بوريطة: إفريقيا الأطلسية قطب استراتيجي    انفجار في مدينة لاهور الباكستانية وإسقاط مسيرة هندية    الدرك يحبط محاولة للهجرة السرية    المكتب الإقليمي للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان فرع العرائش يدين سرقة شركة النظافة للكهرباء    الأميرة للا حسناء تقيم بباكو حفل شاي على شرف شخصيات نسائية أذربيجانية من عالم الثقافة والفنون    «أول مرة»… مصطفى عليوة يطلق عرضه الكوميدي الأول ويعد الجمهور بليلة استثنائية من الضحك    الحكومة تراجع مدونة الشغل و تتجه نحو التأطير القانوني للعمل عن بعد    البرلمان يناقش رئيس الحكومة حول إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية    بعد عام .. "الاستقلال" يترقب اختيار بركة الأربعة المبشرين باللجنة التنفيذية    محكمة الاستئناف بالرباط تُخفض عقوبة النقيب محمد زيان    امطار رعدية مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    مصرع شخص في حادثة سير بين مراكش وورزازات    مجلس عمالة طنجة أصيلة يعقد دورة استثنائية ويصادق على منح دعم لاتحاد طنجة ب1.4 مليارا    إيقاف شخصين يشتبه ارتباطهما بشبكة تنشط في الاتجار الدولي للأقراص المهلوسة وحجز 1170 قرص طبي مخدر    ترامب: الاتفاق التجاري مع لندن شامل    أشرف حكيمي يدوّن اسمه في التاريخ ويصبح المدافع الأكثر تأثيرًا هجوميًا بدوري الأبطال    توقعات بإنتاج 4800 طن من الورد العطري هذا الموسم    الدخان الأسود يتصاعد من الفاتيكان.. الكرادلة لم يتوصلوا لاختيار البابا الجديد    "كان" الشباب... المنتخب المغربي ينتظر وصيف المجموعة الأولى لمواجهته في ربع النهائي    المملكة المتحدة تجدد تأكيد التزامها بتعميق الشراكة مع المغرب    أبريل 2025 ثاني أكثر الشهور حرارة عالميا    منصات المخزون والاحتياطات الأولية.. بنيات جهوية موجهة للنشر السريع للإغاثة في حال وقوع كوارث    وداديون يحتفون بحلول الذكرى ال88 لتأسيس النادي    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    أداء إيجابي في تداولات بورصة البيضاء    السيد ماهر مقابلة نموذج رياضي مشرف للناشطين في المجال الإنساني    ارتفاع أسعار الذهب بعد تحذير المركزي الأمريكي من الضبابية الاقتصادية    محاكمة ناشطيْن من "حراك الماء" بفجيج    مهندس سابق ب"غوغل": غزة تشهد أول "إبادة جماعية مدعومة بالذكاء الاصطناعي"    تعزيزا للسيولة.. بورصة الدار البيضاء تستعد لإطلاق سوق جديدة للمشتقات المالية    لجنة: زيادة مرتقبة للأطباء الداخليين    ديكلان رايس بعد خسارة آرسنال ضد باريس سان جيرمان: "بذلنا قصارى جهدنا.. وسنعود أقوى"    الأميرة للا حسناء تزور بباكو المؤسسة التعليمية 'المجمع التربوي 132–134'    الذكرى ال22 لميلاد ولي العهد الأمير مولاي الحسن: مناسبة لتجديد آصرة التلاحم المكين بين العرش والشعب    ماكرون يستقبل الشرع ويسعى لإنهاء العقوبات الأوروبية على سوريا    صادرات المغرب من الأفوكادو تثير قلق المزارعين الإسبان ومطالب بتدخل الاتحاد الأوروبي تلوح في الأفق    فنانون مغاربة يباركون للأمير مولاي الحسن عيد ميلاده ال22    الغربة والذياب الجائعة: بين المتوسط والشراسة    بطولة انجلترا: الإصابة تبعد ماديسون عن توتنهام حتى نهاية الموسم    الوداد يسخر الأموال للإطاحة بالجيش    سان جيرمان يقصي أرسنال ويمر لنهائي رابطة الأبطال    13 قتيلا في الهند جراء قصف باكستاني    إسرائيل تهدد طهران ب "نموذج غزة"    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    ارتفاع أسهم شركة "تشنغدو" الصينية بعد تفوق مقاتلاتها في اشتباك جوي بين باكستان والهند    مكناس تبدأ في بناء محطة قطار حديثة بتكلفة 177 مليون درهم    منتدى التعاون الصيني الإفريقي: كيف أرسى أسس شراكة استراتيجية؟    استهلك المخدرات داخل سيارتك ولن تُعاقبك الشرطة.. قرار رسمي يشعل الجدل في إسبانيا    باكو.. الأميرة للا حسناء تزور المؤسسة التعليمية "المجمع التربوي 132–134"    دراسة علمية تكشف قدرة التين المغربي على الوقاية من السرطان وأمراض القلب    لأول مرة في مليلية.. فيلم ناطق بالريفية يُعرض في مهرجان سينمائي رسمي    من المليار إلى المليون .. لمجرد يتراجع    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(الأمهات العازبات) بين المفهوم و المصطلح ( الجز الأول )

تركيب "الأم العازبة" تعبير حديث في الثقافة العربية وهو ليس سوى ترجمة للتسمية الانجليزية أو "single mother" أو التسمية الفرنسية (les mères célibataires) وتعني بكل بساطة إنجاب امرأة لوليد خارج إطار مؤسسة الزواج سواء كان الإنجاب نتيجة ممارسة جنسية بالتراضي ، أو بالاغتصاب والاستغلال الجنسي تحت التهديد أو بدونه أو تلقيح اصطناعي ترغب من ورائه المرأة الحصول على ولد من صلبها بعدما تعذر عليها الزواج.
لكن عند تحليل مكونات هذه التسمية يتضح أن كلمات هذا التركيب تحملان دلالات مختلفة من لغة إلى أخرى، ففي الوقت الذي تبدو التسمية الإنجليزية (single mother ) أو التسمية الفرنسية محايدة ولا تتضمن أحكاما مسبقة ( الأم والوحيدة) تبدو التسمية العربية مشحونة بالدلالات ،المواقف والأحكام : ذلك أن مصطلح (الأمهات العازبات) مكون من لفظتين لهما تأثيرهما السحري الخاص، لما لهما من إيحاءات موجبة :
1 - الأول هو الأم وتعني (الأم) في اللغة الأصل فمنه القول (أم الكتاب ، وأم القرى ) قال الزمخشري في الأساس( اتخذ أما أي أصلا والجمع أمات وأمهات وقيل جمع أمات يكون للبهائم وجمع أمهات يكون للإنسان) (الزمخشري الكشاف دار المعرفة بيروت ج 3 ص61) ومنه ف( الأمهات العازبات) قد تطلق لأنهن أصل لهؤلاء الأبناء المولودين خارج مؤسسة الزواج ما دام الأصل أن تكون نشأة الولد أو الجنين رحم الأم وقد كانت ، فمن هنا اعتبرت الأم أصلا لا خلاف في ذلك، لكن هل هذا الأصل كاف لجعل المنجبة أما ؟ وكيف ينظر المجتمع للذي ينسب إلى أمه ؟؟ وهل الاعتراف بأمومة المرأة ( العازبة) يبيح لها الإنجاب خارج مؤسسة الزواج ؟؟ لنا عودة لهذه الأسئلة ..
لا يتجادل اثنان حول قدسية الأمومة ومكانتها في الثقافة العربية والإنسانية ، وفي الخطاب الديني الإسلامي، وفي جواب الرسول عن سؤال من أولى بالصحبة ،وقوله أمك ثم امك ثم أمك فأبوك خير تعبير عن معنى الأمومة التي جعل الإسلام الجنة تحت أقدامها فالأم رمز العطاء والتضحية والفداء في رحمها تتكون الحياة ، و من دمها تتغذى الأجنة ، ومن حليبها يعيش الرضع... فهل يمكن إصباغ هذه الصفات على الأم العازبة أم أن أمومتها غير مكتملة ؟؟
2 - الجزء الثاني من المصطلح، وهو لفظ (العازبات) الذي تربطه كتب اللغة بمعنيين اثنين لمادة (العزب) هما عدم التزوج، والإبعاد والتخفي فعن المعنى الأول أورد الرازي (العزاب بالضم والتشديد الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء ومنه العزوبة ) (الرازي مختار الصحاح ضبط وتخريج وتعليق مصطفى ديب البغا دار الهدى عين مليلة الجزائر ط 4 سنة 1990م ص279) وهو ما أورده ابن منظور في لسان العرب عند قوله (العزاب الذين لا أزواج لهم من الرجال والنساء وتعزب الرجل ترك النكاح وكذلك المرأة) (ابن منظور لسان العرب المجلد العاشر ص 132) أما المعنى الثاني الذي تدل عليه لفظة (العازبات ) فهو الإبعاد والإغراب والإخفاء قال الرازي (عزب بعد وغاب ) (24) وأضاف (عزّب بالتشديد أي بعد عهده بما ابتدأه منه) (25) ولذلك يقول المغاربة للسكن البعيد عن المدينة أو القرية لفظ ( العزيب) وفعله ( عزّب) ومن تمة قد يطلق المعنيان على لفظ ( العازبات) فيكنن هم غير المتزوجات، أو البعيدات عن الجادة والطبيعة الغائبات عن الطريق الواضح للأمومة
ودلالة (العازبة ) في الثقافة لا تقل أهمية عن معنى الأمومة إذ جعلها الدين الإسلامي هدفا في الدنيا والآخرة لما تحيل عليه من نضج الأنوثة عند الفتاة ،واستعدادها جسديا ونفسيا، وتهيئها للزواج والعلاقة الجنسية ،فقد أوصى الرسول أحد صحابته باختيار البكر زوجة عندما قال عليه الصلاة والسلام له ( هلا تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك؟) كما أن الله سبحانه وتعالى وعد عباده الصالحين في الجنة بنساء عازبات في قوله: (( وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين )) وبأنهن عذارى ((لم يمطمثهن إنس قبلهن ولا جان))
ومن هنا مصطلح (الأمهات العازبات) يبدو مصطلحا محبوبا من الناحية اللغوية ودلالة مكوناته، فهو يتكون من مركب وصفي ( موصوف وصفة) ،الصفة فيه أتبعت الموصوف إعرابا عددا وجنسا، لكن هذه الدلالة اللغوية تبدو خادعة ومخالفة مطلقا للدلالة الاصطلاحية ففي الوقت الذي تبدو الكلمات منفردة تحمل دلالات موجبة، يصبح التركيب الوصفي في اللغة العربية مشحون بدلالات سالبة تضع التركيب في تصادم صارخ مع المعتقد والموروث ، التصادم ناتج عن العلاقة الإسنادية إذ لا يقبل العقل والمنطق وصف الأم بالعازبة وإن كانت كل الديانات تجعل من صفة ( الأمة العازبة) أرقى وصف وصفت به امرأة في التاريخ في إحالة لقصة مريم العذراء.
مصطلح (الأمهات العازبات) إذن وحدة دلالية يستحسن عدم النظر إليها كوحدتين معجميتين منفصلتين كل على حدة ، وإلا وقع المستمع ضحية تصادم معنى الكلمتين، فإذا كان من غير المقبول نفي الأمومة عن هذا الصنف من النساء لأنهن أنجبن وولدن مولودا (إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم) : فبما أنهن أنجبن طفلا فهن أمهات، فإنه من المستحيل وصف الأم بالعازبة، وهذا ما يوضح الورطة التي وقع فيها المصطلح العربي عكس المصطلح الفرنسي (célibataire) أو الإنجليزي (single) اللذين يعنيان ( الفردي) ولا يعنيان ( Virgin) الأنجليزية ولا (vierge ) الفرنسية أوحتى (مادوموازيل) ولا (الآنسة الأم ) وهي طاهرة تعكس جانبا من إشكالية المصطلح في الثقافة العربية ولها تجليات كثيرة، عندما يكون للمصطلح معنى مخالف لما متداول ..وبالرجوع إلى أرض الواقع ، يلاحظ مدى الفرق الشاسع بين دلالات المفهوم و والمصطلح وبين واقع الأمهات العازبات الذي يتأرجح بن اعتبارهن بغايا، وفي أحسن الأحوال ضحايا ، ولنا عودة مناقشة نظرة المجتمع العربي للأم العازبة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.