ولي العهد مولاي الحسن يحتفل بذكرى ميلاده ال 21    لماذا يعاكس العدالة والتنمية الطبقة المتوسطة؟    الجيش الإسرائيلي يعلن سيطرته على معبر رفح    عميد شرطة بتزنيت يتعرض لطعنة سكين    إحداث أزيد من 16 ألف مقاولة جديدة في المغرب    عبد الجليل يترأس مراسم المعرض الدولي للنقل واللوجيستيك لأفريقيا والمتوسط "لوجيسمد"    نشرة إنذارية: موجة حر تصل إلى 44 درجة بعدد من أقاليم المغرب    كأس الكونفدرالية: "كاف" يحدد موعد نهائي نهضة بركان والزمالك المصري    لفتيت يعزل بودريقة والمحكمة الدستورية تصادق على القرار    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    انطلاق تكوين أساتذة مادة الأمازيغية في السلك الابتدائي بجهة طنجة    انتشار تعاطي السجائر الإلكترونية بين الأطفال يجر مزور للمساءلة    فرقة "أتيز" الكورية تتصدر نجوم مهرجان موازين    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    ارتفاع حركة النقل الجوي بمطار الحسن الأول بالعيون    ما مصير الأساتذة الموقوفين بعد إحالة ملفاتهم على وزارة بنموسى؟    ارتفاع عدد ضحايا حوادث السير من مستعملي الدراجات النارية بنسبة 31 في المائة    وزارة الصحة في غزة: 34789 فلسطينيا قتلوا في الهجوم الإسرائيلي على القطاع منذ 7 أكتوبر    سلسلة "اولاد إيزا" الكوميدية تثير غضب رجال التعليم وبنسعيد يرد    مؤتمر عربي بالقاهرة يبحث آلية لجمع ورصد مؤشرات النزاهة في في القطاع العام في الدول العربية    انطلاق الدورات التكوينية في مجال تدريس اللغة الأمازيغية بجهة طنجة تطوان الحسيمة    بايرن يخطف نجم الميلان ويربك حسابات ريال مدريد    ارتفاع أسعار النفط بعد الضربات الإسرائيلية على رفح    المبعوث الصيني الخاص لتغير المناخ يزور الولايات المتحدة    الطيران الأميركي يعلن التحقيق مع "بوينغ"    جيش إسرائيل يعلن السيطرة على معبر رفح    بطولة ألمانيا: الفرنسي كومان يعود لتدريبات بايرن ميونيخ    بطولة انجلترا: وست هام يعلن رحيل مدربه مويس نهاية الموسم    تقرير الخارجية الامريكية: المثليين المغاربة كيعانيو.. كاين عنف واعتداءات واعتقالات وتهديدات بالقتل    قاضية صبليونية انتاقدات التعاون بين المغرب وبلادها في مجال تهريب المخدرات    المنتخب الوطني "للفوتسال"يحتل المرتبة السادسة عالميا    أمازون: سنستثمر 9 مليارات دولار فسنغافورة    سيمانة قبل ما يبدا مهرجان كان.. دعوة ديال الإضراب موجهة لكاع العاملين فهاد الحدث السينمائي الكبير وها علاش    صعود أسعار الذهب من جديد    بأكثر من 15 مليون دولار.. نجل الصفريوي يشتري منزلاً في ميامي وهذه صوره    منير المحمدي يكشف.. هذا هو قدوتي وهذا ما كنت لأفعله لو لم أكن لاعب كرة قدم!    حدث في أمستردام.. تميز النساء المغربيات يُبرز في لقاء جمع نساء من مختلف الثقافات    "فريق نجم طرفاية: قصة نجاح وتألق في عالم كرة القدم"    إبراز فرص الاستثمار بالمغرب خلال مائدة مستديرة بالولايات المتحدة        كبير إيطاليا يدخل بقوة على خط التعاقد مع زياش    "العرندس" يتوج نفسه وينال جائزة الأفضل في رمضان    زيلينسكي يستعجل استلام أسلحة غربية    هتك عرض تلميذات من طرف مدير ثانوية فمولاي يعقوب.. المشتبه فيه للجدارمية: الكاميرا اللي عندي فالمكتب كتخدم غير فوقت الامتحانات وصافي والبورطابل ديالي ضاع مني    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    الأمثال العامية بتطوان... (591)    وفاة المقدّم التلفزيوني الفرنسي الشهير برنار بيفو    بلقصيري: أجواء افتتاح مهرجان سينما المرأة والطفل في دورته الأولى    وثائقي فريد من وزارة الثقافة والتواصل يبرز 6 ألوان فنية شعبية على ضفاف وادي درعة    اللي كيمشي لطريفة وعزيز عليه الطون والسربيسة والسينما: ها مهرجان وها الافلام المغربية المعروضة فيه    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    دراسة حديثة تحذر المراهقين من تأثير السجائر الإلكترونية على أدمغتهم    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    الأمثال العامية بتطوان... (589)        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جليبيب… عَرُوسُ الجنة
نشر في هوية بريس يوم 01 - 04 - 2023

صحابي جليل ينتهي نسبه إلى بني ثعلبة، كان حليفا في الأنصار وعده ابن الجوزي في "صفة الصفوة" من الطبقة الثالثة من المهاجرين والأنصار ممن شهد الخندق وما بعدها، لو لم يدخل الإسلام لكان جليبيب نكرة، فلم يكن رضي الله عنه غنيا ولا ذا نسب وحسب بل كان زاده الإيمان والتقوى، والتقوى هو المعيار الذي اعتمده الإسلام في التمييز بين البشر، يقول المولى عز وجل:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأُنثى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " [الحجرات، الآية: 13].
كان جليبيب شابا موفور الصحة، حسن الخُلُق وذا روح فكاهية، حباه الله بنعمة وأي نعمة؟ لقد أحبه المصطفى عليه الصلاة والسلام حبًّا كبيرا، وكان من دأب الرسول الكريم أن يروح عنه نفسه وعن أصحابه ساعة ساعة، وذات يوم أحب أن يداعب صفيه جليبيب فقال له: يا جليبيب ألا تتزوج ؟ فقال: يا رسول الله ومن يزوجني؟؟ إن هذه اللهجة الاستنكارية الصادرة عن جليبيب إنما كانت نتيجة إحساسه بكونه مستضعفا، فلا نسب ولا حسب ولا مال ولا حسن خِلْقة فكيف يتأهل لهذا الزواج ؟؟
لقد تكفل معلّم الأمة وهاديها إلى حل هذه المعضلة، فعمد أولا إلى إعادة الثقة بالنفس لجليبيب ، كما أهلّه من خلال تربيته وتشريبه قيم الإسلام، فكان بين هذا وذلك يرفّهُ عنه ويداعبه، ثم انتقل بعد ذلك إلى التعهد بتزويجه، ويحكي ابن الأثير في "أسد الغابة في معرفة الصحابة" أن أبا برزة الأسلمي رضي الله عنه والذي عُرف بإحسانه للأرامل واليتامى والمساكين شكا بأن جليبيبا كان يدخل على النساء يمر بهن ويلاعبهن فأمر امرأته يوما: "لا يدخلنّ عليكم جليبيب، فإنه إن دخل عليكن لأفعلنّ ولأفعلن" (مسند الإمام أجمد)، ولمى نما الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم على تزويج جليبيب بعد أن أعدّه لهذا الاختبار الحياتي الهام. يقول الإمام أحمد في مسنده عن أبي برزة الأسلمي – رضي الله عنه- قال:" كانت الأنصار إذا كان لأحدهم أيّم لم يزوجها حتى يعلم، هل للنبي صلى الله عليه وسلم له فيها حاجة أم لا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار: "زوجني ابنتك" فقال: نعم وكرامة يا رسول الله، ونُعم عين قال: "إني لست أريدها لنفسي" قال: فلمن يا رسول الله؟ قال: "لجليبيب" قال: يا رسول الله أشاور أمها، فأتى أمها، فقال: إن رسول الله يخطب ابنتك، قال: نعم ونعمةُ عين، قال: إنه ليس يخطبها لنفسه، وإنما يخطبها لجليبيب، فكان مما ردت به: لا، لعمرُ لا نزوجه، فلما أراد أن يقوم ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم ليخبره بما قالت أمها، قالت البنت: من خطبني إليكم؟ فأخبرتها أمها، فقالت: أتردون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره، ادفعوني إليه، فإنه لم يضيعني، فانطلق أبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: شأنك بها، فزوجها جُليبيبا".
ما نفيده من هذا الخبر أن الفتاة فطنت أن الذي خطبها إنما هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، خطبها لجليبيب، وما دام الأمر كذلك فلا بد أن هذا الزواج سيكون زواجا مباركا وجالبا للخير والسعادة، وإلا فما كان الرسول ليسعى فيه إن لم يكن كذلك، ومن ثمة لم تشغل الفتاة بالها بوضع جليبيب المادي، أو الاجتماعي ولم تلتفت إلى مدى وسامته أو ذمامته. وفي هذا انصياع لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، يقول عليه أفضل الصلاة والسلام: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخُلقه فزوّجوه" (رواه الترمذي)، وجليبيب خريج المدرسة المحمدية، مدرسة الإيمان الصادق والخُلق القويم، فلماذا لا ترضى به زوجا وقد زكاه الرسول صلى الله عليه وسلم وخطب له؟؟ وفضلا عن ذلك فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".
إن هذه الفتاة وقد استجابت لطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطاعته ورضيت بمن اختاره لها زوجا، نالت رضا الله ورضا رسوله الذي بارك زواجها بجليبيب ودعا لها الله قائلا: "اللهم صُبّ عليها الخير صبّا صبّا، ولا تجعل عيشها كدّا كدّا"، هكذا انبنى صرح هذا الزواج المبارك على التقوى والمودة والرحمة والسكينة، فقدّم طرفاه أنموذجا للزوجين المؤمنين السائرين على المحجة البيضاء التي رسمها معلم البشرية وسيد الخلق نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم.
وبعد انصرام مدة يسيرة على زواج جليبيب، دعا رسول الله جنده للسير في إحدى الغزوات، فلم يبطئ جليبيب في الاستجابة لداعي الحق وداعي الجهاد بالرغم من حداثة زواجه، ذلك هو ديدن المؤمن الصادق الذي ذاق حلاوة الإيمان، فلم تصرفه الدنيا ولا ملذاتها عن الارتماء في حمأة الدفاع عن شرف الإسلام والجهاد في سبيل الله، بل مضى إلى نصره الحق بقلب صبور مفعم بالإيمان والثبات يقول تعالى:" وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ، وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ، أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ " [سورة آل عمران، آية: 140-142].
وبعد انقشاع غبار المعركة يهرع المسلمون إلى تفقد إخوانهم، فيسأل الرسول أصحابه: "هل تفقدون من أحد؟ قالوا: لا، قال: " لكني أفقد جليبيبا"، قال: "فاطلبوه"، وبعد البحث وجدوا جثمانه الطاهر إلى جنب سبعة قتلهم ثم قتلوه، فلما رآه المصطفى عليه السلام قال: "قتل سبعة وقتلوه هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه"
إنها أعظم شهادة وأرفع وسام لأنبل بطل شجاع، آثر حب الله وحب رسوله وسلك طريق الشهادة ليسجل في زمرة الشهداء الأبرار إلى يوم الدين، أما زوجته الصالحة فنالت بركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ففتح لها الله أبواب الرزق، يقول عنها أنس بن مالك "فما رأيت بالمدينة ثيبا أنفق منها" . رحم الله جليبيبا وزوجه وألحقهما بالصالحين والصديقين في أعلى عليين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.