتالي:
أولا، وجب معرفة أن الشرع الحكيم لا يمنع إمكانية خلق الله لمخلوقات إنسية سابقة عمرت الأرض وسكنتها لمدد زمنية محددة لقول الله تعالى: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ ۚ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ".
وانطلاقا من هذا فإن التوفيق بين الدين والاكتشافات العلمية يبدأ من الإيمان بنظرية إسلامية عظيمة ترسم معالم تاريخ الخلق على وجه الأرض إعتمادا على قول ربنا ((قل سيروا في الارض فانظروا كيف بدأ الخلق)) ، هذه النظرية وباختصار شديد تقوم على مبدأ الخلافة، خلق إنسي "مكلف" يعمر في الأرض ما شاء الله أن يعمر ثم يكثر من الفساد والإفساد فيفنيه الله ويصلح الأرض ثم يأتي بخلق جديد يخلفه، وهذا الخلق الإنسي الجديد المكلف الذي يخلف سابقه يعمر ما شاء الله أن يعمر وبدوره يكثر من الفساد والإفساد في الارض فتكون نهايته الفناء أيضا فيأتي الله بعده بخلق جديد، وهكذا دواليك إلى أن وصل الدور إلى آخر السلالات الإنسية التي هي سلالة البشر أو بني آدم، وهنا وقبل الخلق خاطب الله عز وجل ملائكته بأنه خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون وجاعله في الارض خليفة (خليفة لمن قبله)، فاندهشت الملائكة قائلة: ((أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء))!!
الملائكة من هول ما رأت من الفساد والإفساد وسفك الدماء الذي ارتكبته المخلوقات الإنسية السابقة التي عمرت الأرض تساءلت كيف يا رب تخلق مخلوقا جديدا لن يتوانى عن فعل ما فعله السابقون من ارتكاب الفساد العريض واستباحة الدماء المحرمة، ثم عرجت بالقول:((ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)) وكأنها طمعت في عمارة الأرض بدل الإنسان.
فهذه الخلافة في عمارة الأرض هي القاعدة الكبرى لفهم تعاقب المخلوقات الإنسية على عمارة الأرض، والإسم المشترك لجميع هذه المخلوقات العاقلة هو (الإنسان)، ثم تأتي السلالات لتفرق بين جميع هذه المخلوقات المستقلة بذاتها عن بعضها البعض، فسلالة الإنسان البشر تبدأ بخلق الله لآدم من تراب، وسلالة إنسان نيندرتال تبدأ بخلق الله لأبيهم الأول من تراب كذلك، وهكذا كل خلق إنسي سبق أن عمر الأرض كانت بدايته بخلق الأب الأول من تراب، وقد أشار ربنا إلى هذا التمييز بين السلالة الجامعة (الإنسان) والسلالة الفرع (البشر مثلا) في قوله تعالى في سورة الحجر:
"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)".
فقد أخبر الله بأن الإنسان خلقه من صلصال من حمأ مسنون، ثم في آية موالية أخبر أنه خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون، فالآية الأولى عامة بجميع المخلوقات الإنسية ولذلك بنيت على الماضي بينما الآية الأخرى خصت بالإنسان البشر وحده الذي لم يخلق بعد ولذلك كان بناؤها على المستقبل.
ومن مميزات الإنسان البشر أنه أفضل المخلوقات الإنسية المكلفة التي عمرت الأرض وأعظمها درجة ولذلك كلما ذكر الإنسان في القرآن إلا وتجد وصفا ذميما يتبعه (وحملها الإنسان، إنه كان ظلوما جهولا)، (وكان الإنسان أكثر شيئ جدلا)، (إن الإنسان ليطغى)، (إن الإنسان لظلوم كفار)، (ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير)، (وكان الإنسان كفورا)، (وكان الإنسان قتورا)، بينما البشر إذا ذكر في القرآن كان وصفا للنبي أو لنبي قبله وهذا تشريف ليس فوقه تشريف.
وأفضلية بني آدم على سائر المخلوقات الإنسية السابقة تتجلى أيضا في قول ربنا جوابا على اندهاش الملائكة واعتقادها بوقوع الخلق الجديد في نفس الفساد العريض الذي وقع فيه سابقوه : ((إني أعلم ما لا تعلمون))، ثم جاء سجود التشريف والتكريم ليوضح المسألة أكثر.
ومن الأدلة العلمية التي تثبت أن التطور المزعوم عند التطوريين لا يحدث هو أن المخلوقات السابقة كانت تعمر مليون سنة أو أكثر ثم عند التمحيص تجد شكل الهياكل العظمية المكتشفة في بداية الخلق وعند نهايته لا يتغير ولا يحدث فيه أدنى تطور مما جعلهم أي الغرب دائما يدندنون بعدم عثورهم على الحلقة المفقودة، أي الخلق الوسطي بين السابق واللاحق، وهذا دليل على صدق النظرية الإسلامية التي ترفض مبدأ التطور تماما وإنما تقر بمبدأ الخلافة ((إني جاعل في الارض خليفة)).
بقيت لنا مسألة شائكة، آخر السلالات الإنسية التي عمرت الأرض قبل خلق الله لآدم وهبوطه إليها إنسان نيندرتال وإنسان دنيسوفان، وهذان الإنسانان المرتبطان بارتباط غريب كونهما عمرا أوروبا وآسيا الصغرى في آن واحد زامنا وعاصرا الإنسان البشر وتعايشا معه، والدليل أن آخر الهياكل العظمية المنسوبة إليهما كان عمرها حوالي 35000 سنة بينما أقدم هيكل عظمي للإنسان البشر يفوق 180000 سنة!!
فهل هذان المخلوقان الإنسيان هما يأجوج ومأجوج اللذان حبسهما ذو القرنين في سد حديدي كبير بين جبلين عظيمين ثم في آخر الزمان يؤذن لهم بالخروج إلى سطح الأرض؟
وانظروا شكاية القوم: ((إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض))!!
الفساد هو مصيبة الأقوام السابقة التي عمرت الأرض، والملائكة صاحت ((أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء)).
والنصيحة العامة لبني البشر كانت هي نفسها: ((ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها)).
وفي الختام أود لو ان علماءنا الأجلاء يضعون نصب أعينهم هذه النظرية الإسلامية العظيمة التي تتوافق بشكل كبير جدا مع الاكتشافات العلمية وتتناسق مع مقررات الشرع في الخلق وأدلة ومعاني النصوص، وفوق هذا تضرب نظرية التطور في مقتل وتجعل منها ضربا من التنظير الفارغ الذي لا دليل على صحته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.