إعادة إعمار مناطق الزلزال.. ألمانيا تمنح المغرب قرضاً بقيمة 100 مليون أورو    مبيعات الإسمنت تتجاوز 5,52 مليون طن متم شهر ماي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الخميس    هجوم على قرية يخلف مقتل 100 سوداني    إقرار برنامج مندمج لتدبير الموسم الصيفي بعمالة المضيق-الفنيدق    المغرب وفلسطين يوقعان مذكرتي تفاهم لتعزيز التعاون الصناعي    توقيف أربعة أشخاص موالين لتنظيم "داعش" بكل من مدن طنجة وتطوان وسلا    مجددا.. إسرائيل تقصف مدرسة بغزة تأوي اللاجئين ووسائل إعلام تعلن مقتل 27 فلسطيني    المنتخب الوطني يختتم تحضيراته بالمعمورة ويتجه إلى أكادير لملاقاة زامبيا    عموتة يحسم الجدل بخصوص عودته لتدريب الوداد الرياضي    الكعبي: المغاربة يستحقون لقبا.. وقيمة اللاعب المغربي ارتفعت بعد المونديال    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الافتتاح على وقع الارتفاع        باريس تستعد على قدم وساق لاستقبال رياضيي العالم    مقتل 37 شخصا في قصف مدرسة بغزة    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس حفل تخرج الفوج 24 للسلك العالي للدفاع والفوج 58 لسلك الأركان بالقنيطرة    الأمن يوقف مهدد خطف نجل بودريقة    الصحة العالمية تؤكد أول حالة وفاة مرتبطة بسلالة إنفلونزا الطيور    اليونيسف: 90% من أطفال غزة يفتقرون إلى الغذاء اللازم للنمو السليم    الممثلة حليمة البحراوي تستحضر تجربة قيادتها لأول سربة نسوية ل"التبوريدة" بالمغرب    الأسود يختتمون اليوم تحضيراتهم لمواجهة زامبيا..    هزة أرضية ترعب ساكنة إقليم الحسيمة    تقصي الحقائق: صور الأقمار الصناعية تظهر اختفاء آلاف خيم اللاجئين في رفح    "ك.د.ش" تيزنيت : المسؤول الإقليمي للتعليم تفاعل بشكل إيجابي مع كافة القضايا المطروحة التي أثارها المكتب الإقليمي    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الخميس    ملتقى المدينة الذكية للدار البيضاء: الدعوة إلى جعل المواطن في صلب عملية تنمية المدن    مذكرة لمندوبية التخطيط حول البحوث الفصلية حول الظرفية الاقتصادية    فيدرالية جمعيات الاحياء السكنية تطالب وكالة راديج بالكشف عن السبب وراء قطع المياه عن ساكنة الجديدة    مركز مهن التربية والتكوين بالجديدة في زيارة ميدانية لإعدادية لالة مريم    نور الدين مفتاح يكتب: آش غادي نكملوا؟    أساتذة العلوم يحتجون في كلية تطوان    دراجي يتهم "أطرافا معادية خارجية" بإشعال النار في كرة القدم الجزائرية    معرض يقدم شهادة على العصر من خلال أرشيف الراحل عبد الواحد الراضي    "الكاف" ينفي الحسم في موعد تنظيم كأس إفريقيا بالمغرب    الملف المعقد يهدد بنسف التقارب الإسباني المغربي    دراسة: ارتفاع حرارة الأرض الناجمة عن النشاط البشري إلى "مستوى غير مسبوق"    العقبة التي تعرقل انتقال نجم المنتخب المغربي إلى الأهلي المصري    "طاكسي بيض 2".. الخياري ينبش عالم المخدرات في عمل كوميدي مليئ ب "الأكشن"    بهدف المس بالمغرب .. ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يدعم البوليساريو من الجزائر    "التسمين" وراء نفوق عشرات الخرفان المعدة لعيد الأضحى بإقليم برشيد    "اللغات المتخصصة: قضايا البناء ومداخل التحليل".. إصدار جديد للدكتور زكرياء أرسلان    طبيب مغربي يبتكر "لعبة الفتح" لتخليص الأطفال من إدمان الشاشات    حماس تحسم موقفها من المقترح الأمريكي الذي يدعمه المغرب    علاج جيني في الصين يوفّر أملا للأطفال الصمّ    انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    حكومة الاحتلال واعتبار (الأونروا) منظمة إرهابية    المخرج عزيز السالمي يترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان الرباط كوميدي    تسلل الغش إلى أوزان البوطاغاز!    قوافل الحجاج المغاربة تغادر المدينة المنورة    مناهضو التطبيع يواصلون الاحتجاج ضد المجازر في غزة ويستنكرون التضييق وقمع المسيرات    مبادرة بوزان تحتفي بزي "الحايك" الأصيل    علماء أمريكيون يقتربون من تطوير لقاح مركب ضد جميع فيروسات الإنفلونزا    مهرجان سيدي قاسم للفيلم المغربي القصير يفتح باب المشاركة في دورته الجديدة    خبراء: حساسية الطعام من أكثر الحالات الصحية شيوعا وخطورة في زمن تنوع الاطعمة    فرق محترفة تقدم توصيات مسرحية    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (15)    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" النظام والمنظومة في حركة 20 فبراير بالمغرب"
نشر في أخبار بلادي يوم 02 - 03 - 2011

لم أكن ضمن من شاركوا بمظاهرة 20 فبراير 2011 بالمغرب، بمختلف مدنه ولربما قراه ومداشره، هاتفين بهذا الشعار أو ذاك، رافعين لهذه اللافتة أو تلك، معبرين عن هذا المطلب أو ذاك.
ومع أني أبديت (ولا أزال) تعاطفا حقيقيا مع الذين ثووا خلف المظاهرة إياها فكرة وتنظيما، وتبنيت ولا أزال أتبنى معظم ما رفعته من شعارات ولافتات ومطالب، إلا أنني، بمتابعتي عابرة لأطوارها ببعض وسائل الإعلام، خلصت إلى مجموعة استنتاجات، أزعم أنه لا بد من استحضارها إن تسنى لهذه التظاهرة أن تتكرر تحت هذا الظرف أو ذاك:
°- الاستنتاج الأول ومفاده أن توقيت إطلاق وتصريف فكرة الاحتجاج لم تترك للاختمار بما فيه الكفاية، ولم تخضع لعملية في الإنضاج كبيرة، إذ الفكرة إياها كانت بالأصل من إلهام شباب نسقوا فيما بينهم عبر الإنترنيت، والشبكات الاجتماعية تحديدا، لترويج فكرة المظاهرة وصياغة المطالب التي تراءت لهم صالحة للموسطة هنا وهناك.
يبدو لي، بهذه النقطة، كما لو أن هؤلاء الشباب إنما اتخذوا من تونس ومصر في توظيف شبكات الاتصال والتواصل، اتخذوا منهما نموذجا في تصميم وركوب أدوات وأشكال تنسيق الاحتجاج، أي الاعتماد على ما توفره الشبكات إياها لترتيب الخروج إلى الشارع أولا، ثم التفكير في الغاية من ذلك كهدف ثان، إذا لم يكن ثانويا.
وإذا بات من المسلم به في هذا الباب، أن الإنترنيت قد ساعد وبقوة، إذا لم يكن في ترتيب انتفاضتي تونس ومصر، فعلى الأقل في تأجيج نارهما وهما جاريتان، فإنه من المسلم به أيضا أن الإنترنيت لا يشعل الثورات، ولا يقلب أنظمة في الحكم...إن الذي يشعلها ويؤدي إلى نجاحها التلقائي في تغيير نظم الحكم، إنما عوامل الظلم والاستبداد، ومظاهر القهر والاستبداد التي تخضع لها الشعوب أفرادا وجماعات.
°- أما الاستنتاج الثاني فنزعم بموجبه أن الحركة الاحتجاجية التي جرت بالعشرين من فبراير للعام 2011 بالمغرب، لم تكن عفوية بالمرة، أي نابعة من صلب مجتمع يخرج للشارع عن بكرة أبيه، عندما يبلغ منه الضيم والظلم والاستبداد مبلغا متقدما، فيكون مباشرا في مطالبه، واضحا في غاياته، غير مكترث بالعواقب كثيرا...فينتفض دونما موعد مسبق.
لم يكن الأمر كذلك بالمرة يوم 20 فبراير 2011، إذ حدد الموعد "من فوق" (من لدن "شباب الفايسبوك" أقصد)، فخرج من خرج واستنكف من استنكف، وكان الاستنكاف أقوى من الخروج للشارع، بحكم محدودية من بلغهم الخبر أو تم إخبارهم بالموعد، أو لجهل الغالبية العظمى بأهداف وغايات ذات "الحركة".
يبدو لي، بهذه الجزئية، كما لو أن الرهان كان على توظيف تقنيات التواصل (الفايسبوك في هذه الحالة) أكثر ما كان على اتخاذها كأداة، وكأداة ليس إلا، لتمرير الخطاب والترويج "للقضية"، فما بالك اتخاذها كمطلب للاحتجاج والضغط.
العبرة هنا ليست بالأداة، إنها بالقضية المراد ترويجها من خلالها... وفي حالة 20 فبراير، أصبحت الأداة هي القضية والقضية هي الأداة... حتى إذا التقت "الوفود" بهذا الشارع أو ذاك، انصرفت القضية وبقيت الأداة.
°- الاستنتاج الثالث ومؤداه القناعة من لدن دعاة الحركة، بأنهم ليسوا ضد النظام لا بالجملة ولا بالتفصيل، بقدر ما هم ضد سلوكات الفساد والإفساد والظلم والقهر والطغيان، التي تكرست من بين ظهراني ذات النظام أو بموازاته، أو في غفلة منه غير مقصودة، أو في تحايل على قوانينه وتشريعاته وأجهزة رقابته.
وهو مطلب حق، إذ لم تأت اللافتات ولا الشعارات على ذكر النظام أو الإشارة الصريحة إلى الثاوي عليه، بل أتت على المظاهر التي تكرست من بين مكوناته، أو من أمامه ومن خلفه، وذاق الشعب جراءها الفقر والتهميش والظلم وأكل أرزاق الناس بالباطل.
بالتالي، فلم يكن المقصود هو النظام، أو الشخص القائم عليه، المجسد له. المقصود كان المنظومة التي قد تكون تربت بين أحضانه، أو اغتنت بالاتكاء عليه، أو طغت بالاحتماء به، حتى باتت المنظومة إياها مكونة من مجموعات بات لها أو يكاد، القول/الفصل في حاضر البلاد وفي مستقبلها.
من هنا، تبدو لنا نقطة الاختلاف مع حالتي تونس ومصر، إذ كانت مطالب الجماهير في الحالتين معا، تغيير النظام والمنظومة، في حين لم تذهب حركة 20 فبراير حد ذلك، بل اقتصرت على المطالبة بتغيير المنظومة.
ومع أن التمييز والتمايز بين مفهومي النظام والمنظومة دقيق في الحالات الثلاث، فإن لربطهما في حالة المغرب أكثر من بعد إجرائي وعملي صرف، إذ المطلوب والمطالب به من لدن الحركة ومن لدننا أيضا، إنما ثلاثة أمور:
+ أولا: تقويض أسس المنظومة التي تكونت بصلب النظام، أو بموازاة معه، من لوبيات وفاسدين ومرتشين ومضاربين في أرزاق العباد وأرواحهم. هم كثر، قد لا ينفع معهم الترغيب لترك مراكز قوتهم ونفوذهم، لكن من شأن بقائهم التشويش على النظام، والتستر من خلفه لتكريس واقع بالمغرب بات مختنقا ومحتقنا، لا بل ومفتوحا على كل الاحتمالات... أعني قابلا للتفجر في أي وقت وتحت أي ظرف.
+ ثانيا: إعادة بناء النظام، عندما يتسنى له أن يتخلص من سلوك وتبعات المنظومة. وإعادة البناء التي نقصد هنا، إنما تحيين الدستور جذريا، بما يضمن للملكية دورها كحكم وكحكم فقط، لا لاعبا اقتصاديا بالسوق تحت هذا الشكل أو ذاك، أو فاعلا سياسيا مباشرا، تحتمي به هذه الجهة أو تلك، لبلوغ مأرب أو إدراك مصلحة أو رسم مسار للبلد برمته.
إن الملكية بالمغرب هي وبكل المقاييس، رمز وحدة البلاد واستمرارية الدولة من بين ظهرانيه، وما سوى ذلك المفروض أن يكون للشعب، يتبارى ويتنافس بشأنه كما يعن له ويبدو.
الملكية والشعب ثنائية متلازمة بالمغرب، بالتالي، فإصلاح النظام يستوجب اعتبار ذلك، بما يفضي إلى تحديد قواعد جديدة بينهما، بالنص والتشريع والسلوك على الأرض.
+ ثالثا: النظم لا تفسد من ذاتها، إن فسادها إنما يأتي من السلوك الفاسد للمنظومة. وعليه، فإن المطلوب عمليا بالمغرب، إنما إعلان النظام تبرؤه من المنظومة بالجملة والتفصيل، وتصور بناء جديد يستنبت من بين ظهرانيه منظومة لا ترى الشعب رعاعا وغوغاء، بل مواطنين كاملين لهم الحق كل الحق، في السلطة والثروة دون مزايدة أو غوغائية أو إلباس للحق بالباطل.
إذا لم يلمس المواطنون ذلك، ويطمئنوا إليه، فإن انتفاضتهم قادمة لا محالة. لكنها ستأتي هذه المرة عفوية صرفة، دون شبكات اجتماعية أو موسطة من الفايسبوك أو التويتر أو غيرهما. وإذا أتى ميقاتها، فإن المؤكد أنها ستأتي على الأخضر واليابس، وتذهب بجريرتها المنظومة كما النظام سواء بسواء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.