تبذل الطفلة هبة البيضاوي، وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة، قصارى جهدها من أجل الاندماج الدراسي مع أقرانها من التلاميذ، بعد أن تم تأهيلها لتكون ضمن المستفيدات من الدروس العادية بإحدى المؤسسات التعليمية بالرشيدية. وعبرت هبة البيضاوي، البالغة من العمر ثمان سنوات، عن فرحها بإدماجها في صفوف تلاميذ المستوى الثالث بمدرسة ابن حزم الابتدائية بالرشيدية، خاصة أنها أصبحت لا تشعر بأي اختلاف في قدراتها لتتبع الدروس والاستفادة من حصص الأنشطة الموازية. واعتبر كوران اهرو، أستاذ هبة بالمدرسة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه التلميذة من ذوي الاحتياجات الخاصة تعرف، يوما بعد يوم، تحسنا كبيرا في العديد من المستويات. وأشار الأستاذ كوران اهرو أن الطفلة هبة البيضاوي تتطور على مستوى القراءة ونطق الحروف، والاندماج مع أقرانها من التلاميذ الذين يشجعونها بشكل جيد. وتعتبر التجربة، التي مرت منها هبة البيضاوي، ناجحة في سياق إدماج تلميذة من ذوي الاحتياجات الخاصة التي استفادت في البداية من التعلم في أحد أقسام التربية الدامجة الذي يتكون فقط من الأطفال ذوي الإعاقة. وأكدت وفاء العبوني، الأستاذ بابتدائية ابن حزم، التي تشرف على أحد أقسام التربية الدامجة، في تصريح مماثل، أن برامج تعليم هؤلاء الأطفال تسعى إلى تحسين تمدرسهم ضمانا لحقهم في تكافؤ الفرص والإنصاف والإدماج التربوي والسوسويو-اقتصادي. وأبرزت أن التلاميذ المنتمين لهذا القسم، الذي يندرج في إطار مقاربة متمركزة حول الأطفال في وضعية إعاقة، يستفيدون من عدة أنشطة وفق مشروع بيداغوجي فردي، مع استقبال مختلف الإعاقات. وشددت على أنه يتم التركيز على تعليم كل طفل من ذوي الإعاقة حسب حالته الصحية الجسدية والنفسية، مع الاهتمام بأنشطة التعلم من حيث طريقة التواصل واكتساب اللغة والعلوم واستقلال الذات، مشيرة إلى أنه يتم تلقينهم أيضا القيم والآداب الاسلامية. وذكرت بالعمل على إشراكهم في الأنشطة الثقافية والرياضية والاحتفال بالأعياد الدينية والوطنية، وتمكينهم من الاستفادة من حصص للطب النفسي واستشارات طبية تهم، على الخصوص، تقويم النطق والبصر. وتعتبر حالة هبة البيضاوي والقسم الذي تشرف عليه الأستاذة وفاء العبودي من بين إنجازات مشروع التربية الدامجة للأطفال ذوي الإعاقة الذي يتم تنزيله على مستوى إقليمالرشيدية، حيث تبذل مجهودات عدة من أجل تسهيل إدماج هؤلاء الأطفال في الحياة المدرسية، وتحقيق تربية عادلة ومنصفة لجميع الأطفال. ويأتي ذلك في سياق تطبيق مضامين الرافعة الرابعة من الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين 2030-2015، التي تنص على عدة تدابير تؤكد على تأمين الحق في الولوج إلى التربية والتكوين للأشخاص في وضعية إعاقة أو في وضعيات خاصة. وقد بلغ عدد الأطفال المستفيدين من مشروع التربية الدامجة للأطفال في وضعية إعاقة بإقليمالرشيدية نحو 408 طفلا يتابعون دراستهم بمختلف الأسلاك التعليمية بالإقليم. وتؤكد معطيات للمديرية الإقليمية للتربية والتكوين بإقليمالرشيدية أن عدد الأطفال المتواجدين داخل أقسام الدمج المدرسي قد بلغ 101 طفلا. وأشارت إلى أن 265 طفلا يتابعون تعليمهم داخل الحجرات العادية بالتعليم الابتدائي، و33 حالة بالإعدادي، وتسع حالات بالتعليم الثانوي التأهيلي. ويعاني 37 حالة من الإعاقة الجسدية والحركية، و92 حالة من التأخر الذهني، و62 طفلا من قلة التركيز والتواصل، ونحو 56 طفلا من مرض التوحد، و21 حالة من الثلاثي الصبغي، وثمان حالات من ذوي الصمم، و75 حالة في وضعية إعاقة غير مشخصة. وأكد السيد مصطفى الهاشمي، المدير الإقليمي للتربية والتكوين بإقليمالرشيدية، أن البرنامج الوطني للتربية الدامجة، الذي أعطيت انطلاقته يوم 26 يونيو الماضي، يهدف إلى تمكين مختلف الأطفال في وضعية إعاقة من الالتحاق بالمؤسسات التعليمية التي يرتادها أقرانهم، وضمان التعلمات لهم في نفس البيئة المدرسية لنظرائهم من خلال تكييف هذه التعلمات حسب قدراتهم الذاتية وأصناف الإعاقة التي يعانون منها. وأبرز أن منهجية الاشتغال المعتمدة تروم ضمان التحاق كافة هؤلاء الأطفال بالمؤسسات التعليمية، ثم مواكبتهم في فضاءات متخصصة للتأهيل والدعم وتتبعهم طوال مسارهم الدراسي. وأضاف أن هناك مجهودات تبذل لتوسيع العرض المدرسي من خلال فتح تسع أقسام دراسية جديدة داخل المؤسسات التعليمية بجميع دوائر الإقليم، لتقريب هذه الخدمة من المتعلمين، وكذا تسطير برنامج تكويني لتطوير قدرات كافة المتدخلين من أساتذة ومفتشين بغية تملك هذه المقاربة الجديدة والتنزيل الأمثل للبرنامج. ويتم حاليا على مستوى الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة درعة-تافيلالت، بلورة استراتيجية جهوية مندمجة للارتقاء بالمنظومة التربوية بالجهة وجعلها منظومة دامجة وشاملة. وكان المجلس الإداري للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة درعة-تافيلالت قد صادق، خلال دورة يوليوز الماضي، على إحداث مصلحة للتربية الدامجة ضمن التنظيم الهيكلي للأكاديمية.